مصادر تكشف للقاهرة الإخبارية تفاصيل البيان الختامي لقمة المنامة    مصرع شخصين في حادث تصادم بالقليوبية    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    جامعة أسيوط تنظم احتفالية السلامة والصحة المهنية الأحد    في اليوم العالمي للعيش معًا في سلام، حكماء المسلمين: ما أحوج عالمنا إلى صوت السلام    القوات الروسية تسقط 3 مقاتلات "ميج-29" أوكرانية    تثبيت الرصيف البحري الأمريكي المؤقت في غزة اليوم لإرسال المساعدات    نهائي دوري أبطال إفريقيا - الأهلي يخوض مرانه الأول في تونس مساء.. ومحاضرة من كولر    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    رئيس الوزراء يترأس اجتماع لجنة ضبط الأسواق وأسعار السلع    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 .. رابط ظهورها بالخطوات    هدى الأتربي تخطف الأنظار بإطلالة جريئة وجذابة في مهرجان كان (صور)    الصحة تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين بالمدينة الرياضية بالعاصمة الإدارية الجديدة    تضامن الفيوم تنظم قافلة طبية تستهدف المرضى غير القادرين    أتلتيك بيلباو يحبط برشلونة بسبب ويليامز    الجمعة .. انطلاق نصف نهائي بطولة العالم للإسكواش بمصر    سفير فلسطين في موسكو: الوضع الكارثي في غزة يعيد إلى الأذهان حصار لينينجراد    عالم الزلازل الهولندي يثير الجدل بحديثه عن أهرامات الجيزة    محافظ المنيا: قوافل بيطرية مجانية بقرى بني مزار    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    آرسنال يكشف عن قميصه للموسم الجديد 2024-2025    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان أعمال تطوير مستشفى حميات ديروط    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات فلكيًا.. (أطول إجازة رسمية)    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    غدا.. إعادة عرض فيلم "زهايمر" احتفالا بميلاد الزعيم    العربية: مصر تواصل تكوين مخزون استراتيجي من النفط الخام بعشرات المليارات    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    جامعة المنوفية تتقدم في تصنيف CWUR لعام 2024    معهد التغذية: نسيان شرب الماء يسبب الشعور بالتعب والإجهاد    «التربية والتعليم» تنظم فعاليات مسابقة المعلمة الفعالة    شوبير السبب.. كواليس إيقاف الحكم محمود عاشور من إدارة مباريات الدوري المصري    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    لهذا السبب.. ياسمين عبد العزيز تتصدر تريند "جوجل"    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعتي بنها وووهان الصينية    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    «التجمع»: انضمام مصر لدعوى جنوب إفريقيا أمام «العدل الدولية» يدعم فلسطين    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    «الصحة» تقدم 5 إرشادات مهمة للوقاية من الإصابة بالعدوى خلال فترة الحج 2024    الأحد.. عمر الشناوي ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    المشدد 6 سنوات لعامل ضبط بحوزته 72 لفافة هيروين في أسيوط    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    وزيرا النقل والري يبحثان تنفيذ المحاور الرئيسية أعلي المجاري المائية والنيل (تفاصيل)    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عسكرة السياسة الخارجية ليست دفة،استراتيجية الانفتاح بديل للاحتواء كأداة لتكريس ا
نشر في التغيير يوم 06 - 03 - 2005


\r\n
حقائق دبلوماسية الولايات المتحدة وعواقبها» يقدم رؤية محددة للسياسة الاميركية خلال تسعينيات القرن العشرين، اي خلال فترة تولي جورج بوش الاب ثم بيل كلينتون الحكم وخلال السنة الأولى من تولي الرئيس الحالي جورج بوش الابن، وذلك للتعرف على المباديء التي ارستها السياسة الخارجية الاميركية بعد انتهاء الحرب الباردة، وبعد ان بدأت الولايات المتحدة تلعب دور القوة العظمى الوحيدة في العالم.
