عيار 21 يسجل 3140 جنيها.. تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب والدولار    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    حسين عيسى: الانتهاء من التصور المبدئي لإصلاح الهيئات الاقتصادية خلال 4 أسابيع    إقالة رئيس مدينة ديرمواس بالمنيا وإحالته للتحقيق    الخارجية الأردنية تدين استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي النازحين برفح الفلسطينية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف محيط معبر رفح من الجانب الفلسطيني    هل يمكن أن تدخل مصر في صراع مسلح مع إسرائيل بسبب حادث الحدود؟ مصطفى الفقي يجيب    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    بلاتر يتغنى بقوة منتخب مصر ويستشهد ب محمد صلاح    شيكابالا عن لقب الكونفدرالية: بطولة مميزة بعد رحيل المجلس السابق ومصدر هدوء للجميع    عبدالملك: مطالب بيراميدز بشأن عبدالله السعيد "غير مُقنعة"    «خبطني بشنطته».. «طالب» يعتدي على زميله بسلاح أبيض والشرطة تضبط المتهم    إصابة 6 أشخاص في حادثي سير بالمنيا    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    إلهام شاهين: "أتمنى نوثق حياتنا الفنية لأن لما نموت محدش هيلم ورانا"    نشرة التوك شو| تحريك سعر الخبز المدعم.. وشراكة مصرية عالمية لعلاج الأورام    إرشادات للتعامل مع مرضى الصرع خلال تأدية مناسك الحج    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    زيلينسكي: المناطق الملغومة في أوكرانيا أكبر من أراضي بعض الدول الأوروبية    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. البيت الأبيض: لم نر أى خطة إسرائيلية لتوفير الحماية للمدنيين فى رفح.. النمسا: مبادرة سكاى شيلد تهدف لإنشاء مظلة دفاع جوى أقوى فى أوروبا    استعدادات مجتمعية وروحانية: قدوم إجازة عيد الأضحى 2024    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    شعبة المخابز تكشف حقيقة رفع الدعم عن رغيف الخبز    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    وزير خارجية الأردن لنظيره الإسباني: نقف معكم ضد الهجمات الإسرائيلية بعد قرار الاعتراف بدولة فلسطين    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    اضطراب ورياح.. تعرف على حالة الطقس حتى الإثنين المقبل    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    وزارة التموين تضبط 18 طن دقيق لدى المخابز بالجيزة قبل تهريبها للسوق السوداء    "تموين الإسكندرية" تضبط 10 أطنان دقيق بدون فواتير فى أحد المخازن    رئيس اتحاد شباب المصريين: أبناؤنا بالخارج خط الدفاع الأول عن الوطن    طريقة احتساب الدعم الإضافي لحساب المواطن    شيكابالا يعلن موعد اعتزاله كرة القدم    تراجع سعر الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأعلى للآثار» يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بعد ترميمه.. صور    حظك اليوم| الاربعاء 29 مايو لمواليد برج الثور    افتتاح المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الخميس    تشيكيا: أوكرانيا ستحصل على عشرات الآلاف من قذائف المدفعية في يونيو    مهران: جلسة سرية اليوم لمجلس الأمن لمناقشة مجزرة الخيام ورفض إسرائيل تنفيذ حكم العدل الدولية    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    هل يجوز الجمع بين صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان؟    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي (تفاصيل)    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    من أفضل 10 فرق.. جامعة الجلالة تصل لتصفيات «الابتكار وريادة الأعمال» إفريقيا (تفاصيل)    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبادى :الجبلى "خرب" المصل واللقاح
نشر في الوفد يوم 28 - 10 - 2011

كل جملة قالها تستحق أن يوضع في نهايتها العشرات من علامات التعجب، لأنها بالفعل عجيبة جداً وغريبة جداً جداً..
هو مسئول مصري بدرجة وزير.. تولي رئاسة إحدي الشركات القابضة وهي القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاح، التي ورثت هيئة المصل واللقاح وما تبعه من شركات.
هذا الرجل الذي يحمل درجة وزير «شاف الويل».. حبسوه.. منعوه من السفر.. فتشوا منزله ومكتبه بشكل مهين.. أقالوه من منصبه بالمخالفة للقانون.
