هناك العديد من المخاطر التى تهدد الأمن القومى المصرى، من الداخل والخارج، فداخلها نظام قمعى يساعد على جميع أنواع "التطرف"، بسبب أعماله القمعية، بجانب ثبوت عمالته للتحالف الصهيو أمريكى، ولمن يدفع من دول الخليج أو العالم، أو يعطى نظامه الانقلاب بالأساس أى شرعية ولو مؤقتة. كل هذا يجعلنا ننظر خارج القطر المصرى، لنرى أبعاد آخرى قد تكون خطيرة، والتى جاء على رأسها سد النهضة الأثيوبية، وتأكيد مخاطره على الأمن المائى المصرى، وتفريط الجنرالات فيه، بل ومساعدة الطرف الأثيوبى على استكمال مخططة لافقار البلاد مائيًا. هل تهدد جيبوتى الأمن القومى المصرى؟ لكن يبقى هناك شئ آخر، وهى القواعد العسكرية فى جيبوتى، والتى أصبحت ميناء رسى للعديد من الجيوش الكبرى حول العالم، والجيوش العربية أصلاً، فتلك الدولة التى تقع على الساحل الغربى لمضيق بابا المندب، ولا تتعدى مساحتها ال 23 ألف كيلو متر، بجانب عدد سكانها الذى لم يتخطى المليون نسمة، قد تكون تهديد على الأمن المصرى. الكاتب والباحث الصحافى، عماد عنان، نشر تقرير بموقع "نون بوست"، تحدث فيه عن هذا الشأن، كما حاول توضيح أهمية جيبوتى، بالنسبة للأمن القومى المصرى، ومخاطر إقامة القواعد العسكرية للعديد من الدول الغربية والأسيوية والعربية أيضًا. فقال أن الموقع الجغرافى لجيبوتى، جعلها مطمع للعديد من التوجهات السياسية والاقتصادية والعسكرية، الإقليمى منها والدولى، فإعلان الصين والسعودية مؤخرًا ومن قبلهم فرنساوأمريكا، جعل التساؤال يلح بشكل مستمر، هل تهدد الأمن القومى المصرى. جيبوتى.. موقعها الاستراتيجى جعلها محط العالم أجمع وتابع الكاتب فى إجابته عن ذلك السؤال، موضحًا أهمية "جيبوتى" وموقعها الجغرافى الذى بنى أساس التهديد عليه، وقال أنها تتمتع بموقع استراتيجى دولى هائل، فهى تقع على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب، وتحدها من الشمال إريتريا، ومن الغرب والجنوب إثيوبيا، والصومال من الجنوب الشرقي، فيما تطل شرقًا على البحر الأحمر وخليج عدن، وعلى الجانب المقابل لها عبر البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية اليمن التي تبعد سواحلها نحو 20 كيلومترًا. العديد من العوامل الجغرافية صنعت مكانة جيبوتي الإستراتيجية، منها إطلالها على مضيق المندب أحد الممرات الأكثر اكتظاظًا بحركة الملاحة في العالم، حيث يستخدم الميناء كنقطة انطلاق الأساطيل الأجنبية المتواجدة في المنطقة بهدف مراقبة خليج عدن وحماية الممر المائي من عمليات القرصنة، إضافة إلى ما ألقاه الصراع في اليمن خلال السنوات الأخيرة من ثقل وأهمية أكبر لهذا الممر، وهو ما دفع دولة مثل الصين للدخول على خط التنافس الأمريكي الأوروبي لتثبيت أقدامها من خلال الاستثمار وإنشاء قواعد عسكرية على أراضيها، كما سيأتي ذكره لاحقا. وقال الكاتب أنه وعلى الرغم من مساحتها الصغيرة إلا أن لها أهمية محورية في منطقة القرن الأفريقي، حيث يدخل خليج "توجورة" عمق البر الجيبوتي لمسافة 61 كم لتمثل منطقة آمنة للإبحار تجاه البحر الأحمر، تعبر فيها أهم الصادرات والواردات العالمية، ما زاد من أهميتها كونها من المحاور الرئيسية للتجارة العالمية، فأكثر من 80 % من السلع التي تستوردها جارتها إثيوبيا، يتم إفراغها في ميناء "دوراليه"، أحد أكبر موانئ المياه العميقة في شرق أفريقيا. كما ساعد قربها من المناطق الملتهبة في إفريقيا وأسيا والشرق الأوسط في إضفاء المزيد من الأهمية الإستراتيجية لهذا الكيان