«يأتي حاملًا البهجة والأمل».. انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري ب«شم النسيم»    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    «شعبة المستوردين»: مصر نجحت في كسب ثقة المؤسسات المالية العالمية    إزالة 164 إعلان مخالف وتقنين 58 آخرين في كفرالشيخ    توريد 58 ألفا و99 طن قمح إلى صوامع وشون القليوبية    «التنمية المحلية»: مبادرة «صوتك مسموع» تلقت 798 ألف شكوى منذ انطلاقها    رفع 980 طن مخلفات بحملات نظافة بالمراكز والقرى تزامنًا مع شم النسيم في أسيوط    الطن يسجل هذا الرقم.. سعر الحديد اليوم الاثنين 6-5-2024 في المصانع المحلية    بدء عملية التصويت بالانتخابات الرئاسية في تشاد.. مَن المرشحون؟    «أونروا»: سنحافظ على وجودنا في رفح الفلسطينية لأطول فترة ممكنة    بمناسبة عيد ميلاده.. كوريا الشمالية تدعم الزعيم كيم جونج أون بقسم الولاء    موعد مباراة باريس سان جيرمان وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا.. المعلق والقنوات الناقلة    ذكرى وفاة المايسترو.. صالح سليم الأب الروحي للقلعة الحمراء (فيديو)    «الرياضة» تستعد لإطلاق 7 معسكرات شبابية جديدة في مختلف أنحاء الجمهورية    تشغيل قطار شم النسيم من القاهرة إلى الإسكندرية اليوم.. اعرف طريقة الحجز    «الداخلية»: 4 متهمين وراء مقتل «مسن الوادي الجديد» بسبب خلافات مالية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في العملة ب13 مليون جنيه    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    4 أفلام تحقق أكثر من 7.5 مليون جنيه في دور العرض خلال 24 ساعة    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    رانيا محمود ياسين تعلن وفاة عمها الإعلامي فاروق ياسين    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    استشاري تغذية توجّه نصائح لتفادي خطر الأسماك المملحة    في شم النسيم.. هيئة الدواء توجه 7 نصائح ضرورية عند تناول الفسيخ والرنجة    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    سام مرسي يتحدث عن.. عودته للمنتخب.. تأثير صلاح.. ورسائل الشعب الفلسطيني    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الاتحاد الأوروبي يعتزم إنهاء إجراءاته ضد بولندا منذ عام 2017    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى عالم "شكسبير" السياسى (1)
نشر في الشعب يوم 26 - 11 - 2006

الهم الأكبر لم يتغير وهو "أمن وسلامة الأمة" بدوائرها الثلاث المتداخلة (المصرية والعربية والإسلامية). لم نعد نملك ترف "الغم" أى الحزن على ما فات، فالخوف والخشية هو من القادم الآت الذى يَجُب سواه ويتقدم على ما عداه. إنه الخوف على مستقبل الأجيال القادمة. تلك هى ثقافة "الشرقى" الذى يضع ويقدم مصلحة أبناءه وأحفاده على مصلحته الشخصية ومنافعه الحالية. إنكار الذات وإيثار نسله الآت. وذلك هو الناموس الطبيعى لاستمرار الحياة وضمان البقاء. ليس شرطا أن يكون نسل المرء من صلبه وأصله فيكفيه أى برعم لنبتة تخرج من أحشاء أرضه. الأرض التى منها خرج وعليها عاش (وإن غادرها مؤقتا مكرها) وإليها يعود فى ميعاده فأديم أرضه وأرض أجداده من أمثال أجساده.‏
