\r\n تيح للمؤلف الحصول على وثائق لم يتم نشرها من قبل. لكنه ليس خافياً أن رامسفيلد كان موجوداً في قلب عمليات مكافحة الإرهاب منذ البداية، وأنه اتخذ الإجراءات التي أتاحت للجيش الأميركي خوض حرب عالمية النطاق وأبعد ما تكون عن الحرب التقليدية. فعندما كان البنتاغون يحترق يوم 11 سبتمبر، كان \"رامي\" يجلس في غرفة مليئة بالشاشات ليقول للرئيس بوش \"هذه حرب\"، فبدأت حرب لم تقتصر على مطاردة \"القاعدة\" في أفغانستان والإطاحة بنظام طالبان. وكان رامسفيلد أول مسؤول أميركي ينشق عن سياسة كلينتون، فأطلق على ذلك الصراع اسم الحرب، بدلاً من اعتباره مسألة معنية بتطبيق القانون. ويشير سكاربورو إلى أن بطل هذه \"القصة التي لم تُحك عن قائد أميركا في مكافحة الإرهاب\" صار يعمل لمدة 14-16 ساعة في اليوم، ليوجّه الجيوش خارج أميركا ويشن معارك داخلية ضد بيروقراطية البنتاغون ساعياً إلى إحداث تحول في القوات يمنع تكرار 11 سبتمبر. \r\n \r\n واستناداً إلى مقابلات شخصية مع رامسفيلد والكثير من أصدقائه وزملائه، ومنهم الرئيس الأسبق جيرالد فورد ونيوت غينغريتش الرئيس السابق لمجلس النواب، يقدّم الكتاب تفاصيل العمليات السرية التي نفذتها - بإشراف رامسفيلد- فرق عسكرية ومجموعاتٌ يقال إن \"معظم الأميركيين لا يعلمون أنها موجودة\"، إضافة إلى سرد لأوامر وصلاحيات أعطاها رامسفيلد لوحدات العمليات الخاصة ومنها قوات SEAL وقوات دلتا، ووحدات الكوماندوز التي تعمل تحت غطاء السِّرية القصوى مستخدمةً هويات وجنسيات مزورة. \r\n \r\n وعن جولاته في ميدان السياسة الخارجية، نقرأ تفاصيل مثيرة عن التناطح بين رامسفيلد وكولن باول حول الوضع القانوني للأسرى من \"القاعدة\" وطالبان، وعن نجاحه في إقناع الرئيس اليمني بالسماح للجنود الأميركيين بمحاربة القاعدة على التراب اليمني. على أن الأهم هو وثيقة تؤكّد أن \"بوش وقّع رسالة توجيهية سرية في 16 فبراير2002 تخص مجلس الأمن القومي وفيها يؤسس لرؤية وأهداف الدخول في حرب مع العراق\" وذلك في سياق \"الحرب العالمية على الإرهاب\"، إضافةً إلى وثيقة مفادها أن الاستخبارات الدفاعية الأميركية قدّرت في نهاية التسعينيات أن عدد الأسلحة النووية التي تملكها إسرائيل يتراوح بين 60 و80 وأن هذا العدد قد يصل إلى 85 في عام 2020. \r\n \r\n وتتجلى قوة شخصية رامسفيلد \"الفصيح\"، الذي كان مصارعاً قوياً أيام الجامعة، في مؤتمراته الصحفية التي طرزها بالدعابة والتلاعب بالألفاظ، والتي تكشفت فيها مقدرته الكبيرة على المراوغة والخروج من مآزق الأسئلة الصعبة. هو الذي تأتأ -قليلاً فقط- في الكونغرس في شهادته على فضيحة سجن أبو غريب، وهو الذي أطلق لسانه وصد ّبوب وودورد ابن السلطة الرابعة وقال له \"لن أزعج نفسي حتى بمجرد الكلام معك\"، حين طلب مؤلف كتاب \"خطة هجوم\" إجراء مقابلة مع الوزير. ولا عجب أن ديك تشيني الذي عمل تحت إمرة رامسفيلد في إدارة نيكسون قال عنه إنه على الأرجح \"أعند رئيس عملت معه...