فعلوا معه كل ذلك لأنه رفض الاستجابة لضغوط حسني مبارك، وكان وقتها رئيساً للدولة، وجاك شيراك كان وقتها رئيساً لفرنسا، ود. حاتم الجبلي وكان وقتها وزيراً للصحة، ود. فتحي سرور وكان وقتها رئيساً لمجلس الشعب.
رفض د. محمد العبادي ضغوط كل هؤلاء المسئولين ورفض الاستجابة لهم جميعاً وفضل حماية المال العام وعدم إهداره علي شركة فرنسية ومكتب مصري.. حمي مئات الملايين من الجنيهات من الضياع فغضب عليه الكبار وحولوا حياته لجحيم.
حول هذه الحكاية المثيرة دار حوارنا مع د. محمد العبادي.. وكانت بداية الحكاية هي وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي.. وإليكم نص الحوار:
كيف بدأت علاقتك بالدكتور حاتم الجبلي؟
- حتي عام 2005 لم أكن أعرفه، ولم أسمع باسمه، وحدث في ذلك العام أن أعلن مستشفي دار الفؤاد عن مناقصات لتوريد أجهزة وأدوات طبية، وقدم «المصل واللقاح» عرضاً في المناقصة، وفوجئت بأن شركات خاصة فازت بالمناقصة رغم أن عرضها أعلي سعراً من عرض المصل واللقاح.
وأمام هذا الأمر أرسلت إنذاراً علي يد محضر إلي مدير مستشفي دار الفؤاد قلت له فيه «إنك تخالف القانون بترسية مناقصات دار الفؤاد علي شركات خاصة ذات عروض أعلى سعراً».
وأرسلت الإنذار للدكتور حاتم الجبلي الذي كان يشغل وقتها مدير مستشفي دار الفؤاد؟
- حتي هذا الوقت لم أكن أعرف أن حاتم الجبلي هو مدير مستشفي دار الفؤاد ولم أكن أعرف من هو مدير المستشفي ولهذا أرسلت الإنذار بالصفة الوظيفية أي إلى مدير مستشفي دار الفؤاد دون ذكر أسماء.
وماذا كان رده؟
- لم يرد..
ومتي كان أول لقاء بينك وبين «الجبلي»؟
- في أحد الأيام عام 2005 ذهبت - مصادفة - إلي دار الفؤاد لزيارة صديق لي أجري جراحة هناك، ومجرد أن انتهيت من الزيارة فوجئت بشخص يقترب مني يتودد وقدم لى نفسه قائلاً «أنا الدكتور حاتم الجبلي مدير دار الفؤاد يا أفندم».. وأصر علي أن يودعني حتي أصل إلي سيارتي، واستدعي لي «الأسانسير» بنفسه وكان يفسح لي الطريق بنفسه أيضاً ورفض أن يتركني إلا بعد أن أستقل سيارتي، وعندها أعطاني كارتاً به رقم تليفونه، وقال لي «تسمح لي أزورك في مكتبك».. فقلت أهلاً وسهلاً.. وهذه هي أول مرة ألتقي فيها ب «الجبلي».
وهل زارك في مكتبك بالفعل؟
- بعد أيام قليلة من لقائى به في دار الفؤاد زارني «الجبلي» وكان بصحبته الدكتور أحمد الصيفي مدير معامل البرج واستمرت الزيارة 6 ساعات.
6 ساعات كاملة.. ماذا فعل خلالها؟
- عمل حاجتين.. طلب أنه يشوف المصل واللقاح.. وعرض صفقة.
أي صفقة؟
- طلب يعمل شراكة بين المصل واللقاح ومعمل البرج، وأن تكون شركة «علاج» بالسعودية هي وكيل المصل واللقاح في السعودية، وشركة «علاج» هذه شريكة في دار الفؤاد، و«الجبلي» شريك مستثمر في «علاج».
ولكن «الجبلي» نفي هذا الكلام في وسائل الإعلام وقال إنه لا توجد علاقة بينه وبين شركة «علاج» وقال إن أصحاب الشركة أصدقاؤه وليسوا شركاءه؟
- إذا كان صادقاً فلماذا إذن يحضر اجتماعات مجلس إدارة الشركة؟.. أنا لدي صور ل «الجبلي» وهو يشارك في اجتماعات مجلس إدارة شركة «علاج».
