بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الألسن جامعة أسوان    حجازي يلتقى بوزير الدولة للمدارس بالمملكة المتحدة لبحث التعاون بمدارس (IPS)    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    أسعار الدواجن في أسواق مطروح اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    وائل ناصر: مد الإعفاءات الجمركية للسلع الأساسية دليل مرونة الإصلاح الاقتصادي    فتح باب التقديم للحصول على دورات مجانية في «الطاقة الشمسية والتطريز» لشباب قنا    وزارة التخطيط تستضيف احتفالية توزيع شهادات التميّز للمستفيدين والمستفيدات من «باب رزق»    اليونان تسقط تهم 9 مصريين، اعرف السبب    نجم الأهلي السابق: هناك علامات استفهام حول مستوى أحمد فتوح    غياب 5 لاعبين عن الأهلي أمام الترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    التشكيل المثالي للدوري الإنجليزي موسم 2023/24.. موقف محمد صلاح    الأرصاد: استمرار الموجة شديدة الحرارة حتى هذا الموعد    سلومة يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بالجيزة    أشهر مصفف شعر للنجمات العرب، وفاة الشاب طوني صوايا‬⁩ بشكل مفاجئ    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    ضمن «القضاء على قوائم الانتظار».. إجراء 74 ألف عملية جراحية مجانية بالمنيا    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    وزير الإسكان يعقد اجتماعا بمقر جهاز مدينة "بنى سويف الجديدة" لمتابعة سير العمل بالمشروعات    مبابي يودع باريس سان جيرمان في حفل ضخم    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    أخبار الأهلي : هجوم ناري من شوبير على الرابطة بسبب الأهلي والزمالك.. وكارثة منتظرة    رئيس الإذاعة: المولى عز وجل قدّر للرئيس السيسي أن يكون حارسا للقرآن وأهله    تصور أطفالها ك «معاقين» وتتاجر بهم على ال«فيس بوك»    وزيرة التضامن تعلن موعد مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية    «عثر على جثتها ملقاة في المقابر».. القبض على مرتكبي واقعة «فتاة بني مزار»    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    جولة تفقدية لمحافظ الدقهلية بمقر مركز معلومات شبكات المرافق الجديد    بسبب لهو الأطفال.. أمن الجيزة يسيطر على مشاجرة خلفت 5 مصابين في الطالبية    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاهد.. "خطف الأطفال" سرطان يحرق قلوب المصريين

«خطف الأطفال» ظاهرة تفاقمت فى الفترة الأخيرة، أصابت المجتمع بالذعر، وتحركت من أجلها مواقع التواصل الاجتماعى، فلا تسلم مدينة فى مصر الآن من حادثة الخطف، وخاصة المحافظات والمدن الريفية.
ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة بعدد حالات الأطفال المخطوفين فى مصر، إلا أن أعدادهم الواقعية باتت تقدر بالآلاف سنويًا ومع ازديادها عامًا بعد آخر يحذر الخبراء من أن تكون هناك أهداف سياسية وراء عمليات الخطف، أو يتم استغلال هؤلاء الأطفال فى الجماعات الإرهابية، أو شبكات الاتجار بالأعضاء البشرية.
«الوفد» اقتحمت ملفات هذه الجريمة الجديدة على المجتمع المصرى، وجاءت من كل ملف بقصه وحكاية .
فماذا يحدث لو فوجئت بخطف فلذة كبدك، ابنا كان أو ابنة؟.. بالتأكيد سينتابك إحساس رهيب بالمرارة يسكن القلب وربما لا يفارقه إلا عندما تفارق الروح الجسد، إنه ألم لا يمحوه دواء، وجع من الفراق لا ينفعه نسيان، حالة من الضياع تشبه الموت البطيء لكل من التقيناهم فى هذا الملف خلال رحلتهم فى البحث عن أولادهم المخطوفين.
هنا بشر.. تسكن النار بداخلهم حرقة على أبنائهم، فهم لا يعرفون مصائرهم.. ماذا فعل بهم هؤلاء المجرمون.. هل قتلوهم وتاجروا بأعضائهم أم باعوهم لمحترفى الإرهاب.. أم مازالوا على قيد الحياة مجرمين أو متسولين فى عالمهم الجديد...انتظارا للفدية والمساومة من خاطفيهم؟.
«أم سيد» نفسها تشوف ابنها حيًا أو ميتًا
دموع تنهمر على وجنتيها ليل نهار، صراخ وعويل، قلب يحترق يوما وراء الآخر، ذاكرة لاتنسى، أمل يدفع أصحابه بالبحث وراء أى طرف خيط يصل به لمبتغاهم، لكنهم فى النهاية لاحول لهم ولاقوة، أرهقهم الأمل الذى ليته ينتهى ليريح أهله، لكن ليست كل المصائب تنتهى بالنسيان، فربما قد يلازم الحزن أهله حتى يدخلهم القبور.
شتان الفرق بين أم فى الثلاثين من عمرها تمتلك طفلاً وابنتين توأم فى ريعان الشباب، تمشى بأطفالها الثلاث يملأون عليها الحياة وهى بهم تشعر كأنها ملكة، تحسبها فتاة من الطبقات الراقية، لعزة نفسها وكرامتها ونظرة الأمل التى تشع من عينيها، هى نفسها بعد عشر شهور من اختطاف ابنها تتحول لامرأة نحيفة ترتدى ملابس سوداء تنطق عيناها بالصراخ وتشهد معالم وجهها على الإرهاق والعذاب الذى صار عنوان حياتها.