\r\n
\r\n
\r\n
والكتاب من القطع المتوسط، ويضم على مدى 312 صفحة تسعة فصول، وهو صادر عن جامعة هارفارد أما المؤلف فهو استاذ العلاقات الدولية ومدير مركز العلاقات الدولية في جامعة بوسطن. يرى المؤلف انه على الرغم من مرور عقد واحد من الزمن فقط على نهاية الحرب الباردة، فإن الاميركيين الذين عايشوا هذه الفترة ينظرون الى احداثها على أنها مجرد ماض انتهى. وان ما بعدها هو عصر جديد تماماً وكأن عام 1989 هو بمثابة «عام صفر» في السياسة الخارجية الاميركية بمعنى آخر ان الساحة الدولية شهدت ولادة جديدة منذ مطلع التسعينيات.
\r\n
\r\n
\r\n
وهذه الرؤية تتجلى بصورة اوضح لدى من ولدوا أواخر الاربعينيات واوائل الخمسينيات وبلغوا سن النضج في الستينيات والسبعينيات.
\r\n
\r\n
\r\n
والاحداث التي شهدتها فترة الحرب الباردة، مروراً بسباق الاسلحة النووية، وتعاظم دور القوة العسكرية والصناعية وأزمة الصواريخ الكوبية وحرب فيتنام واغتيال أحد الرؤساء الاميركيين، والاطاحة بآخر، ادت الى انقسام الحكومات الاميركية المتعاقبة إلى معسكرات متعارضة ما بين اليمين واليسار، الصقور والحمائم.
\r\n
\r\n
\r\n
يعيد المؤلف تمحيص الافتراضات والاهداف التي تحكم تصرفات الولايات المتحدة كقوة عالية وحيدة. ويرى ان الادارات الاميركية المتعاقبة تبنت استراتيجية شديدة الوضوح، وهي استراتيجية الانفتاح، مفندأ بذلك وجهة النظر القائلة إن الولايات المتحدة فشلت في وضع هدف محدد للسياسة الخارجية يحل محل سياسة الاحتواء التي شكلت محور الحركة الاساسي للسياسة الخارجية الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
وتعتمد «استراتيجية الانفتاح» الجديدة على التوسع الاقتصادي، وعلى تعزيز نظام عالمي منفتح ومتكامل، مما يؤدي الى تكريس الهيمنة المطلقة للقوة الكبرى الوحيدة المتبقية في العالم.
\r\n
\r\n
\r\n
ويعتقد الكاتب ان سياسة الانفتاح ليست استراتيجية اميركية جديدة، ولكنها كانت الشغل الشاغل لصانعي السياسات الاميركية منذ عهد وودرو ويلسون.
\r\n
\r\n
\r\n
إلا أن انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط جدار برلين جعلا السياسات التي انتهجتها الحكومات الاميركية المتعاقبة حتى عام 1989 سياسات حققت هدفها، الامر الذي سلط الاضواء من جديد منذ التسعينيات من القرن العشرين على سياسة الانفتاح، لتتغير اهداف السياسة الخارجية تغييراً جذرياً، وبعد ان كانت قاصرة على مجرد حماية الوطن والحفاظ على قيمه والدفاع عن اخلص الحلفاء، اصبحت تهدف الى احداث تحول كامل في النظام العالمي.
\r\n
\r\n
\r\n
عسكرة السياسة الخارجية
\r\n
\r\n
\r\n
ويقوم الانفتاح على اساس العمل نحو الغاء كل الحدود امام حركة التجارة ورأس المال والافكار بما يعزز ليس مجتمع الوفرة فحسب بل الديمقراطية ايضا. وللتصدي لمقاومة العديد من دول العالم لهذه الاستراتيجية، يتزايد لجوء صانعي السياسة الاميركية الى فرضها بالقوة العسكرية، وشيئاً فشيئاً انتفخت عضلات القوة العسكرية الاميركية بصورة لم تحدث قط من قبل، كوسيلة مفضلة لدى السياسة الاميركية، مما ادى الى ما يمكن ان يطلق عليه مصطلح «عسكرة السياسة الخارجية الاميركية».