وماذا كان ردك علي العرض الذي قدمه «الجبلي» بخصوص وكالة المصل واللقاح في السعودية؟
- رفضت طبعاً.
لماذا؟
- لأن هناك وكيلاً محترماً وشغال بشكل جيد جداً في السعودية، وبالتالي فليس هناك داع أبداً لتغييره.
رفضت عرض «الجبلي» فلماذا إذن استمرت زيارته 6 ساعات كاملة؟
- لأنه - كما قلت - طلب أن يتفقد معامل وشركات المصل واللقاح، فقلت له «أوى أوى» وبالفعل لف المكان كله واستشفيت من هذه الزيارة أن «الجبلي» كان يعرف أنه سيكون وزير الصحة قبل شهور من توليه المنصب.
ومن أين جاءك هذا الشعور؟
- من أكثر من دليل أهمها أنه بعد شهرين فقط من توليه وزارة الصحة عام 2006 أعلن الحرب علي المصل واللقاح وعمل حاجات غريبة جداً.
ماذا فعل؟
- طلب مني بصفتي رئيس الشركة القابضة للمصل واللقاح أن أجمع له رؤساء الشركات التابعة ونلتقي به في مقر الوزارة، ولما ذهبنا في الموعد الذي حدده فوجئت به يقول «إنتو جايين ليه؟!.. ثم قال المصل واللقاح يكون ليه تبع وزارة الصحة.. إنتو لازم تكونوا تبع وزارة الاستثمار مفيش دولة في العالم وزارة الصحة فيها بتشتغل في الأمصال، فقلت له: لا.. كل الدول الاشتراكية وزارات الصحة فيها لديها شركات للأمصال واللقاحات وهولندا أيضاً وهى دولة غير اشتراكية لديها شركة تبيع إنتاجها من الطعوم والأمصال إلي دول أوروبا جميعاً
وماذا كان رده؟
- قال لا.. لا.. ثم سكت لحظة وقال إنتو بتكسبوا.. قلت آه.. فقال كام.. قلت مبيعاتنا 580 مليون جنيه والربح 100 مليون جنيه.. فقال: أنا هأبعتلك بكرة حازم حسن (الخبير المالي المعروف) علشان يشوف الميزانية بتاعتكوا ويجهزها وأنا هأعرضها علي زملائى الوزراء ولازم الشركة دي تتخصخص.
وماذا كان ردك؟
- حاولت إقناعه بأن المصل واللقاح هو اليد اليمني لوزارة الصحة لأنها تمثل صمام الأمان في الطب الوقائي الذي هو أساس عمل وزارة الصحة ولكنه أصر علي خصخصة الشركة وقال لرؤساء الشركات التابعة الذين حضروا الاجتماع: إيه مش عايزين يكون ليكوا أسهم في الشركة بعد الخصخصة فقال أغلبهم عايزين .. وتحول الاجتماع إلي مكلمة عن أسهم الشركة وسعر السهم والربح الذي سيحققه كل سهم.
وماذا حدث بعد ذلك؟
- في صباح اليوم التالي للاجتماع جاءني الدكتور حازم حسن ومعه عرض يستحيل إعداده في أقل من أسبوع، لأنه كان عرضاً في مجلد ضخم، وفي نهايته باب كامل عن الأتعاب المالية التي سيحصل عليها وحددها بمبلغ 150 ألف دولار.
وما الدور الذي سيقوم به الدكتور حازم حسن نظير هذا المبلغ؟
- أنا سألته هذا السؤال فقال إنه سيحول ميزانية الشركة القابضة للمصل واللقاح إلي أرقام تتوافق والأنظمة العالمية في إعداد الميزانيات.. وقال: هنعمل للشركة ميزانية طبقاً للمبادئ العالمية علشان أي حد من خارج مصر يحب يشتري الشركة يقدر بسهولة يقرأ الميزانية.. وأضاف حازم حسن مؤكداً أنه اتفق مع الدكتور حاتم الجبلي علي أتعاب هذه الدراسة.. وبمجرد أنه غادر مكتبي اتصل بي الدكتور الجبلي وسألني: هل جاءك حازم حسن؟.. قلت: آه وطلب مني 150 ألف دولار.. فقال لأ.. لأ كتير.. كفاية 100 ألف دولار وخلص معاه خلص.