«أم سيد» أم ثلاثينية تسللت اليها ملامح «العجائز» قبل أوانه، تروى قصة فقدان ابنها: «فى وقت المغرب نزل وإخواته ليشتروا من السوبر ماركت أسفل العمارة وبعد دقائق عادت أخته زينب وشقيقتها فاطمة وسألتهم عليه أجبناها «مش عارفين راح فين».. نزلت جرى أسال الناس فى الشارع وسألت صاحبة السوبر ماركت»، تأتى الصدمة على لسان البائعة لترد عليها قائلة «ابنك كان واقف مع واحد بيهزر ركب معاه التوك توك ومشى» ليصيب أم سيد عقب ردها حالة من الجنون والصراخ وتركض للبحث عن ابنها حتى العاشرة من اليوم التالى ولكن دون جدوى.
و«أم سيد» تخلى زوجها عنها قبل ثلاث سنوات تاركًا البيت والأولاد دون مأكل ومشرب ونفقة، بل كان يزورهم من وقت لآخر لينهال عليها ضربًا ويأخذ أثاث المنزل ويبيعه ليتعاطى به المخدرات فهو مدمن، ولم يبال الأب المنزوع القلب عند معرفته بضياع ابنه سوى أن ضربها واتهمها بالإهمال وحرر ضدها محضر إهمال، وفى النهاية غادرها مغيب الفكر والوعى تائهًا فى عالم الإدمان.
توجهت «أم سيد» إلى قسم الشرطة لتبلغ عن خطف ابنها «سيد محروس البالغ من العمر 5 سنوات» وكالمعتاد أبلغتها الشرطة عقب «24 ساعة أبلغينا»، عرضت مشكلتها فى وسائل الإعلام المختلفة، ما دفع الشرطة لاستدعائها أكثر من مرة وسؤالها عن مكان ابنها وكأنها الجانى وتتساءل «أنا عاملة محضر وكل شوية يستدعونى يسألونى ويقعدونى حتى الساعة الثالثة عصرًا».
وتضيف «أم سيد»: 11 شهر على فقدان سيد وكأنها 11 ثانية فلم تفقد الأمل لحظة ولن تنساه لمدة ثانية تتذكره كلما تناول إخوته الطعام، حتى عند منامها تنام على سريرة فى أحضانها ملابسه وبجوارها صورته التى تحدثها كل ليلة منهارة فى البكاء حتى تلقاه فى أحلامها.
تذهب فى الصباح إلى عملها كخادمة فى المنازل بعد أن تركها زوجها، لتنهى عملها مسرعة وتستمر فى رحلة البحث على المستشفيات والأقسام والشوارع ودور الرعاية، لتؤكد أنها طالما بها روح فى جسدها ستظل تبحث عنه أو كما قالت «بجرى ورى أى خيط يوصلنى ليه عمرى ما هفقد الأمل بتعلق فى قشاية».
وعند سؤالنا لأخواته التوأم زينب وفاطمة رغم صغر سنها فهم لا يتجاوزا السنوات الأربع إلا أن نار الفرقة لحقت بقلوب الصغار لينهمرا فى البكاء عند الحديث عن سيد لتقول زينب «نفسى أشوفه مش عارفة بيعمل إيه بياكل زينا ولا لا؟ وبينام فين؟ أنا بحلم بيه كتير أوى وماما بتعيط كل يوم».
لتكمل فاطمة «ماما كانت بتعملنا عيد ميلاد كل سنة وقالتلنا مش هنعمل غير لما سيد يرجع وأنا مستنياه».
اقتصرت أمنية أم سيد فى الحياة على لقاء ابنها حيًا أو ميتًا قبل وفاتها وتقول عاوزة ابنى يرجعلى عاوزة أشوفه حسبى الله ونعم الوكيل فى اللى حرق قلبى عليه أنا عمرى ما أذيت حد لا باكل ولا بنام عاوزة ابنى يرجعلى» وقبل أن يغادرها قالت كل صباح ادعى ربنا «ربنا يحنن قلب اللى خدو وميأذيش ابنى».
ولم تختلف حالة هبة بيومى كثيرًا عن حالة «أم سيد» فهى فى العشرين من عمرها، ولكن من يراها الآن يشعر أنها تجاوزت الأربعين.. فعقب انتهاء صلاة الفجر تقوم «هبة بيومى» العشرينية العمر من فراشها وترتدى عباءتها السوداء وملامح الحزن واليأس تكسو وجهها وكأنها فى الستين من عمرها وكل يوم تصطحب هبة زوجها معها فى رحلة بحث جديدة عن ابنتهم المخططفة.
هذا هو حال أسرة ندى تامر الفتاة التى لم تتعد السنوات الخمس والتى كانت معروفة بابتسامتها النضرة ووجها الملائكى، وكما قالت أمها كانت الحلوى هى أكثر ما يسعدها ولكنها لم تكن تعلم أنها ستكون سبب ضياعها وتدمير أسرتها.
ففى خامس أيام عيد الفطر ذهبت ندى وهى مرتدية ثياب العيد مع أصدقائها والابتسامة تعلوا جبهتها لشراء الحلوى وكانت تلوح بيديها الصغيرتين لأسرتها التى تطل عليها من الشرفة للاطمئنان عليها، ولكن بعد مرور ربع ساعة توارت ندى عن الأنظار، ولم تمر لحظات وارتفع صوت البكاء والعويل وتحولت حالة الناس من الفرحة بالعيد إلى حزن على ضياع الفتاة وأصبح كل من بالشارع يهرول من أجل العثور عليها وإرجاعها إلى حضن والدتها التى انهارت لحظة معرفتها بخطف ابنتها.
وتكمل «أم ندى» الحكاية قائلة: «سنة وشهر وابنتى مخطوفة.. ارحومنى أنا عايزة أعرف بنتى فين أنا مش عارفة أنام الليل، مش عارفة بنتى جعانة ولا تعبانة ولا ماتت حتى، محدش كلمنى خالص ولا طلب منى فدية اللى هما عايزينه يأخدوه أنا بس عايزة بنتى ترجع لحضنى تانى».
واجهشت فى البكاء وبصوت هش قالت: «الحكومة مش بتقف مع الغلبان.. الغلبان فى الزمن ده بيتداس اعتبروا إن بنتى دى بنت وزير أو وكيل نيابة ورجعوهالى».