كم عانت الأمة من أزمات فى تاريخها تجيء وتروح وتتفاوت فى شدتها وتأثيرها، لكن الوتيرة زادت منذ بدايات القرن العشرين وبالتحديد منذ أوليات الحرب العالمية والثورة العربية. تراكمت الأزمات دون تعامل سوى وحل جذرى حتى جاء القرن الواحد والعشرون بنذائر نكبات لا أزمات بدايتها فى العام 2001 (سقوط أفغانستان بحملة عسكرية تحت راية الصليب وبرعاية الرب) ، ثم سقوط "بغداد" فى العام 2003 بمشاركة عربية وإسلامية (!)، والآن تأتينا وتتجلى هذه الأيام ذروة أعراض نكبة حتمية لأمة ضلت وزلت. فما نراه واضحا جليا هو أعمال مراحل اللمسات النهائية لإعداد مسرح عمليات المعركة الكبرى والفاصلة التى ستكون أغرب معركة فى التاريخ، فلا توجد أطراف مقاتلة متقاتلة بل يوجد قصابون (جزارون) وسماسرة قوادون ونعاج بلا فحول تتناطح فيما بينها، فى دوغمائية سفسطائية بيزنطية، وهى تساق إلى مذبحها وحتفها. قطيع بلا كباش يفتقر لأصول النقاش وينعدم فيه الحوار فقط مأمأة وسأسأة وخوار. أصحاب الصوت العال يريدون فرض الرأى بتعال ويدللون بسفسطة هرطقية تخالف الأصول والواقع المنظور، والكل يتصايح كأهل بيزنطة، عدوهم وسطهم وفى حجرات نومهم لا على أبوابهم يشحذ سلاحه لذبحهم بعد هتك عرضهم.
على رأس الإمبراطورية الكونية الأمريكية توجد إدارة عقائدية (صهيومسيحية) و"ضبع" جريح نعته أهله بأنه "عميد أغبياء العالم". فشلت التكتيكات العسكرية فى المنطقة العربية فتم عزل وزير الدفاع العسكرى (رامسفيلد) وجاء محله رجل بخلفية مخابراتية (روبرت جيتس) ليعيد تفعيل الأسلوب الأمريكى المفضل الذى بدأت به نشاطها فى المشرق العربى منذ الخمسينات حينما ساهمت فى تأجيج أزمة تأميم البترول فى إيران ثم قامت بإجهاضها وحصدت نتائج صناعتها للأزمة وإدارتها وهى إزاحة الإمبراطورية البريطانية القديمة عن الكنز البترولى الإيرانى. الأيام القادمة سترى سقوط رؤوس وتهاوى عروش وغياب ممالك وانفراط عقد شعوب باستخدام أسلوب "النمل الأبيض" بالتفجير من الداخل أو بالعدوان المباشر إن أحتاج الأمر. خريطة منطقة القلب العربى سيعاد ترسيمها ماديا (وهى حاليا مُرسمة افتراضيا). مصر المحروسة ستكون أول من يطالها التشريح والتذبيح. ولا يجب أن ننسى أن للسيد "ريتشاردونى" (السفير الأمريكى فى مصر) خبرات طويلة سابقة فى إعداد مسرح العمليات العراقى قبل السقوط. (على المهتمين مراجعة مقال " ماذا وراء تعيين "ريتشاردونى" سفيرا - توقع سقوط أم تمهيد لإسقاط ؟؟" – ديسمبر 2005).
نلقى بالعبارات والعبرات فى إيجاز وتلخيص لأننا وغيرنا قد سبق إسهابنا ولم يعد هناك المزيد مما يقال. فى استراحة محارب ذهبنا إلى عالم الأدب والتراث. كان الحاث هو عبارة وردت فى مقال للأستاذ "السناوى" بالعربى الناصرى مأخوذة من مسرحية "هاملت" لأسطورة الأدب المسرحى "ويليام شكسبير" – "إن هناك شيء عفن فى الدنمرك" – وقام "السناوى" بإسقاطها على المشهد المصرى. لكى تستوعب "شكسبير" جيدا لا تقرأ التراجم الحالية أو النصوص المبسطة حتى لو كانت باللغة الإنجليزية – أبحث عن النص الأصلى، وهذا ما فعلناه ولم نتوقف عند "هاملت" بل تعديناه إلى "ماكبث" و "الملك لير". الحواس مركزة على النصوص الشكسبيرية لكن العقل لا يحوى إلا "هم" الأمة (المصرية العربية الإسلامية)، فكل عبارة واردة أو مناجاة شاردة تجد إسقاطا لها على واقعنا الأليم. وتحقق المثل الإنجليزى: "إن كان لديك مطرقة (شاكوش) فسترى العالم كله مسامير".و يبدو أن العكس صحيح أيضا – "إن كنت مسمارا فستجد العالم كله مطارق (شواكيش) !!!".