وخلصت معاه؟
- لأ.. أنا وجدت المبلغ مرعباً ولهذا بحثت عن مكتب مالي آخر يتولي تجهيز ميزانية الشركة كما يريدها الوزير حاتم الجبلي وبالفعل وصلت لمكتب يقوم بالعملية كلها مقابل 35 ألف جنيه فقط.
35 ألفاً فقط بينما مكتب د. حازم حسن كان يطلب أكثر من 500 ألف جنيه؟!
- تصورت أن وزير الصحة سيشكرني لأنني سأوفر حوالي نصف مليون جنيه من المال العام واتصلت به أبلغه هذه البشري ففوجئت به يغضب ويثور ويقول لازم حازم حسن.. لازم.. لازم.. وأغلق السكة في وجهي وأنهي المكالمة!
وبرأيك لماذا أصر د. الجبلي علي بيع المصل واللقاح؟
- كان هدفه بيع أراضي المصل واللقاح بحي العجوزة بالجيزة لعدد من المستثمرين الأجانب وبالفعل أجري اتصالات معهم.. ولكني تصديت له وقلت مش ممكن أي حاجة تحصل للمصل واللقاح إلا بعد موافقة الجمعية العمومية للمصل واللقاح فقال لي إنت بيروقراطي وشن هجوماً ضارياً وفتح عليّ أبواب جهنم.
كيف؟
- طلب آخر تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن المصل واللقاح فأرسلته إليه وأرسلت معه الرد علي التقرير مصحوباً بمحضر اجتماع الجمعية العمومية التي عُرض عليها التقرير، فأخذ تقرير الجهاز واستدعي 15 خبيراً مالياً وإدارياً، بالإضافة إلي محاميه الشخصي وطلب منهم كتابة تقرير مفصل عما يحويه تقرير الجهاز المركزي وعلي مدي 15 يوماً ظلت هذه اللجنة تدرس تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتعد تقريراً حول المخالفات التي ذكرها الجهاز المركزي، وأخذ الجبلي هذا التقرير وكتب بلاغاً للنائب العام كتب فيه أن «محمد العبادى» أهدر 300 مليون جنيه بالمصل واللقاح في مشروعات لم تكتمل واستورد ألباناً غير مسجلة واشتري أجهزة تم خزنها في الصناديق.. ولم يكتف في بلاغه بتحديد الاتهامات.
ماذا فعل أيضاً؟
- قال إن المخالفة الأولي يعاقب عليها القانون بكذا وكذا، والمخالفة الثانية يعاقب عليها القانون بكذا، والمخالفة الثالثة عقابها كذا وكذا، وبدا الأمر وكأنه يخبر النائب العام بما لم يعلم!.. وقدم الوزير بلاغه للنائب العام الساعة الثانية ظهراً وبعد 3 ساعات فقط أصدر النائب العام قراراً بمنعي من السفر والتحفظ علي أموالي وتفتيش مكتبي ومنزلي.
هكذا مباشرة دون سؤالك؟
- نعم.. هكذا فعل المستشار ماهر عبدالواحد النائب العام وقتها وبعد 4 ساعات من صدور قرار النائب العام فوجئت بثلاثين شخصاً من النيابة الإدارية والرقابة الإدارية والأموال العامة تطرق باب منزلي وفتشوا المنزل بشكل مرعب.. وقلبوه رأساً علي عقب.. حتي إنهم فتشوا داخل الحمامات وفعلوا نفس الأمر في مكتبي، وطبعاً لم يجدوا شيئاً وقلت لهم إن رصيدي في البنوك هو 750 جنيهاً وأنا علي استعداد لأن أوقع لكم إقراراً بموافقتي علي كشف سرية حساباتي في البنوك.
وانتهي التفتيش إلى لا شيء؟!
- نعم ولكن الدكتور الجبلي أصدر قراراً بإيقافي عن العمل وأرسل إلي المصل واللقاح بمن يحل محلي في رئاسة الشركة القابضة مخالفاً بذلك كل القوانين والقواعد، فطبقاً للقانون فأنا لست موظفاً في الحكومة، إذ إن رئيس الشركة القابضة تنتخبه الجمعية العمومية للشركة ولا يمكن لأحد فصله أو عزله إلا الجمعية العمومية و«الجبلي» يعرف ذلك وأقسم عندما تولي وزارة الصحة أن يحترم الدستور والقانون ولكنه تجاوز كل القوانين وداس عليها بقدميه من أجل أن يتخلص مني لينفرد بالمصل واللقاح فيبيعها لأصدقائه المستثمرين.
