حذر د. محمد مجاهد, نائب رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط, من استخدام الدول الكبري لمعاهدات حقوق الانسان كذريعة للتدخل في شئون الدول العربية والاسلامية لتنفيذ مصالحها الخاصة, وتنفيذ مخطط الشرق الاوسط الكبير, الذي أطلقه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش, بينما تغض الطرف عن الانتهاكات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين, مؤكدا أن ما يسمي بالحرب ضد الارهاب ادي لتكوين المنظمات الارهابية, فظهر فصيل القاعدة بالعراق, وارتفعت معدلات الارهاب والضحايا بعد الغزو, بينما أدي احتلال افغانستان لتكوين منظومة إرهاب دولية تعمل لمصالحها الخاصة والتي اتسعت اعمالها لتشمل تهريب السلاح وتجارة المخدرات.. حول الارهاب في الغرب واحتكار الدول الغربية لتعريف كلمة إرهاب كان هذا الحوار.. * هل تري أن ما يسمي بالحرب علي الارهاب التي أطلقتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في الغرب أدت للقضاء عليه؟ ** للأسف لم تؤد تلك الحرب للقضاء علي الارهاب, حيث كان الهدف المعلن للحرب دخول العراق والقضاء علي تنظيم القاعدة, بينما كانت النتيجة غزو بغداد وظهور فصيل القاعدة لينفذ عمليات إرهابية أدت لزيادة أعداد الضحايا العراقيين, والحقيقة أن الحرب علي الارهاب لم تكن تستهدف العنف المسلح ولكنها كانت في جوهرها حربا ضد كل من يخالف الفكر الخاص بالمحافظين الجدد في الولاياتالمتحدةالامريكية, وهو ما أدي لعسكرة السياسة الخارجية الامريكية ولمدة ثماني سنوات منذ عام2003, وهو ما تداركه الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما, حيث يحاول إحلال الخارجية الامريكية محل العمل العسكري والاستخباراتي ادراكا منه أن تلك الحرب تحولت لحرب علي الاسلام والسياسات في الدول الاسلامية وليست حربا حقيقية ضد الارهاب.. * في رأيكم هل أدت المواقف السياسية للغرب, وعلي رأسها دعم إسرائيل, وغزوها للعراق وأفغانستان لتنامي ظاهرة الارهاب الدولي؟ ** الحرب علي الارهاب لم تفرق بين المقاومة والعنف المسلح, حيث أنها اتهمت كل من يحاول مقاومة الاحتلال بالإرهاب فحدث خلط بين حق الشعوب في التخلص من المحتل ومقاومته وبين العمليات الارهابية, ونجحت إسرائيل في تكوين تلك الفكرة لدي الغرب فاعتبروا كل مقاومة إرهابا, وعلي سبيل المثال حاربت الولاياتالمتحدة حركة طالبان في أفغانستان وهي بغض النظر عن توجهاتها لم ينجح استهدافها في تحقيق الاستقرار في كابول بل زاد من معدلات الارهاب, وزادت المساعدات المادية وغيرها التي قدمتها حركة طالبان لتنظيمات الارهاب الدولي في أفغانستان وباكستان وغيرهما, حتي أصبحت هناك علاقات بين تلك المنظمات وعمليات تهريب السلاح وتجارة المخدرات فأصبحنا أمام منظومة إرهابية دولية تعمل لمصالحها الخاصة وكان الغرب وراء ذلك بالطبع. * هل تقف القاعدة وراء جميع العمليات الارهابية في الغرب؟ ** الرئيس الامريكي باراك أوباما قال إن القاعدة تعد أهم عدو للولايات المتحدة علي الرغم من عدم وجود هيكلية دولية تقع تحت مسمي تنظيم القاعدة, ولكنه عبارة عن مجموعات متناثرة تعلن أنها مرتبطة بأسامة بن لادن, تتحرك وفقا لأجندة خاصة بكل إقليم تعمل فيه, فهناك تنظيم القاعدة بالعراق, وتنظيم القاعدة باليمن, والجزيرة, وهناك أيضا تنظيم القاعدة في المغرب العربي, والحرب علي الارهاب اتجهت لمحاربة جميع منظمات المقاومة مثل حماس وحزب الله إلي جانب تنظيم القاعدة باعتباره العدو الاساسي للغرب فمازاد من مساحة المواجهة مع منظمات المقاومة والعنف المسلح ثم تحولت الي حرب ضد كل من يعارض السياسة الامريكية, ولذا فإن الرئيس مبارك دعا لمؤتمر دولي ضد الارهاب. للتفريق بين الارهاب وحق الشعوب والمقاومة وهو ما رفضته الولاياتالمتحدة. * الغرب يفسر ظهور حركات التطرف في العالم الثالث بعدم استقرار الأوضاع الاجتماعية فلماذا يظهر التطرف في الغرب؟ ** هم يفسرون التطرف في ضوء المناخ أو البيئة التي تولد التطرف, مثل التخلف الثقافي والاجتماعي, وتراجع التنمية الثقافية والاجتماعية, مما يؤدي لانطلاق فكري يدعم الفكر المتطرف, والحقيقة أنهم أغفلوا أن هذا الإرهاب قد يرتبط بعدم حصول الشعوب علي حقوقها مثل الشعب الفلسطيني, إلي جانب شعور شعوب أخري بأنها مستضعفة أمام العالم الغربي. * هل يستخدم الغرب مباديء حقوق الانسان في الضغط السياسي علي الدول العربية؟ ** بالطبع فعلي سبيل المثال نجد أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ينتقد ممارسات حقوق الانسان هنا وهناك بينما يتبع سياسة عنصرية في طرد الغجر, ويحارب الأقليات المستقرة في فرنسا منذ زمن, فالغرب يستخدم معاهدات حقوق الانسان لتنفيذ سياسة خارجية محددة للضغط علي دول بعينها, والدليل علي ذلك معتقل جوانتانامو, اين العدالة الامريكية في هذه الحالة, ولماذا لم تتحدث امريكا والغرب عن حقوق الانسان في بورما التي تعاني انتهاكات كبيرة في حقوق الانسان, والاجابة أن هناك مساومة بين الولاياتالمتحدة والصين بالنسبة لملف بورما. * وهل تراعي الدول الكبري مباديء حقوق الانسان؟ ** في فرنسا علي سبيل المثال يرفضون ممارسة المسلمين لشعائر الصلاة في الشوارع ويقولون إن ذلك يزعجهم, بينما يتحدثون عن امور تتعلق بمجموعات صغيرة مثل البهائيين وتحاسبنا علي تعاملنا معهم. * هل تعتقد أن حقوق الانسان ذريعة لتنفيذ ما يسمي بمشروع الشرق الاوسط الكبير الذي أطلقه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش؟ ** إحدي الأدوات الأساسية لتحقيق ما يسمي بالشرق الاوسط الكبير هو إحداث حالة من الفوضي في المنطقة واستخدام المنظمات الدولية لخدمة هذه الرؤية ومن بينها حق التدخل في الدول لحماية الاقليات, فعلي سبيل المثال نجد الدول الكبري معنية جدا بما يحدث في دارفور بالسودان بينما نجدها غير معنية بما يحدث في فلسطين من انتهاكات اسرائيلية تتنوع ما بين الاحتلال والاستيطان والحصار والقتل وتدمير المنازل والمحاصيل. * وكيف نواجه هذه الخطط الغربية؟ ** نحرص علي حماية حقوق الانسان داخل مجتمعاتنا ونحقق مباديء الحرية والحوار الفكري, ففي رأيي أن هذا يغلق الباب أمام التدخل الاجنبي والفكر المتطرف الذي يحاول استغلال الظروف لزيادة الاحتقانات.