ربما لاتكفي سنوات وعقود لسرد قصص البطولة في ملحمة الساعات الست التي استغرقها الشعب التركي لإسقاط انقلاب 15 يوليو2016 ..ساعات ست كانت فاصلة بين الحرية والاستعباد من جديد تحت نير الحكم العسكري.. قيادات ومجندون ومواطنون من عامة الشعب رفضوا العودة لدياجير حكم الجنرالات ... وقرروا مواجهة الدبابات .. والقفز فوق المدرعات.. والتعلق بفوهات المدافع . وسحب الأسلحة من جنود الانقلاب .. بل.. واعتراض الطائرات .. بصف السيارات في الممرات لمنع إقلاع المقاتلات .. تلك المقاتلات التي اشتراها الشعب من كده وكدحه لتدافع عنه لا لتقتله أو لتستبعده .. أوتهدر حريته ..وتسطو على مقدراته .. وتحطم مستقبله . لم يبخل أحد بدمه ولم يدخر فرد جهداً أو يؤثر الراحة والدعة.. بل استجاب الكل لنداء الزعيم .. ونفير القيادة .. وصوت الوطن ..فالأمة في خطر داهم .. وعلى شفا هاوية حكم مستبد طاغ ذاق الشعب ويلاته المرة مرارا .. وعانى مذابحه وإخفاقاته وفشله تكراراً .. الجميع شعر بخطر انتهاء حلم اللحاق بالنجوم.. ومخاطر العودة لعصور الظلام .... والتخلف مرة ثانية عن ركب الكبار . الجميع ينادي بصوت واحد عودوا إلى بيوتكم .. ارجعوا إلى ثكناتكم ..دعونا نحقق أحلامنا .. لا تزرعوا الشوك في طريقنا...دباباتكم تدهس إنجازاتنا.. وتحطم أحلامنا .. وتنهي مستقبلنا . رفض قادة شرفاء اغتيال حلم الوطن وخيانة شعبه كرئيس الأركان وقائد القوات البرية .. وبعض قادة الجيوش السبع ...و نقش رئيس المخابرات وأبطال الشرطة ومكافحة الشغب أسماءهم بماء الذهب في صفحات البطولة والكرامة والشرف . وقف الشباب يدفعون الدبابات دفعاً بصدورهم حتى أجبروها على العودة إلى الوراء ..تسلق آخرون ظهور المجنزرات .. وفتحوا أبواب المدرعات لإخراج قادتها ..يصيحون فيهم هل تقتلوننا بأسلحتنا .. أتغتالون أحلامنا بأموالنا ..طارد آخرون المدرعات الهاربة .. اعترضوها بسياراتهم غير العسكرية ...نادوا كل ذرة شرف وإنسانية في قادتها : لاتشعلوا نار الحرب في ديارنا... وشارك الشباب العربي في دحر وإسقاط الانقلاب. أبى عمال الصيانة بمطار قونية معاودة تزويد الطائرات بالوقود والذخيرة بعدما فطنوا للانقلاب ... قائلين وقودنا وذخيرتنا لحماية شعبنا لا لقتله وتدميره.
سارع المزارعون البسطاء لاقتحام قاعدة جوية أخرى .. فعاجلتهم رصاصات الغدر والخيانة .. لم ترهبهم الذخيرة ولا البارود . لم يوقفهم سقوط سبعة شهداء .. فحرقوا أعواد أعواد القش وتصاعدت أدختنها لتضلل الطائرات الغادرة. قفز قائد عربة إطفاء لمركبته بقاعدة ملاطيا معترضاَ سير طائرات الإف 16 فأوقفها .. وأحبط تنفيذ الموجة الثانية للانقلاب المجرم.. وحال دون قصف أنقرة واسطنبول. وهكذا انقشع ليل الانقلاب الأخير عن تركيا الحديثة .