ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    13 شهيدا فلسطينيا حصيلة قصف جيش الاحتلال رفح    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    السر في شيكابالا، الزمالك يكشف سبب احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    بعد المشادة مع كلوب| ليفربول يحدد سعر بيع محمد صلاح    لا يوجد بهم خطورة.. خروج 9 مصابين في حادث تسرب غاز الكلور بقنا    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    آخر ظهور للمخرج عصام الشماع قبل رحيله.. حفل تأبين صديقه صلاح السعدني    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 إبريل 2024    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تفتتح الخطاب ؟
نشر في التغيير يوم 26 - 09 - 2013

سألت مرة الدكتور لين هارولد هاف، الرئيس السابق لجامعة نورثوسترن ،عن أهم ما علمته تجربته كخطيب، وبعد أن فكر لحظة أجاب: "أن تفتتح بمقدمة مثيرة ، وبشيء يأسر الانتباه في الحال" . لقد كان يخطط مقدماً الكلمات الملائمة لكل من المقدمة والخاتمة، جون يرايت فعل الشيء ذاته، وكذلك غلادستون ووبستر ولنكولن، وعملياً، كل خطيب يتمتع بالذكاء والتجربة يفعل ذلك.
لكن هل يقدم على ذلك الخطيب المبتدىء ؟
نادراً.. فالتخطيط يستلزم الوقت ويتطلب تفكيراً وقوة إرادة ،وعمل العقل هو عملية شاقة،وقد علق توماس أديسون هذه المقتطفات من كتابات سيرجوشوا ريندلدز،على جدران مختبره:
ليست هناك أية ذريعة يلجأ المرء إليها لتجنب عملية التفكير الحقيقية. يؤمن المبتدىء عادة بوحي اللحظة وبالنتائج التي تصدر عنها،لذلك هاجم بالشرك والمقلاع الطرق التي بها سيمر. وقال اللورد نورثكليف الذي كافح عندما كان عاملاً "أسبوعياً" بسيطاً ليصبح مالك أغنى وأقوى صحيفة في المملكة البريطانية،: إن هذه الكلمات التي اقتبسها من باسكال قد ساعدته جداً في النجاح أكثر من أي شيء قرأه: "أن تتنبأ هو أن تسود " أيضاً شعار ممتاز ينبغي أن تحتفظ به على مكتبك عندما تخطط خطابك.
تنبأ كيف ستبدأ عندما يكون ذهنك نشيطاً يستوعب كل كلمة تنطق بها. تنبأ الانطباع الذي ستخلفه في النهاية عندما لايلي شيء آخر يطمسه. منذ أيام أرسطو، قسمت الكتب الخطاب إلى ثلاثة أقسام: المقدمة، الجسم، والخاتمة. وبعده أصبحت المقدمة متمهلة كالعربة التي يجرها حصان واحد. وكان الخطيب راوية أخبار ومسلياً، ولكن الأشياء تغيرت جذرياً، قد سرعت الاختراعات الحياة في المائة سنة الأخيرة أكثر بسرعة مذهلة، لذا على الخطيب أن يسير بسرعة الزمن النافذ الصبر.
وإذا أردت أن تستخدم مقدمة، صدقني، يجب أن تكون قصيرة كلائحة الإعلان. لأن ذلك يتطابق مع مزاج المستمع الحديث الذي لسان حاله يقول: " هل لديك ماتقوله ؟ حسناً، لنستمع إليك بسرعة، لاتتأنق في الخطاب! أعطنا الحقائق بسرعة وأجلس ".
عندما خاطب وودرو ويلسون الكونغرس حول مسالة آنية كمسألة حرب الغواصات، ذكر الموضوع وركز اهتمام الجمهور حول الموضوع من خلال بضعة كلمات لاتتعدى الخمسة والعشرين: " إنبثق وضع في علاقات البلد الخارجية التي من واجبي إعلامكم بها بصراحة....". وعندما خاطب تشارلز شواب جمعية " بنسلفانيا " في نيويورك ولج إلى الموضوع من خلال جملته التالية: " في أذهان المواطنين الأمريكيين اليوم يوجد سؤال: ماذا يعني وجود هبوط في الأسعار وفي الأعمال ؟، وماذا بشأن المستقبل؟ أنا شخصياً متفائل.. ". ولكن هل يحقق ذلك الخطباء غير المجربين بسرعة ونجاح من خلال المقدمة؟ إن معظم الخطباء غير المدربين سيبدأون بإحدى الطريقتين التاليتين وكلتاهما سيئتان، دعنا نتحدث عنهما.