\r\n
\r\n
\r\n
وتمثل المساعي الرامية الى انجاح سياسة الانفتاح مشروعاً طموحاً يهدف الى قيام امبراطورية عالمية، ولاتزال هناك علامات استفهام كبيرة عن جدوى ذلك المشروع وعن تكاليفه البشرية والمالية والاخلاقية. وفي فبراير 1998 قالت مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الاميركية في عهد كلينتون:
\r\n
\r\n
\r\n
«اذا ما كان يتعين علينا استخدام القوة، فذلك بسبب أننا اميركا.. نحن الامة التي لا غنى عنها للعالم». وتستطرد اولبرايت قائلة «ان رضاءنا يعتمد على أن يكون لنا شركاء يفتحون اسواقهم امام صادراتنا واستثماراتنا وافكارنا».
\r\n
\r\n
بمعنى آخر فإن استراتيجية الانفتاح ليست مجرد مشروع لزيادة الحصة الاميركية بالسوق. وفي عصر العولمة لم تعد الاعتبارات الاقتصادية منفصلة عن اعتبارات الامن القومي. وكل ذلك يفسر اسباب التدخل الاميركي في البوسنة والهرسك وفي حرب الخليج الثانية وأخيراً في غزو العراق.
\r\n
\r\n
\r\n
ويرى البعض ان التجارة هي «تحقيق السلام بوسائل اخرى». فالسلام والرخاء يتطلبان نظاماً والتزاماً بقوانين معينة واحتراماً للملكية الخاصة والشفافية المالية. ويرى المؤلف انه على الرغم من ان استراتيجية الانفتاح تعني في مضمونها التوسع، فإنها لا ترقى الى مفهوم كلمة الامبريالية بالمعنى التقليدى للكلمة على الأقل.
\r\n
\r\n
\r\n
وتنبع استراتيجية الانفتاح الاميركية، المطبقة منذ اكثر من قرن، من فكرتين تبناهما افراد النخبة السياسية ومؤسسة السياسة الخارجية الاميركية. الاولى هي ان النمو الاقتصادي القومي والمتواصل امر لابد منه.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد تكون الثروة والوفرة اللتان يتمتع بهما المجتمع الاميركي هي الاضخم ولم يشهد العالم مثيلاً لهما من قبل. والفكرة الثانية هي ان الانفتاح امر في غاية الاهمية للولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
فقد ادرك الزعماء السياسيون ومستشاروهم الاقتصاديون منذ فترة ليست بالقصيرة ان السوق الأميركية الداخلية غير كافية لتعزيز المعدل الضروري للنمو الاقتصادي. وقد اعرب مسئولون اميركيون خلال التسعينيات عن امتعاضهم لان الرفاهية الاميركية لا تجد طريقا تصل من خلاله الى منافذ جديدة للتجارة والاستثمار.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال وارين كريستوفر وزير الخارجية الاميركي في عهد كلينتون: «لقد تجاوزنا نقطة ان نتمكن من تعزيز الرفاهية بالاعتماد على المبيعات داخل الولايات المتحدة فقط».
\r\n
\r\n
\r\n
من كل ذلك نجد ان التوسع الخارجي بات يشكل هاجساً للتجارة والسياسة والرفاهية الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد كانت مهمة الولايات المتحدة مع بدء الالفية الجديدة هي اقناع الاخرين، بالاعتراف بالاتجاه الذي تسير فيه قوة التاريخ، والتحرك بشكل متناغم مع تيار هذه القوة. وكما اشارت اولبرايت ذات مرة «ان من واجبنا ان نكتب التاريخ بأنفسنا».
\r\n
\r\n
\r\n
وهذه الثقة في النفس بدت واضحة في توجهات حكومة كلينتون التي شعرت بمدى امكانية ان توجه دفة التاريخ وفقا لسياستها.
\r\n
\r\n
\r\n
وتبنت كوندوليزا رايس الجمهورية التي كانت متخصصة في شئون الامن القومي خلال فترة حكم كلينتون الديمقراطي الرؤية نفسها التي اوضحها كلينتون، وهي انه يتعين على الولايات المتحدة ان تتحمل مسئولية صنع التاريخ. وقالت بالنص: «إذا ما فشلت الامة في تحميل هذه المسئولية، فاننا سنضيع فرصاً مما يؤدي الى ظهور تهديدات جديدة للأمن الاميركي».