بكاء والدة ندى دفع والدها الصامت إلى الحديث فانطلقت الكلمات مشبعة بالأسى والحزن وكأنها تحارب من أجل الخروج وقال: «روحنا عملنا بلاغ فى القسم قالوا لنا بعد 24 ساعة.. المهم إننا عملناه واشتكينا ناس جيرانا لأنهم بيسرحوا الأطفال فى المترو الضابط أحضرهم وضربوهم شوية ويقولون أمامه مش عارفين عنها حاجة وبعدما يخرجون من القسم يقولوا موتناها، وفى الآخر مش وصلنا لأى حاجة وافرجوا عنهم والقضية ماتت».
وبملامح يملؤها الأسى أكمل والد ندى «أنا اتدمرت ومش عارف أعمل ايه عايز أعرف بنتى فين لو قالوا لى إنها ماتت هرتاح أحسن من العذاب اللى أنا عايش فيه ده».
علماء اجتماع: الأسباب النفسية المحرك الأساسى
تعددت دوافع جريمة خطف الأطفال.. فقد تكون أخلاقية أو اقتصادية أو سياسية، وفى تلك الحالة فإن المحرك الأساسى لتفاقمها وكما يؤكد علماء النفس، يعود لأسباب نفسية، وكلما كان بناء الفرد النفسى ضعيفًا وسماته الشخصية متأرجحة دفعه ذلك لإشباع حاجاته من الفقر والحصول على مال أو الانتقام باللجوء لخطف طفل.
وشدد خبراء علم النفس والاجتماع على ضرورة توعية الأسر بالدوافع المختلفة التى تؤدى لاختطاف الأطفال، مثل الاتجار بهم، أو التسول أو استغلالهم جنسيًا، مؤكدين إلزام الدولة والجهات المسئولة بالتكاتف سويًا لحل تلك الأزمة التى تحارب أمن المجتمع.
وبحسب الدكتور محمد حسن غانم أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة حلوان، مشيرًا إلى أنها تحدث طبقًا لعدة دوافع نفسية يعانى منها المجتمع.
وأكد رئيس قسم علم النفس بجامعة حلوان، أن الدافع الانتقامى، هو أبرز الدوافع التى تؤدى بالجانى إلى القيام بخطف طفل، والدليل على ذلك قيام بعض العصابات بقتل الأطفال على الرغم من تسليمهم الفدية المطلوبة، ويكون غرضه إدخال الرعب والخوف والإحساس بعدم الأمان على الأسر فى حالة تواجد خصومة.
وتابع غانم أن هناك دوافع أخرى للخاطف كالتسول وتجارة الأعضاء والتبنى غير القانونى وأحيانًا الدعارة، فضلا عن هدف الحصول على أموال، مما يجعل الأسر متيسرة الحال أكثر عرضة لتلك الجريمة، مضيفًا أن الجانى قد يقصد فى بعض الأحيان خطف الطفل الوحيد لدى الأسرة ليتمكن من الضغط عليهم وهو ما يشكل عبئًا نفسيًا وآثارا نفسية تستمر لوقت طويل تجنى الأم منها النصيب الأكبر.
وأضاف: أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا فى تفاقم الظاهرة، نظرًا لكونها تعتبر هاجسا يورق المصريين لأعوام طويلة، فالمعاناة من الفقر تدفع للسير فى طرق إجرامية لإشباع احتياجاته، فضلًا عن الحياة غير الآدمية التى يعيش فيها الأطفال المخطوفون مما يؤهلهم للانتقام من المجتمع وتوليد شعور عدوانى لديهم.
«خطف الأطفال قضية خطيرة والعاملون عليها لا يطلق عليهم بشر ولا بد من تكثيف الجهود الإعلامية لوعى الأمهات فى الحفاظ على أولادهم والعمل على إشراك جميع الجهات فى القضاء عليها. فهناك خطورة فادحة تلاحق المجتمع بسبب تلك الأزمة» هذا ما قالته أستاذة علم النفس السياسى، سوسن فايد، مشددة على ضرورة تجريم العقوبة حتى تصل للإعدام.
وأضافت: إن الخاطف يقوم بتحويل الطفل إلى مجرم متدهور نفسيًا مشوه سلوكيًا، وفى حالة رجوع الطفل إلى أهله مرة أخرى، يتطلب عرض الطفل على طبيب نفسى لتحديد مدى الصدمة التى توصل إليها خاصة بعد تعرضه للضرب او التسول او التهديد بالسلاح، ومعرفة كيفية إعادته للمجتمع مرة أخرى لأنه يكون بحاجة إلى رعاية خاصة .
وأكد يسرى عبد المحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أن الحالة الاقتصادية المتردية والفقر يتصدران قائمة دوافع تفاقم الجريمة فى الآونة الأخيرة، فضلا عن تجارة الأعضاء، مطالبًا الدولة بتطبيق القانون بشدة وحزم .
وعن كيفية تأهيل الطفل وتوعيته حتى يتجنب استغلاله، أشار إلي أنه على الأسر ضرورة توعية الأطفال بعدم الطاعة لأشخاص غير معروفين أو الانسياق حول أى إغراءات ،وتخويفهم من ترك المنزل وعدم الهروب من المدرسة، فضلًا عن الدور الكبير الذى تقوم به الأم فى الحفاظ على أطفالها.
أمنيون: عصابة محترفة وراء تفاقمها
تضاربت آراء عدد من الخبراء الأمنين حول ظاهرة اختطاف الأطفال فمنهم من رأى أن تفاقمها يرجع لعدة أسباب منها استخدامهم فى التسول وسرقة أعضائهم البشرية للتجارة بها، فضلاً عن طلب فدية من ذويهم مطالبين بتشديد عقوبة خطف الأطفال، ومنهم من يرى أن الظاهرة تراجعت نسبتها فى السنوات الأخيرة وأن انتشارها مجرد شائعات يروجها الكثيرون لبث الرعب فى نفوس المواطنين - على حد قولهم.
اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، أرجع خطف الأطفال الذى ازداد فى الآونة الأخيرة وخاصة بعد أحداث ثورة 25 يناير إلى الانفلات الأمنى الذى شهدته البلاد آنذاك، مؤكدًا أن ارتكاب هذه الجريمة كحالات فردية لكنه تحول إلى تجارة تقوم بها عصابات محترفة.
ولفت نور الدين، إلى أن هذه العصابات تقوم باستخدام الأطفال فى التجارة سواء بطلب الفدية أو تجارة الأعضاء البشرية إلى جانب استغلالهم فى التسول، مشيرًا إلى أن الشرطة فى حالات خطف الأطفال تقوم بتكثيف جهودها ونشر البلاغ وأوصاف الطفل وعمل التحريات اللازمة للعثور عليه فى أقصر وقت.
وطالب مساعد وزير الداخلية الأسبق، الأهالى بعدم إعطاء أموال للمتسولين مستخدمى الأطفال كما طالب بتصوير الطفل المرافق لهم ونشره على الإنترنت أو تسليم الصور للجهات المختصة، مشددًا على ضرورة تغليظ عقوبة خطف الأطفال للقضاء على هذه الظاهرة.
واتفق معه فى الرأى اللواء مجدى البسيونى مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمنى، مرجعًا سبب انتشار الظاهرة إلى إهمال الأهل لأطفالهم فضلاً عن المشاكل الأسرية والتفكك الأسرى الموجود داخل أغلب البيوت المصرية.
وأكد البسيونى، أن جريمة خطف الأطفال سهلة التنفيذ عن الجرائم الأخرى حيث إن العصابات التى تقوم بذلك لا تكون محترفة على عكس جرائم السرقة أو القتل، ولكنها تقوم باستدراج الطفل بسهولة ثم خطفه من غير أن تدع مجالاً للشك بها مما يصعب من مهمة الشرطة فى القاء القبض عليهم.
واقترح مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمنى، أن تقوم أجهزة الشرطة بوضع مخبرين داخل المولات والمستشفيات الكبرى وذلك لأنها أكثر الأماكن عرضة لخطف الأطفال وإلقاء القبض على كل من يشتبه به، فضلاً عن اهتمام الأهالى بأطفالهم وعدم تركهم للتحدث مع الغرباء.
ولكن اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق يرى أنه ليست هناك ظاهرة اختطاف ولا اختفاء أطفال موضحًا أن هذه الجرائم تراجعت نسبتها فى الثلاث سنوات الأخيرة وفقا لما ذكر فى تقرير الأمن الوطنى.
وتابع علام أن جرائم النصب والقتل والإرهاب زادت فى الآونة الأخيرة عن سابقها ولكن نسب خطف الأطفال أصبحت بأرقام ضئيلة جدًا ولا يصح إطلاق كلمة ظاهرة عليها.
وأرجع اللواء جمال أبو ذكرى الخبير الأمنى، السبب وراء انتشار هذه الظاهرة إلى تدهور الظروف الاقتصادية للبلاد فى الآونة الأخيرة، مؤكدًا أنها حالات فردية وتقوم الشرطة بالقبض على الجناة والعثور على الأطفال فى أقصر وقت.
قانونيون: العبرة ليست بتغليظ العقوبة بل فى تطبيقها
تباينت آراء خبراء القانون الجنائى حول اقتراح تشديد العقوبة فى جريمة خطف الأطفال، فرأى بعضهم أن العقوبة كافية لردع الجناة، مؤكدين أن العبرة فى تطبيقها على أرض الواقع وليس تشديدها، فيما نوه آخرون بضرورة تدخل المشرع وتشديد العقوبة، وذلك لأنها جريمة إنسانية وأخلاقية فى حق الطفل.
وفى هذا السياق، رأت الدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة، أن عقوبة خطف الأطفال كافية لردع الجانى، وليست بحاجة الى التشديد، لافتة الى أن القاعدة القانونية تفترض أن تتناسب العقوبة الجنائية مع الجريمة المرتكبة.
وأوضحت «عبد الستار»، أن العقوبة المقررة فى عام 2011 كانت حبس الجانى من 6 الى 10 سنوات اذا اختطف طفلا لم يتجاوز 16 عاما، وإذا كانت أنثى فالعقوبة تصل إلى السجن المشدد.
واستطردت أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة، أن المشرع قام بتشديد العقوبة فى عام 2011 قائلة: اذا لم تتعد سن الطفل 12 عاما تكون العقوبة 5 سنوات ولكن إذا تعدت، فيعاقب بالحبس المشدد لمدة خمس سنوات، مشيرة إلى أن هناك فرقا بين السجن العام والمشدد فالأخيرة أصعب.
وأكد اللواء رفعت عبدالحميد أستاذ العلوم الجنائية والخبير الأمنى، أن عقوبة خطف الأطفال قد تصل الى الإعدام شنقًا اذا تسبب الجانى فى ازهاق روح الطفل بدون وجه حق، متابعًا أن العبرة ليست فى تغليظ العقوبة، ولكن فى تطبيقها على أرض الواقع.
ويستكمل «عبدالحميد»، أن قضايا خطف الأطفال يتم ارتكاب أغلبها بواسطة أشخاص لم يتعدوا ال18 عاما وبالتالى تتم معاقبتهم بقانون الطفل، وبالتالى لن تطبق عقوبة الإعدام عليهم مستشهدًا بقضية الطفلة زينة، مقترحًا أن يتم التحفظ على الطفل حتي وصوله سن الرشد ومن ثم تطبيق عقوبة الإعدام أو السجن المشدد عليه.