احذر الافتتاح بما يدعى قصة مرحة
غالباً« ما يشعر المبتدىء ، لسبب مؤسف، أن عليه أن يكون مضحكاً». وربما يكون متزناً وصارماً كالموسوعة، تعوزه لمسة الخفة، مع ذلك ولحظة وقوفه للكلام، يتخيل أنه يشعر، أو أنه يجب أن يشعر، بروح مارك توين تتصاعد بداخله، لذلك يميل إلى المباشرة بقصة مرحة فما الذي يحدث؟ هناك فرصة في أن يأتي سرده بأسلوبه ثقيلاً كالقاموس أو كما في لغة هاملت الخالدة: " مملاً وتافهاً ". إن جمهور المستمعين الذي من المفترض أن يثور في وجهه، يستمع إليه من باب اللياقة، باذلاً الجهد لإصطناع بضعة ضحكات، بينما يرثي في أعماقه لفشل هذا الخطيب المتظاهر بالمرح . وهو نفسه لايشعر بالارتياح، ألا تشاهد مثل هذا الإخفاق التام من وقت لآخر؟. في مجال صناعة الخطاب، ماهو أكثر صعوبة وأكثر ندرة من القدرة على جعل المشاهد يضحك؟ إن المرح هو مسألة شائكة، وهو أيضاً مسألة فردية شخصية.
تذكر أنه من النادر أن تكون القصة مضحكة بحد ذاتها، لأن الطريقة التي تسرد بها هي التي تجعلها ناجحة، إن 99 رجلاً من أصل مئة يفشلون للأسف عندما يسردون قصصاً مشابهة لتلك التي جعلت مارك توين شهيراً.
اقرأ القصص التي كررها لنكولن في فنادق القطاع القضائي الثامن في إيللينوا، وهي قصص دفعت الرجال مسافة أميال للاستماع إليها، وجعلتهم يسهرون الليل كله للاستماع إليها، كما أنها قصص، طبقاً لشاهد عيان، سببت وقوع بعض المواطنين عن كراسيهم.
إقرأ هذه القصص بصوت مرتفع لعائلتك، ولاحظ إذا استطعت أن ترسم ابتسامة على وجوههم، هنا قصة أعتاد لنكولن أن يسردها بنجاح باهر.
لم لا تحاول أن تسردها؟ لكن على إنفراد، من فضلك وليس أمام الجمهور " كان مسافر متأخر يحاول أن يصل إلى منزله عبر طرقات براري إيللينوا الموحلة، عندما واجهته العاصفة، كان الظلام دامساً كالحبر الأسود، فانهمر المطر عليه وكأن سداً من السماء قد أنفجر، زمجر الرعد عبرت الغيوم الغاضبة كإنفجار الديناميت، وأضاء البرق الأشجار المتساقطة على الأرض ". ربما تكون واحداً من أولئك الموهوبين المحظوظين الذين يمتلكون روح المرح. إن كان الأمر كذلك.
نمّي هذه الروح بكل الوسائل، فتكون موضع ترحيب أينما خطبت، لكن إذا كانت موهبتك تقع في نواح أخرى، فمن السخف، أن تحاول ارتداء قناع المرح.
