مدينة طنجة هى خامس أكبر مدينة بالمملكة المغربية، بعدد سكان يقارب مليون نسمة، وتتميز طنجة بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسى من جهة، وبين القارة الأوروبية والقارة الأفريقية من جهة أخرى. الغزوات الإسلامية والأوروبية بعد فترة من السبات، استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الغزوات الإسلامية لغزو الأندلس على يد القائد الإسلامى الكبير طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين والموحدين الذين جعلوا من طنجة معقلاً لتنظيم جيوشهم وحملاتهم. بعد ذلك تتالت على طنجة فترات الغزو الأسبانى والبرتغالى والإنجليزى منذ 1471 إلى 1684، والتى تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار والأبراج والكنائس، لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية وعمرانية مميزة فى تاريخ طنجة الوسيط والحديث، هى فترة السلاطين العلويين، خصوصاً المولى إسماعيل وسيدى محمد بن عبد الله، فبعد استرجاعها من يد الغزو الإنجليزى سنة 1684 فى عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكرى والدبلوماسى والتجارى كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، وبالتالى عرفت تدفقاً عمرانياً ضخماً، فشيدت الأسوار والحصون والأبواب. وازدهرت الحياة الدينية الإسلامية والاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور والنافورات والحمامات والأسواق، كما بنيت القنصليات والمنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب، حتى أصبحت طنجة عاصمة دبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830، كما أصبحت طنجة مدينة دولية يتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبية التى كانت تتمتع بها. أسوار المدينة العتيقة ومعالمها تمتد أسوار المدينة على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة: القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أهردان، وبنى إيدر. وبنيت أسوار المدينة على عدة مراحل، والتى من المحتمل جداً أنها بنيت فوق أسوار المدينة الرومانية تينجيس. وتؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم وإعادة البناء والتحصين خلال الفترة الإنجليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العاويين الذين أضافوا عدة تحصينات فى القرن 18م، حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج هى برج النعام وبرج عامر وبرج دار الدباغ وبرج السلام. كما فتحوا بها 13 باباً منها: باب القصبة وباب مرشان وباب حاحا وباب البحر وباب العسة وباب الراحة وباب المرسى. قصبة غيلان تقع على الضفة اليمنى لوادى الحلق، على الطريق المؤدية إلى شرق المدينة العتيق. تم بناؤها حوالى 1664 م، ويرتبط اسمها باسم الخدير غيلان قائد حركة الجهاد الإسلامى ضد الاستعمار الإنجليزى الذى احتل مدينة طنجة ما بين 1662 و1684 م. تحتوى القلعة على جهاز دفاعى محكم، عبارة عن سورين رباعى الأضلاع، محصنين ببرجين نصف دائريين وبارزين، تتوسطهما باب عمرانية ضخمة. قصر القصبة أو دار المخزن تحتل هذه البناية موقعاً استراتيجياً فى الجهة الشرقية من القصبة، من المرجح جداً أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم. بنى قصر القصبة أو قصر السلطان مولاى إسماعيل فى القرن الثامن عشر الميلادى، من طرف الباشا على أحمد الريفى، على أنقاض القلعة الإنجليزية. وهو يحتوى على مجموعة من المرافق الأساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض. فى سنة 1938م تحولت البناية إلى متحف إثنوغرافى وأثرى لطنجة ومنطقتها. الجامع الكبير على مقربة من سوق الداخل يتواجد الجامع الكبير، تم تحويله إلى كنيسة خلال فترة الاستعمار البرتغالى، وبعد