وتابع أنه بهذه العقوبة سيمنع الطفل من ارتكاب الجريمة مرة أخرى بعد خروجه من السجن، مؤكدًا أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتطبيق العقوبة على الأطفال حين يبلغون سن 17 عاما.
وأضاف أستاذ العلوم الجنائية والخبير الأمنى، أن أركان جريمة الخطف غير مقتصرة على الخاطف فقط فهناك عنصران آخران وهما من اخفى الطفل المخطوف ومن توسط فى إعادة المخطوف لأهله لطلب فدية، مطالبًا بتطبيق نفس العقوبة عليهما لاشتراكهما فى الجريمة.
وعارضهم فى الرأى محمود السقا أستاذ القانون الجنائى، موضحًا أن ظاهرة خطف الأطفال تفشت داخل المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة، مؤكدًا أنها جريمة غير إنسانية ترتكب فى حق الأطفال دون وجه حق.
وطالب السقا، المشرع بالتدخل لتشديد عقوبة خطف الأطفال، وذلك لأنها ليست كافية لردع الجناة، فضلًا عن نشر علماء النفس الوعى الثقافى فى المجتمع، لتجنب هذه الظاهرة وتوضيح آثارها السلبية على الطفل والأسرة للمساهمة فى القضاء عليها.
الاتحاد العالمى لحماية الطفولة: إغفال القانون سيفاقم الظاهرة
قالت الدكتورة عبير محمد العراقى، رئيس الاتحاد العالمى لحماية الطفولة، إن هناك تفاقما كبيرا فى ظاهرة خطف الأطفال خلال الفترة الأخيرة، وأصبح التعامل مع الأطفال على أنهم سلعة رخيصة يتم استغلالها فى تجارة الأعضاء أو التسول، أو الاتجار بهم جنسيًا، قائلة: «نعيش منهجية من عدم الاهتمام نتيجة عدم وجود قوانين رادعة».
وحذرت من ازدياد الظاهرة خلال الفترة المقبلة، طالما لا توجد قوانين تطبق لتحكم الأمر، مهاجمة التقصير الحادث بشدة متسائلة: هل يوجد قانون واحد يخص الطفل يطبق فى مصر؟، مضيفة، أنه لا داعى لاستغراب حالات الخطف، وما يحدث للأطفال من انتهاكات، فى ظل عدم وجود رقابة، مكملة «وماذا بعدما وجدنا طفلا ملقي فى سلة المهملات؟ أهناك انتهاك اقوى من ذلك؟».
ولفتت أن الأطفال الأكثر عرضة للخطف من هم فى المرحلة الابتدائية، ويطلق عليهم غير المدركين، لكن الأطفال فى فترة الإعدادية عند تعرضهم للخطف يكون بشكل غير مباشر حيث يتم إغراؤهم بالمال وبمهنة التسول ونتيجة لعجزهم عن تحقيق أهدافهم ينساقون تدريجيًا حتى يتم دمجهم فى بيئة التسول والإجرام.
وتابعت: أن المحافظات المتكدسة بالسكان هى الأكثر عرضة للخطف، عن الأرياف من وجهة نظرها، حيث ترى أن القرى والأرياف تكون أكثر أمانًا، لأن الناس جميعهم على صلة ببعض هناك، وإذا تم خطف طفل يتم تهريبه خارج المحافظة، فضلا عن توضيحها أن الأسر المهاجرة من قرية لمدينة يكون أطفالها أيضًا مهددين بالخطف نتيجة عدم تعرفهم على البيئة الجديدة، وهنا تتطلب رعاية أكثر من جهة الأسرة.
وأشارت إلي أن الظروف الاقتصادية لها علاقة بتفاقم الظاهرة، ولا ترى حلًا يقضى على الظاهرة سوى تطبيق القوانين بشدة وحزم.
«داعش» تخطف أبناء مصر لأهداف سياسية
أكد أحمد مصيلحى رئيس شبكة الدفاع عن الطفل بنقابة المحامين، أن ظاهرة خطف الأطفال تفاقمت بعد أحداث ثورة 25 يناير، بسبب حالة الانفلات الأمنى الذى شهدته البلاد آنذاك، فضلاً عن تردى الأوضاع الاقتصادية، مشيرًا إلى أن هناك تخوفات من أن يتم استخدام هؤلاء الأطفال فى الأعمال الإرهابية نظرًا لصغر أعمارهم وسهولة التأثير عليهم.
ونوه «مصيلحى» فى حواره ل «الوفد»، بأن وزارة الداخلية لا تقوم بدورها المنوط به، فضلاً عن عدم تعاونها مع منظمات المجتمع المدنى من أجل الحفاظ على الطفل والقضاء على الظاهرة، وإلى الحوار:
متى يطلق على الطفل «مختطف»؟
- عندما يتم التيقن من خطفه بالتغيب لأكثر من 24 ساعة أو يتم خطفه أمام العين، لأن هناك الكثير من الحوادث التى يتم التبليغ عنها على أنها خطف ويتضح بعد ذلك أنها هروب من المنزل بسبب ضغط نفسى على الطفل.
كم يتراوح عمر الأطفال الأكثر عرضة للخطف؟
- الأطفال الصغار وغالبًا ما قبل خمس سنوات، وهو ما آثار تخوفات من أن هؤلاء الأطفال يتم خطفهم لأهداف سياسية أو إرهابية نظرًا لصغر أعمارهم، كما أن داعش تستهدف تجنيد الأطفال صغار السن واستخدامهم فى أعمالهم الإرهابية وذلك لسهولة التأثير عليهم.