أخبرني أدوني جايمس أنه لم يسرد قصة مضحكة في سبيل الدعابة فقط. بل لأن لها علاقة بالموضوع الذي هو في صدده، يجب أن تكون الدعابة مجرد طبقة كريما فوق الكعكة، والشوكولا بين طبقاته،وليس الكعكة ذاتها .. لقد أتخذ ستريكلاند غيليلان، أفضل الخطباء المرحين في الولايات المتحدة، لنفسه قاعدة وهي ألا يسرد أية قصة مضحكة خلال الدقائق الثلاثة الأولى من خطابه، فإن وجد هذا التدبير ملائماً ، لم لا تفعل مثله؟ فهل يجب إذن أن تكون المقدمة ثقيلة ضخمة وفي غاية الرزانة؟
كلا،أبداً.سرّب روح الدعابة، إذا استطعت، باللجوء إلى بعض الأمثلة، وإلى شيء يلائم المناسبة أو ملاحظات خطيب آخر. لاحظ بعض التناقض، صفة بشكل مضخم، فهذا النوع من المرح ينجح بنسبة أربعين ضعفاً أكثر من النكات التافهة عن بات ومايك أو الحماة أو العنزة. ربما أسهل طريقة لتوليد المرح هي في سرد نكتة عن نفسك. صف نفسك في وضع سخيف ومحرج. هذا هو أساس المرح. فالأسكيمو يضحكون حتى من فتى كسر ساقه، والصينيون يقهقهون لكلب ذكرت القصص، أنه سقط من الطابق الثاني قتيلاً. نحن أكثر تعاطفاً من ذلك، لكن ألا نبتسم لفتى يلاحق قبعته، أو ينزلق بقشرة موز؟
باستطاعة كل إنسان تقريباً أن يضحك الجمهور بتجميع الأفكار أو الصفات المتناقضة، كعبارة ذكرها كاتب صحافي، يقول فيها إنه «يكره الأطفال والكروش والديمقراطيين». لاحظ كيف يثير رود يارد كيبلينغ الضحك بمهارة في افتتاحية إحدى خطبه السياسية في إنكلترا، وهو يسرد هنا،ولا يصنع، سوى بعض تجاربه ويشدد بمرح على تناقضاتها.
" أيتها السيدات أيها السادة: عندما كنت في الهند، أعتدت أن أضع تقريراً جنائياً للصحيفة التي أعمل فيها. كان العمل مثيراً لأنه عرّفني بالمزورين والمهربين والقتلة والرياضيين المشاركين بهذا المجال."عبارة مضحكة"في بعض الأحيان، وبعد أن أكتب تقريراً عن محاكمتهم، كنت أذهب لزيارة أصدقائي في السجن أثناء قضائهم فترة العقوبة" عبارة مضحكة" .أذكر رجلاً حكم عليه بالسجن مدى الحياة بسبب اقترافه جريمة قتل.
كان فتى ذكياً يعرف كيف يتحدث بلباقة، وقد أخبرني ما دعاه قصة حياته. فقال:استمع إلي،عندما يعرج الإنسان، فإن الشيء الواحد يؤدي إلى الآخر، حتى يجد نفسه في وضع يفرض عليه إقصاء إنسان آخر عن الطريق كي يتقوم ثانية .حسناً، عن ذلك يصف تماماً الوضع الحالي لمجلس الوزراء«عبارة مضحكة». وتلك هي طريقة وليم هاورد تافت عندما تحدث بأسلوب مرح خلال الافتتاح السنوي لمدراء شركة «متروبولتيان» للتأمين على الحياة . إن الجانب الجميل من خطابه يمكن في كونه مرحاً ومتدحاً الجمهور بسخاء في الوقت ذاته:
حضرت الرئيس ، حضرات السادة:
كنت خارج منزلي القديم منذ حوالي تسعة أشهر عندما استمعت إلى خطاب ما بعد العشاء يلقيه سيد يرتعش، قال إنه استشار صديقاً له لديه تجربة واسعة في تأليف الخطاب المسائي ، والذي نصحه بأن أفضل نوع من الجمهور الذي تخاطبه هو جمهور ما بعد العشاء، لأنه يكون ذكياً مثقفاً ونصف متشدد(ضحك وتصفيق) والآن كل ما أستطيع قوله هو أن ذلك جمهور هو من أفضل الجماهير التي رأيتها. وهناك شيء يعوض عن غياب هذا العنصر في العبارة المذكورة (تصفيق) ويجب أن أفكر أنها روح شركة متروبولتيان للتأمين على الحياة) "تصفيق أكثر".
