[email protected] كان هنالك زمان ينعم فيه حملة سر الكلمة بالعيش الكريم، عيش يبتعد بهم عن الهوى والغرض، كان حراس صاحبة الجلالة فى أعلى سلم المجتمع وزناً ودخلا، فخرج من بينهم العمالقة والمثل، وصناع الوجدان والرأى، وجاء زمن الخصخصة والمصمصة وبوتيكات الصحافة الملونة بالأصفر والأزرق وكل ألوان الطيف، وسيادة الإعلان على الإعلام، فاختل ميزان التقييم والتثمين لعشاق الكلمة، وانزلق عشاق صاحبة الجلالة الحقيقيين من أعلى السلم الإجتماعى إلى أسفله، وأصبحت أوجه الشبه بين مجاذيب السيدة زينب (رضى الله عنها) ومجاذيب الصحافة كثيرة، غير أن المقارنة وللأسف تنتهى لصالح الأوائل، فيالها من كوميديا سوداء حقا. فبينما تشترط عليك صاحبة الجلالة أن لا يشاركها فى قلبك وإهتمامك أحد، فأبواب وسلالم الحرم الزينبى مفتوحة للمحبين آناء الليل وأطراف النهار، وصاحبة الجلالة لا تقبل بك عاملا لدى غيرها، بينما أم العواجز تقبل بك طبيبا وضابطا ومهندسا وعاطلا وفى أوقات فراغك التى تحددها أنت للتعبير عن عشقك الحلال، وأنت تنتسب إلى عشاق السيدة بقرار منك وحدك لا يمر على لجان للقيد أو الفحص، أما صاحبة الجلالة فلا تنسبك إليها إلا بوصاية كهنتها المتغيرين وجوها وأسماء ومعايير بين وقت وآخر، وهى تضعك فى لغز لا حل له إلا من خلال كهنتها، فهى لا تعطيك خاتم السر إلا إذا قبلتك ضمن حاشيتها، ولا تقبلك ضمن حاشيتها إلا بعد أن تحصل على خاتم السر، ولا أحد من خدام بلاطها حتى الآن عرف كيف حل هذا اللغز. صاحبة الجلالة سخية جدا مع بعض أبنائها البارونات .. وشحيحة جدا مع عشاقها المخلصين المدلهين، ولعل هذا هو أحد نقاط التطابق بين مجاذيب أم العواجز ومجاذيب الصحافة، فالفرق شاسع أيضا بين مجاذيب البوابات والسلالم المخلصين المدلهين حبا، المرابطين على الأبواب فى قيظ الحر وزمهرير الشتاء، والذين لا يطالون غير "النابت"، وبين القائمين على صناديق النذور، الجالسين تحت المراوح فوق السجاجيد الناعمة، القائمون على حراسة قبة الضريح، والذين يملكون سلطة التصريح "بالتمليس" للتبرك، أو القذف بك بعيدا عن البركة. المفارقة التى تصنع الكوميديا السوداء هى أن أم العواجز تقدر عوز مريديها وعشاقها المخلصين، فتسمح لهم بمد الأيدى للحصول على عطايا المحبين الزائرين وطالبى البركة، بينما شرط الحب الحقيقى لدى صاحبة الجلالة هو الترفع عن العطايا، والتنزه عن الغرض، وهى فى هذا تدعى العمى والطرش، فتجارب السواد الأعظم من الصحفيين مليئة بالشواهد والأدلة على علمها بحال محبيها المخلصين المأساوى، وأهلها فى مؤسسات الشمال ومؤسسات الجنوب، خاصة بعد صحف الشركات والأحزاب التى التى تبيع صكوك العشق للراغبين فى وضع أسمائهم فى كشوف البدلات، وكل هذه الظواهر الشاذة التى أتت بها "ريح الهبوب"، وصاحبة الجلالة تعلم كم منهم خان صفاء العشق تحت وطأة الظروف القاهرة، وتتعمد باستفزاز الإغداق على حملة أختامها دون سواهم. مليكتى ومعشوقتى.. يامن ترك الزوج زوجته فداك، وسافرت الأم تاركة الرضيع إبتغاء مرضاتك، يامن شربنا الحبر خمرا فى هواك.. نسألك بحق الكلمة المقدس، وبسر حبك الذى فاق المال والبنون، وبحق رسالتك النبيلة التى بذلنا العمر فيها، أن تعدلى بين بنيك وعشاقك، أن ترى كرامة القلم.. خادمك الأمين.. من كرامة حاملة ومالئ خزانته بالقيم والحق والعدل، فرعاياك فى بأس شديد، وقد أصاب الهزال الدخول، حتى أصبح "البدل" لا صناعة الرأى والفكر هو الهدف المأمول.. إنقذى بنيك قبل أن يصبح المطلب الوحيد إقرار بدل جديد، يطلقون عليه فى أروقة بيتك العتيد أسم.. بدل ما نشحت.