هل هى ظاهرة مجتمعية أم حالات فردية كما وصفها البعض؟
- بالطبع هى ظاهرة لا أحد يستطيع أن ينكر زيادتها عقب ثورة 25 يناير، فعند بداية انتشارها كانت العصابات تستغل الغياب الأمنى آنذاك وتطلب فدية، ولكن فى الآونة الأخيرة يتم استغلال الأطفال المخطوفة فى تجارة الأعضاء البشرية والتسول والهجرة غير الشرعية، وتم نشر تقرير يفيد أن هناك عددًا كبيرًا من الأطفال تم تهجيرهم إلى الخارج بطرق غير شرعية، كما أن قطاع الأمن العام فى وزارة الداخلية أقر فى تقرير له عام 2014 بوجود 214 طفلاً يتم خطفهم كل عام، وطالبوا حينها بتغليظ عقوبة خطف الأطفال ولكنها لم تعرض على المجلس حتى الآن.
ما الأسباب التى أدت إلى انتشار الظاهرة فى الآونة الأخيرة؟
- السبب الرئيسى لانتشار معظم الظواهر المجتمعية هو تدهور الحالة الاقتصادية للبلاد، فضلاً عن حالة الانفلات الأمنى التى سادت البلاد فى الآونة الأخيرة، وبالنسبة لظاهرة خطف الأطفال توجد عوامل أخرى وهى عدم ملاحقة الجناة والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة بشكل فورى، بالإضافة إلى عدم وجود عقوبة رادعة ويجب على الدولة مواجهة هذه الأسباب والعمل على حلها لمنع تفاقم الظاهرة.
هل هناك إحصائية بعدد حالات خطف الأطفال؟
- لا يوجد حصر دقيق لهم، فنحن فى مصر نواجه مشكلة فى الإحصائيات بسبب عدم وجود جهاز بالدولة يعتمد على قاعدة بيانات صحيحة، فظاهرة أطفال الشوارع قالت وزارة التضامن الاجتماعى إنهم 16 ألف طفل فقط، بينما أكدت منظمة اليونيسيف أنهم 12 مليون طفل فهناك فرق كبير جدًا بين كل منهما، لذلك أطالب بوجود إحصائيات رسمية تصدر عن أجهزة الدولية تعتمد على الأبحاث الميدانية وتكون مبنية على أسس علمية صحيحة.
ما أكثر المحافظات التى انتشرت بها ظاهرة خطف الطفل؟
- محافظة القاهرة هى أولى المحافظات التى انتشرت بها هذه الظاهرة نظرًا لكثرة التعداد السكانى بها، ولكننا فوجئنا فى الفترة الأخيرة بتزايد خطف الأطفال فى محافظات الشرقية والمنوفية والإسكندرية والدقهلية وسوهاج وبنى سويف والمنيا، فضلاً عن وجود عصابات فى المنوفية، وبالتالى فهى انتشرت فى الآونة الأخيرة فى جميع محافظات مصر بوجه عام.
وهل ترى أن «الداخلية» تقوم بدورها لمواجهة الظاهرة؟
- لا تقوم وزارة الداخلية بدورها المنوط به والدليل على ذلك أن عدد الأطفال الذى تم التوصل إليهم وإعادتهم إلى أسرهم قليل جدًا وهذا ما يبرر تعليقهم على هذه الظاهرة بأنها حالات فردية نظرًا لعدم وجود جهود مبذولة من قبلهم فى هذه القضية، فضلاً عن عدم وجود تعاون بين الأجهزة الإدارية للدولة لضمان حماية الطفل والحفاظ عليه.
هل تحرك الشرطة بعد 24 ساعة من خطف الطفل يكون فى مصلحته أم لا؟
- أعتقد أن 24 ساعة كافية لأن يقوم خاطف الطفل باستغلاله والتجارة به ولذلك يأتى دور اللجنة العامة لحماية الأطفال التابعة للمجلس القومى للطفولة والأمومة ويتم تشكيلها فى كل محافظة وينبثق منها لجان فرعية فى مراكز المحافظة وهى المسئولة عن حماية الطفل ويتم تبليغها بالواقعة بجانب قسم الشرطة وتقوم خلال ال 24 ساعة الأولى بالبحث عن الطفل، ولكن هذه اللجان غير مفعلة بشكل رسمى ويتم إنشاؤها بشكل مؤقت ولا تقوم هى الأخرى بدورها المنوط به كأنها لم تشكل من الأساس بالرغم من أنها الأب القانونى لحماية الطفل بالمحافظات.
ما حالات التحايل على القانون التى يقوم بها الخاطف؟
- ذات مرة قام خاطف بخطف طفلة صغيرة وانتقل بها إلى محافظة أخرى وفور رؤية الأهالى للفتاة وهى مخدرة مع الخاطف قاموا بالتقاط الصور لها ونشرها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى وعلى الفور انطلقت أسرة الفتاة إلى المكان الموجودة به لاستعادتها ومعهم شهادة ميلادها وعند وصولهم وعرضهم شهادة الميلاد فوجئوا بوجود شهادة ميلاد أخرى مع الخاطف لفتاة باسم آخر وفى النهاية ذهبت الفتاة مع الخاطف. هذه حالة تحايل على القانون السبب فيها أن شهادة الميلاد المصرية ضعيفة جدًا ولا توجد صلة قوية تربط بينها وبين الطفل، ولكن هناك بعض الدول التى تقوم بوضع صورة الأب والأم على الشهادة، والحل لهذه المشكلة هو عمل شهادة ميلاد ببصمة قدم الطفل، فقد عرضت هذا الحل على وزارة التضامن الاجتماعى والمجلس القومى للأمومة والطفولة ورحبوا بها وتعهدوا بتطبيقها ولكن لم يطبق شيئًا وصدر تصريح مؤخرًا يؤكد أنه سوف يتم تطبيقها فى الفترة القادمة، وأتمنى أن يؤخذ الأمر بجدية ويطبق لأن المسئولين فى الفترة الأخيرة أطلقوا الكثير من التصريحات التى لم تطبق واكتشفنا أنها علاج وهمى.