لا تبدأ بالاعتذار
إن الخطأ الفاضح الثاني الذي يقترفه المبتدىء في المقدمة هو: الاعتذار " أنا لست بخطيب ...لست مهياً للخطاب.... ليس لدي ما أقوله...". لا تفعل ذلك أبداً!" ليست هناك أية فائدة من الاستمرار" في أي حال، إذا لم تكن مهيأ لذلك، فإن بعضنا سيكتشف ذلك دون مساعدتك،وآخرين لن يفعلوا، فلم تلفت إنتباههم؟ لماذا تهيمن جمهورك بالاقتراح أنك لا تفكر بأنهم لا يستحقون أن تحضر من أجلهم، وأن أي شيء قديم يكفي لخدمتهم؟ كلا، نحن لا نريد الاستماع إلى أعذارك، نحن هناك لتخبرنا وتثيرنا وأن نثار، تذكر ذلك.
إن لحظة بروزك أمام الجمهور تستحوذ على انتباهنا بشكل طبيعي ومحتم. فليس من الصعب أن تستحوذ عليه في اللحظات الخمس التالية لكن من الصعب أن تستحوذ عليه في الخمس الدقائق التالية...فإن فقدته مرة فإن صعوبة استرجاعه ستتضاعف..فأبدأ بشيء مثير منذ الجملة الأولى، وليس منذ الثانية أوالثالثة...بل الأولى! ربما تتساءل: " وكيف ذلك "؟ إنه سؤال صعب، أعترف بذلك وفي محاولة حصد المواد لملئها، يجب أن نسير في دروب صعبة وشائكة، لأن الأمر يعتمد عليك وعلى جمهورك وموضوعك ومادتك، وعلى المناسبة، إلى ما غير ذلك. ولكن نأمل أن تعود المقترحات المجربة في نهاية هذا الفصل، بشيء مفيد وذي قيمة.
أثر الفضول
هنا افتتاحية استخدمها السيد هويل هيلي في خطاب ألقاه في نادي "بان" الرياضي في فيلادلفيا. فهل تعجبك؟ وهل تستحوذ على إهتمامك في الحال؟ «منذ 28 عاماً، وفي حوالي هذا الوقت من السنة، نشر في لندن مجلد صغير، أو قصة كانت خالدة. وقد دعاها الكثيرون أعظم كتاب صغير في العالم. وأول ماظهر هذا الكتاب، كان الأصدقاء، حين يلتقون في الستراند أو البول مول، يسألون هذا السؤال: هل قرأته؟ وكان الجواب واحداً : أجل بارك الله فيه، لقد قرأته». بيعت ألف نسخة منه يوم تم نشره وخلال ليلة بلغ الطلب عليه خمسين ألف نسخة. ومنذ ذلك الحين تلاحقت الطبعات وترجم إلى كل لغة من لغات العالم. وقد باع ج. ب مورفان منذ سنوات قليلة النسخة الأصلية بثمن باهظ وهو يتصدر الآن مع الكنوز القيمة الأخرى، معرض الفن العظيم بمدينة نيويورك.
ماهو اسم هذا الكتاب العالمي المشهور؟ إنه «أنشودة الميلاد» « للكاتب تشارلز ديكنز». هل تعتبر هذا مقدمة ناجحة ؟ وهل جذبت إنتباهك وأثارت اهتمامك بتطورها؟ لماذا؟ أليس أنها أثارت فضولك وتشويقك؟
الفضول؟ ومن ليس عرضة له؟ لقد رأيت عصافير الغابة تحوم حولي وتراقبني من باب الفضول فقط. وأعرف صيادا في جبال الألب العالية كان يغري الظباء وذلك بإلقاء غطاء السرير على جسده والزحف لإثارة فضولها. إن الكلاب لديها الفضول، وكذلك القطط وسائر أنواع الحيوانات. وهكذا، أثر فضول جمهورك منذ أول جملة، تحوز على انتباهكم واهتمامهم. اعتاد الكاتب أن يستهل محاضرته عن مغامرات الكولونيل توماس لورانس في الجزيرة العربية على هذا النحو :
"يقول لويد جورج أنه يعتبر الكولونيل لورانس واحداً من أبرز الشخصيات الرومنطيقية في العصور الحديثة ".