\r\n
\r\n
\r\n
أكثر من ظاهرة
\r\n
\r\n
\r\n
يرى الكثير من المحللين السياسيين الاميركيين ان العولمة ليست مجرد ظاهرة اقتصادية، ولكنها نظام دولي جديد يحل محل نظام الحرب الباردة، بل ان بيل كلينتون نفسه اعلن ان العولمة الحقيقية المحورية للعصر الذي نعيشه.. انها ثورة تسقط الحواجز وتبني شبكات جديدة بين الدول والافراد، وفي الحقيقة فان ملايين البشر يستخدمون كل يوم اجهزة الكمبيوتر والاقمار الصناعية لارسال افكار ومنتجات واموال عبر العالم، كل ذلك في غضون ثوانٍ معدودة.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالتالي فقد اصبح لعصر ما بعد الحرب الباردة هوية مميزة هي «عصر العولمة» ولكن قد يبدو للوهلة الاولى ان العولمة ظاهرة اقتصادية، لكنها في حقيقة الامر ليس كذلك. فهي تحمل رسائل سياسية واجتماعية وثقافية. وعلى السطح تبشر العولمة بنظام اقتصادي جديد سوف يجني الجميع ثماره، ولكن تحت هذا السطح تعني ضمناً انها تحدد نظاماً سياسياً دولياً تهيمن عليه الولايات المتحدة.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي عام 1995 كتب نيوت جنجريتش رئيس مجلس النواب الاميركي السابق يقول: «انه اذا ما استغل الاميركيون الفرصة التي تتيحها لهم العولمة، فانهم سيحققون لابنائهم دولة لا تنافسها دولة اخرى على صعيدي الثروة والقوة.. واذا لم تنتهز هذه الفرصة، فاننا سنتعرض على أفضل الاحوال لانخفاض بمستوى المعيشة، وسنجد، على أسوأ الاحوال، دولة اخرى تدخل العصر الجديد بكل حسم وتصميم للدرجة التي يمكن ان تتيح لها السيطرة علينا».
\r\n
\r\n
\r\n
وخلال الحملة الانتخابية لجورج بوش الابن اعرب مرشح الرئاسة الجمهوري عن وجهات نظر في السياسة الخارجية والامن القومي تختلف اختلافاً طفيفاً عن آراء كلينتون التي ادلى بها في عام 1992 او التي رددها بعد ان اصبح رئيساً في السنوات التالية.
\r\n
\r\n
\r\n
ففي الكلمة التي القاها بوش بمكتبه رونالد ريغان الرئاسية قال: «ان امتنا تسير على الجانب الصحيح من التاريخ» وهي العبارة نفسها التي استخدمها كلينتون قبل ذلك، كما أكد «اهمية سياسة الانفتاح في نقل الناس ورؤوس الاموال والمعلومات بحرية، مما يحقق اواصر من التقدم والعلاقات الثقافية وقوة الدفع نحو الديمقراطية».
\r\n
\r\n
\r\n
ورفض بوش، مثلما رفض كلينتون، احتمال ان يؤول البعض دور الولايات المتحدة في رئاسة مثل هذا العالم المنفتح على أنه دور امبريالي. واعلن «ان اميركا لم تكن قط امبراطورية.. قد نكون القوة العظمى الوحيدة في التاريخ التي اتيحت لها مثل هذه الفرصة، لكنها رفضتها مفضلة العظمة على السلطة والعدالة على المجد».
\r\n
\r\n
\r\n
كما قبل، مثلما فعل كلينتون قبله، حقيقة ان هناك علاقة بين التجارة الحرة والليبرالية السياسية. وقال «ان الامر فيما يتعلق بالتجارة ليس مجرد مسائل نقدية، ولكن امر اخلاقي، فالحرية الاقتصادية تستحدث عادات الحرية، التي تستحدث بدورها تطلعات نحو الديمقراطية».
\r\n
\r\n
\r\n
واشار الى ان ما يهدد هذه الرؤية هو ان تنطوي اميركا على نفسها وتبني برجاً من سياسات الحماية والعزلة تفتخر به، وقال انه اذا ما استسلمت الولايات المتحدة لمثل هذا الاغراء فانها ستواجه حتماً حالة من الركود وتخلق عالماً وحشياً.
