منذ ما قبل ظهور الإسلام والى ما بعده عرف عن قدماء اليمنيين ميلهم للترحال مما جعل من اليمن أحد أهم منابع العروبة والإسلام المنتشرة روافدها على إمتداد العالم العربي والإسلامي من طنجة حتى جاكرتا وقد قطن قدماء الرحالة اليمنيون في الجهات الأربع للجزيرة العربية وفي العراق وبلاد الشام وعلى امتداد الدول المشاطئة للبحر الأحمر ومنها مصر والسودان والحبشة ونرى اليوم أن عدد القبائل والعشائر الحجازية والنجدية والشامية والعراقية والأفريقية وغيرها (عربية وإسلامية) العائد أصولها لليمن لا حصرلها وهذه الحقيقة جعلت من اليمن شأنا عربيا إسلاميا يشد اليه إهتمام مختلف الشعوب العربية والمسلمة. منذ ثلاثين عاما ونيف واليمن يخضع لحكم إستبدادي ولدكتاتورية مطلقة زُيّنت بديكور ديمقراطي مستمد من الديكور الديموقراطي العربي الشامل الذي يزيّن أيضا معظم أنظمة الحكم العربية والإسلامية . ليس في اليمن إثنيات متعددة كما هو الحال في دول عربية ومسلمة عديدة فجميع مواطنيه عرب أقحاح وجميعهم ينتسبون لمسلمي الجزيرة الأوائل لكن إسلامهم ثنائي المذهب , السني مذهبهم الأول (60%) والزيدي الثاني (40%) وعرف عن الزيدية انها مذهب شيعي وسطي يحترم ويجل آل البيت وأئمتهم كما يحترم ويجل الخلفاء الراشدين الاربعة الأمرالذي يجعل من معتنقي العقيدة الشعية الزيدة وسيطا نموذجيا من أجل التقريب بين مذاهب الإسلام المتعددة. ويشهد اليمن اليوم في شماله (في صعده) حربه السادسة الأشد شراسة بين النظام الذي يقوده الرئيس علي عبد الله صالح وبين الزيديين الذين يقود حركتهم عبد الملك الحوثي كما يشهد بدايات صدام بين النظام وبين أبناء الجنوب , والقاسم المشترك بين تحركات الشمال والجنوب ليست سوى الإرهاصات وتراكمات القهر التي تسببت بها دكتاتورية النظام اليمني المتحالف سياسيا مع الغرب وعسكريا وسياسيا مع النظام النفطي السعودي وهذه الهيمنة وهذا التحالف أوصل البلاد الى صراع "كسرالعظم" بعد نفاذ صبر فئات عريضة من الشعب اليمني المغلوب على أمره وتسلل اليأس من الإصلاح الى النفوس. لا يختلف النظام اليمني عن معظم الأنظمة العربية والإسلامية في الممارسات القمعية والإستبدادية أو في الهيمنة على كافة القرارات المصيرية التي تدار بها شؤون البلاد ويتساوى اليمن مع محيطه العربي في حرمان أبناء الشعب من التداول السلمي والديمقراطي للسلطة وحرمان الغالبية من نيل نصيبها من فرص العمل ومن ثروات البلاد بعد أن آلت للأقلية المتحالفة مع النظام , كما ان النظام العربي اليمني يشارك معظم الأنظمة العربية الملكية منها والجمهورية في حكاية ومبدء التوريث ومحصلة هذه الخطايا جعلت من أرض اليمن ساحة ساخنة تدور فوقها صدامات دامية نشاهد الدمار والقتل فيها ولا نعلم كيف ومتى ستنتهي ..! ولعل تمدد المواجهات بين الحوثيين وبين القوات اليمنية الرسمية لتشمل الجانب السعودي من جبل الدخان الحدودي ينبؤنا بالكثير...! تستقوي انظمة دولنا الشرقية بأنظمة الدول الغربية من أجل البقاء وتلجأ لاستعمال العنف ضد شعوبها المقهورة والمتطلعة لنيل حرياتها وحقوقها من أجل البقاء أيضا ومن أجل إطالة عمرهذه الأنظمة المتشابهة في كل شيء تقريبا تتحالف فيما بينها خاصة حين تصطدم مع شعوبها, فجميعهم يعلمون أن تجمعهم يشبه تجمع حبات "المسبحة" أو القلادة فإذا سقطت حبة منها يتتابع السقوط حتى آخر حبة . فهل إقترب ظهور مشهد إنفراط عقد "المسبحة" العربية ؟