بعد ثلاثة أسابيع من سرقة لوحة زهرة الخشخاش الثمينة تفجرت أمس الثلاثاء فضيحة من المتوقع أن تطيح برؤوس وزارة الثقافة وعلى رأسهم الوزير فاروق حسني حيث اكتشفت السطات المصرية سرقة خبيئة أثرية لا تقدر بثمن وتضم 83 لوحة نادرة من العصر الإسلامي. وكانت بعثة من الهيئة المصرية للآثار قد اكتشفت الخبيئة في شهر أكتوبر من العام 93 وعلى رأس البعثة التي اكتشفت الخبيئة الفنان عز الدين نجيب وتنتمي اللوحات للعصر العثماني وحتى مطلع القرن العشرين وتضم العديد من المخطوطات والأعمال الفنية النادرة المصنوعة من الذهب ومن بينها نماذج لآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأبيات من الشعر وحكم وأمثال.
وتتراوح أحجام اللوحات ما بين خمسين إلى سبعين سنتيمترا وتنتمي بعض تلك الأعمال للفنان التركي الأشهر عبد الله بك زهدي الذي قام بزخرفة مسجد الحسين وسبيل أم عباس.
وفي تصريحات صحفية، أكد فاروق حسني وزير الثقافة بأنه يعلم قدر تلك الخبيئة وأهميتها التي لا تقدر بثمن وكشف النقاب عن أنه أصدر أوامره على عجل للجان الجرد التابعة للهيئة العامة للاثار من أجل تفتيش كافة المتاحف التابعة لقطاع الفنون التشكيلية والمجلس الاعلى للآثار والتنقيب داخل كل المخازن والغرف والقاعات بحثاً عن تلك الخبيئة.
وبسؤال فاروق حسني عن الحرج الذي سيلاحقه بسبب احتمال استدعائه للنيابة خلال الساعات المقبلة بسبب اختفاء الخبيئة التي تتجاوز قيمتها وأهميتها لوحة فان غوخ قال هذا أمر مستبعد ولن أقبل أن يتم تشويه تاريخي فأنا الأكثر غيرة على مقتنيات وكنوز مصر.
وواصل حسني تصريحاته متهماً حفنة من الصحافيين بشن حرب مسمومة ضده واعترف بأن هناك تقصيرا في قطاع الفنون التشكيلية لازالت تبعاته تتوالى وقال وزير الثقافة "على الصعيد النفسي لن أقبل بالمثول أمام أي جهاز للتحقيق"، مؤكداً أنه ذهب بمحض إرادته لمكتب النائب العام لتقديم شهادته عن حادثة سرقة لوحة زهرة الخشخاش، وليس صحيحاً ما تردد عن أنه مثل رغماً عن إرادته، وفق زعمه.
يذكر ان البحث عن اللوحة لا يزال مستمرًا وان الامن راقب خلال الفترة السابقة اكثر من ثلاثة الاف سائح ايطالي حيث ان اجهزة الامن كانت ذكرت ان شابًا وفتاة من ايطاليا دخلا الى المتحف يوم الحادثة لمدة اكثر من 30 دقيقة وكانت تصرفاتهما مريبة الا ان الامن لم ينتبه لهما ولم يسجل اسميهما كما هو معمول به في هذا المتحف.
وتوقع مراقبون أن تسفر الحادثة الجديدة للإطاحة بوزير الثقافة من المنصب الذي يشغله منذ 23 عاماً حيث اصبح يمثل عبئاً على مؤسسة الرئاسة التي تعرضت لانتقادات عديدة من قبل العيد من الكتاب والسياسيين في العديد من المواقف التي شهدتها وزارة الثقافة وعلى رأسها حريق مسرح بني سويف الذي أسفر عن مصرع العشرات فضلاً عن العديد من الحوادث الأخرى التي أسفرت عن جبهة مضادة للوزير شارك بها بعض رموز السلطة.
وفي سياق متصل أعدت أمس نيابة شمال الجيزة الكلية مذكرة للمستشار عبدالمجيد محمود النائب العام توصي فيها بإحالة محسن شعلان وكيل أول وزارة الثقافة و5 آخرين من مسؤولي متحف محمود خليل للمحاكمة الجنائية لاتهامهم بالإهمال في أداء عملهم مما سهل لشخص مجهول سرقة لوحة الخشخاش من المتحف وقيمتها 50 مليون دولار.