فى هذه السلسلة سيتم التطرق لبعض ما جاء فى ثلاثة أعمال لشكسبير، وهم "هاملت وماكبث والملك لير" والإسقاط على قضايا مصرية مصيرية. فمصر هى النموذج الأمثل لكل ما يجرى وسيجرى (قريبا) فى أمتنا الإسلامية والعربية. ونبدأ بتناول ثلاث قضايا فى "هاملت" هم: أسباب اختراق الوعى، وقضية الكينونة والفناء، وأخيرا العلاقة بين فساد الدولة (أو النظام) والمفسدين. أما فى رائعة ماكبث فسيتم تناول "ليدى ماكبث" المرأة الشيطان وهى نموذج تكرر قالبه التاريخى كثيرا فى العصر الحديث وحتى الآن. وفى مسرحية الملك العجوز "لير" سيتم تناول مأساة التوريث، وهو كابوس يعانيه أهل مصر المحروسة ولا يخفى على أحد.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
1 – اختراق وإختلال الوعى وعودة الإدراك :
الوعى بالشيء هو تميزه وهذا لا يتأتى إلا بحسن التوصيف أولا ثم تصنيفه، وهذا يتطلب أمور ثلاث هم وبالترتيب: حواس (صريحة وضمنية) قادرة على الملاحظة والشعور، وعقل قادر على التصور والحكم، وأخيرا مرجعية حاكمة (ما يرجع إليه للحكم). فإذا ما فقدت الحواس مقدرتها ذهب الوعى من أساسه. وإذا ما لاحظنا وشعرنا لكن عقلنا كان قاصرا عن تصنيف الشيء للحكم عليه لقصور فيه أو لغياب مرجعية كان الوعى مختلا. وإذا ما هدمت المراجع الحاكمة أو تم تشويهها وتزيفها وتم بث الشك والريبة فى المقدرة العقلية لإجراء الحكم والقياس كان الوعى مخترقا (مثل أعمال غسيل المخ). وهذا ما حدث مع "هاملت" بشكل ما – وهذا ما حدث مع الشعب المصرى (أو قطاع كبير منه) (!!!).