ولكن قرار النائب العام يمنعك من السفر والتحفظ علي أموالك وتفتيش منزلك ومكتبك.. يعني أن المستشار ماهر عبدالواحد اقتنع تماماً بأنك ارتكبت مخالفات مروعة!
- قلت لك إن المستشار ماهر عبدالواحد أصدر قراره دون سؤالي.. صحيح أنه قرار حاد جداً ولكني أؤكد لك أنه كان لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالقضية كلها.
ماذا تقصد؟
- زوجة النائب العام ماهر عبدالواحد كانت تعمل مديرا عاما في التأمين الصحي ووصلت سن المعاش وكان حاتم الجبلي بصفته وزير صحة يصدر لها كل 6 شهور قرارا وزاريا بتجديد وجودها في الوزارة، وجدد لها بالفعل 6 مرات، وبالتالي كانت هناك صلة وثيقة بين وزير الصحة «الجبلي» والمستشار ماهر عبدالواحد.
وانعكست تلك العلاقة بشكل واضح فيما جري لي بعد ذلك.
وماذا جري بعد ذلك؟
- بعد تفتيش منزلي ومكتبي ومنعي من السفر وحرماني من أداء عملي بقرار مخالف للقانون أصدره الجبلي، جلست في منزلي لمدة 19 يوماً، وخلال هذه الأيام تعرضت لحرب ضارية من الوزير الجبلي الذي لم يترك فرصة إلا وهاجمني فيها، لدرجة أنه سافر إلي الجزائر، وقبيل سفره عقد مؤتمرا صحفيا أسهب فيه بالحديث عن المخالفات التي ارتكبتها في المصل واللقاح ولما سافر إلي الجزائر عاود الهجوم علي المصل واللقاح وعلي شخصي في الجزائر ووصل به الشطط لدرجة أنه قال في الجزائر إن المصل واللقاح كذبة كبيرة وقال «دول بيبيعوا فيه تحت السلم». ولما قيل له إن كلامك يحمل هجوماً عنيفاً علي شركة حكومية مصرية تراجع عن كلامه وقال: منتجات المصل اللقاح مفهاش مشكلة ولكن هناك مخالفات إدارية!
- ولم يكتف الوزير بذلك بل فعل ما هو أكثر.
وما الذي أكثر من ذلك؟
- قال في برنامج تليفزيوني وتحديداً برنامج الإعلامي عمرو أديب إن رئيس الوزراء قال له اقطع رقبة «العبادي» ثم قال بالحرف الواحد وعلي الهواء مباشرة «رئيس الوزراء - يقصد أحمد نظيف.
قال: إحنا هنحط حد للمهزلة دي.. وإحنا خلاص كلمنا النائب العام.
معني ذلك أن الحرب صارت علي الهواء مباشرة!
- بالضبط كده.. وفي اليوم التالي من هذا الكلام طلبني رئيس نيابة الأموال العامة الساعة الثالثة عصراً وقال إحنا عاوزينك. قلت: حاضر.. فقال: تعال حالاً.. ولما ذهبت وجدت مفاجأة في انتظاري!
بالتأكيد مفاجأة مفزعة؟
- أيوه.. وجدت المحقق يخبرني بأنه كتب الأسئلة وأجوبتي عليها ويطلب مني أن أوقع فقط.. فقلت أوقع علي إيه؟ فقال: أنا سألت كل الأسئلة وإجابتك في كل الأسئلة كانت كلمة واحدة «محصلش» وقال عايز تقول حاجة غير «محصلش». قلت: أيوه عايز أقول: عايز أقول إن كل الاتهامات التي وجهها لي الوزير باطلة وأنني لم أهدر المال العام.. بالعكس أنا جبت لوزارة الصحة مئات الملايين من الجنيهات.. فقاطعني المحقق وقال: شوف أنا عاوز أسافر والقطار هيفوتني، والأفضل أنك توقع، وخلاصة كلامك أن كل الاتهامات محصلتش.. وساعتها شعرت أن كلامي ليس له فائدة فوقعت ففوجئت به يقول: انت كده وقعت وأنا أشكرك بس بتوع الرقابة الإدارية عايزينك.