وقد وجهت نيابة شمال الجيزة برئاسة محمود الحفناوي رئيس النيابة، بإشراف القاضي هشام الدرندلي المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة للمتهمين تهمتي الإهمال الجسيم والإضرار غير العمدي بالمال العام.
وأوصت المذكرة بإحالة كل من محسن شعلان وكيل أول وزارة الثقافة رئيس قطاع الفنون التشكيلية، المتهم الرئيسي في القضية، وعلاء منصور محمد حسن، وأشرف عبدالقادر محمد سيد، وعادل محمد، ومحمد عبدالصبور، أفراد الأمن الداخلي بالمتحف، وعلي أحمد ناصر إسماعيل، أمين العهدة بالمتحف إلى المحاكمة الجنائية.
وكشفت التحقيقات أن وكيل أول وزارة الثقافة له مقر دائم بمبنى متحف محمود خليل، يوجود فيه بصورة يومية، و'أهمل في القيام بواجبات وظيفته في تلافي أوجه القصور الشديدة في إجراءات التأمين باستبدال الكاميرات وأجهزة الإنذار المعطلة على الرغم من أن تكلفة استبدالها في حدود الإمكانات المالية المتاحة مما سهل سرقة اللوحة.
وكان أكثر من 100 مثقف وسياسي مصري قد وقعوا مؤخراً على بيان باقالة وزير الثقافة المصري فاروق حسني 'ومحاكمته على اهدار المال العام واضراره بالمصالح الوطنية' وتعدد مظاهر ما سموه بالفساد ومنها سرقة لوحة (زهرة الخشخاش) لفان غوخ قبل أسبوعين من متحف (محمد محمود خليل وحرمه) بالقاهرة وتقدر قيمتها بنحو 55 مليون دولار.
والبيان الذى حمل عنوان "فلترحل منظومة الفساد"، اتهم وزير الثقافة بأنه منذ بداية توليه منصبه وهو يهدف الى "وضع المثقفين في الحظيرة -على حد تعبيره- متوجها بذلك الى تدجين المثقفين لا الى بناء الثقافة".
وعدد البيان ما اعتبره "فضائح" أو اخفاقات للوزارة ومنها حريق المسافرخانة وهي بيت أثري بالقاهرة عام 1998، وحريق شب فى العام 2005 في مسرح اقليمي جنوبي القاهرة أدى الى مقتل أكثر من 50 مسرحيا وتعرض بعض مساعدي الوزير للمحاكمة ومنهم مسؤول يقضي عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بعد اتهامه بالفساد واستغلال النفوذ اضافة الى سرقة تسع لوحات أثرية ترجع لعصر أسرة محمد علي (1805-1952) في مارس 2009 من قصر محمد علي في منطقة شبرا الخيمة بشمال القاهرة.
وقال الموقعون على البيان ان سياسات وزارة الثقافة التي يتولاها وزير الثقافة منذ عام 1987 عبارة عن "تخبط وارتباك وعماء لم تشهد مصر لها مثيلا في تاريخها الثقافي الحديث... أثار ( الوزير) على نحو غير مسبوق سخط الوسط الثقافي المصري وتساؤلاته عن السر من وراء بقاء هذا الوزير وبطانته كل هذه الفترة في ظل هذه الفضائح".
ودعا الموقعون على هذا البيان الى "وجوب رحيل وزير الثقافة عن موقعه ومحاكمته على اهدار المال العام واضراره بالمصالح الوطنية".
ومن الموقعين على البيان الدكتورالطاهر مكي وعبد العزيز مخيون وبلال فضل وعلاء عبد الهادي وأبو العلا ماضي وأبو العز الحريري وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمود قرني وسيد البحراوي وأمينة رشيد وعاصم الدسوقي وأحمد بهاء الدين شعبان وحمدين الصباحي وأمين اسكندر وجورج اسحق وعبد الغفار وصافي ناز كاظم وصنع الله ابراهيم وعلاء الاسواني ومحمد حافظ دياب وشوقي جلال.