حيل وألاعيب يستخدمها المشكك في نشر الشبهات، فيديو جديد لوحدة بيان في الأزهر    مصر تتعاقد على شراء 7 قطارات نوم قادمة من إسبانيا    قرار عاجل من محافظ الإسكندرية بشأن غرامات الذبح في عيد الأضحى (تفاصيل)    مصطفى بكري يكشف تفاصيل عودة أحد الناشطين من تركيا إلى مصر بعد اعترافه بخطئه (فيديو)    تقرير: جهود زيلينسكي الدبلوماسية تتلقى ضربة مزدوجة قبل قمة سويسرا    السيسي يتلقى اتصالا من الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة    نصرالله: على إسرائيل أن تنتظر من المقاومة في لبنان المفاجآت    تعليق مثير من إنريكي على إقالة تشافي    في مباراة دراماتيكية.. إنبي يقتنص فوزا مثيرا أمام سيراميكا كليوباترا بدوري nile    مباشر سلة BAL - الأهلي (0)-(0) الفتح الرباطي.. بداية اللقاء في المرحلة الترتيبية    195 لجنة.. استعدادات محافظة القاهرة لامتحانات الدبلومات الفنية    رسميا.. نقيب الموسيقيين يعلن تحقيق إيرادات 227 مليون جنيه    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الأعراض الرئيسية لمرض السكري لدى الأطفال والمراهقين    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى (فيديو)    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    منتخب مصر للساق الواحدة: تعرضنا لظلم تحكيمي ونقاتل للتأهل لكأس العالم    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    لاتفيا وفنلندا: سنتابع بهدوء وعن كثب خطط الحدود البحرية الروسية    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    بسبب فستان.. القصة الكاملة ل أزمة ياسين صبري ومصمم أزياء سعودي (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 11 مليون جنيه في 24 ساعة    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    الرئيس البرازيلي: منخرطون في جهود إطلاق سراح المحتجزين بغزة    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    «دولارات الكونفيدرالية» طوق نجاة الزمالك    5 نصائح للتعامل مع منخفض جوي يضرب البلاد الأيام المقبلة.. تحذير من ظاهرة جوية    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    خالد جلال: جوميز ركز على الكونفدرالية فقط.. وهذه نصيحتي لفتوح    عادل عقل يكشف صحة هدف الزمالك وجدل ركلة الجزاء أمام فيوتشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كانوا يتدفقون بسيارات مدنية، المقاتلون العراقيون يظهرون شجاعة كبيرة في الهجوم عل
نشر في التغيير يوم 26 - 07 - 2004


\r\n
ظلت الانفجارات تتوالى من العربات التي اشتعلت فيها النار ونتيجة لوجود ذخيرة واسلحة مضادة للدبابات بداخلها، فيما راح الجنود يحاولون ابعاد العربات السليمة عن ألسنة اللهب المتصاعدة من كل مكان.
\r\n
\r\n
وفي تلك الاثناء كان ويسلي يشرف على عملية انشاء مركز قيادة جديد على بعد عدة مئات من الأمتار عن المركز الاول، كانت الاولوية لاعادة تشغيل اجهزة الاتصالات اللاسلكية التي دمرها الانفجار. وبعد نحو ساعة من الحادث تمكن ويسلي من اجراء اول اتصال من المركز الجديد الذي لم يكن مثل سابقه كامل التجهيزات لكنه افضل بلا شك من لا شيء.
\r\n
\r\n
أخبار سيئة
\r\n
\r\n
ثم توالى على شبكة اللاسلكي المزيد من الاخبار السيئة. فقد اصبح الليفتنانت كولونيل ستيفن تويتي قائد القوة 3 15 تحت الحصار على الطريق السريع الثامن. وكان تويتي قد وزع قواته على مفترقات الطرق الرئيسية الثلاثة على هذا الطريق المؤدي الى وسط المدينة. توقع تويتي بعض المقاومة على هذه المفترقات لكنه واجه عمليات مكثفة لاطلاق النيران من قذائف «ار. بي. جيه» والاسلحة الصغيرة ومدافع الهاون والعربات الانتحارية وحاملات الافراد والمدفعية المضادة للطائرات. كان المسلحون يطلقون النار من فوق اسطح البنايات والمساجد والمدارس. وقد تم نقلهم الى ساحة القتال بالباصات وسيارات الاجرة وعربات الشرطة.
