يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه باراك سعيهما الدؤوب لاستجداء التعاطف مع مخططهما لقصف ايران. وحتى الآن، لم يتمكنا من إقناع ثمانية وزراء كبار بالتخلي عن ترددهم تجاه الأمر. ووفقا لصحيفة هآرتز، فهم لا يزالون يحاولون إقناع الشعب الاسرائيلي بالخطر المفترض على أمنه. على ما يبدو فإن الشعب لا يستطيع اتخاذ قرار حول ما هو أخطر: شن الحرب على ايران أو وجود الأسلحة النووية في حوزة ايران. علّق محرر صحيفة هآرتز بالقول: «قد يكون الهدف ديمقراطيا، ولكن الوسيلة غوغائية». لسوء الحظ، حتى صحيفة هآرتس- التي غالبا ما تكون مواقفها نزيهة تجاه السياسة والسياسيين في اسرائيل- تفقد نزاهتها في بعض القضايا. ومن الأمثلة على ذلك ما نشر عن الأهداف التي تسعى إيران إلى تحقيقها. فعوضا عن أن يتخذ موقفا نزيها، قال محرر هآرتس: «إيران متطرفة وتسعى جهارا إلى تدمير اسرائيل». إن نعت ايران بالتطرف، دون أية اثباتات، يتسم بذات الغوغائية التي تنسبها الصحيفة إلى نتنياهو. ما يبعث على القلق أكثر هو الحملة الدعائية المطولة التي تزعم بأن ايران «تسعى جهارا لتدمير اسرائيل». فقد اتضح كذب هذه الحملة التي تنفث الرعب في قلوب متلقيها من خلال التفسير المحايد لتصريحات أحمدي نجاد. دان ميريدور، وزير الاستخبارات والطاقة الذرية في اسرائيل، قال في شهر نيسان: «السيد أحمدي نجاد ورجل الدين الحاكم في إيران، آية الله علي خامينئي، قالا مرارا: «إن اسرائيل كيان غريب ولن تتمكن من البقاء». ولم يقولوا: «سنمحوها من الوجود»». وفي نفس العدد من صحيفة هآرتس (12 نيسان)، كتب جدعون ليفي عن الافتراضات المغلوطة التي يحيط بها دعاة الحرب أنفسهم. وهناك ثمة تعليق يقصد به ليفي أمثال نتنياهو وباراك، وهو يبرهن على أن اسرائيل تعجّ بدعاة الحرب ذوي الأسلوب الانتهازي: «في البداية يشعلون شرارة الفزع بتصوير الايرانيين على أنهم شياطين ثم يزرعون بذور الهلع والرهاب، بحادثة الهولوكوست واحتمال وقوع أخرى. ومن ثم يشنون حملة وعظ لإقناع الشعب بأنه لا يملك خيارا آخر، وبأن الحرب لا مفر منها. إنهم يقرعون طبول الحرب ويحرضون على اندلاعها». وردا على المقولة التي تفيد بأن ايران ستحرض دولا أخرى في المنطقة على تطوير قنابل نووية، يقول ليفي: «كما لو لم تكن هناك دولة أخرى في المنطقة، غير ايران، هي من بدأت سباق التسلح النووي». لكن ليفي لا يعترف صراحة أن اسرائيل وحدها هي من تملك الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، بل يكتفي بمجرد التلميح إلى تلك الحقيقة من بعيد. إنه لا يستطيع ببساطة أن يأتي بالحقيقة كاملة. غير أن ما لا يستطيع أشد الاسرائيليين ليبرالية قوله هو إن ايران لا تملك أية أسلحة نووية، وأن بحوزة اسرائيل 200-300 قنبلة جاهزة! في مقالته «حمّى قصف ايران»، يوجز بيبي اسكوبار هذا الأمر بوضوح قائلا: «تفيد تقديرات الاستخبارات الوطنية الأميركية وتعلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاستخبارات الاسرائيلية أن ايران لا تملك برنامج تسلح نووي. فضلا عن أن روسيا- التي يتواجد الآلاف من فنييها التقنيين في ايران- تعلم هذه الحقيقة أيضا». كما ينتقد يورام كانيوك، أحد الكتاب الآخرين في هآرتس، الاسرائيليين بشدة لكونهم مخلصين للمخبول بيبي نتنياهو، إذ يقول: «إنه يبدو كأحد أفراد طائفة السيخاري المتعصبة، غير أنه يرتدي ربطة عنق. أجزم أن آراءه حين يتحدث عن ايران كانت لتتطابق مع آراء شبتاي تسفي، المسيح الدجال». في دولة اسرائيل الغابرة، كانت السيخاري طائفة تميل الى الانتحار ولم تكن تمانع في أن يلاقي إخوانها من اليهود حتفهم معها. ويقلد كانيوك نتنياهو ساخرا بقوله: «لا يهم ما سيحصل، ولا يهم كم منا سيموت، فأنا- بيبي- ماض في طريقي». ويضيف كانيوك: «نتنياهو يعاني من جنون العظمة. فإيران بالنسبة له شيطان تجب مهاجمته». من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن جميع الصفات التي نسبت إلى نتنياهو- مخبول ومصاب بجنون العظمة ومتعصب ومسيح دجال- قد أتت من مواطنيه الإسرائيليين. على النقيض، نرى الجماعات المهللة لنتنياهو في أميركا وهي تقف ترحيبا به حين يتحدث، وتروج لآرائه وترددها. ربما يكون الاسرائيليون العقلانيون الأمل الوحيد لتجنب حرب مع ايران.