يبدو "هاملت" (Hamlet) حزينا مهموما بتنهدات متصاعدة وزفرات متلاحقة وثوب أسود يظهره وكأنه فى حداد، لكنه يصارح أمه "جيرترود" (Gertrude) التى تزوجت عمه "كلوديوس" (Claudius) (بعد مقتل أبيه بأقل من الشهرين) بأن كافة هذه المظاهر لا تظهر حقيقة أعماقه لأنها كلها من صنع الإنسان – فما فى أعماقه لا تقدر المظاهر على محاكاته. وفى مناجاة شخصية يفصح "هاملت" عن حقيقة مسببات هذا الحزن العميق الذى وضعه فى حال من اختلال الوعى (وهذا ظهر فى تصرفاته الغير عاديه التى أرجعها وزير القصر "بولونيوس" (Polonius) لحالة عشقه بابنته "أوفيليا" (Ophelia)، وكما صورها بعض النقاد بتوهمه لرؤية شبح أبيه وهو من محض خياله)، وهذه الأسباب هى حالة اختلال مرجعية القياس والحكم – فما يراه الآخرون وعلى رأسهم "أمه" أمرا طبيعيا يراه هو شاذا غير منطقيا. فعندما يقارن الخلف بالسلف يسقط الواقع، فالملك الحالى (وهو عمه) ليس أكثر من "تيس" بالنسبة لأبيه العظيم والفارق بينهما كبير (شبهه بالفارق بين نفسه وبين هرقل الأسطورى)، وأمه التى يحبها، وكانت تظهر الحب الجارف لأبيه، قد تزوجت عمه (الإمعة بالنسبة لأبيه) قبل أن تشفى مقائيها الملتهبة من الدمع الكاذب الذى ذرفته على جثمان أبيه، وذهبت إلى أحضان زوجها الجديد قبل أن يبلى حذائها (نعلاها) الذى سارت به خلف نعش زوجها ومليكها السابق. ويقول هاملت فى مرارة: "إن الحيوان الذى يفتقر إلى العقل والتفكير لخليق بأن يكون حزنه أعمق وحداده أطول".
وتتضاءل مأساة "هاملت" بالنسبة للشعب المصرى الذى أختل وعيّه أولا ثم تم اختراقه بالكامل ثانيا، وخاصة فى الفترة الانتقالية بين الجمهورية الأولى (ناصر) والجمهورية الثانية (السادات). فالنخبة المصرية التى كانت تعرف جيدا ماهية القادم الجديد وحقيقة أمره وسيرته الذاتية بالتفصيل سقط منها الواقع عند عقد المقارنة، فشتان بين هذا وذاك (!). "فجمال عبد الناصر" كان زعيما قوميا سعى جاهدا لغرس الكرامة فى نفوس شعبه وأمته العربية (كلنا سيد فى ظل الجمهورية – أرفع رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستعمار .. الخ). كان "ناصر" يبدو ديكتاتورا سياسيا ولكن الحرية السياسية للشعب المصرى (فى ذلك الوقت على الأقل) كانت ترفا بالنسبة لحريته الاجتماعية التى وجدها فى الحكم الناصرى ففوضه فى عقد الحكم المبرم افتراضيا بينهما. وحتى فى نهاية العهد الناصرى فإن النخبة المصرية كانت تدرك جيدا أن "لناصر" أخطاء عظيمة، منها: "إهمال إدارة الجيش وتسليم مقاليدها للرائد "عامر" – إعدام "سيد قطب" وهو صاحب فكر متميز قبل أن يكون رجل دين – اختيار "السادات" بماضيه الغير مشرف نائبا له". ولكن النخبة أيضا كانت تدرك إنجازات "ناصر" العظيمة وحقيقة انه كان زعيما فقيرا لشعب فقير، وبأنه أول "مصرى" خالص مئة فى المئة يحكم دولة مصر منذ العام 950 ق.م (بداية الاحتلال الليبى ثم النوبى ثم تحرر لفترة قصيرة ثم الفرس ثم التحرر لفترة قصيرة ثم الفرس مرة ثانية ثم الإغريق ثم الرومان الغربيين فالرومان الشرقيين ... الخ). أختل "وعى" النخبة حينما رأت "الدولة" بمؤسساتها ترتمى فى أحضان القادم الجديد الذى لا توجد بينه وبين خلفه أى وجه للمقارنة (!!). أما عموم الشعب فقد أختل وعيّه بعد أحداث يناير 1977 بأعمال غسيل المخ الإعلامى أولا (بقيادة الأستاذ "أنيس منصور" وأمثاله) وبقمع أمنى وحشي ثانيا. هذا الاختلال فى الوعى كان السبب الأول والرئيسى وراء ترحيب قطاع كبير من الشعب ونخبته بصاحب الجمهورية الثالثة "حسنى مبارك". هذا الترحيب تم تصويره فى مقال سابق ("إرهاصات الجمهورية الرابعة، وحكاية الأسطى برواز بتاع القزاز" – ديسمبر 2003) على لسان أحد العمال (وهى شهادة حقيقية – مع التصرف اللفظى) عندما شاهدنا نتجادل عن ماهية القادم مساء يوم مقتل السادات (6 أكتوبر 1981) فى أحد المقاهى رغم حالة "حظر التجول" وكما جاء نص المقال: " انتصب واقفا زنهار، قاطعا علينا الحوار، قائلا بصوت أجش تخين، يا سادة يا مثقفين ، يا متنورين ومتعلمين، مع احترامي لرأيكم، وسلامة فكركم، فكل من ذكرتموهم أو عددتموهم قد كانوا في السلطة، والسُلطة سَلطة، سوء عملهم حاضر وخيرهم نادر، بتقولوا "مصطفي خليل" أو "صوفى أبو طالب"، قسما ثلاثة بالله العظيم لو جابوا "سهير زكي" فلن أعارض" (!!!). (ملحوظة لغير المصريين – "سهير زكى" كانت راقصة شهيرة فى ذلك الوقت).