\r\n
\r\n
اعتقد تويتي ان لوائي «روح» و «توسكر» تساندهما المدفعية قد قضيا على معظم جيوب المقاومة عند هذه المفترقات لكنه ادرك الآن ان الانطلاقة الراعدة أدت الى العكس فقد نبهت العراقيين الذين راحوا يقاتلون بضراوة لم يشهدها تويتي من قبل سواء خلال حرب الخليج الاولى او خلال العمليات في جنوب العراق.
\r\n
\r\n
احس بيركنز بخطورة الموقف من صوت تويتي على اللاسلكي، الذي قال «ان الموقف صعب للغاية هنا، فاطلاق النار كثيف ومن كل الاتجاهات ولا استطيع ان اعرف الى متى يمكنني الصمود هنا. انني لا استطيع ان اؤكد الآن ان بامكاني الابقاء على الطريق الثامن مفتوحا».
\r\n
\r\n
كما ابلغ تويتي لبيركنز بأمر ادى الى تغيير ديناميكيات المهمة برمتها، وهي المهمة التي تحققت بنجاح وسرعة مذهلتين رغم القصف الصاروخي الذي تعرض له مركز القيادة. فقد ابلغه ان ما لديه من ذخيرة وصل الى معدلات منخفضة وخطيرة. والأسوأ من ذلك ان امام الوحدات ساعة او ساعتين للعودة، أي ان معدل الذخيرة لن يكفي لتغطية هذه الفترة.
\r\n
\r\n
وشعر بيركنز لأول مرة هذا الصباح بالخوف من ألا يتمكن من ابقاء كتيبتي الدبابات في المدينة وقضاء الليل بها. فاذا تمكن العراقيون من مواجهة المدفعية على مفترقات الطرق، فانهم سيتمكنون من الاندفاع من الباب الخلفي لبيركنز ومهاجمة كتائب الدبابات من الخلف. لقد تم وقف تشغيل دبابات لتعزيز وحدات تويتي على مفترقات الطرق الثلاثة ولمحاولة ابقاء الطريق السريع مفتوحاً.
\r\n
\r\n
كما ابلغ تويتي بيركنز ان رجاله على احد المفترقات يواجهون كما هائلاً من النيران ولا توجد أية دبابات ضمن الوحدة ولايستطيع الصمود بدون وصول تعزيزات. كان بيركنز قد تحدث في وقت سابق مع الجنرال بلاونت لارسال كتيبة من اللواء الاول التابع للفرقة الثالثة الموجود بالمطار لتعزيز وضع القوات على الطريق الثامن.
\r\n
\r\n
وانطلقت بالفعل مدرعات الكتيبة على الطريق السريع الاول جنوب المطار ومنه ستتجه شرقا لتأمين مركز قيادة عمليات اللواء الثاني عند مفترق الطريق الاول والثامن ثم يتم ارسال جزء منها الى الشمال لتعزيز وحدة تويتي مما يسمح بابقاء الطريق مفتوحاً الى وسط بغداد. وفي الوقت نفسه طلب بيركنز من ويسلي في مركز القيادة الجديد بحث دعم تويتي الذي اراد فصيلة من فصيلتي الكتيبة التي ظلت لحماية مركز القيادة. استمع ويسلي الى كل ذلك على شبكة اللاسلكي التي اعاد تركيبها بعد القصف الصاروخي. كان يعرف ان تويتي في وضع غاية في الصعوبة على الطريق الثامن.
