في الوقت الذى تدور فيه طاحونة قتل المدنيين في سورية، يشعر الرئيس السوري المغضوب عليه بشار الأسد بالحبل يضيق حول رقبته ، أحد طرفي الحبل في يد امريكا اما الطرف الآخر فتشده الجامعة العربية ومعها تركيا، حيال ذلك أسرع النظام السوري إلى الشروع في رقصة الموت الأخيرة، معلناً تحديه للعالم مثلما تحدى شعبه، ومنفذاً مناورات عسكرية لارسال رسالة لمن يهمه الأمر حملتها الصواريخ وسلاح المدرعات ، قال فيها للجميع لن أغادر وقادر على صد أي هجمات. وكانت لجنة شكلتها جامعة الدول العربية في إطار العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق أوصت بمنع 17 شخصية سورية من دخول الدول العربية وبتجميد أرصدتهم فيها. ومن بين أبرز الأشخاص الممنوعين: وزيرا الدفاع والداخلية العماد داود عبد الله راجحة ومحمد إبراهيم الشعار، ومدير المخابرات العسكرية عبد الفتاح قديسة، واللواء آصف شوكت نائب رئيس أمن الموظفين، ورئيس جهاز المخابرات العسكرية اللواء رستم غزالي، وقائد الفرقة العسكرية الرابعة وعضو اللجنة المركزية لحزب البعث اللواء ماهر حافظ الأسد. وأوصت اللجنة في اجتماع لها الأربعاء بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية في القاهرة بوقف رحلات الطيران من وإلى سوريا اعتبارا من منتصف ديسمبر 2011، كما أوصت باستثناء مجموعة من السلع من العقوبات تتضمن الحبوب ومشتقاتها والأدوية والمستلزمات الطبية والغاز والكهرباء. منشقون جدد: من جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن ناشطين أن أكثر من 12 عنصرا من المخابرات الجوية السورية انشقوا، وتمكنوا من الفرار من مركزهم في مدينة إدلب والوصول إلى تركيا. وقال ناشط بالمدينة ذكر أن اسمه علاء إن منشقين عن الجيش يتمركزون في منطقة جبل الزاوية القريبة شوهدوا قرب المجمع، وساعدوا المنشقين الآخرين على الهرب في عملية منسقة فيما يبدو. وأضاف الناشطون أن نحو عشرة أشخاص "قتلوا أو أصيبوا" في اشتباك بين عناصر من المخابرات الفارين وبين ملاحقيهم من المخابرات والجيش. وتقدر مصادر في المعارضة عدد المنشقين عن قوات الأمن بعدة آلاف أغلبهم من المجندين. رسالة متأخرة: وفيما يبدو ان رسالة التهديدات التى بعثها النظام السوري وصلت واشنطن متأخرة ، وهو ما جعل نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن يؤكد إن بلاده وتركيا تدرسان كيفية مساعدة سوريا حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد الذي يواجه احتجاجات شعبية منذ ثمانية أشهر. وأوضح في تصريحات صحفية بالطائرة التي أقلته من إسطنبول إلى أثينا أنه ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ناقشا "ضرورة المشاركة وتقديم بعض المساعدات ربما تكون اقتصادية لإعادة الاستقرار ولكن ليست عسكرية". وقال في هذا الصدد "نحن في هذا وفيما يتصل بالخطوات التالية لسقوط النظام سنحدد أفضل الخيارات التي يقوم بها المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في سوريا". فزاعة المعلم: وحول استخدام وزير الخارجية السوري وليد المعلم لفزاعة اشعال حرب طائفية في دول المنطقة التى تسكن بعضها أقلية شيعية خصوصاً في العراق والسعودية وباقي دول الخليج، قلل بايدن من أن يذكي انهيار نظام الأسد الصراع الطائفي الإقليمي في العراق بين السنة والشيعة في ذلك البلد وفي إيران. وذكر أنه خلال محادثاته مع أردوغان "كان هناك شعور بأنه سيكون في الإمكان معالجة