أما حالة اختراق الوعى فقد سبق ذكرها فى مقال سابق جاء فيه إن: "الاختراق يتم بترسيخ مفهوم عدم قدرة الشعب بقاعدته ونخبته على التمييز والتقييم عن طريق الطعن فى التجربة الاشتراكية بل والطعن فى نزاهة وكفاءة شخصية رئيس الجمهورية الأولى نفسه (ناصر) بالتناقض مع الحب الجارف لمعظم الشعب له - وبالتالي يتم وضع "الشك" في سلامة القدرة العقلية علي "الملاحظة" و"التصور" و"الحكم"، أو قل ميكانيزم الإدراك، وبالتالي فقد الكثيرون الثقة في سلامة التفسير والتقدير، وتسبب ذلك فى انهيار العقل وإعلان خوائه، وبذلك بات مستعدا لما هو قادم وآت مهما كان مخالفا أو مناهضا لسابق إيمانه واعتقاده !!. ومن هنا بدأ الاختراق وبرمجة الإدراك، للحقبة الساداتية وما تبعها من تبعات. وأولي مظاهر هذا الانهيار هو أن يفقد الشعب هويته ويكفر بانتمائه للأهل والأصل ، قوميا وعقائديا، فهما في نظره لم تساعداه في محنته ، أو تدرأ عنه نكسته . هذا الأمر حاولته القوى الأمريكية فى "الصين" بعد وفاة "ماوتسى تونج" ولكنهم فشلوا فى ذلك فشلا ذريعا – أما لماذا فتلك قصة أخرى تعود إلى موروثات ثقافية وطبيعة البناء التنظيمى للدولة.
لإعادة الإدراك يحتاج الوعى المُغيب لصدمة عنيفة لإفاقته. قد تكون الصدمة فى ذات الشخص المغيب وأعماقه وحياته ومعيشته أو قد تكون فيمن حوله. هذا ما حدث مع "هاملت" حينما تراءت له الحقيقة المفجعة عن طريق شبح أبيه، بأنه قد مات مقتولا بوضع محلول سام فى أذنيه (يسمى السيكران من زيت نبات يسمى Hebona) عن طريق أخيه (عم هاملت) الذى استولى على العرش والملكة (أم هاملت). وقد أوصاه بأخذ ثأر أبيه من قاتله وبعدم المساس بأمه. ظهور الحقيقة لا علاقة لها بشبح والد "هاملت" فقد تكون تلك صيغة مجازية للتعبير المسرحى ولا فارق بينها وبين ظهور الحقيقة عن طريق أحد شهود العيان الثقاة كمثال. المهم هو ظهور الحقيقة المفزعة بغض النظر عن الوسيلة.