\r\n
\r\n
كما كان يعرف ان تأمين هذا الطريق امر حيوي لضمان وصول الوقود والذخيرة الى كتائب الدبابات داخل بغداد. ابلغ ويسلي تويتي بانه سيرسل اليه الفصيلتين، وهو ما يعني ان المركز سيبقى دون مدرعات تدافع عنه الا ان ويسلي رأى ان تويتي في حاجة ماسة للدعم اكثر من احتياجه هو له. كان رتل المدرعات يتكون من خمس عربات برادلي وعربتي «همفي» مصفحتين ومدافع عيار 50 ملم وبعض العربات التي عليها منصات هاون وعربة حاملة للافراد بها عدد من المهندسين.
\r\n
\r\n
وصل الرتل الى مفترق الطريق الاول في الصباح بعد مرور وقت قليل على مرور كتيبتي «توسكر» و «روح» المدرعتين باتجاه وسط المدينة. كانت الرؤية صعبة للغاية فقد هبت عاصفة رملية اختلطت بأعمدة الدخان فتحول المكان الى غيمة كبيرة انخفضت فيها الرؤية لادنى حد. تم توزيع العربات في أماكن استراتيجية مختلفة وسط وابل من قذائف «آر. بي. جيه» التي تأتي من كل اتجاه. فقد كان المقاتلون متمترسين في خنادق على جانبي الطريق الرئيسي كما كانوا منتشرين بالشوارع الضيقة وفوق اسطح البنايات القريبة وخلف النوافذ.
\r\n
\r\n
كان العراقيون يطلقون النار من جهة، ثم يتوقف اطلاق النار، لتفتح مجموعة اخرى النار من جهة اخرى، شعر قائد الوحدة الاميركية انه لو كان العراقيون قد نجحوا في تنسيق هجوم في وقت واحد ومن كل الاتجاهات لكانوا قد تغلبوا على وحدته قليلة العدد والعتاد. الا انه كان من السهل اصطياد العراقيين نظرا لانهم لم يتمتعوا بأي نوع من الحماية سواء خوذات الرأس أو السترات الواقعية من الرصاص. ومع ذلك فقد دارت معارك شرسة وعنيفة على مفترقات الطريق الثامن السريع اصيب فيها الكثير من الجنود الاميركيين.
\r\n
\r\n
كان الليفتنانت كولونيل ستيفن تويتي يتوقع الا يواجه مقاومة بهذه الشراسة على مفترقات الطريق الثامن، كما توقع ان يسيطر بسرعة على هذه المفترقات وعلى الطرق والشوارع المؤدية الى الاحياء التجارية والسكنية. الا انه وجد المقاتلين يحيطون برجاله ويطلقون نيرانا كثيفة في كل المفترقات الثلاثة.
\r\n
\r\n
لقد شارك تويتي في حرب الخليج الاولى، ولكنه لم يتعرض من قبل لمثل هذا الموقف الصعب. خلال حرب الخليج الاول كان يرى الجنود العراقيين يستسلمون بالآلاف اذا ماتعرضوا لأية ضغوط، اما الآن فانهم يقاتلون بضراوة على الطريق الثامن. كانت الدبابات وعربات برادلي تقتل الكثيرين منهم، الا ان اخرين يظهرون في ساحة القتال ويواصلون اطلاق النيران.
\r\n
\r\n
وكانت سيارات مدنية من كل الأنواع سواء كانت سيارات اجرة او حافلات او سيارات خاصة قديمة تنقل مسلحين من كل صوب الى الطريق الثامن، وبدلاً من ان ينزلوا في اماكن شبه آمنة فانهم ينزلون على بعد مسافة قليلة من الدبابات والعربات المدرعة. ورأى تويتي بعينيه حافلة تحمل مقاتلين تندفع وسط كتلة من اللهب ليحترق المقاتلون بداخلها.
\r\n
\r\n
كانت هذه المعارك الشرسة تدور في الوقت الذي كان فيه الجنود الاميركيون يحتفلون بالاستيلاء على مجمع القصور. شعر تويتي بالاستياء وهو يفكر في هذا الوضع بينما يواجه هو ورجاله معركة حياة اوموت على طريق مفتوح من كل الاتجاهات ويتعرض لكل انواع القذائف.