كيف يتم توجيه الأسر التى تقوم بتبنى الأطفال المخطوفة؟
- تبنى الأطفال مرفوض فى الشريعة الإسلامية والقانون المصرى ولكن هناك كفالة الطفل، ويوجد فى القانون نظام الأسر البديلة حيث تقوم الأسرة التى تريد كفالة الطفل بأخذه من دار الرعاية بعد موافقة وزارة التضامن وتتعهد الأسرة بحماية الطفل وتم تشجيع هذا النظام فى الفترة الأخيرة بعد النجاح الذى حققه فى الدول التى تم تطبيقه بها حيث ساهم فى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع ويوفر القانون للأسرة دورات تدريبية لتأهيلهم للتعامل مع الطفل لتنميته ودمجه داخل المجتمع، وعلى من يريد كفالة طفل التوجه إلى إدارة الأسرة والطفل بمكتب التضامن الاجتماعى التابع للجمعية الأهلية أو إلى دار الأيتام.
هل هناك عقوبة توضع لمن يكفل طفلاً مخطوفًا دون علم الدولة؟
- أكيد توجد عقوبة لأنه قام بتعريض الطفل للخطر ونقله من مكان إلى آخر دون علم أسرته أو الدولة قد تصل إلى الحبس عامًا، ويجب على من يجد طفلاً أن يتوجه إلى قسم الشرطة لتقديم بلاغ لتقوم أجهزة الأمن بدورها المنوط به وإيجاد أهل الطفل.
ما رأيك في الدور التى تقوم به صفحات الفيسبوك فى هذه الظاهرة؟
- لها دور إيجابى لا ينكره أحد فقد ساهمت فى عودة الكثير من الأطفال إلى أسرهم وذلك لأنها يوجد بها أكثر من 2 مليون مشترك وفى بعض الأحيان يتواصل الوزراء ومسئولو الدولة مع زائرى هذه الصفحات، فهى تقوم بنشر صور الأطفال المفقودين التى يتم إرسالها بعد التأكد من صحة المعلومات الموجودة لديهم ويقوم من يتعرف عليهم بالتواصل مع أسرهم وإعلامهم بمكان تواجد الطفل وبالتالى عودته إلى أسرته، والتقليل من شأن دور هذه الصفحات كما يفعل البعض تهرب من المسئولية للمرة الثانية فالتهرب الأول بنفى وجود الظاهرة، ولكننا نحتاج إلى وجود مشاركة حقيقية بين هذه الصفحات التى تعتبر جزءًا من المجتمع المدنى والأجهزة الإدارية فى الدولة، لأنه لا يوجد تعاون بينهم على أرض الواقع.
هل هناك ارتباط بين انتشار ظاهرة خطف الأطفال وتفاقم أعداد أطفال الشوارع؟
- بالتأكيد هناك ارتباط وثيق بين الظاهرتين، وذلك لأن المشكلات المجتمعية مرتبطة ببعضها فالتفكك الأسرى يؤدى إلى الطلاق ومن ثم انتشار خطف الأطفال بسبب إهمال الأهل وبالتالى تزايد ظاهرة أطفال الشوارع والهجرة غير الشرعية، فلا يمكن بحث أى قضية منهما بمعزل عن الأخرى فتقديم حل لأى قضية منهما يقتضى التماس مع الأخرى، لذلك يجب على الحكومة المصرية وضع الطفل على أجندتها وبحث حلول جذرية للقضاء على هذه المشكلات.
هل انتشار الظاهرة سيؤثر على المجتمع بصورة سلبية فى الفترة القادمة؟
- أثناء الثورة قابلت طفلاً فى ميدان التحرير فسألته أنت موجود هنا ليه؟، أجاب «عشان أخد حق أخويا هو مات فى المنطقة دى ومش همشى غير لما آخد حقه ووقف يضرب مولوتوف»، الخطورة التى يمثلها هؤلاء الأطفال على المجتمع هى رغبتهم فى الانتقام منه، فضلاً عن الطفل الذى نشأ داخل دار رعاية وتعرض للظلم، فحسب الإحصائية التى قدمها جهاز التعبئة والإحصاء تبلغ نسبة الأطفال 40% من المجتمع هؤلاء الأطفال هم شباب المستقبل الذين سيقومون بحمل لواء المجتمع وتنميته ولكن مع الظلم المعرضين له داخل المجتمع وتردى النظام التعليمى فلن يقوم هؤلاء الأطفال بتنمية المجتمع وبنائه بل سيقومون بهدمه والانتقام منه، كما أن أفقر دول العالم هى التى أهملت الطفل وبالتالى حدث لديهم انهيار مجتمعى.
فى كل ظاهرة مجتمعية يكون هناك دور للدولة والأسرة والمجتمع المدنى فما دور كل منهم من وجهة نظرك؟
- الدولة لها دور فى المقام الأول لأنها قادرة على وضع استراتيجية تتواكب فى رؤيتها مع منظمات المجتمع المدنى ما يسهم فى القضاء على الجزء الأكبر من المشكلات المجتمعية التى نواجهها كما أنها قادرة على تفعيل دور المجلس القومى للطفولة والأمومة - الذى تراجع دوره فى الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ - وذلك بعد صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بتبعية هذا المجلس لوزارة الصحة ويرأسه وزير الصحة بالرغم من إقرار الدستور المصرى أنه كيان مستقل يتبع البرلمان أو رئاسة الجمهورية وليس الحكومة، بالإضافة إلى تغليظ عقوبة الخطف وتطبيقها على أرض الواقع وتشكيل لجنة فرعية لحماية الطفل ومتابعتها، أما عن المجتمع المدنى والأهالى فعليهم التصدى للعنف الموجه ضد الطفل فى الشارع والاتصال على 16000 وهو الخط الساخن لنجدة الطفل لتحركيه.
