رغم سلسلة التصريحات والخطب التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جورج بوش مؤخرا ضد القاعدة في محاولة منه لكسب الإعلام في صفه ضد التنظيم الذي زعزع استقرار أمريكا، إلا أن نتائج دراسة أعدها المعهد الملكي لدراسة الشئون الدولية توصلت إلى أن تنظيم القاعدة ما زال قويا، وأنه كسب معركة الدعاية ضد الغرب. ففي الفترة الأخيرة، كثف الرئيس الأمريكي جورج بوش من خطبه وكلماته في الآونة الأخيرة في محاولة لكسب الحرب الإعلامية التي اشتعلت ضد تنظيم القاعدة مع اقتراب الذكرى الخامسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، غير أن دراسة بريطانية اعتبرت أن القاعدة فازت بمعركة الدعاية ضد الغرب. وألقى بوش في الأيام القليلة الماضية سلسلة كلمات بمناسبة هذه الذكرى، ركز فيها على شخصية بن لادن؛ بل ونقل عنه مقتبسات موسعة ليؤكد الخطر الذي يقول إن تنظيم القاعدة يفرضه على الولاياتالمتحدة. وأعلن البيت الأبيض أن بوش سيوجه خطابا إلى الشعب الأمريكي عبر التلفزيون الوطني الإثنين المقبل في ذكرى الهجمات. وفي كلمة ألقاها الخميس 7-9-200 في أتلانتا بولاية جورجيا قال بوش: إن بلاده في وضع أمني أفضل بعد 5 أعوام على أحداث سبتمبر، موضحا أنه استخلص الكثير من العبر من تلك الأحداث. لكنه عاد وشدد على أن الولاياتالمتحدة لن تكون في أمان "طالما لم نهزم هؤلاء الأعداء". مضيفا أن أعداء بلاده قاتلوا بلا هوادة في السنوات الخمس الماضية، وأن بن لادن ونائبه الظواهري ما زالا مختبئين. واعترف الرئيس الأمريكي في خطاب ألقاه الأربعاء 6-9-2006 للمرة الأولى اليوم بأن بعض المشتبه بهم في قضايا إرهاب احتجزوا خارج الولاياتالمتحدة في سجون سرية على يد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه". ودافع عن برنامج "سي آي إيه" في استجواب المشتبه بهم رفيعي المستوى في قضايا الإرهاب قائلا: إنه كان مصدرا حيويا للمعلومات. وشبه بوش في خطاب ألقاه أمام ضباط عسكريين أمريكيين الثلاثاء 5-9-2006 أسامة بن لادن ب لينين وهتلر، وقال مستشهدا بشكل مكثف بأقوال بن لادن وغيره من زعماء القاعدة: "التهوين من أهمية كلمات أناس أشرار تدفعهم مطامح خطيرة سيكون خطأ رهيبا". وأضاف: "إن العالم تجاهل كتابات لينين وهتلر، ودفع ثمنا رهيبا"، مضيفا أن العالم لا ينبغي أن يفعل نفس الشيء مع القاعدة.
القاعدة بعد 5 سنوات ورغم سلسلة التصريحات والخطب التي أدلى بها بوش، توصلت نتائج دراسة أعدها المعهد الملكي لدراسة الشئون الدولية إلى أن تنظيم القاعدة ما زال قويا، وأنه كسب معركة الدعاية ضد الغرب. وأوضحت الدراسة التي أعدت بمناسبة مرور 5 سنوات على هجمات11 سبتمبر تحت عنوان "القاعدة بعد 5 سنوات.. التهديدات والتحديات"، أن تنظيم القاعدة انتصر في معركة الدعاية الإعلامية؛ حيث نجح في إقناع الناس بقبول أن هناك علاقة بين الإرهاب والسياسة الخارجية للغرب، وربط ذلك بالأزمات الإقليمية، مثل الحرب في العراق، والنزاع بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين. وقالت الدكتورة مها عزام التي تولت كتابة الدراسة: "من المرجح أن يؤثر ذلك، وأن يمثل تحديا لصناع السياسات لفترة طويلة مقبلة". ولفتت الدراسة إلى أن الإطاحة بطالبان في أفغانستان زعزع من قوة تنظيم القاعدة، لكن أحداث العراق ولبنان أدت إلى تجنيد عناصر جدد. وأضافت الدراسة أن الحربين في العراق ولبنان أسهمتا في ولادة جيل جديد أكثر خطورة من المؤمنين بفكر بن لادن وأساليبه؛ حيث أصبح بن لادن مصدر إلهام لجيل جديد من المتطرفين في باكستانوأفغانستان على استعداد لشن هجمات إرهابية جديدة ضد الغرب. وأوضحت أن الاستشهاديين الذين قتلوا 52 شخصا في اعتداءات 7 يوليو 2005 في لندن، ومدبري الاعتداءات التي كشف عنها في 10 أغسطس الماضي في لندن وكانت تستهدف طائرات تقوم برحلات إلى الولاياتالمتحدة، كانوا على علاقة بالقاعدة في باكستان أو في أفغانستان.
تحدي الشرعية ووفقا للدراسة، فإنه ورغم الانتصار الذي حققه التنظيم في الفوز بمعركة العقول والقلوب، فإن "زعماءها الذين يختبئون في الكهوف خسروا التأييد العريض للمسلمين في العالم العربي، والذين يعارضون تكتيكاته المسلحة ومبرراته للعنف باسم الإسلام". وبحسب المصدر نفسه، فإن التنظيم يواجه تحديا خطيرا جدا لشرعيته الآن؛ وذلك بسبب الخسائر الفادحة التي أسفرت عنها هجماته في الدول الإسلامية، مثل مصر والأردن والسعودية التي أضرت بالمسلمين قبل إضرارها بالغرب. واستشهدت الدكتورة مها عزام التي أعدت التقرير النهائي للدراسة بالنجاحات الانتخابية لجماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين في مصر باعتبارها دليلا على أن تنظيم القاعدة يخسر أمام الحركات الإسلامية التي لا تنتهج العنف في المعركة من أجل حشد التأييد لها. وبدوره شن تنظيم القاعدة حملة إعلامية مكثفة مع قرب ذكرى هجمات سبتمبر تمثلت في أكثر من شريط مسجل لقادة بالتنظيم، أبرزهم شريط الفيديو الذي بثته قناة "الجزيرة" الفضائية مساء الخميس 7-9-2006، ويظهر بذلك الشريط قياديون بالقاعدة في مقدمتهم زعيم التنظيم أسامة بن لادن يعدون -حسب القناة- لهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. وكان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أقر في فبراير الماضي بأن الولاياتالمتحدة "متأخرة بصورة خطيرة" عن تنظيم القاعدة، وأعداء آخرين فيما أسماه "الحرب الدعائية"، ويتعين عليها تحديث وسائلها "العتيقة" في المجال الإلكتروني.