\r\n
\r\n
ادت هذه المعارك الشرسة غير المتوقعة الى اقتراب الوقود والذخيرة من النفاد لدى القوات على مفترقات الطريق السريع. كان تويتي يتوقع ان تصمد الوحدات القتالية للحفاظ على الطريق مفتوحاً، لكنه لم يتوقع ان تخوض هذه الوحدات قتال حياة او موت وان تواجه نفادا للوقود والذخيرة.
\r\n
\r\n
كمين مفاجيء
\r\n
\r\n
حدث ما كان يخشاه الجميع، فقد تعرض رتل عربات الوقود والذخيرة الى كمين وحوصر على الطريق السريع. ورغم ان الاميركيين فتحوا النار بكثافة على المقاتلين العراقيين، الا ان طلقات الرشاشات وقذائف «آر. بي. جي» ازدادت كثافة هي الاخرى، كما القى العراقيون باعداد من القنابل اليدوية بين العربات.
\r\n
\r\n
كان الميجور دنتون ناب، مساعد تويتي يتابع على اجهزة الرادار والاتصالات اللاسلكية كل ما يدور من تطورات على الطريق السريع الثامن وداخل مجمع القصور. لم يكن ناب يتوقع كغيره قتالا بمثل هذه الكثافة واعدادا من المقاتلين بأسلحتهم الخفيفة وبجرأتهم في مواجهة الدبابات والعربات القتالية الاكثر تطوراً في العالم. لقد نجح العراقيون في مفاجأة الكتيبة بدفاعهم الضاري عن الطريق وقدرتهم على الهجوم من كل الاتجاهات. كما لم يتصور ناب ان يتواصل وصول المقاتلين على متن سيارات وشاحنات صغيرة وحافلات بل ودراجات نارية ايضا.
\r\n
\r\n
بعد ساعات من القتال هدأ الوضع، واتفق جميع قادة الوحدات على ان الوضع اصبح مستقراً على الطريق الثامن، وانهم حققوا «سيطرة ايجابية».
\r\n
\r\n
في ذلك الوقت وقبل حلول الظهر بقليل كان الكولونيل بيركنز قد هيأ الظروف التي تسمح لكتائب الدبابات بقضاء الليل في مركز المدينة، لكنه كان يشعر بقلق ازاء المسافة التي تصل الى نحو ميل التي تربط طريق الكندي السريع بمفترق الطرق المؤدي الى مركز قيادة بيركنز داخل قصر سجود.
\r\n
\r\n
كان الجنرال بلاونت قد خصص كتيبة تابعة للواء الاول بالفرقة المسيطرة على المطار لتقوم بمهمة قوة الدعم لتخفيف العبء على الفرق المقاتلة عند مفترق الطرق ولتوفير الامان لمركز القيادة الجديد للكولونيل ويسلي.
\r\n
\r\n
وهذه الخطوة حققت الكثير للكولونيل بيركنز حيث سيضمن وصول الذخيرة والوقود الى الفرق المقاتلة على مفترقات الطرق الثلاثة مما يعزز قدرتها على ابقاء الطريق السريع مفتوحاً كما سيدعم القوة التي تسعى الى تأمين طريق الكندي السريع الذي يفضي الى مؤخرة قوات بيركنز. كما تعزز مثل هذه الخطوة القوة القتالية داخل وسط المدينة.
\r\n
\r\n
كانت مهمة دخول قوات جديدة وانسحاب قوات اخرى مسألة محفوفة بمخاطر هائلة اذ ان هناك احتمالا كبيراً من التعرض لنيران صديقة وسط سحب وأعمدة الدخان من العربات المحترقة. وقد حدث ان تعرض بعض الجنود بالفعل لنيران صديقة خلال العملية التي جرت وسط اطلاق كثيف للنار من جانب العراقيين. ونلاحظ هنا ان المؤلف قد خصص مساحة كبيرة من كتابه للقتال العنيف الذي دار على الطريق السريع الثامن..