الصغير، ما أهلها لأن تكون أهم دولة في مجال تأمين طرق التجارة وكنقطة انطلاق لمكافحة الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي. واختتم الكاتب تلك الفقرة بإن كل هذه العوامل أهلت جيبوتي لأن تكون ساحة لتسابق العديد من الدول على إنشاء قواعد عسكرية بها، وهو ما ساهم في التقليل من الآثار السلبية الناجمة عن افتقارها للموارد الطبيعية والاقتصادية، وبات هذا الموقع المميز من أهم مصادر الدخل لهذا البلد العربي، الذي يحصل سنويًا على قرابة 160 مليون دولار مقابل تأجير هذه القواعد. أهمية "جيبوتى" بالنسبة لمصر رغم عدم تداول إسم تلك الدولة فى فى العديد من الاتفاقيات والزيارات كما اعتدنا من مسئولى النظام المتعاقبين، إلا أن "جيبوتى"، تمثل أهمية أمنية كبيرة لمصر، وذلك بسبب موقعها الإقليمى كما ذكرناه سابقًا. فجيبوتي تمثل للقاهرة قضية أمن قومي في المقام الأول، خاصة وأنها من أبرز محاور الأمن المائي والاقتصادي والأمني المصري، وقد تزايدت هذه الأهمية مع اتساع رقعة الخلافات بين مصر وإثيوبيا والسودان حول ملف حوض النيل، نتيجة إنشاء أديس أبابا سد النهضة، الذي يمثل تهديدا صريحا لمستقبل مصر المائي. جاءت هذه الأهمية بالتزامن مع غياب الحضور المصري إفريقيا، وتركيز الاهتمام فقط بتعزيز العلاقات مع أمريكا والخليج وروسيا والصين، ما تسبب في ترك الساحة للعديد من القوى الإقليمية الأخرى، لتسحب البساط من تحت الأقدام المصرية، وتعزز من تواجدها إفريقيا، خاصة وأن بعض هذه القوى على علاقة غير جيدة بالقاهرة، ما يضعنا في موقف لا نحسد عليه. فغياب القاهرة عن القارة السمراء طيلة السنوات الماضية، لاسيما منطقة القرن الإفريقي، تدفع فاتورته اليوم بصورة مقلقة، فهاهي الدول التي حلت مكانها تعزز من تواجدها بقواعد عسكرية، وآلاف الجنود، وترسانة من الأسلحة، بما يهدد عمق مصر الجنوبي أمنيًا وسياسيًا من جانب، ومائيًا من جانب أخر، ما يتطلب إعادة النظر في توجهاتها الخارجية صوب القارة عموما ودول القرن بصفة خاصة، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فهل تعيد القاهرة حساباتها الإفريقية من جديد قبل فوات الأوان؟. ونرصد فى السطور التالية، أهم القواعد العسكرية الدولية الموجودة فى جيبوتى، وهى كالتالى:- فرنسا.. القاعدة الأقدم يعتبر وجود القاعدة العسكرية الفرنسية، فى جيبوتى هو الأقدم بين جميع الدول المستعمرة، حيث أنهم سيطروا على جيبوتى، عام 1850، التي ظلت تحت الهيمنة الفرنسية قرابة المائة عام، إلى أن أعلنت استقلالها لكن بصورة غير مكتملة، حيث أبت فرنسا أن تتركها إلا أن تضمن بقاء بعض قواتها بها ضمانا لمصالحها داخل القارة الإفريقية، لذا أبرمت فرنسا وجيبوتي اتفاقية عسكرية تسمح بتواجد ما بين 3800 و4500 جندي فرنسي على الأراضي الجيبوتية، تم تقلص العدد إلى أكثر من 1500 جندي كجزء من قوات حفظ الأمن. وتعد القاعد العسكرية الفرنسية في جيبوتي، أهم قاعدة للفرنسيين في القارة السمراء، مهمتها كما هو معلن حماية حركة التجارة عبر مضيق باب المندب، فضلا عن الاشتراك في حماية جيبوتي من أي اعتداء خارجي أو داخلي، وهو ما حدث في مساعدتها في القضاء على التمرد عام 2001. أمريكا العديد من الأماكن تتواجد بها أمريكا، من أجل الحفاظ على مصالحها ومصالح الكيان الصهيونى، بالطبع، فهى أيضًا تمتلك قاعدة عسكرية هى الوحيدة فى أفريقيا، وتقع جنوبي مطار "أمبولي" الدولي بجيبوتي، وهي قاعدة ليمونيير، وبها ما يزيد عن 3000 جندي