وبالفعل وجدت علي باب المحقق بتوع الرقابة الإدارية في انتظاري وقالوا هنحتاج نستكمل بعض الحاجات معاك.
ذهبت معهم والرقابة الإدارية قالوا لي إن النائب العام أصدر قرارا بحبسك 15 يوماً علي ذمة التحقيقات!.. قلت فين التحقيقات دي.. فقالوا: أمال إحنا بنعمل إيه؟!
وحبسوك ال 15 يوماً فين؟
- حبسي استمر 5 شهور كاملة.. منها شهر ونصف الشهر في الرقابة الإدارية والباقي في عنبر المزرعة بسجن طرة.. في الرقابة الإدارية حبسوني في حجرة بها تليفزيون وسرير وحمام وأخذوا مني التليفون المحمول وقالوا: عايز حاجة؟.. قلت مصحف وزجاجة مياه، وفي عنبر المزرعة كنا حوالي 35 محبوساً ما بين رجال أعمال ومستشارين وزراء ورؤساء محاكم وأطباء ورجال شرطة.
يعني كنت في عنبر VIP؟!
- ولم يكن فيه سوي مصطبة تنام عليها ولكن كان فيه تليفزيون ومراوح ومياه سخنة وباردة وحمامات نظيفة ومطبخ ضخم وملعب كرة ومكتبة وشطرنج وتنس طاولة وجامع.
ولكن كيف يتم حبسك 5 شهور دون صدور حكم قضائى؟
- طبقاً للقانون فإنه يجب عرضي علي النيابة كل 15 يوماً وفي كل مرة كان يتم تجديد الحبس، والمفروض طبقاً للقانون ألا يتجاوز العرض علي النيابة مدة 3 شهور.. ولكن لأنني متوصي علىّ من «الجبلي» والنائب العام استمر حبسي بقرار من النيابة لمدة 5 شهور كاملة.
وبعدها عرضوك علي القضاء؟!
- وأصدرت المحكمة قراراً باستمرار حبسي لمدة 45 يوماً.
ولكنك قلت إنه تم حبسك لمدة 5 شهور فقط؟
- نعم فأنا لم أحبس من ال 45 يوماً سوي يوم واحد فقط.
كيف.. ولماذا؟
- بعد يوم واحد من صدور حكم المحكمة باستمرار حبسي 45 يوماً فوجئت باستدعائى من السجن لمقابلة النائب العام وفي هذه المرة كان المستشار عبدالمجيد محمود قد صار نائباً عاماً.
وقابلت المستشار عبدالمجيد محمود؟
- لا.. قالوا لي قابل رئيس النيابة يوسف الكومي أولاً ولما دخلت عليه، كان كأنه خجلان مني وقال دون أن أتكلم «أنا مش فاهم.. مش فاهم.. دي أول مرة تحصل.. ثم واصل كلامه قائلاً: «التعليمات أنك تمشي.. فقلت مندهشاً أمشي أروح فين؟.. قال ترجع علي بيتك.
فقلت: دا أنا لسه متجدد لي حبس 45 يوماً.. فقال التعليمات كده!!
وماذا كان شعورك آنذاك؟
- أحسست وقتها أن جبلاً من الظلم سقط فوق رأسي وانفعلت وصرخت بأعلي صوتي من الظلم وقلت أنا مش خارج إلا لما أعرف اللي جرا لي كله كان ليه؟
وهل وجدت إجابة لسؤالك؟
- لا طبعاً.. المهم بعد فترة هدأت وطلبت المستشار علي الهواري المحامي العام الأول، واستقبلني بترحاب وقال لي: أنت حالة استثنائية ومش عارفين دخلت ليه الحبس!