\r\n
\r\n
ويقول ان المقاتلين العراقيين والعرب نجحوا في اطلاق قذائف «آر. بي. جي» على جزء من رتل الوقود والذخيرة وقد ادى انفجار الذخيرة باحدى الشاحنات الى اشتعال النيران بشكل كثيف واصابة العديد من الضباط والجنود الاميركيين وتصاعد اعمدة من الدخان الأسود الكثيف. وأدت كرات اللهب التي اتسع نطاقها هنا وهناك على الطريق الى محاصرة عربات الامداد التي كانت متوقفة عند حافة الطريق وقد نجح الجنود في نقل عربة واحدة من عربات الامداد الى الجانب الغربي من الطريق السريع. بينما اشتعلت النيران في عربتي ذخيرة اخريتين وفي شاحنة وقود اخرى.
\r\n
\r\n
وكانت وحدات الاسعافات الأولية تعاني من كثرة الاصابات التي تحاول علاجها مع تزايد اعداد الجنود والضباط الذين تعرضوا لشظايا او لطلقات نارية مباشرة أو اجزاء من عربات متطايرة. وفي وسط حالة الفوضى والاضطراب التي سادت بين القوات الاميركية، نسي الفريق الطبي جثة احد الجنود التي وضعوها داخل كيس اسود بجوار الطريق حتى يتوقف اطلاق النار.
\r\n
\r\n
الا ان قيادة القوات طلبت من القوات التي انسحبت بالعودة لاحضار الجثة. ووسط اطلاق النار والدخان تمكن عدد من الجنود من العثور على الكيس الاسود وحمله الى العربة المصفحة. وكان هذا الجندي واحداً من جنديين قتلا خلال الكمين الذي نصبه العراقيون للقوة الاميركية.
\r\n
\r\n
البقاء في بغداد
\r\n
\r\n
كان الوضع في غاية الصعوبة بالنسبة لديفيد بيركنز. فالعقل يقول له قلص من خسائرك وانسحب واقتحم العاصمة في يوم آخر. كان بيركنز لا يزال في ساحة العرض العسكري قبل الظهر بقليل يقف بجوار عربة القيادة مع دي كامب وشوارتز. كان التحرك المنطقي هو الانسحاب واعادة تنظيم صفوف قواته. فقد تعرض مركز قيادة لوائه للاحتراق نتيجة لهجوم صاروخي، كما انه استنزف قوته الاحتياطية وترك المركز الجديد الذي اعيد بناؤه عرضة لأي هجوم آخر.
\r\n
\r\n
وتعرض رتل امدادات الوقود والذخيرة لكمين خطير على الطريق السريع الثامن. والآن فان خمسا من شاحنات الوقود والذخيرة تشتعل فيها النيران على الطريق السريع. وتستعد الشاحنات التي فلتت من الكمين للتحرك على الطريق مع عدم وجود ما يضمن عدم تعرضها لكمين جديد. ولا تزال وحداته القتالية عند مفترق الطرق تواصل الحركة في ظل معدل منخفض من الذخيرة والوقود، رغم اهمية الدور الذي تقوم به وهو حماية مؤخرة قوات بيركنز الموجودة في وسط المدينة.
\r\n
\r\n
كان المنطق يدعوه الى الانسحاب من المدينة، لكنه شعر بأنه يتعين عليه الاصرار على التمسك بما حققه. فقد قاتل رجاله قتالا شرسا لاختراق بغداد والوصول الى مجمع القصور. وقتل رجلان من رجاله وهما يحاولان توصيل امدادات الوقود والذخيرة الى رتل المدرعات على الطريق السريع الثامن. شعر بيركنز بأنه من غيرالمعقول ان يطلب من جنوده بعد كل ذلك خوض معارك جديدة خلال عملية الانسحاب وان يتخلى عن اراض اصبحت تحت قبضته بالفعل وتعتبر ذات قيمة معنوية واستراتيجية.
