شهدت قاعة مجلس الشورى ملاسنات حادة بين النواب ووزير المالية إثر مناقشة الموازنة العامة التي قدمتها الحكومة لهذا العام. وحذر النواب من خطورة استمرار عدم وصول الدعم إلى مستحقيه، وانتقدوا توجيه الجزء الأكبر منه إلى المنتجات البترولية على حساب السلع التموينية الضرورية، مشددين أن المواطن العادي لا يجب أن يتحمل أعباء تكلفة الطاقة التي يستخدمها المستثمر في إنتاج منتجاته التي يبيعها بعد ذلك بأسعار عالمية!! وقال النائب محمد رجب زعيم الأغلبية "كيف يعقل أن يخصص دعم للمنتجات البترولية بواقع 67 مليار جنيه، بينما لا يتجاوز دعم السلع التموينية 13 مليارًا"، وطالب بضرورة الحفاظ على الدعم العيني وعدم استبداله بالدعم النقدي. بينما انتقد الدكتور رفعت السعيد الصورة الوردية التي قدمها وزيرا المالية والتنمية الاقتصادية في بياناتهما، وقال إنها تحتاج إلى تصحيح، مشيراً إلى وجود 4 أرقام مختلفة لمتوسطات الأجور في الدولة، كل منها منسوب لصاحبه، وهم وزراء التنمية الاقتصادية، والمالية، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ورئيس البنك المركزي. وأضاف "ولأننا نصدق الملط والعقدة أكثر من الوزيرين، فأعتقد أن الأجور قد انخفضت، وأن هناك تفاوتا كبيرا فيها، ولذلك أطالب بوضع حد أدنى للأجور، بحيث تكون النسبة مقبولة". وأوضح السعيد أن نصيب الفرد في الدين الأجنبي بلغ 418 دولار، وأن القطاع الخاص يحصل على 80% من إجمالي الدخل بينما يدفع 29% من الضرائب وتساءل عن سبب عدم فرض الحكومة ضرائب تصاعدية على القطاع الخاص، وأجاب قائلاً "الوزير طبعا هيقولي حتى نحافظ على المستثمرين". وأضاف أن الحكومة أصبحت ذات وجهين لا يمكن الربط بينهم، فهي تضرب الفقراء بدعوى الحفاظ على المستثمرين ثم تضرب المستثمرين بدعوى الحفاظ على المستثمرين الأجانب. وهاجم السعيد الحكومة لفتحها الباب بلا حدود لاستيراد سلع لها مثيل في مصر، إضافة إلى صرف أموال باهظة على استيراد منتجات لا تعنى المواطن منها الكافيار والاستاكوزا تتجاوز 40 مليون دولار!! من ناحيته، وصف ناجى الشهابي،رئيس حزب الجيل، الموازنة بأنها إشهار إفلاس، معبرًا عن قلقه من ازدياد قيمة الدين العام الداخلي والخارجي الذي وصل إلى 1.1 تريليون جنيه من قيمة الناتج القومي المحلى. وأكد أن الموازنة لم تقدم رؤية واضحة لمضاعفة الإيرادات، من خلال إنتاج حقيقي بدلاً من "الاختراع" الذي يلجأ إليه وزير المالية وهو السندات التي يبيعها في الخارج، والتي تصل فائدتها إلى 7%. وطالب الشهابي بفرض رسم قيمة على مياه النيل التي وصلت إلى منتجعات "الأكابر" في الطريق الصحراوي. وفي رده على النواب، أوضح الدكتور يوسف بطرس غالى على مناقشات الأعضاء، أن إصدار السندات الدولارية التي طرحتها مصر في الخارج بقيمة 1.5 مليار دولار، يعتبر نجاحاً للسياسة الاقتصادية المصرية، موضحاً أن هذه السندات تزيد عن سعر سندات الحكومة الأمريكية بنقطتين مئويتين فقط، وهذا يعكس الثقة في الاقتصاد المصري، كما سينعكس على زيادة تدفقات الاستثمار المباشر لمصر، على حد قوله. وأكد أن سعر السند المصري في الخارج أقل 50 نقطة من سعر السند في الداخل وهذا دليل على ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري. وبالنسبة للأجور أوضح الوزير أن قيمة الأجور كانت 1.5 مليار جنيه عام 1980/1981 ووصلت إلى 94 مليار جنيه الآن، وهذا معناه معدل زيادة بنسبة 12.5% في حين كان متوسط معدل التضخم في هذه السنوات 7.2%. وأكد غالى على ضرورة النظر في دعم الطاقة لأنه لا توجد دولة في العالم تدعم الطاقة ولابد من دراسة آليات لتحديد الدعم في اتجاه الفقراء. وردًا على ما أثاره د. رفعت السعيد من استيراد سلع استفزازية للمواطن، قال غالي إن "الكافيار"، و"الاستاكوزا"، تستورد من أجل السياح الذين زاد عددهم، ولو لم يجد السائح "الكافيار" لن يأتي إلى مصر مرة أخرى. من جهة أخرى، كشف النائب محمد فريد خميس رئيس لجنة الإنتاج الصناعي، عن استعداد المستثمرين للاستغناء عن الدعم الموجه لهم من الحكومة، مقابل رفع العراقيل التي تضعها الحكومة عليهم، مما وتحد من قدرتهم على منافسة المنتج المستورد من الخارج.