تعيش الساحة السياسية الصهيونية عاصفة من الجدل الحاد، إثر تقدم الحكومة بمشروع قانون يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط، لتستثني المواطنين العرب. ويدفع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو باتجاه إقرار الكنيست (البرلمان) لمشروع "قانون القومية"، ولكن معارضة الرئيس الصهيوني رؤوبين ريفلين، فضلا عن معارضة بعض أحزاب المعارضة بما فيها العربية له، أحدثت عاصفة سياسية. وسبق للقائمة العربية التي تضم 13 عضوا في الكنيست أن وجهت انتقادات شديدة لمشروع القانون عند إقراره بالقراءة الأولى نهاية شهر أبريل الماضي ووصفته بالعنصري. وينص مشروع القانون الذي بادر إليه حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو على أن "أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي الذي فيه أقام دولة إسرائيل، وأن دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، فيه يطبق حقه الطبيعي الثقافي والتاريخي لتقرير المصير". وجاء أيضا في نص مشروع القانون "حق تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل خاص بالشعب اليهودي، وأن العبرية هي لغة الدولة، وأن للغة العربية مكانة خاصة في الدولة". ولكن العاصفة السياسية التي يشهدها الكيان الصهيوني منذ يومين ليست حول هذه البنود، وإنما بند يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط. واستنادا إلى معطيات مركز الإحصاء الصهيوني، فقد بلغ عدد سكان الكيان الصهيوني نهاية عام 2017 أكثر من 8.5 ملايين نسمة، نحو 20 % منهم من المواطنين العرب. وأبدى الرئيس الصهيوني رؤوبين ريفلين معارضة لهذا البند، وكتب في رسالة وجهها يوم الاثنين إلى أعضاء الكنيست الذين يناقشون مشروع القانون، محذرا من أن الصيغة الحالية "يمكن أن تضر بالشعب اليهودي وباليهود في أنحاء العالم، وبدولة إسرائيل". وتساءل في الرسالة التي نشرت على نحو واسع في شبكات التواصل الاجتماعي: "أود أيضا أن نحول أنظارنا إلى المجتمع الإسرائيلي: هل سنقبل الإقصاء والتمييز ضد مواطنين إسرائيليين على خلفية عرقهم باسم الرؤيا الصهيونية؟". وأضاف ريفلين: "الصيغة المقترحة للقانون الذي أمامكم، تتيح عمليا لكل مجتمع، بالمفهوم الشامل دون قيود أو توازن، إقامة بلدة من دون شرقيين، ومتدينين، ودروز، ومثليي الجنس، هل هذا هو القصد من الحلم الصهيوني؟ أنا متأكد أن هذا ليس ما قصده المبادرون إلى القانون، وهذا ليس قصدكم". وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم الأربعاء 11 يوليو، أن ريفلين بحث هذا الأمر مع نتنياهو، ولكنها لفتت إلى أن الأخير يريد إقرار مشروع القانون بشكل نهائي الأسبوع المقبل، قبل خروج الكنيست في عطلة صيفية. ولكن موقف ريفلين الذي دعمه أعضاء من أحزاب المعارضة، لم يجد آذانا مصغية في اليمين الصهيوني. فقد رد عضو الكنيست من حزب "الليكود" أورين حزان في تغريدة على "تويتر" على تساؤلات ريفلين" قائلا: "الجواب هو نعم بالتأكيد". أما عضو الكنيست من "البيت اليهودي" موطي يوغيف، فقال في تغريدة على حسابه في "تويتر": "لم نعد إلى أرض أجنبية، وإنما إلى أرضنا، أرض إسرائيل، إذا كان قانون القومية عنصريا، فإن كل الصهيونية هي عنصرية". وأضاف: "إن عملية إنشاء دولة إسرائيل كانت إقامة دولة يهودية، دولة للشعب اليهودي". وتابع يوغيف: "إن إقامة بلدات لليهود هو ليس عنصرية وإنما صهيونية". بدوره، دعا عضو الكنيست من "الليكود" يهودا غليك، الرئيس الصهيوني إلى عدم التدخل بالسياسة، وكتب في تغريدة على "تويتر" أنه "لمن المؤسف أن الرئيس لن يتمكن من مساعدة نفسه بالتدخل بالشؤون السياسية، إن هذا التدخل يضر به أولا، ويؤثر على ثقة الشعب بمؤسسة الرئاسة". وانضم المستشار القانوني للحكومة الصهيونية أفيخاي مندلبليت إلى معارضي البند الداعي لإقامة بلدات لليهود فقط. وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية اليوم الأربعاء 11 يوليو، إن مندلبليت حذر نتنياهو من "التداعيات الدولية لسن قانون القومية في شكله الحالي". وأضافت: "كما قال راز نزري، نائب المستشار القانوني للحكومة، خلال النقاش الذي جرى حول القانون في الكنيست، الثلاثاء، إن التصديق على القانون ستكون له تداعيات دولية". وتابعت الصحيفة: "قال إيال زاندبيرغ من مكتب المدعي العام إن هذا البند هو تمييز فاضح". ولم يحدد موعد التصويت على مشروع القانون بالقراءتين الثانية والثالثة.