لهذه الافتتاحية ميزتان، في المقام الأول، إن المقتطفات المأخوذة من إنسان بارز لديها قيمة كبرى في جذب الاهتمام.
ثانياً ، إنها تثير الفضول : " لماذا هو رومنطيقي؟ " هو السؤال الطبيعي، "ولماذا هو بارز؟" "لم اسمع عنه سابقاً.. فما الذي أنجزه" لقد بدأ لويل توماس محاضرته عن الكولونيل توماس لورانس بهذه العبارة. (كنت أسير ذات يوم في الحي المسيحي بالقدس عندما التقيت برجل يرتدي الثياب الشرقية الفضفاضة، معلقاً بجانبه سيفاً ذهبياً مقوساً لا يحمله سوى المتحدرين من سلالة النبي محمد « » . لكن هذا الرجل لا يبدو عربياً "أبداً". فعيناه زرقاوان، وعيون العرب هي دائماً.. سوداء أو بنية".
إن هذا يثير فضولك، أليس كذلك؟ وتريد أن تسمع المزيد. من يكون هذا الرجل؟ لماذا يبدو كالعرب؟ ماذا يفعل؟ وما الذي أنجزه؟ إن الطالب الذي يستهل خطابه بهذا السؤال: هل تعلم أن العبودية تسود في سبعة عشر بلدا من العالم اليوم؟ لا يثير الفضول فحسب بل بالإضافة إلى ذلك يصدم المستمعين. "العبودية، اليوم ، سبعة عشر بلدا" يبدو ذلك غير معقول ماهي تلك البلدان؟ وأين تقع؟ بإمكان المرء أن يثير الفضول إذا ما بدأ بالنتيجة، ومن ثم يشوق الناس لسماع السبب. فمثلاً ، بدأ طالب بهذه العبارة المدهشة :
"نهض عضو في أحد مجالسنا التشريعية مؤخراً، في قاعة الاجتماعات واقترح إصدار قرار يمنع الشرغوف «فرخ الضفدعة» من أن يصبح ضفدعاً على بعد ميلين من أية مدرسة" . أنت تبسمت فهل يمزح الخطيب؟ كم هذا سخيف. وهل تم ذلك فعلاً ؟ نعم...
هنالك مقالة وردت في صحيفة "سترداي إيفنينغ بوست" بعنوان "مع العصابات" وهي تبدأ : "هل العصابات منظمة حقاً؟ إنها عادة. كذلك، كيف؟.... تلاحظ أن كاتب هذه المقالة عن موضوعه من خلال عشر كلمات، ويخبرك شيئاً، ما عنه ويثير فضولك بالنسبة لكيفية تنظيم العصابات.إن هذا مستحسن جداً" وعلى كل إنسان يرغب في القاء خطاب، أن يدرس الوسائل التي يستخدمها الصحافيون للاستحواذ على اهتمام القراء في الحال.إذا باستطاعتك أن تتعلم منهم أكثر ما تتعلمه من خلال دراسة مجموعات من الخطب المطبوعة.
لم لا تبدأ بقصة؟
نحن نحب أن ، نستمع بشكل خاص إلى روايات يسردها الخطيب عن تجربته الخاصة لقد ألقى راسل أ. مكونويل محاضرته:" هكتارات من الألماس" أكثر من ستة آلاف مرة وتلقى الملايين من اجل ذلك كيف يفتتح محاضرته الرائعة هذه؟. " ذهبنا في سنة 1870 إلى نهر التغير استعنا بدليل من بغداد ليطلعنا على برسيبوليس وبابل " وبعد ذلك يمضي بقصته إن هذا النوع من الافتتاحيات لا يفشل أبداً بل إنه يمضي قدماً ونحن نتابعه لأننا نريد أن نعرف ما الذي سيحدث.
