كانت القوى السياسية قبل الثورة تلتزم طوال 30 عاماً بمقاطعة كافة صور التطبيع مع العدو الصهيوني، وكان الإسلاميون ينتقدون نظام الرئيس المخلوع إزاء التطبيع المفرط تجاه الصهاينة، وكانت المنابر تهتز في خطب الجمعة بذكر عداوة اليهود، وكان الهتاف الشهير يدوي في الجامعات "خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود". وبعد الإطاحة بالمخلوع وإنهيار بوابة التطبيع في شرم الشيخ، خرج حزب النور السلفي عن السرب يغرد بالتطبيع ويعلن فتح قنوات حوار مجانية مع الصهاينة، فهل تحول الصقور إلى حمائم؟! الحوار كشف عنه مسؤول دبلوماسي صهيوني قال إن سفير كيان العدو الجديد في القاهرة يعقوب أميتاي سيحاول فتح قنوات اتصال مع المسئولين الاسلاميين في مصر ومن بينهم ممثلين للإخوان المسلمين وحزب "النور" السلفي إذا ما وافقوا على ذلك. وجاء ما اعتبره البعض موافقة سلفية عبر تصريحات المتحدث الرسمي لحزب النور إلى الإذاعة الصهيونية، ثم بيان الحزب الذي يعلن احترام السلفيين لمعاهدة كامب ديفيد. وخرجت بعدها حكومة العدو الصهيوني تشيد بموقف حزب النور من معاهدة السلام معتبرة أن ما يرغب الحزب في تغييره من البنود هو ما يتعلق في تصدير الغاز، بالإضافة إلى عدد القوات المصرية فى سيناء، وأكدت أن السلفيين لن يكسروا قواعد اللعبة التى أقرها بيجن مع السادات. حماد في الفخ: البداية كانت مثل روايات الجاسوسية.. جاءت مكالمة تليفونية من صحفي عراقي اتضح فيما بعد انه مراسل إذاعة جيش العدو الصهيونى، فتح المتحدث باسم حزب النور الدكتور يسرى حماد الهاتف وتحدث مع المتصل بكل طيبة، حتى وقع في الفخ وأجاب عما يريد بالقول أن "حزبه حريص على الحفاظ على الاتفاقيات الدولية مع إسرائيل" وكذلك: "إننا نرحب بكل السياح حتى الإسرائيليين، فهم مرحب بهم دائما ولا مانع لدينا من قدومهم إلى بلادنا".! وبينما كان حزب النور يشرب التمر هندي في القاهرة - على غرار جمعة الشوان - كانت إذاعة جيش العدو الصهيونى ترقص فرحاً بهذا الإختراق الذى نفذته في أحشاء الحزب السلفي حديث الولادة والذى حاز على ثقة شريحة كبيرة من الناخبين المصريين. علامة الإستفهام الأكبر هي لماذا لم يخطر على بال المتحدث بإسم الحزب أو هيئته العليا أو أي أحد من قادته ان يخرج ويصرح بأنهم ضحية فخ قبل أن ينشر الصهاينة الخبر. والإجابة أن رواية الفخ التى تقبلها الكثيرين ملتمسين للحزب قلة خبرته السياسية، خرج بيان للحزب يضعفها بل ويؤكد أن التصريحات تمت بالفعل، وبرر البيان فتح قناة إتصال مع العدو بأن معاهدة كامب ديفيد التى وقعها المطبع الأسبق سيسعى الحزب لمراجعة بنودها. لا تصدقوا حزب النور: ولأن الصهاينة تعلموا الدرس من مسلسل "جمعة الشوان"؛ سبقت صحيفة "يديعوت أحرونوت" حزب "النور" بخطوة وحذرت القيادة السياسية الصهيونية من تصديق الحزب، مؤكدة أن تصريحات السلفيين بفتح حوار مع الصهاينة هي "ذر للرماد في العيون". ووضع الصهاينة الطعم في سنارة التطبيع وقالوا أن حزب النور سيحاول تعديل بعض البنود التي يرى أنها مجحفة للمصريين. من جانبه، اشتكي الحزب من رفاق الثورة الذين تصاعد انتقادهم له بأن "النور" قد خرج عن التوافق العام بمقاطعة كافة أشكال التطبيع والحوار مع الكيان الصهيوني. وأكد الحزب فى بيانه أن المقصود هو تحجيم شعبية الحزب أو إيقاف تقدمه في الانتخابات.! حتى آخر نفس: قال "النور" أيضاً أن ينبغي التنبيه على أن الحزب يقف بقوة ضد محاولات التطبيع والحوار بكافة صوره، وضد إقامة علاقات حزبية أو شعبية مع كيان يريد طمس هويتنا؛ فضلاً عن احتلاله لأرضنا، ومحاصرته لإخواننا، ودعمه لجلادينا.. حتى آخر نفس. السؤال الذى يلح في الإجابة هو حينما علم الدكتور حماد بحقيقة الطرف الثاني على الخط وأن محاوره ما هو إلا مراسل أو حتى جاسوس صهيونى، لماذا لم يصدر بيان استباقى يعلن فيه الحزب تعرض متحدثه الرسمي للخديعة؟!