\r\n
\r\n
\r\n
وكل هذه الآراء التي اعرب عنها بوش قبل فوزه في الانتخابات تكاد تكون متطابقة مع آراء بيل كلينتون وآل غور على مدى الثماني سنوات من فترتي حكم الديمقراطيين. ويندرج ذلك على الاهداف السياسية الاميركية ومنها «العمل بصورة وثيقة مع الحلفاء وتعزيز فرص الديمقراطية والتجارة ومنع انتشار اسلحة الدمار الشامل والدفاع عن المصالح الاميركية في منطقة الخليج وتحقيق تقدم لجهود السلام في الشرق الأوسط على اساس ضمان امن اسرائيل» كما قال بوش «اننا سنقترح على دول العالم الاخذ بمبادئنا.
\r\n
\r\n
\r\n
ولا يجب علينا ان نفرض ثقافتنا، فالولايات المتحدة ستمارس قيادتها العالمية بتواضع وهذا يعني ضمن امور اخرى ان الولايات المتحدة ستولي اهتماما بالتشاور مع حلفائها الذين هم شركاء وليسوا دولاً تدور في فلكها».
\r\n
\r\n
\r\n
والنقطة الوحيدة التي اختلف فيها بوش بصورة واضحة عن سياسات ادارة كلينتون كانت الصين التي اتخذ كلينتون تجاهها موقفاً غير متشدد، وقال بوش: «ان الصين هي منافس وليست شريكاً استراتيجيا».
\r\n
\r\n
\r\n
وعن الدفاعات القومية والصاروخية أكد بوش ان الدفاعات الصاروخية لن توجه ضد روسيا أو الصين ولكنها ستوجه ضد «الدولة المارقة» ليعود بوش مرة أخرى لتبني الوصف الذي اطلقته ادارة كلينتون على دول مثل ايران والعراق وكوريا الشمالية.
\r\n
\r\n
\r\n
وعن الامن القومي أكد بوش على إيمانه بالزعامة العالمية لأميركا والتزامه بسياسة الانفتاح والتكامل.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال بوش ان التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة الان هو ان تستخدم قوتها وخاصة قوتها العسكرية لتعزيز انتصار رؤيتها في مجال الحرية وكرامة الفرد من خلال الاسواق الحرة وتكنولوجيا المعلومات وذلك في مواجهة تهديدات غير تقليدية. وغير مرئية آتية من التكنولوجيا الجديدة والاحقاد القديمة، ومن بينها اولئك الذين يقومون بتفجير سيارات مفخخة، وتجار البلوتونيوم وارهابيو شبكة الانترنت والديكتاتورات غير المتوازنة.
\r\n
\r\n
\r\n
وبالاضافة الى نظام الدفاع الصاروخي، تضمن برنامج بوش للأمن القومي عنصرين، فقد وعد حاكم ولاية تكساس السابق بتجديد اواصر الثقة بين الرئيس الاميركي والمؤسسة العسكرية الاميركية في اشارة الى توتر العلاقات بين الجانبين والتي كانت سائدة خلال فترة حكم كلينتون. كما اقسم على تطوير المؤسسة العسكرية لتتواكب مع مستجدات القرن الجديد.
\r\n
\r\n
\r\n
.. وبدأ عصر الصقور
\r\n
\r\n
\r\n
في 16 ديسمبر عام 2000 اسدل الستار على عصر كلينتون. ففي هذا اليوم أعلن عن فوز بوش في المعركة التي طالت لمعرفة اسم الرئيس الاميركي الجديد. وفي اليوم نفسه اعلن بوش تعيين الجنرال كولن باول وزيراً للخارجية وتعيين دونالد رامسفيلد وزيراً للدفاع وكوندوليزا رايس مستشارة للامن القومي وآخرين من الصقور الذين عارضوا سياسية كلينتون الخارجية خلال فترة التسعينيات، بل ان بعضهم كان من رجال جورج بوش الاب مثل رامسفيلد وديك تشيني.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن أمثلة معارضة هؤلاء لسياسة كلينتون الرسالة التي بعث بها رامسفيلد وبول ولفوتيز وريتشارد ارميتاج إلى كلينتون في عام 1998 سينكرون فيها سياسية الاحتواء ضد العراق ويصرون فيها على أن إزاحة صدام حسين عن الحكم هي «الاستراتيجية الوحيدة المقبولة».