ابدأ بتقديم مثل محدد
يصعب على المستمع العادي أن يتتبع العبارات المجردة طويلاً لكن من السهل عليه الاستماع إلى الأمثلة لماذا إذن لا تبدأ بواحد منها؟ من الصعب أن تجعل الخطباء يفعلون ذلك، أدرك ذلك لإنني مررت بتلك التجربة فهم يشعرون أن عليهم تقديم عدة عبارات عامة ليس عليك فعل ذلك أبداً افتتح بمثل أثر الاهتمام، ثم تقديم ملاحظاتك العامة.
الجأ إلى الاستعراض
ربما أسهل طريقة في العالم لجذب الانتباه هي القيام بشيء يتطلع إليه لناس حتى أن المتوحشين والأغبياء والأطفال في مهودهم والقردة والكلاب في الشارع سيتنبهون لهذا النوع من الإثارة ويمكن استخدام ذلك بفعالية مع أكثر الجماهير اتزاناً".
مثال على ذلك افتتح السيد س.س أيليس من فلادلفيا إحدى خطبه بإمساك قطعة من النقود بإبهامه وسبابته، ورفعها فوق كتفه طبيعياً تطلع الجميع نحوه ثم سأل "هل وجد أحد منكم مثل هذه القطعة النقدية في أحد جوانب الطريق وهو يعلن أن المحظوظ الذي وجدها سيمنح كذا وكذا .لكن ما عليه سوى التقدم وإبرازها..." بعدئذ باشر السيد إيليس في انتقاد الممارسات المضللة واللا أخلاقية التي يمكن أن تواكب ذلك.
اسأل سؤالاً
تتميز افتتاحية السيد إيليس بظاهرة مهمة اهرى فهي تبدأ بطرح سؤال واستدراج الجمهورية إلى التفكير مع الخطيب والتعاون معه. لاحظ أن المقالة التي وردت في صحيفة "سترداي ايفنينغ بوست" حول العصابات تبدأ بطرح سؤالين في الجمل الثلاث: "هل العصابات منظمة حقاً؟..كيف؟ إن استخدام هذا السؤال والافتتاحي هو واحد من أبسط واضمن الطرق لفتح أذهان جمهورك والدخول إليها وعندما تبدو الوسائل الأخرى فاشلة تستطيع دائماً اللجوء إليها.. لم لاتفتتح بسؤال من رجل شهير؟ إن الكلمات رجل بارز لديها قوة تجذب الانتباه لذلك فإن مقتطعات مناسبة هي من أفضل السبل لجذب الانتباه هل تعجبك هذه الافتتاحية لنقاش حول النجاح في العمل؟ يقول البرد هابرد:" إن العالم يهب جوائزه الكبرى مالياً ومعنوياً مقابل شيء واحد هذا الشيء هو روح المبادرة وماهي روح المبادرة؟ سأخبرك ماهي إنها القيام بالشيء الصحيح من دون أن يطلب منك ذلك" وكجملة ابتدائية فهي تتميز بعدة مظاهر مهمة .. إن الجملة الابتدائية تثير الفضول وتمضي بنا قدماً فنرغب في الاستماع إلى المزيد وإذا توقف الخطيب بمهارة بعد الكلمات فإنه بذلك يشوقنا ونتساءل: " لماذا يهب العالم جوائزه؟ " اخبرنا بذلك بسرعة ربما لا نتفق معك في الرأي لكن أعطنا رأيك .. والجملة الثانية تقودنا إلى صلب الموضوع مباشرة والجملة الثالثة وهي سؤال تدعو المستمع إلى الدخول في النقاش وأن يفكر ويقوم بشيء ضئيل وكم يحب المستمعون أن يقوموا بفعل الأشياء هم يعشقون ذلك! الجملة الرابعة تعرف روح المبادرة ..بعد هذه الافتتاحية يسرد الخطيب قصة إنسانية مثيرة تمثل هذه الصفة.