استرجاعه فى سنة 1684م عرف عدة أعمال ترميم وتوسيع خلال الفترة العلوية، ويتميز هذا الجامع ببهائه وغنى زخارفه، حيث استعمل فيه كل فنون الزخرفة من فسيفساء وصباغة ونقش ونحت وكتابة على الخشب والجص، ويحتوى الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة وصحن محاط من كل جانب برواقين، وبذالك فهو يعتبر نموذجاً للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها. جامع الجديدة يعرف كذلك باسم جامع عيساوة وأحياناً بمسجد النخيل، يقع أمام الزاوية العيساوية على زنقة الشرفاء، ويتميز المسجد بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية. جامع القصبة يوجد بزنقة بن عبو. بنى فى القرن الثامن عشر الميلادى من طرف الباشا على أحمد الريفى، ويعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن. السفارة الأمريكية تعتبر هذه البناية أول مؤسسة أصبحت فى ملكية الولاياتالمتحدة خارج أمريكا بعد أن أهداها لها السلطان مولاى سليمان الأول سنة 1821م. فبعد أن استعملت كسفارة أمريكة بالمغرب لمدة 135 سنة تم إخلاؤها لفترة حتى حدود سنة 1976م حيث أصبحت متحفاً للفن المعاصر، وتحتوى البناية على فناء وسط يذكر بنموذج العمارة الأسبانية الموريسكية، وتحيط به مجموعة من القاعات المخصصة لعرض مجموعة من اللوحات الفنية التى أنجزت فى المغرب خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كما يوجد بها خزانة عامة للكتب الإنجليزية وخزانة متخصصة فى تاريخ المغرب العربى وقاعات أخرى للدراسة والبحث، بالإضافة إلى أنها تعتبر فضاء مناسباً لاحتضان مجموعة من الأنشطة الثقافية والموسيقية بالمدينة. الكنيسة الإسبانية بعد أن قضت البناية فترة فى ملكية أسرتين يهوديتين خلال القرن الثامن عشر الميلادى اشتراها السلطان محمد بن عبد الله حوالى 1760م، تم إهداؤها للحكومة السويدية لتؤسس بها أول قنصلية لها سنة 1788م، وفى 1871م استغلها الحاكم الأسبانى ليجعل منها إقامة للبعثة الكاثوليكية، فبنى بها كنيسة كبيرة. لكن منذ حوالى ثلاثين سنة، ولأنه لم يعد يتردد المسيحيون على الكنيسة بكثرة، أصبحت المؤسسة تعنى بأنشطة اجتماعية مختلفة، أما حالياً فلم يبق من البناية سوى الجزء العلوى من السلم الرئيسى. من أشهر أبناء مدينة طنجة .. الرحالة ابن بطوطة هو محمد بن عبد الله بن محمد الطنجى عرف بابن بطوطة، وهو رحّالة ومؤرخ وقاضى وفقيه مغربى لقب ب "أمير الرحالين المسلمين". حياته ابن بطوطة ولد فى طنجة سنة 1304 بالمغرب لعائلة عرف عنها عملها فى القضاء، وفى فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325 وهو ابن 20 عاماً، أن يخرج حاجاً، كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة فى أنحاء بلاد الإسلام. وخرج من طنجة سنة 725 ه، فطاف بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض بلاد الهند والصين والجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. واتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم، بما أنه كان ينظم الشعر، واستعان بهباتهم على القيام بمصاريف أسفاره. عاد ابن بطوطة إلى المغرب الأقصى، فانقطع إلى السلطان أبى عنان وهو من ملوك بنى مرين، فأقام فى بلاده، وأملى أخبار رحلته على محمد بن جزى الكلبى بمدينة فاس سنة 756ه وسماها تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. ترجمت يوميات أسفاره إلى اللغات البرتغالية والفرنسية والإنجليزية، ونشرت بها، وترجم العديد من فصولها إلى الألمانية ونشرت فى ألمانيا. إضافة إلى لغته الأم وهى الأمازيغية، كان يحسن التركية والفارسية. واستغرقت رحلته 27 سنة، أى من 1325 إلى 1352م، ومات فى مراكش سنة 779 ه/1377م تلقبه جامعة كامبريدج فى كتبها وأطالسها ب "أمير الرحالة المسلمين".