\r\n
\r\n
\r\n
كان المستقبل يبدو وردياً لإدارة جورج بوش الابن لدى توليها السلطة فالخريطة القديمة التي كانت تثير القلق قد تلاشت، ولم يعد العالم منقسماً إلى معسكرين منافسين. ولكن هذه الرؤية للمستقبل الوردي سرعان ما تبددت بفعل أحداث 11 سبتمبر 2001 التي ادت إلى تغيير كل شيء ليعود العالم الى الانقسام مرة اخرى الى معسكرين متعارضين.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم يعد المسئولون الاميركيون في حاجة للتخفيف من وقع كلمة «حرب» على الرأي العام الاميركي الذي تغير هو الآخر. فقد خرج الرئيس بوش وكبار افراد ادارته ليعلن ان الولايات المتحدة لم تعد في حالة حرب فحسب، بل ان هذه الحرب ستكون قبيحة ومكلفة وطويلة، وقد تستمر سنوات ان لم يكن عقوداً. وقبل 11 سبتمبر كانت الحكمة التقليدية تقول ان العولمة سوف تبعد بسرعة شبح الحرب، اما بعد 11 سبتمبر فقد اصبحت الحكمة التقليدية هي ان العولمة سوف تجعل الحرب جزءاً دائماً لا فكاك منه في الحياة خلال القرن الحادي والعشرين.
\r\n
\r\n
\r\n
وحدد مسئولو ادارة بوش العدو في هذه الحرب بالارهاب. وقال بوش ان الحرب ضد الارهاب ليست حرب أميركا بمفردها، انها حرب العالم، وعلى كل أمة وكل حركة وكل مجموعة سياسية ان تختار بين ان تكون معنا او مع الارهابيين.
\r\n
\r\n
\r\n
وبعد ان كان بوش يشعر بالقلق ازاء العجرفة الاميركية اصبح الان يوجه الانذارات، وبالتالي فقد غيرت احداث 11 سبتمبر من توجه الدبلوماسية الاميركية. واعلن وزير الدفاع الاميركي رونالد رامسفيلد ان ما تواجهه اميركا الان هو امر مختلف تماماً عن الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية وحرب فيتنام وحرب الخليج وكوسوفو والبوسنة، وقال ان الحرب على الارهاب هي حرب مختلفة من كل هذه الحروب ويتعين علينا الا «نضع اية قوانين محددة لكيفية نشر قواتنا».
\r\n
\r\n
\r\n
ولكن شيئاً واحداً لم يتغير بعد هذه الاحداث، ألا وهو استراتيجية الانفتاح، التي قد تكون من اسباب وقوع هذه الكارثة على أرض اميركية.. وبدلاً من ان تعيد ادارة بوش النظر في هذه الاستراتيجية فقد اصروا على مواصلتها، وفي المحتمل ان يكون هذا بسبب عدم وجود بديل آخر.
\r\n
\r\n
\r\n
وباختصار فإن الحرب التي بدأت بسبب احداث 11 سبتمبر 2001 كانت حرباً للتأكيد على استراتيجية الانفتاح وتعزيز مكاسبها. وربما تكون هذه الاحداث قد ساهمت في تخفيف القيود التي اعاقت المسئولين الاميركيين خلال العقد الماضي وعرقلت مساعيهم لتعزيز المزيد من الانفتاح والمزيد من الهيمنة الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ومن بين انقاض المركز التجاري العالمي ومبنى البنتاغون اتيحت فرصة استراتيجية عظيمة بالنسبة لاولئك الذين ارادوا الصيد في المياه العكرة، وعلى رأسهم رامسفيلد الذي ادرك بسرعة أن 11 سبتمبر قد اتاح نفس الفرص التي اتاحتها الحرب العالمية الثانية لاعادة صياغة العالم، ومن هنا جاء تسمية الحرب التي اعلنتها وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» ضد الارهاب، وشبكة القاعدة الا وهي «عملية العدالة المطلقة».