\r\n
\r\n
كما جازف بيركنز بسمعته العسكرية وهو يحاول اقناع الجنرال بلاونت والجنرال اوستين بالضغط على القيادة العليا والقيادة العسكرية الوسطى في البحرين للموافقة على فكرته. كان بلاونت واوستين يؤمنان بقدرات بيركنز وراهنا على امكانية نجاح خطته. والآن فقد استمع بيركنز لصوت بلاونت على شبكة اللاسلكي من المطار وهو ينقل له قرار القيادة العليا. لقد ترك كبار القادة هذا القرار الاكثر حسما في الحرب لتصرف بيركنز هذاالضابط الذي يبلغ من العمر 44 عاما فقط والذي لم يمر بخبرة ساحات القتال قبل هذا الغزو.
\r\n
\r\n
ورغم كل الانتكاسات التي تعرض لها ضباطه وجنوده هذا الصباح، فقد وضع بيركنز كل ثقته فيهم وفي قدراتهم التدريبية وتصميمهم على اتمام المهمة، وقدرتهم على السيطرة على الطريق السريع الثامن وابقائه مفتوحا لمرور امدادات الوقود والذخيرة لتصل الى القوات المتمركزة عند مجمع القصور مهما ادى ذلك الى وقوع المزيد من الخسائر. كما أن دي كامب وشوارتز يريدان البقاء وهو يثق في حكمهما على الامور.
\r\n
\r\n
كانت العربات الانتحارية تسبب قلقا كبيرا للقوات على الطريق السريع. فقد كان يتواصل اندفاعها باستمرار محملة بالمتفجرات لتتجاوز المتاريس التي اقامها المهندسون جنوب مفترق الطريق لحماية الدبابات والعربات المصفحة.
\r\n
\r\n
تولى الكابتن دان هوبارد مسئولية الوحدة التي تقوم بحماية مفترق الطريق القريب من مركز القيادة الذي أنشأه الليفتنانت كولونيل تويتي. وقد قضى هوبارد الصباح تحت وابل من النيران التي تنطلق من كل مكان. كما تعرضت دبابته لاكثر من خمس قذائف «آر. بي. جي» وكان المقاتلون يلقون بالقنابل اليدوية من بنايات الى الشرق من مفترق الطريق، بينما كان مسلحون بملابس مدنية يخرجون من بين اشجار النخيل ويفتحون النار. ومن الجنوب الشرقي لمفترق الطريق يوجد خط للسكك الحديدية وكان رجال من الحرس الجمهوري يهاجمون القوات الاميركية من بستان آخر لاشجار النخيل.
\r\n
\r\n
والى الجنوب الغربي كانت توجد منطقة كثيفة بالبنايات السكنية اثارت مخاوف هوبارد نظرا لامكانية استخدامها كمخازن لامدادات الذخيرة. وفي احدى المرات وبعد ان اتخذت وحدات هوبارد مواقعها على مفترق الطريق بعد ظهور اولى خيوط ضوء الصباح، اضطر هوبارد لقتال اعداد من العراقيين تقدموا نحوه على الاقدام لمسافة لم يكن يتوقعها على الاطلاق، واضطر الجنود من حوله الى اطلاق نيران كثيفة والقاء قنابل يدوية للتخلص منهم، كما اصابت احدى قذائف «آر. بي. جيه» دبابة واشتعلت فيها النيران وراحت الذخيرة تنفجر داخل الدبابة وهذه هي ثاني دبابة تصاب في عملية اطلاق النار.
\r\n
\r\n
كما اصيبت عربتا برادلي. ورغم كثافة النيران فقد كان هوبارد على ثقة في امكانية الصمود والسيطرة على مفترق الطريق. فقد كانت تحت قيادته ثماني دبابات في مقابل اربع دبابات في مفترق الطريق الآخر، بينما تصمد القوات في مفترق الطريق الثالث دون دبابات. وقد خاض الجزء الاول من المعركة بست دبابات فقط نظرا لارسال دبابة للمساعدة في انقاذ دبابة محترقة تابعة للواء الانطلاقة الراعدة، كما تم ارسال اخرى كقوة دعم، ولكن الآن فإن الدبابات الثماني تشارك في القتال. كما تساعد المدفعية في دك البنايات المجاورة والخنادق التي يخرج منها المقاتلون بشكل متواصل.