صفحات الفيس الوسيلة الأقوى والأسرع للعودة
مع تفاقم ظاهرة خطف الأطفال، وعدم ردعها بالقوانين اللازمة، وعجز الشرطة عن توصيل الكثير من الأطفال المخطوفين لأهاليهم، دفع الأسر ونشطاء الفيس لإنشاء عدد من الصفحات، تساهم فى نشر صور الأطفال المتواجدين بصحبة المتسولين، أو من اشتبه فى تعرضهم للخطف مع أرقام تليفون خاصة بذويهم، بالإضافة إلى نشر صور الأطفال الذين يتم التسول بهم فى محافظات مصر المختلفة، خوفاً أن يكون هؤلاء الأطفال مخطوفين، ومن أبرز تلك الصفحات: «أطفال مفقودة»، «أطفال مفقودين»، «الصفحة الرسمية للإبلاغ عن متغيبين ومخطوفين ومفقودين»، «أكبر تجمع للبحث عن المفقودين»، «حملة مقاومة خطف الأطفال».
أطفال مفقودة
قال رامى الجبالى، خبير بقضايا الأطفال ومؤسس صفحة «أطفال مفقودة» إن دور الصفحة يتركز على رفع الصور الأطفال المفقودين أو المخطوفين الذين يتم إرسال صورهم عبر الرسائل الخاصة للصفحة، ولكن عقب التأكد من صحتها أولا، مبينًا أن الحملة لا تملك مقرا معينا حتى لا يمكن للمجرمين والعصابات الذين يتم التبليغ عنهم محاربة الفريق أو الانتقام منا.
وأضاف أنه يتم عمل إجراءات خاصة قبل نشر الصورة، والتأكد من غياب الطفل والتواصل مع أهله أولًا، مؤكدًا ازدياد الظاهرة، مبينًا أن الصفحة تملك معظم صور متسولي مصر، مشيراً إلى أن هناك أكثر من متسول يستخدمون نفس الطفل، وهو ما يتم تفسيره باستئجار الأطفال للتسول، وتابع أن الأطفال المخطوفين يعودون على المجتمع بالعبء خاصة بعد تغير سلوكهم كليًا مما يجعلهم بحاجة لمعالجة نفسية أو خلافه.
وأوضح أن أعضاء الصفحة وصل عددهم 740 عضواً منهم الأطباء والمحامون وغيرهم وهناك الكثير من المساهمين فى مساعدة العاجزين عن معالجة أطفالهم، مكملًا أنه لا يوجد تعاون بشكل رسمى مع الداخلية متمنيا حدوث ذلك، لأنه سوف يعود بالنفع فى إرجاع الكثير من الأطفال لأهاليهم، هذا بالإضافة إلى تشديده على التضامن الاجتماعى ودور الرعاية .
وحمل الجبالى المجتمع جزءا من تمدد الظاهرة، فعطف المجتمع على المتسولين يشجعهم على خطف الأطفال وأضاف: «قامت الحملة بالتكفل بأسرة متسولين مكونة من 3 فتيات ونقلهم فى شقة، وتحديد دخل شهرى لهم، ولكن عقب مرور يوم واحد تأكدنا من جلبهم مخدرات وأشخاصا أغرابا بالشقة، ونزولهم للتسول مرة أخرى فدخل المتسول قد يصل ل 500 جنيه فى اليوم».
الحل من وجهة نظرة يكمن فى عدة أمور أولها تعديل شهادة الميلاد ببصمة قدم الطفل، وربط محاضر العثور على الأطفال بمحاضر التغيب على جميع المحافظات، منتقدًا مدة 24 ساعة لعمل محضر معللًا قوله بأنها كافية لتهريب طفل خارج مصر تمامًا، فضلًا عن تغليظ العقوبة على الخاطف الذى لا يراه رادعًا فيقول «واجهنا سيدة خطفت 10 أطفال وتم القبض عليها وكانت العقوبة 7 سنوات وخرجت بعد نصف المدة».
حملة مقاومة خطف الأطفال
تضم أكثر من 50 ألف عضو، وتعتمد كباقى الصفحات على نشر ألبومات مصورة للأطفال المخطوفين، ودعوة أعضاء الصفحة إلى المشاركة فى البحث عن الأطفال. كما تنشر الصفحة طرق الاتصال بأسر هؤلاء الأطفال، وتطلب من أعضائها إبلاغها عن كل متسول برفقته طفل، راوده شك به، وإبلاغ الشرطة عنه.
كلنا أسرة الطفل المخطوف مؤمن
تضم أكثر من 70 ألف عضو، هم عدد أعضاء صفحة «كلنا أسرة الطفل المخطوف مؤمن» وسميت الصفحة بهذا الاسم نسبة لطفل يسمى مؤمن إسلام، الذى لم يتجاوز عمره 5 سنوات اختطف من أمام منزله بإحدى قرى المنوفية، والذى تناولت قصته فضائيات وصحف، وشكل والده والأهالي مجموعات بحث، تجوب المحافظات من أجله، وتحولت بعدها إلى صفحة يتم نشر عدد من صور المخطوفين عليها بشكل مستمر وآخر أخبار من تم العثور عليهم وتوصيلهم لذويهم، ثم تحولت إلى موقع إلكترونى مختص بنشر بيانات الأطفال المختطفين.
حملة "دور معانا" لمقاومة خطف الأطفال
يرجع العمل فى تلك الصفحة على التنسيق بين أسر الأطفال المخطوفين، لعرض مشكلاتهم بطريقة جماعية أمام الجهات التنفيذية، وإعداد قوائم بالأطفال المخطوفين بجميع أنحاء مصر، وقد نظمت الحملة الكثير من التظاهرات بميدان التحرير، للمطالبة بالتعامل مع القضية بشكل جدى ، للمطالبة بإصدار تشريعات ملزمة بتفعيل قوائم موحدة للمفقودين.
وتطالب الحملة وسائل الإعلام بتبنى القضية والضغط على الحكومة، حيث تطبع الحملة صور الأطفال وتوزعها بالميادين العامة ومحطات مترو الأنفاق والقطارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.