لقد كان لذلك أثر هائل في حياتي، وغيّر حياتي المهنية بكل ما للكلمة من معنى\". \r\n \r\n وبالعودة إلى المنهج الذي اتبعه رامسفيلد -هذا الواثق من نفسه إلى أقصى حد- لإحداث التغيير في الجيش الأميركي، يحكي الكتاب عن وقائع المواجهة بين الوزير، الذي كان قائد طائرة مقاتلة في سلاح البحرية الأميركي، وكبار ضباط سلاح البحرية وسلاح الجو والجيش الذين قدموا إليه خططاً \"مبتذلة\" لغزو العراق والإطاحة بصدّام. عندئذ حدث تناطح الرؤوس مع الوزير فكان الخاسر الأكبر هو رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال إيريك شينيسكي، بعد اجتماعات بينهما كانت أشبه ب\"حوار الطرشان\". وكان شينسكي، الذي تقرر أن يترك منصبه في الشهر السادس من عام 2003، قد قال إن حفظ النظام في العراق يتطلب بقاء مئات ألوف الجنود فيه، وحذر من أن إبقاء هذه القوات في العراق سيكبح قدرة الجيش الأميركي على القيام بمهمات عسكرية أخرى في العالم وسيزعزع الروح المعنوية لهذه القوات. وأعرب رامسفيلد آنذاك عن رغبته في أن يكون خليفة شينسكي هو الجنرال تومي فرانكس الذي خضع في مطلع 2003 لتحقيق داخلي بعد اتهامه بإعطاء زوجته امتيازات لا تحق لها؛ لكن رامسفيلد أغلق هذا الملف. ومن المعلوم أن لاري ليندسي، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس بوش، تجرأ عام 2002 وقال إن تكاليف العمليات العسكرية في العراق ستتراوح بين 100 و200 مليار دولار في حين كان رامسفيلد يقول إن التكلفة ستكون بحدود 50 مليار دولار فخسر ليندسي وظيفته بسرعة بعد ذلك وبعد أن وبَّخه بول وولفوفيتز نائب رامسفيلد. \r\n \r\n ولذلك كله رأى مؤلف الكتاب في الخلاصة أن التاريخ سيحكم على رامسفيلد بأنه \"أحد أهم القادة الدفاعيين في أميركا\". فهل يعني المؤلف كل التاريخ والمؤرخين؟ وهل هو مديح لرامسفيلد الذي يستشهد أيضاً بعبارة شهيرة كان آل كابوني يرددها ويقول فيها \"بالكلمة اللطيفة والمسدس تحصلون على ما هو أكثر مما تحصلون عليه بالكلمة اللطيفة وحدها\"؟! \r\n \r\n إنها حرب العنيد الذي دافع عنه بوش وتشيني بكل قوة يوم الاثنين الماضي من قلب بنتاغون رامسفيلد باعتباره \"يقوم بعمل رائع\". ولعلّ الكتاب وعنوانه يقدمان خير تفسير لبقاء \"رامي\" هذا \"مثير الحروب الطائش\"، على حد قول منتقديه، في مكانه - حتى الآن- ليكتب الأحداث ويشهد كل ما يجري في إطار حربه التي أشعلت مواجهات ومعارك في كل مكان (وفي العراق بفاتورة وصلت في أبريل الماضي إلى 109 مليارات دولار)، وتمضي ربما لتلهب الشرق الأوسط الكبير بفاتورة لا يعلم أحد كم سيكون حجمها ولا عدد من سيسقط فيها. \r\n \r\n الكتاب: حرب رامسفيلد: القصة التي لم تُحكَ عن قائد أميركا في مكافحة الإرهاب \r\n \r\n المؤلف: روان سكاربورو