نشرت صحيفة "نيويورك بوست" مقالاً للكاتب "مايكل أوسلين"، الباحث المقيم في "معهد أمريكان إنتربرايز"، يصف فيه انهيار سوق الأوراق المالية في الصين مؤخراً بأنه بداية النهاية للمعجزة الصينية، معتبراً تراجع أسعار الأسهم بنسبة 30% خلال شهر واحد فقط، وهو ما قضى على 3 تريليون دولار من الثروة، مجرد دليل آخر على أن أيام صعود الصين ولَّت. قدرة الصين على احتواء الأزمة وأوضح الكاتب أن السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو ما إذا كانت الحكومة الشيوعية قادرة على احتواء أزمة انهيار الأسهم والتركيز على الإصلاحات الاقتصادية اللازمة والأهم من ذلك كله الحفاظ على ثقة الشعب الصيني. ولفت الكاتب إلى أن سوق الأوراق المالية ارتفع بنسبة 140 في المئة من يوليو (تموز) 2014 إلى يوليو (تموز) عام 2015. وبالتالي فإن التراجع بنسبة 30 في المئة بمثابة تصحيح كبير، لكن لم يكن غير متوقع. علاوة على ذلك، فإن سوق الأوراق المالية لا تتضمن إلا حوالي 15 في المئة من أصول الأسر الصينية. ولذا بينما يشعر العديد من المستثمرين بوطأة التدمير، فإن معظم الأسر الصينية تظل بمنأى عن هذا الألم. التداعيات السيئة وكشف الكاتب عن العواقب السيئة مشيراً إلى انتشار الذعر نظراً لانخفاض أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء العالم، مما تسبب في انخفاض قيمة العملية الصينية اليوان. كما تتراجع أيضاً أسواق الأسهم الآسيوية، ولم تنجح محاولات الحكومة الصينية المتكررة للحد من التعاملات والحد من المضاربة وتثبيت السوق. وتعمل بكين الآن على دعم شراء الأسهم ومحاولة دعم أسعارها، عن طريق إعطاء المال مباشرة لأكبر شركات الأوراق المالية في البلاد من أجل شراء الأسهم. وأوضح الكاتب أن المشكلة الكبرى تتمثل في دخول مستثمرين جدد اقترضوا المال للقفز إلى السوق، وهو العامل الذي غذى صعود سوق الأسهم. وزادت كمية الأموال المقترَضة في الأسهم إلى 322 مليار دولار هذا العام، وفقاً لبيانات استعرضتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. وهؤلاء المستثمرون الجدد هم الذين يتعرضون للتدمير، وهم آخذون في الهرب من السوق لتقليل خسائرهم، وبالتالي يقودونه نحو مزيد من التراجع. نهاية المعجزة الصينية وبحسب الكاتب، سيؤدي فقدان الثقة في قدرة الحكومة على السيطرة على تراجع السوق إلى انسحاب المستثمرين الأكثر ثباتاً أيضاً، بما يُفاقم الخسارة. وكل هذا جزء من مشكلة أكبر هي نهاية المعجزة الاقتصادية للصين. ولفت الكاتب إلى حقيقة أن هناك خبراء اقتصاديين مثل ديريك سيزرز حذروا من وجود شبهات في البيانات الاقتصادية للصين، واستمرار مشكلة ديونها والتغاضي عنها، وتراكم فقاعات الأصول، وتوقف النمو في الصين بشكل جوهري. وذكر الكاتب أن البائعين لشعار "الحلم الصيني" صمّوا آذانهم عن الإنصات، لكن بات تجاهل التكلفة الناجمة عن المشكلات الهيكلية للصين مستحيلاً .. ولكن هذا لا يعني إمكانية حل هذه المشكلات. لكن ما كان يمكن أن يشكّل نهجاً مدروساً ومسؤولاً عن الصينيين أنفسهم، ناهيك عن المشاركين الأجانب في الاقتصاد الصيني، مهدد بموجة عارمة من الذعر. ويبدو أن فكرة السماح لقوى السوق بشق طريقها من خلال النظام وأهدافه الإصلاحية- التي يُفترض أن أعلنها الرئيس شي جين بينغ- ماتت في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة للحفاظ على شرعيتها، بحسب الكاتب. التدمير الخلّاق وأوضح الكاتب أن التدخل الحكومي الهائل للحفاظ على ارتفاع أسعار الأسهم وتجاوز مشاكل الديون والتقليل من قدر الإحصاءات السيئة يعني أن الاقتصاد الصيني سيصير أكثر ارتباطاً بالحكومة أكثر من أي وقت مضى، بحيث لا يستطيع المضي قدماً من خلال نوع من "التدمير الخلاق" اللازم لبنائه على أساس متين. وهذا بدوره يعني صداعاً سياسياً واسع النطاق، وربما ما هو أسوأ، للحزب الشيوعي الصيني الذي يفرض سيطرته على السكان من خلال اتفاق بأنه سيقدم النمو الاقتصادي لهم مقابل حرياتهم السياسية. حافظت الحكومة الشيوعية على صفحتها بيضاء على مدار الثلاثين عاماً الماضية، لكن كفاءة هذه الحكومة على المحك الآن. ولا يتحمل التكنوقراط الاستبداديون الذين يسيطرون على الصين أن يخسروا شرعيتهم. رحلة شاقة أمام العالم ووصف الكاتب حكومة شي جين بينغ بأنها الأكثر قمعاً للصين على مدى ربع قرن من الزمان، مشيراً إلى أن سحق أي معارضة في الأيام القادمة سيكون عملاً مكمّلاً للحفاظ على النظام المالي الهش للصين من الانهيار. وتوقع الكاتب عدم انهيار سوق الأسهم في شنغهاي بشكل تام، لكن يُعد اضطرابها علامة على أن الصين والعالم، على وشك مواجهة رحلة شاقة.