\r\n
\r\n
\r\n
وفي 14 سبتمبر سلم الكونغرس الرئيس بوش تفويضاً عريضاً باستخدام «كل القوة الضرورية والمناسبة» ضد مرتكبي هجوم 11 سبتمبر او اي شخص ساعدهم. وفي 20 سبتمبر القى بوش خطاباً أمام جلسة مشتركة للكونغرس اعلن فيه ان الحرب لن تكون ضد تنظيم القاعدة فقط ولكن ضد الارهاب في كل مكان. ونجح بوش في تحديد هوية شيء ظل صانعو السياسة الاميركية يبحثون عنه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي وحرمان الولايات المتحدة من عدو معروف بالاسم.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد خدم وصف الحرب ضد الارهاب بانها حرب نيابة عن الحرية أهداف الادارة الاميركية على ثلاثة أصعدة مهمة. أولاً فقط مكنها هذا الوصف من اظهار البراءة الاميركية، وتجلى ذلك عندما طرح بوش سؤاله الشهير «لماذا يكرهوننا؟
\r\n
\r\n
\r\n
وأجاب بنفسه على السؤال قائلاً «يكرهون حرياتنا، وحريتنا في العقيدة والتعبير والانتخاب» وبهذه الاجابة غير الوافية خلص بوش نفسه والاميركيين من أي تأثيرات سلبية ناتجة عن السياسات العسكرية والاقتصادية الاميركية على بقية دول العالم.
\r\n
\r\n
\r\n
وثانياً فقد ساعد موضوع الحرية بوش في الربط بين اول حروب القرن الحادي والعشرين وحروب الماضي، وفي هذا الصدد قال بوش: «ان مرتكبي هجوم 11 سبتمبر هم ورثة كل الايديولوجيين القتلة في القرن العشرين.. انهم يسيرون على نهج الفاشية والنازية والتوتاليتارية، وسيسيرون على الطريق نفسه الذي وصلوا فيه الى نهايتهم، في مقبرة التارخي حيث يرقد المنبوذون».
\r\n
\r\n
\r\n
وثالثا، فإن الدخول في هذه الحرب سوف يخفف من قيود استخدام القوة التي فرضت على المؤسسة العسكرية الاميركية منذ اختفاء منافسها الايديولوجي الرئيسي الا وهو الاتحاد السوفييتي.
\r\n
\r\n
\r\n
والاهم من ذلك ان تحديد العدو ب «الارهاب» ساهم في تشتيت انتباه الرأي العام وجعله لا يفكر في أن ما حدث هو نتيجة للدور القريب الشبه بالدور الامبريالي والذي يثير موجات من المقاومة التي سوف تستمر.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي الواقع فان وصف الحرب بأنها ضد الارهاب هو اجراء تكتيكي، فبدلاً من ان تعلن الادارة الاميركية ان الحرب هي ضد الاصولية الاسلامية، اختارت الارهاب حتى تخفي الجذور السياسية للمواجهة، كما نفى المسئولون الاميركيون ان تكون احداث 11 سبتمبر التي قامت بها شبكة اسامة بن لادن تمثل تعبيراً عن استياء كبير للتواجد العسكري الاميركي في منطقة الخليج، كما تمثل رغبة في التخلص من هذا التواجد بكل الطرق الممكنة.
\r\n
\r\n
\r\n
ولم تكن عملية «حرية دائمة» التي بدأت يوم 7 اكتوبر 2001 والتي استهدفت شبكة القاعدة ومعها نظام طالبان الذي قدم لها الملجأ في افغانستان، هي الهدف الرئيسي في حرب بوش ضد الارهاب، فقد قال آري فليشر المتحدث باسم البيت الابيض حينئذ «ان الحملة في افغانستان هي مجرد الطلقة الاولى في الحرب الاميركية ضد الارهاب، ولكنها لن تكون الأخيرة».