\r\n
\r\n
والى الجنوب من المفترق كان الليفتنانت كولونيل تويتي لا يزال يخوض قتالاً على الطريق الثامن، وكان افراد وحدته يطلقون النار على المقاتلين داخل الخنادق. واجهت وحدة تويتي نقصا حادا في الذخيرة نظرا لكثافة القتال واستخدام كميات كبيرة من الذخيرة لم تكن الوحدة تتوقع استنزافها.
\r\n
\r\n
وضع خطير
\r\n
\r\n
وعند مفترق الطرق الثالث كان الوضع خطيرا. فهذا المفترق تتفرع منه العديد من الطرق الرئيسية. فالطريق الشمالي يؤدي الى حي اليرموك والشرقي الى مجمع القصور والغربي الى المطار والجنوبي الى الطريق الثامن السريع، والطريق الصحراوي الى مدنية هلالة. وكانت الطرق تعلو بعضها البعض، وتحت هذه الطرق كانت تنتشر احياء سكنية تضم العديد من المحلات التجارية والاسواق. كان هذا المفترق مزدحما بالحركة المرورية ويصعب الدفاع عنه.
\r\n
\r\n
كانت الوحدة التي طلب منها الدفاع عن هذا المفترق متدربة على المناورة في الصحراء المفتوحة ولم يتم التدريب على حرب المدن سوى لأيام قليلة في الكويت. لكن افراد الوحدة لم يتوقعوا قط ان يخوضوا قتالا على مفترق طرق مزدحم بالحركة. وعندما بدأ القتال بدا لهم الامر كما لو انهم يشاهدون فيلما من افلام هوليوود. فالعراقيون يطلقون نيران الآر. بي. حيه من كل صوب والعربات الانتحارية تنطلق نحو الدبابات وعربات برادلي بسرعة فائقة والقنابل اليدوية تنفجر في كل مكان.
\r\n
\r\n
وبحلول فترة ما بعد الظهر كانت خسائر هذه الوحدة عالية، فقد اصيب ثمانية افراد كما تعرضت كل عربة تقريبا لاصابة واحدة على الاقل من قذائف «آر. بي. جي» كما اصابت القذائف العديد من اسلحة العربات. ومن الجهتين الغربية والشمالية اندفعت العربات والشاحنات الانتحارية نحو الرتل المدرع. وقد وصل عدد هذه العربات الى العشرين بحلول بعد الظهر.
\r\n
\r\n
وفي احدى المرات انطلقت سيارة خاصة بسرعة مئة كيلومتر في الساعة نحو احدى العربات وكادت تصيب احدى العربات قبل ان توقفها قذيفة قوية. الا ان السائق نجا باعجوبة وخرج منها وهو يطلق نار بندقيته الآلية حتى تعرض لاصابة قاتلة. كما اندفعت من الغرب سيارة شيفروليه كابريس زرقاء اللون باتجاه عربتي برادلي لكن قذيفة عيار 25 ملم اوقفتها وحولتها الى كتلة من النيران. خرج السائق من السيارة وفي يده قنبلة يدوية لكنها انفجرت فيه قبل ان يتمكن من القائها.
\r\n
\r\n
كما تمكن العديد من المقاتلين العراقيين من الاختراق خلف خطوط الدبابات والعربات واطلقوا النار على عدد من المهندسين كانوا يحاولون وضع متاريس على الطريق. وقد اثار هذا الحادث الذعر في نفوس الكثير من الجنود الذين شعروا بامكانية اختراق خطوط دفاعاتهم، وعند الساعة الثالثة عصرا تلقت قيادة الوحدة تحذيرات بان مخزون الوقود والذخيرة قد وصل الى معدل منخفض ينذر بالخطر، بل ان بعض الدبابات نفد منها الوقود واضطرت الى وقف محركاتها .