هكذا بكل بساطة؟
- وأكثر من ذلك.. اكتشفت أن اسمي لم يكن من بين قوائم الممنوعين من السفر، وعندما لجأت إلي المحكمة طالباً إلغاء التحفظ علي أموالى لأن التحفظ علي الأموال لا يرفع إلا بحكم قضائي أصدرت المحكمة حكمها بإلغاء قرار التحفظ علي أموالى وقالت في حيثيات الحكم إن القضاء لن يكون سيفاً مسلطاً علي الرقاب وثبت في يقين المحكمة أن الخلاف بين «العبادي» و«الجبلي» سبق تولي «الجبلي» وزارة الصحة وبالمناسبة حصلت علي أحكام قضائية نهائية بإلغاء كل القرارات التي أصدرها الجبلي بشأني وعلي رأسها إبعادي عن رئاسة الشركة القابضة للمصل واللقاح، يعني قانوناً أنا رئيس الشركة الآن، ولكني مش عايز أنفذ الحكم لأن الجبلي خرب المصل واللقاح، ولولا قيام ثورة 25 يناير وسقوط نظام مبارك لما بقي في المصل واللقاح طوبة واحدة، فالثورة أنقذت هذا الكيان الذي كان صرحاً عظيماً ولكن الجبلي استنزفه وقطع شرايينه وتركه يصارع الموت.
لنترك «الجبلي» وأسألك ألم يذكر تقرير الجهاز المركزي أنك أهدرت 300 مليون جنيه من المال العام في المصل واللقاح؟
- أنا!.. ده كلام مغلوط وردت عليه الجمعية العمومية للمصل واللقاح وبرأت ذمتي من أي مخالفة.
وإيه حكاية ال 300 مليون جنيه؟
- عندما توليت المصل واللقاح عام 1996 كان مازال شركة وجدته في حالة يرثي لها، لا توجد كهرباء تكفي، المجاري طافحة، القمامة تملأ الأسطح.
فعملت محطة 11 ميجا فولت وأدخلت الكمبيوتر والغاز والتليفونات وجددت شبكة الصرف الصحي ووسعت الطرق وأنشئت 11 مصنعا جديدا تابعا للهيئة وشغلت مصنعين منها بالفعل وأنشأت مباني باقي المصانع واشتريت أرضاً جديدة مساحتها 60 ألف فدان بنيت عليها تلك المصانع، كل هذا دون قروض من البنوك، وكانت تكلفة هذه الإنشاءات والأجهزة التي اشتريتها حوالي 300 مليون جنيه وكنت قد اشتريت الأجهزة لباقي المصانع وكان سعر اليورو 280 قرشاً ثم حدثت مشكلة في أحد تلك المصانع وهو مصنع مشتقات الدم، والمصانع قائمة والأرض موجودة والأجهزة الطبية التي اشتريتها موجودة وسعرها حالياً تضاعف عن ثمن شرائها.
إيه المشكلة إذن؟
- عملت مناقصة لإنشاء المصنع وتقدمت إليها عدة شركات وتمت ترسية المناقصة علي شركة فرنسية وشرعت تلك الشركة في عمل رسومات التنفيذ وانتهت من الرسومات بعد 4 أشهر وأخذت مقدم التعاقد عندما سلمت الرسومات وفي مقابل ذلك أخذت منها خطاب ضمان بقيمة المبلغ الذي حصلت عليه وخطاب ضمان آخر بإجمالي قيمة التعاقد وكان حوالي 15 مليون يورو.
كم كانت قيمة المبلغ الذي حصلت عليه مقابل الرسومات؟
- حوالي 5 ملايين جنيه.
وإلي الآن مفيش مشكلة؟
- المشكلة حدثت بعد ذلك فوجئت بمسئولي الشركة يطلبون تعديل الرسومات من أجل زيادة الطاقة الإنتاجية للمصنع فوافقت وبعد شهر عادوا وقدموا الرسومات الجديدة وفوجئت بهم يطلبون مضاعفة قيمة التعاقد، فرفضت.. فقال لي رئيس الشركة الفرنسية علي كل حال أنا لي اتصالات في مصر.