\r\n
\r\n
\r\n
حرب لفرض المشروع
\r\n
\r\n
\r\n
يرى مؤلف الكتاب ان الحرب التي شنها بوش ضد الارهاب ومن اجل الحرية هي في جوهرها حرب لصالح المشروع الاميركي الذي يستهدف ايجاد عالم منفتح ومتكامل.
\r\n
\r\n
\r\n
لقد ادرك الرئيس وادارته ان احداث 11 سبتمبر قد طرحت علامات استفهام كبيرة بشأن تكلفة المشروع وجدواه وبشأن طاقة القوة الاميركية على مواصلة تعزيزها. الا انهم طرحوا كل هذا جانباً واكدوا على دعم الادارة الكامل لتحقيق مزيد من الانفتاح. ورفض بوش اي تفكير بشأن انتهاج عملية انفتاح وسيطة كوسيلة لتعزيز الامن، بل انه رأى ان الهدفين ضروريان.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد كتب كولن باول «ان تحقيق رخاء في الداخل ونظام اقتصادي مفتوح سيعزز الديمقراطية والنمو والتدفق الحر للأفكار في العالم بمفهومه الواسع». وبذلك ظلت استراتيجية الانفتاح هي الورقة الاميركية الرابحة.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال روبرت زويليك الممثل التجاري الاميركي بعد عشرة أيام من هجوم القاعدة «ان الانفتاح امام السلع والخدمات ورؤوس الاموال والناس والافكار هو الذي مكن الولايات المتحدة من اجتذاب افضل ما يعرضه العالم. ولم يوافق زويليك او افراد ادارته على نصب حواجز جديدة أو اغلاق حدود قديمة. ففي الحرب ضد الارهاب تعتبر التجارة في حد ذاتها سلاحا.
\r\n
\r\n
\r\n
وفي اجتماع مع رجال الاعمال قال بوش: اننا سوف نهزمهم بتوسيع وتشجيع التجارة العالمية.
\r\n
\r\n
\r\n
من كل ذلك نجد أن احداث 11 سبتمبر لم تغير هدف اميركا الاستراتيجي، كما لم تغير اسلوب البنتاغون في توظيف القوة لتحقيق هذا الهدف.
\r\n
\r\n
\r\n
وقال بوش في ديسمبر 2001 اي بعد ثلاثة أشهر من 11 سبتمبر وبعد عشرة أعوام من الانهيار الاخير للاتحاد السوفييتي. «ان اميركا سوف تقود العالم إلى السلام».
\r\n
\r\n
\r\n
لقد فرض الارهاب تهديداً واضحا لسياسة الانفتاح، والاستراتيجية الحيوية للتوسع الاقتصادي الاميركي وللمبدأ الذي بمقتضاه اعتزمت الولايات المتحدة ارساء قواعد النظام الدولي. ولكن حتى مع تحقيق نصر حاسم على الارهاب الدولي، فان هذا النصر لن يحقق توقعات الرئيس الاميركي بشأن السلام العالمي.
\r\n
\r\n
\r\n
فالارهاب ليس هو مصدر المعارضة للسياسة الاميركية، ولكنه يمثل مجرد تعبير سييء عن تلك المعارضة. فانتهاج مزيد من الانفتاح من المحتمل ان يواجه مقاومة اكبر عن ذي قبل، ان لم يكن من المتشددين الاسلاميين، فانه سيكون من دول أو حركات او افراد آخرين تشكلت لديهم قناعة بان العولمة هي مجرد اختصار لعالم يهيمن عليه الاميركيون وانهم غير سعداء بذلك.
\r\n
\r\n
\r\n
وقد تأتي مقاومة الانفتاح من مجموعات لا تعارض العولمة بهذا الشكل، ولكنها تريد استقطاع شريحة اكبر من الكعكة. كما سيقاومها آخرون لم يقتنعوا بمقولة ان الانفتاح سيقضي على سياسات القوة وانه سيكون باستطاعة الدول بالتالي ان تحقق افضل تطلعات ليس من خلال المنافسة القديمة ولكن من خلال التعاون الجماعي ضمن اقتصاد معولم (تهيمن عليه اميركا).
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.