\r\n
\r\n
وهذا يعني انها تستطيع اطلاق النار ولكنها لا تستطيع المناورة. وقد ازداد الموقف سوءا عندما علمت قيادة الوحدة بأن قافلة الوقود والذخيرة قد نصب لها كمين وهي في الطريق وان عدة عربات ذخيرة ووقود قد انفجرت عند مفترق الطرق الثاني، ومع ذلك تم ارسال بعض العربات الى مفترق الطرق الثالث الا انها ضلت طريقها في ظل انهيار خطوط الاتصالات وحالة الفوضى التي كانت سائدة على طول الطريق السريع الثامن.
\r\n
\r\n
فقد كان مقرراً ان تنفصل عربات الوقود والذخيرة عن مجموعة من الدبابات وعربات برادلي التي كانت تحميها عند اقترابها من مفترق الطرق. كان الليل قد بدأ يهبط والظلام ينتشر وسط اعمدة الدخان التي قللت كثيرا من الرؤية على الطريق ظن افراد الدبابات وعربات برادلي ان عربات الوقود والذخيرة قد انفصلت عنهم وفقا لما هو مقرر، لكن هذا لم يحدث اذ عندما انسحبت الدبابات لتأمين طريق الكندي السريع تبعتهم عربات الوقود.
\r\n
\r\n
وعندما رأت قيادة الوحدة على مفترق الطرق الثالث عربات الوقود والذخيرة تبتعد عنهم شعروا بالاحباط. فقط انتظروا لساعات وصولها، وعندما رأوها تهللوا والآن فإنها تتلاشى بعيدا.
\r\n
\r\n
كانت عربات الامداد ومعظمها من نوع همفي الخفيفة تقف على الطريق الثامن بالقرب من مركز قيادة اللواء الثاني الذي كان قد انطلق في الصباح الى وسط بغداد. كان قائد هذه الوحدة الليفتنانت فيليب لو مسئولا عن تزويد اللواء بالوقود والذخيرة، وقد انهى لتوه هذه المهمة وبانتظار اي تعليمات جديدة لاعادة تزويد المدرعات بالوقود والذخيرة، وعندما تعرض مركز قيادة اللواء لهجوم صاروخي اعتقد لو نظرا لقربه من المركز ان وحدته تتعرض لقصف مدفعي.
\r\n
\r\n
فاصدر اوامره بتحرك العربات بسرعة خاصة انها عربات من السهل احداث اضرار بالغة بها نظرا لخفة هيكلها بالمقارنة مع عربات برادلي القتالية ونظرا لما تحمله من وقود وذخيرة. انتاب عدد من سائقي الوحدة الذعر وهم يقودون عرباتهم للوصول بها الى مكان آمن بعيدا عن كرات اللهب التي راحت تنطلق في الهواء وتتجه نحوهم. الا انهم تمكنوا في النهاية من اختيار مكان آمن جنوب المركز. في ذلك الوقت تلقى لو تحذيرا من قيادة اللواء بان المركز تعرض لقصف صاروخي وان قافلة الوقود والذخيرة تعرضت لكمين وان الطريق السريع الثامن ما يزال غير آمن وتنتشر في مختلف اركانه ومفترقاته المعارك.
\r\n
\r\n
مرت بعد ذلك ساعتان وظن لو ورجاله انهم سيقضون الليلة على الطريق. كان الوقت عصرا وعرفوا ان قادة اللواء لا يريدون ان تغامر قافلة الامدادات بالسير على الطريق السريع في الظلام. ورأوا ان من الاسلم الانطلاق مع اول شعاع للشمس حتى تكون الوحدات القتالية قد سيطرت على مفترقات الطرق. لكن لو تلقى اتصالاً لاسلكيا من الكابتن بوكيت الذي قال «اننا سنقضي الليل في بغداد ونحتاج لان تتحركوا الآن لتزودوا مدرعات اللواء بكل مالديكم من ذخيرة ووقود.
\r\n
\r\n
لم يكن لو يتوقع صدور مثل هذا الامر في هذا الوقت المتأخر فرد قائلا «هل تمزح؟».
\r\n
\r\n
قال بوكيت «بالطبع لا .. وبالمناسبة فان الطريق السريع مازال غير مأمون»!
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.