اتصالات بمن؟
- علمت فيما بعد أن أخت زوجة رئيس الشركة هي سكرتيرة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وعلمت أيضاً أنه يعرف يسري الشيخ مدير مكتب رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور.. وفي أحد الأيام اتصل بي يسري الشيخ ووصاني علي الشركة الفرنسية فتمسكت برأيي وقلت لن أزود مليماً علي العقد القديم.. وبعد فترة أرسل د. فتحي سرور نفسه خطاباً إلي وزير الصحة آنذاك د. عوض تاج الدين يخبره فيه إنني هددت شركة أجنبية بمنعها من دخول مصر.. وقال سرور لوزير الصحة: هل هذه دولة القانون؟
وهل هددت الشركة بالفعل بمنعها من دخول مصر؟
- أنا قلت لهم لو لم تنفذوا العقد القديم فمش هتشتغلوا في مصر تاني.
وماذا كان رد وزير الصحة د. عوض تاج الدين علي خطاب د. فتحي سرور؟
- استدعاني وسألني عن الحكاية فحكيتها له وقلت له يا سيادة الوزير لو زودت الشركة دي مبالغ فوق عقدها أنا سأستقيل من منصبي.. فسكت لحظة وقال: خلاص.. خلاص.. وبعد 15 يوماً فقط طلب د. عوض تاج الدين لقائي مرة أخري.
لماذا؟
- قال لي إن شخصية كبيرة جداً - لم يحددها لي - طلبت منه أن يخلص موضوع الشركة الفرنسية وتصورت وقتها أن الرئيس مبارك نفسه هو الذي طلب من الدكتور عوض تاج الدين ذلك، وقلت له خلاص يا أفندم الشركة تبعت مهندسين من عندها ومهندسين المصل واللقاح يقعدوا مع بعض وكل مجموعة تقول حجتها أمام سيادتك واحكم أنت، فلما تم اللقاء لم يقتنع الدكتور عوض تاج الدين بكلام مهندسي الشركة الفرنسية لدرجة أنه تركهم جالسين في مكتبه وغادر المكتب.. وأنا بدوري بدأت أبحث عن معلومات تفصيلية عن الشركة الفرنسية واكتشفت أنها عملت مشروعاً في إيران وقدمت لهم أجهزة مستعملة علي أنها جديدة ولهذا زاد إصراري علي موقفي.
وكيف سارت الأمور بعد ذلك؟
- سيلت خطاب الضمان وخطاب المبلغ المقدم الذى حصلوا عليه وأخذت حوالي 25 مليون جنيه يعني حوالي 3 أضعاف المبلع الذي حصلوا عليه بخلاف رسومات المصنع كاملة، وهكذا وفقني الله لحماية المال العام ولكن ما علمته بعد ذلك كان مفاجأة.
ماذا علمت؟!
- علمت أن زوجة رئيس الشركة الفرنسية وسطت صديقتها سكرتيرة شيراك في أن يبلغ مبارك بما حدث مع الشركة الفرنسية وسلمته ملفا كاملا بالمشروع، وسلم شيراك، مبارك ملف المشروع وقال له المشروع ده واقف في مصر ياريت تشوفه ولكني قطعت علي الجميع خط الرجعة بتسييل خطابات الضمان وحصلت علي 3 أضعاف المبالغ التي دفعناها للشركة.
وفوق هذا كنت قد تمكنت من تجميع أطنان من بلازما الدم وجهزتها لتشغيل المصنع فور إنشائه فلما حدث ما حدث أرسلت البلازما للخارج حتي يتم تصنيعها وأحصل علي منتج نهائي من مشتقات الدم وكانت هذه الصفقة ستحقق 80 مليون جنيه للدولة.
ولكن حدث تعديل وزاري وتولي «الجبلي» وزارة الصحة فرفض تماماً إدخال مشتقات الدم تلك إلي مصر وظلت ملقاة في المخازن لمدة 6 شهور. والمؤكد أن «الجبلي» تلقي تعليمات من «مبارك» ليعاقبني ويعاقب هذا المشروع القومي لأنني رفضت الانصياع للشركة الفرنسية التي وسطت «شيراك» و«مبارك».
والغريب أن «الجبلي» لم يفرج عن مشتقات الدم إلا بعد أن أبعدني من رئاسة المصل واللقاح.. ووقتها كان جزء منها فسد من طول التخزين والباقي تم تصديره للعراق. وهكذا كان وزير الصحة يدير شئون وزارته وكأنها عزبة خاصة لدرجة أنه قرر أن يجعل سكرتيرته التي تحمل بكالوريوس زراعة وكيلاً أول لوزارة الصحة ولكن ثورة 25 يناير لم تمهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.