اربط موضوعك بمصالح مستمعيك الحيوية
أبدأ ببعض الملاحظات التي تعالج مباشرة مصالح جمهورك الشخصية فهذه من أفضل الوسائل الممكنة للبدء بالخطاب ومن المؤكد أن تستحوذ على الانتباه فنحن نهتم جداً بالأشياء التي تمسنا مباشرة. إن هذا ليس سوى منطق ، أليس كذلك؟ ومع ذلك، فإن استخدامه ليس شائعاً ، فمثلاً، استمعت إلى خطيب يستهل خطابه عن ضرورة الفحوص الطبية من وقت لآخر، كيف افتتح موضوعه؟ بسرد تاريخ مؤسسة إطالة الحياة كيف تم تنظيمها، والخدمات التي تقدمها، إن هذا سخيف! فالمستمعون ليس لديهم أدنى اهتمام بكيفية إنشاء تلك المؤسسات، لكنهم يهتمون دائماً"، وأبداً بأنفسهم. لم لا نتذكر هذه الحقيقة المهمة؟ لم لا تظهر أن الشركة هي الشيء الحيوي بالنسبة لهم؟ لم لا تبدأ بما يشبهه: " هل تعلم مدة حياتك المتوقعة طبقاً" لجداول التأمين على الحياة؟ إن مدة حياتك المتوقعة، مثلما تقول إحصاءات التأمين هي ثلثا المدة بين عمرك الحالي وسن الثمانين فمثلاً، إذا كنت تبلغ الخامسة والثلاثين من العمر، يكون الفرق بين عمرك الحالي والثمانين خمسة وأربعين، وتتوقع أن تعيش ثلثي هذا العدد، أي ثلاثين سنة أخرى.. هل هذا يكفي؟ كلا، فنحن نتوق بشدة للمزيد فهل نأمل أنا وأنت في تغييرها؟ أجل، من خلال إتباع الحذر، يمكننا، كخطوة أولى، أن نجري فحصاً طبياً دقيقاً...".
بعد ذلك، إذا شرحنا بالتفصيل ضرورة إجراء الفحص الطبي من وقت لآخر، ربما يهتم المستمع بإيجاد شركة تقدم هذه الخدمة، لكن الأمر سيكون مميتاً ومأساوياً إذا ما باشرت بالحديث عن الشركة بأسلوب غير ذاتي. لنأخذ مثلاً آخر، استمعت إلى طالب يستهل خطاباً عن أهمية المحافظة على الغابات، فاستهلّه كما يلي:
"نحن، كأمريكيين يجب أن نفاخر بمواردنا المحلية.." وانطلاقاً من هذه الجملة، تابع ليظهر أننا نضيع الخشب بسرعة ومن دون جدوى، لكن افتتاحيته كانت سيئة، عامة جداً وغامضة جداً، فلم يجعل موضوعه حيوياً، وكان من الأفضل لو بدأ على النحو التالي:
"إن الموضوع الذي سأتحدث عنه يؤثر إلى حد ما بسعر الغذاء الذي نتناوله والإيجار الذي ندفعه، ويمس رفاهيتنا جميعاً". فهل لهذا يضخم أهمية المحافظة على غاباتنا؟ كلا، لا اعتقد ذلك بل يحاكي نصيحة البرت هابرد "لرسم صورة مضخمة وإبراز الموضوع بطريقة تسترعي الانتباه".
قوة الانتباه الناتجة عن الحقائق المذهلة
قال س.س مالك لكور، مؤسس صحيفة دورية مهمة، "إن المقالة الصحافية الجيدة هي سلسلة من الصدمات"، فهي توقظنا من أحلام اليقظة وتسلب انتباهنا، إليك ببعض الأمثلة: استهل السيد ن. د بالانتاين من باليتمور، خطابه حول "أعاجيب الإذاعة" بهذه العبارة: "هل تعلم أن صوت ذباب تسير فوق لوح زجاج في نيويورك يمكن نقلها عبر الإذاعة لتصبح في وسط أفريقيا زئيراً كشلالات نياغرا؟". افتتح السيد هاري ج. جونز، رئيس شركة في نيويورك سيتي، خطابه حول الوضع الجنائي، بهذه الكلمات: "أعلن وليم هاورد ثافت، رئيس قضاة المحكمة العليا في الولايات المتحدة، أن دائرة قانوننا الجنائي تلحق خزياً بالحضارة". لا تتميز هذه العبارة بأنها افتتاحية مذهلة، بل أيضاً تتميز بأنها مقتطفة من أقوال أحد المسئولين في المجال القضائي.
