فيما يلي حوار مع جان فرنسوا أوشاي: خبير اقتصادي وأستاذ في المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية مختصّ في الشؤون الصينية. إلى أي مدى تعتبر هذه الأزمة المالية إشارة أو تعبيرًا؟ هي مزيج من أسواق مالية غير ناضجة ونقص في قوّة تنظيم الأسواق ورغبة الحكومة في مواجهة آثار التباطؤ في النموّ. تحتلّ الأسر الصينية [هناك ما يقرب من 90 مليون من صغار المستثمرين] مكانة مهمّة في شراء الأسهم [مقارنة مع المشترين المؤسسيين]، إذ أصبح سوق العقارات لا يمكن تحمّله من قبل صغار المستثمرين لذا تراجعت أسعار العقارات منذ عام 2012. أمّا بالنسبة لبقية المنتجات المالية المتاحة لصغار المستثمرين الصينيين فلا تزال هناك استثمارات في حسابات مصرفية أو سندات الخزانة لا تأتي إلاّ بالقليل. عندما شجعّت السلطات قبل أكثر من عام المؤسسات الخاصّة المرتبطة بالتكنولوجيا والابتكار على تمويل سوق الأوراق المالية، تدفّق صغار المستثمرين على هذه القيم دون القلق حقًا من القوّة المالية والصناعية لهذه المؤسسات ممّا خلق فقاعة مماثلة لما حدث على أسهم شركات الانترنت في الولايات المتّحدة في عام 2000. خاصّة وأنّ الحكومة قد سمحت بشراء الأسهم بأموال مقترضة [من البنوك أساسًا] -ممارسة “التداول بالهامش”- ممّا زاد من المبالغ المعنية في الأسواق وسارع من ظاهرة الارتفاع في مرحلة الصعود حتّى كسر الثقة في منتصف يونيو وتسارع السقوط في الاتّجاه المعاكس؛ لأنّ المشترين سعوا إلى استرداد الأموال المقترضة من أجل سدادها والحدّ من الضرر. يجب تنظيم هذا النوع من الممارسات المالية ولا يبدو هذا قائمًا في الصين الّتي زادت من خطر فقاعة الكسر في حين أنّ الثقة قد كسرت. يعتقد بعض الخبراء أنّ شراء الأسهم في شنغهاي وشنتشن ضمن هذا الأنموذج قد يبلغ 500 مليار دولار في منتصف يونيو والشركات المعنية بالشراء ليست جميعها شركات صلبة على الصعيدين المالي والصناعي بما في ذلك شركات التكنولوجيا الناشئة الّتي تمّ إدراجهم في شنتشن العام الماضي. وعندما تختفي الثقة، غالبًا ما تكون هذه الشركات الصغيرة والمتوسّطة أوّل من يعاني من المبيعات الضخمة. إذ أنّ تاريخ سوق الأوراق المالية في الصين منذ عام 1991 مليء بالفضائح المالية للشركات الّتي تسعى إلى إدراج أسهمهم في البورصة والتستر على الوضع المالي والصناعي. حتّى وقت قريب، كان بإمكان الشركات الكبيرة (المملوكة من قبل الدولة في معظمهم) فقط يمكن أن تدرج ولكن الجديد هذا العام السماح للشركات الصغيرة والخاصة بالاقتراب من أسواق الأسهم. وأخيرًا، تسعى الحكومة إلى تشجيع المستثمرين للذهاب إلى سوق الأسهم للتخفيف من آثار تباطؤ الاقتصاد وزيادة دخل الأسر [وبالتالي الاستهلاك] والمؤسسات [وبالتالي الاستثمار]. هل الإجراءات الّتي اتّخذتها السلطات مناسبة؟ لم يحدث أبدًا في تاريخ سوق الأسهم الصيني [المضطرب بالفعل منذ عام 1991] أن تتّخذ الحكومة هذا القدر من الإجراءات في وقت واحد ففي الماضي، تمّ اللجوء إلى بعض الإجراءات للحدّ من التراجع [مثلا لتباطؤ أو وقف الاكتتابات الجديدة لتجنّب المزيد من إضعاف السوق أو لإبطاء التراجع] ولكن لم يسبق أن جمعت كلّها في الفترة نفسها. على المدى القصير، سيكون لهذه التدابير تأثيرًا وستخفّض من التراجع، ولكن على المدى المتوسط والمدى البعيد، تقوّض قوّة سوق الأسهم وصحتها لأنّ المستثمرين (خاصّة الصغار الّذين دعوا الحكومة أكثر إلى التدخّل) يعتقدون أنّ السوق يتعرّض إلى تلاعب على نطاق واسع من قبل الحكومة وكبار المستثمرين المرتبطين بالدولة. هذا يبطئ من بناء سوق أكثر صلابة وأقلّ تقلّبًا وهو ضروري حقّا للصين إذا ما علمنا أن جزءًا كبيرًا من تمويلات الشركات الصينية يأتي من البنوك. هناك حاجة حقيقية لضمان تنويع قنوات التمويل ومن المبكر الآن القول إذا ما كانت قدرة الحكومة على وقف الانخفاض على المدى القصير ستؤتي ثمارها؛ لأنّ كسر الثقة في الحكومة يبدو أنه قد بدأ من قبل صغار المدّخرين. هل لأزمة سوق أي تأثير على الاقتصاد الحقيقي؟ نعم، المخاطر قائمة بالنسبة للاقتصاد الصيني، أوّلًا: ستقلّل الخسائر في أسواق الأسهم -حتّى إذا ما تعلّق الأمر بالمال المقترض- من توقّعات الإيرادات الإضافية للمستثمرين صغارًا كانوا [مثل المستثمرين المنفردين] أم كبارًا [الشركات الصناعية والمؤسسات المالية الاستثمارية والبنوك] وبالتالي سيكون لها تأثير على الاستهلاك والاستثمار. في حالة وقوع حادث، يمكن لهذه الآثار أن تكون تراكمية ولكن لا يزال من المبكر معرفة آثار تدابير تحقيق الاستقرار الّتي اتّخذتها السلطات، ولكن لهذا السبب بالتأكيد هي كثيفة من أجل تجنّب الآثار التراكمية وتفاقم آثار تباطؤ النمو المسجّلة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات تقريبًا. قد يكون هناك فقدان ثقة في قدرة الحكومة على تنظيم النشاط الاقتصادي والمالي وفقدان الثقة يصاحبه بعد نفسي إلى حدّ كبير، ولكنه يلعب دورًا مهمًا منذ بداية الإصلاحات في عام 1978 وسيخسر القائد الجديد للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ الكثير إذا ما فقدت الثقة. يمكن أن يكون هناك تباطؤ في الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الّتي بدأت تتسارع في الأشهر الأخيرة بعد الكثير من الإعلانات والانتظار منذ عام 2012 عندما تغيّرت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. وتؤثر هذه الإصلاحات على النظام المالي والنظام الضريبي، ولكن تباطؤ الإصلاحات سيكون له على المدى المتوسّط عواقب سلبية على الاقتصاد الصيني الّذي يحتاج إلى تغيير منواله للتنمية. هل يمكن أن نتوقّع تأثيرات إقليمية أو عالمية؟ على الصعيد الإقليمي.. نعم بالتأكيد خصوصًا في هونغ كونع لأنّ السوقين لديهما قنوات نقل مباشرة الإصلاحات المؤخرة تسمح للمؤسسات المالية في هونج كونج بالتوسط لشراء أسهم في شنغهاي، وأيضًا لأنّ العديد من الشركات الصينية مدرجة هناك، المؤسسات من فئة وغير مباشرة “القنوات الرمادية و/أو الناتجة عن التهرّب الضريبي من بر الصين الرئيس إلى المستعمرة البريطانية السابقة” وستكون هناك تأثيرات بشكل أكثر محدودية على طوكيو وسنغافورة الّتي تعتبر من الأسواق المنظمة بشكل جيّد، وحيث لم تدرج العديد من المؤسسات الصينية. على الصعيد العالم، ستكون التأثيرات أكثر محدودية وستكون نفسية على وجه الخصوص وغير مباشرة من خلال التباطؤ الأكثر وضوحًا للاقتصاد الصيني الّتي يمكن أن يؤثّر على أسعار المواد الأولية وحجم الواردات الصينية، ولكن لحسن حظّ الاقتصاد العالم، لم تفتح أسواق الأسهم في شنغهاي وشنتشن على نطاق واسع للمستثمرين الأجانب وبالتالي لا يمكن أن يكون لها أي تأثير مماثل لانهيار بورصة نيويورك أو لندن حتّى وإن كانت المبالغ المعنية الّتي شهدناها في الأسابيع الأخيرة مذهلة ولكن الأمر يتعلّق بأموال موجودة ومستثمرة من قبل جهات صينية. ولكن هذا من شأنه أن يدقّ ناقوس الخطر للعالم بأسره لأنّ عندما تفتح الصين سوقها المالية وبالنظر إلى أهمية اقتصادها وماليتها، يمكن أن يهزّ الانهيار المالي القادم الاقتصاد العالمي. المصدر: التقرير