الأمر دون وقوع أي حريق أبعد من سوريا". ودعت كل من واشنطن وأنقرة الأسد إلى التنحي ولكن كليهما يشعر بقلق من إمكان أن يزيد ذلك من عدم الاستقرار في منطقة يعصف بها بالفعل الربيع العربي ومع مغادرة القوات الأميركية العراق بحلول نهاية الشهر. وكان بايدن صرح أثناء توجهه لتركيا بأن نظام الأسد لا يشكل مصدر عدم استقرار لسوريا فقط، "بل يهدد بتأجيج النزاعات الطائفية في المنطقة". منطقة عازلة: وانضمت تركيا إلى جامعة الدول العربية في فرض عقوبات صارمة على سوريا ردا على قمع الأسد الدامي للاحتجاجات، وتحدثت صراحة عن الحاجة إلى الاستعداد إلى أي سيناريو بما في ذلك إنشاء منطقة عازلة لاحتواء أي تدفق كبير للاجئين. وقال بايدن إن "رسالته الأساسية هي التشديد على أنه رغم انتهاء الحرب الأميركية في العراق فإن الولاياتالمتحدة ما زالت معنية بالأمر في هذا البلد". وظلت واشنطن وأنقرة على اتصال وثيق بشأن سوريا ولكنهما تختلفان في أسلوبهما بشأن إيران، وتريد واشنطن عقوبات تركية أشد صرامة على طهران ولكن هذا صعب بالنسبة للأتراك الذين يحصلون على نحو 30% من وارداتهم من النفط من إيران. وأضاف أن الولاياتالمتحدة ستحافظ على دورها القيادي في المنطقة كلها سواء في العراق أو إيران أو فيما يتصل بالربيع العربي "ومن المنطقي أن ننسق بشكل وثيق بقدر الإمكان مع أصدقائنا وحلفائنا الذين تجمعنا بهم نفس المصالح الإستراتيجية العامة". مذبحة حمص: في ذات السياق نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان قوله إن 26 مدنيا وعسكريا منشقا قتلوا في أحياء عدة من مدينة حمص، كما قتل ثلاثة مواطنين في قرية عز الدين قرب مدينة الرستن. وأوضح المرصد أن محافظة دير الزور شهدت مقتل مواطن مدني وعنصر أمن برصاص الأمن، فيما قتل خمسة مدنيين من بلدات وقرى كفرومة وسنجا ومعارة النعسان في محافظة إدلب، كما قتل جنديان منشقان خلال اشتباكات قرب معرة النعمان وقتل جندي منشق من مدينة أريحا. واعتبر المرصد أن مدينة حمص المحاصرة منذ شهرين تعرضت أمس لواحدة من أعنف الهجمات التي شنتها قوات الأمن والجيش مصحوبين بمئات العناصر ممن يسمون الشبيحة، وأوضح أن حييْ النازحين وكرم الزيتون كانا أكثر الأحياء تعرضا للقصف في المدينة. وأشار إلى أن قوات الأمن اقتحمت بعض أجزاء حي جورة الشياح في حمص، حيث قتل شخص واعتقل عشرات الأشخاص، كما تعرض حي دير بعلبة لإطلاق نار كثيف أدى إلى مقتل أحد الأطفال وإصابة ثلاثة آخرين بجروح. وقال المرصد أيضا إن منطقة الوعر في حمص شهدت بعد منتصف ليلة أمس واحدة من أبشع الجرائم، حيث تعرضت أسرة مكونة من أب وثلاثة أبناء بينهم فتاة للقتل على أيدي عصابات الشبيحة، مشيرا إلى مقتل عسكري منشق في حي النازحين بحمص. قصف الرفاعي: وأكدت الهيئة العامة للثورة السورية أن جامع أحمد الرفاعي في حي النازحين بحمص تعرض لعدة قذائف تسببت في مقتل مدنيين وعناصر منشقة عن الجيش. وكان المرصد قد تحدث صباح اليوم الأحد عن مقتل ثلاثة أشخاص برصاص الأمن في قرية عز الدين التابعة لمدينة الرستن. وأشار إلى أن من بين القتلى في حمص الأستاذة في جامعة البعث بحمص ميادة سيوفي التي قتلت بالرصاص على أحد الحواجز. ونقل المرصد أيضا أن أهالي حي بابا عمرو "تسلموا الأحد جثة أحد شباب الحي من أحد الفروع الأمنية قتل تحت التعذيب، كما استفاق حي دير بعلبة على جثتين ملقاتين في أحد الشوارع وعليهما آثار تعذيب، وهما لشخصين من أبناء الحي".