استهل السيد بول جيبونز، الرئيس السابق لنادي "التفاؤل" في فيلادلفيا خطاباً عن "الجريمة" بهذه العبارات الساحرة : "يمتلك الشعب الأمريكي أسوأ المجرمين في العالم، ورغم هذا التأكيد المدهش، إلا أنه صحيح، ففي كليفلاند وأوهايو مجرمون يبلغ عددهم ستة أضعاف عدد المجرمين في لندن، ولصوص يبلغ عددهم مئة وسبعين ضعفاً يسرقون المزيد من الناس في كل سنة، وهناك قتلى في نيويورك أكثر مما هنالك في فرنسا أو ألمانيا أو ايطاليا أو الجزر البريطاني، والحقيقة المؤسفة هي أن المجرم يذهب من دون عقاب، وإن اقترفت جريمة، هناك فرصة أقل من واحد في المائة أنك ستعاقب بالإعدام، وأنت كمواطن مسالم هناك احتمال مقداره عشرة أضعاف، أن تموت من جراء مرض السرطان، على أن تعدم إذا ما أطلقت النار على رجل". هذه الافتتاحية ناجحة، لأن السيد جيبونز يضع القوة المطلوبة والصدق وراء كلماته، فهي تنبض بالحياة.
قيمة الافتتاحية التي تبدو طارئة.
هل ستعجبك هذه الافتتاحية؟ ولماذا؟ خطب ماري إ.ريتشموند في الاجتماع السنوي لاتحاد النساء المقترعات قبل إقرار النظام المعادي للزواج المبكر: «تذكرت البارحة، فيما كان القطار يمر عبر المدينة،زواجاً» حدث منذ سنوات قليلة، ولأن معظم الزيجات التي تحدث في هذه المقاطعة كانت متسرعة ومأساوية كتلك، سأبدأ بما سأذكره اليوم بالتفصيل عن تلك الحادثة. في 12 تشرين الأول التقت فتاة الخامسة عشرة لأول مرة بفتى في الكلية المجاورة, والذي بلغ سن الرشد حديثاً وفي 15 تشرين الأول, أي بعد ثلاثة أيام فقط عقدا زواجاً مزوراً بعدما اقسمت الفتاة أنها بلغت الثامنة عشرة وأنها ليست بحاجة إلى موافقة ذويها , وبعدما غادرا مكتب المدينة بالعقد, اتجها إلى الكاهن " كانت الفتاة كاثوليكية" لكنه رفض تزويجهما وبطريقة ما وربما عن طريق الكاهن , عرفت الأم بخبر محاولة الزواج ولكن قبل أن تجد ابنتها كان قاضياً قد زوج الاثنين بعد ذلك نقل العريس عروسه إلى الفندق ,حيث امضيا يومين وليلتين ثم تركها ولم يعش معها ثانية. أنا شخصياً أحببت هذه الافتتاحية كثيراً فالجملة الأولى جيدة لأنها تنبئ بحادثة مثيرة ونحن نريد أن نستمع إلى التفاصيل , وهكذا نصغي السمع إلى قصة إنسانية مثيرة , بالإضافة إلى ذلك تبدو طبيعية جداً فهي ليست نتيجة دراسة وليست رسمية.. تذكرت البارحة عندما مر قطار عبر المدينة زواجا تم منذ سنوات قليلة ,إن ذلك يبدو طبيعياً جداً وتلقائياً وإنسانياً كما أنه يبدو وكأن إنساناً يسرد قصة مثيرة لإنسان آخر فالناس يحبون ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.