أمريكي، أنشئت في 2002، لمراقبة المجال الجوي والبحري والبري للسودان وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا، واليمن، وتمويل وتدريب جنود جيبوتي. وفي مايو الماضي أمدت وزارة الدفاع الأمريكية إيجار القاعدة لعشر سنوات قادمة، وتصل تكلفة الإيجار في العقد الجديد إلى حوالي 60 مليون دولار سنويا، بدلا من 30 مليون دولار التي كانت تدفعها واشنطن قبل ذلك. ومن هذه القاعدة، تنطلق العمليات العسكرية التي تنفذها الجيش الأمريكي في الصومال، حيث "حركة شباب المجاهدين" المسلحة، وفي اليمن، ضد تنظيم القاعدة، إضافة إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية في القارة، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو سياسية. الاتحاد الأوروبى ليس بعيدًا عن المنافسة أيضًا لم يغب الإتحاد الأوروبي عن سباق التنافس نحو الفوز بتواجد عسكري له في جيبوتي، حيث شكلت بعض دول الإتحاد قوة مشتركة أطلق عليها اسم (العملية الأوروبية لمكافحة القرصنة) (أتلانتا)، مهمتها تتركز في العمل على تطويق جرائم القرصنة في مضيق باب المندب، ومراقبة حركة التجارة بها. الإتحاد الأوروبي سمح بوجود مئات الجنود من ثمان دول أوروبية هي: ألمانيا، بلجيكا، أسبانيا، فرنسا، اليونان، هولندا، بريطانيا والسويد، وقد لاقى الوجود الأوروبي ترحيبا واسعا من قبل القيادة الجيبوتية. الصين لم تفوت الفرصة أيضًا تماشيًا مع إستراتيجيتها الجديدة نحو التأثير في المحيط الدولي، وإحياء الدور الغائب منذ عقود طويلة، هاهي الصين تدخل سباق التنافس هي الأخرى للبحث عن تواجد عسكري لها في جيبوتي، حيث أعلنت رسميا البدء في تشييد قاعدة لوجيستية في جيبوتي، كأول منشأة عسكرية للصين في الخارج، وذلك في 25فبراير 2016. يذكر أنه في عام 2015، أجريت حكومتا الصين وجيبوتي العديد من اللقاءات تخللها بعض الزيارات المتبادلة، وذلك بهدف الاتفاق على بناء أول قاعدة عسكرية صينية في إفريقيا، على أن تدخل الخدمة بحلول 2017، حيث تعتزم بكين نشر قرابة 10 آلاف عسكري في هذه القاعدة، التي ستدفع أكثر من عشرين مليون دولار سنوياً مقابل استئجارها، على أن يستمر العقد بين البلدين لمدة عشر سنوات. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، "وو تشيان"، إن الصين وجيبوتي اتفقتا على إنشاء القاعدة، لتصبح استراحة عسكرية وتساعد في إعادة تموين القوات التي تنفذ مهاما حربية أو إنسانية أو مهام لحفظ السلام. السعودية.. من أجل اليمن دفعت الظروف والمستجدات الإقليمية والدولية التي فرضتها ثورات الربيع العربي، لاسيما الحرب الدائرة في اليمن، السعودية إلى البحث عن موطئ قدم لها في إفريقيا عبر بوابة جيبوتي، ومن هنا كان التفكير في إنشاء قاعدة عسكرية سعودية. وبحسب تصريحات وزير خارجية جيبوتي، فإن بلاده أبدت موافقتها الكاملة على إنشاء هذه القاعدة السعودية، التي تسعى الرياض من خلالها إلى دعم تحالفها العربي العسكري في اليمن، الذي تم تكوينه في مارس 2015، . وبحسب الوزير الجيبوتي فإن مسئولين عسكريين من البلدين تبادلا عددا من الزيارات لوضع "مشروع مسودة اتفاق أمني وعسكري واستراتيجي"، على أن يتم التوقيع عليه في "القريب العاجل"، مشيرًا أن التعاون بينهما لن يقتصر على إنشاء قاعدة عسكرية وحسب، بل سيشمل التعاون في كل الجوانب العسكرية برياً وبحرياً وجوياً، حسبما جاء على لسان أعلن سفير جيبوتي في الرياض، ضياء الدين بامخرمة. المصدر/ موقع نون بوست دراسة الكاتب والباحث عماد عنانى*