أما الشعب المصرى فقد تتابعت الهزات والصدمات داخليا إقليميا وعالميا منها مسلسل الفساد والاستبداد من السبعينات إلى مشروع التوريث الرئاسى الآن، ومنها التوحش الأمنى العلنى بخلاف ما يحدث فى أقبية السلخانات الأمنية، ومنها احتواء الكوابح المؤسسية خاصة من جانب العسكر، ومنها الاعتداء البدنى السادى على الجميع بدء من رجالات القضاة إلى شباب الجامعات، ومنها سفور نوايا رأس السلطة فى التأبيد بها رغم شيخوخته وحالته الصحية المتردية وعدم تناسب مؤهلاته مع متطلبات إدارة الصراعات والتحديات الحالية. أما إقليميا وعالميا فقد بدأت فى مظاهر التجاوزات الوحشية الإسرائيلية فى فلسطين، وفى احتلال أفغانستان وفى سقوط "بغداد" وفى قلاقل السودان وظهور دلائل حتمية تقسيمه وفى الحرب اللبنانية الإسرائيلية الأخيرة، وفى مجازر الحرب الأهلية فى العراق، وأخيرا وليس أخرا فى بوادر تحقيق مشروع "الفاتيكان الإسلامى" – كهدف إستراتيجي – وإسقاط مصر ماديا (وهى قد سقطت افتراضيا) كجائزة كبرى.
"هاملت" عاد وعيه فذهب ليأخذ بثار أبيه المقتول. الشعب المصرى عاد وعيه فاختراق جدران الخوف بالتظاهر العلنى (وهو الأمر الذى بدأته حركة "كفاية" فى العام 2004) وتنامى حراكه وتفاعلاته إلى ما رأيناه من قيام شباب صغير السن بأن يتجرأ على النظام المستبد الفاسد بصنع نظام خاص به (تكوين اتحادات الطلاب الحرة بعيدا عن الاتحادات الحكومية التى تقوم إدارات الجامعة الموالية للسلطة وأجهزة الأمن بتزييفها وصنعها). هدف الشعب وقواه الوطنية المبدئى" هو إسقاط النظام السلطوي الفاسد كأولى خطوات العمل للإصلاح السياسى الشامل لغاية سامية هى "الحرية" بمحاورها الثلاث (السياسية – الاجتماعية – الفكرية) للشعب المصرى ككل. الفارق بين الحالتين أن "هاملت" فى مسرحية "شكسبير" قد مات بعد أن تسبب بطريقة مباشرة وغير مباشرة فى أن يأخذ المخطئ المجرم جزاءه وينال عقابه. أما فى الحالة المصرية فإن الشعب المصرى فإنه لا يموت ولن يموت مهما كانت معاناته ومهما بدت شراسة أعدائه.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
2 – هاملت : قضية الكينونة والبقاء أو الزوال والفناء (To be, or not to be: that is the question)
هى أشهر عبارة فى مسرحية "هاملت" بل هى العبارة المفتاحية التى تحدد تلك المسرحية وتشير إليها. وردت تلك العبارة فى المناجاة الرابعة لبطل المسرحية "هاملت" وترجمها الكثيرون إلى "أكون أو لا أكون – تلك هى المشكلة"، وهى ترجمة يراها المتخصصون خطأ تماما سواء من الناحية اللغوية (الإنجليزية) أو من حيث سياقها المسرحى. فالفعل جاء فى صيغة المصدر (To be) وسياق حديث "هاملت" (أو مناجاته) يجيء بصيغة الجمع (We)، أما عبارات المناجاة التالية فتحمل إلينا موعظة حكمة شكسبيرية نراها شبيهة بما جاء فى تعاليم الأديان (مثل "حساب القبر على ما أقترفه المرء فى حياته") وفى المفردات الثقافية المتداولة فى حياة كثير من الشعوب (مثل "أن الجبان يموت ألف مرة"). ولذا فالترجمة الأقرب للصحة هى أن شكسبير (على لسان هاملت) يحدثنا عن إشكالية الكينونة (أن نكون) أو الفناء والانزواء (أن لا نكون). ولنتأمل مقاطع من تلك المناجاة لنراها أقرب ما تكون توصيفا لمعاناة الشعب المصرى وحالة تردده فى اتخاذ القرار المناسب والملائم فى الانتفاضة والثورة على محتليه الداخليين التى قد تأتيه بالندامة، أوفى إيثاره السلامة بالخنوع والسكون والرضا المهين بالعيش الدون، أو فى الهروب من هذا العالم بالهجرة للخارج كمثال، أو فى أن ينهى حيرته ويترك لهم العالم وما فيه ويؤثر الخلاص بالانتحار (وهذا ما فعله العديد من أفراد الشعب بالفعل باختلاف الأعمار والمستويات من أرباب الأسر الذين لم يجدوا قوت أبناءهم إلى الشباب العاجز الذى فشل فى إيجاد أى فرصة للحياة السوية). يقول هاملت (مع التصرف اللغوى دون الإخلال بالمعنى):
الكينونة والبقاء أو الزوال والفناء – تلك هى المعضلة وأصل المشكلة. أيكون من العقل والحكمة والصواب أن نحتمل سهام الظلم وحراب الجور ؟؟ ، أم نجرد سلاحنا على مصدر هذا الظلم حتى ولو كان بحر خضم من المهالك والكوارث – نقاتلها حتى نقضى عليها. هل الخلاص فى الموت .. فى النوم ؟؟؟. لا ففى الرقاد ستأتى الأحلام والهواجس. الشعور بالكرامة (لمن لديه كرامة) يجعل الحياة عذابا أليما فى ظل الظلم والجور. من هذا الذي يحتمل ضربات الزمن وإهاناته .. أو ظلم المستبد ووقاحة المتكبر المتعجرف. من هذا الذي يحتمل بطء العدالة وغطرسة الحاكم. كيف لأهل الجدارة أن يتحملوا إهانات سقط المتاع (من لا قيمة لهم ولا وزن). من ذا الذى يمكنه تحمل ذلك وفى وسعه أن ينهى آلامه بطعنة خنجر (!!) - لولا ذلك الشيء المرعب بعد الموت. ذلك العالم المجهول الذي لا يعود منه من ولج بابه ودخل حدوده. هل نرحل (نطير) إلى حيث لا يعرفنا أحد ؟؟. وبذا يدفعنا وجداننا وضمائرنا لنكون جبناء وتخبو فينا حمرة الشجاعة وبريق العزائم. كم من أعمال عظيمة حادت عن مسارها بسبب تلك الاعتبارات.
الخلاصة .. ليس للمرء كينونة إلا إذا عاش حرا. إذا صمت على الظلم عذبه ضميره وألهب ظهره سوط كرامته المجروحة. إن هاجر خارج وطنه حيث لا يعرفه أحد فسيلاحقه ضميره وتعايره شجاعته. إن تناوم أو هرب إلى عالم اللاواقع والخيال فستلاحقه الكوابيس كل لحظة من لحظات إفاقته وإن كانت قليلة. إن آثر الموت هربا من تلك الحياة فهناك حساب الملكين فى القبر وحساب ربه على الصراط. لا حل للمظلوم إلا أن يتحرر من توابيت الأسى ..
فالمصرى الآن هو عربى الهوية إسلامى المرجعية وليس فرعونيا يرقد كالمومياوات فى أكفانها داخل توابيتها لتكون مسخا للمتاجرين وأعجوبة للناظرين.
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
3 – النظام الفاسد والمفسدون :
جاءت عبارة "أن هناك شيئا عفنا فى الدنمرك" (Something is rotten in the state of Denmark) على لسان "مرسيلوس" (Marcellus) أحد رفيقى هاملت أثناء ذهابهم لرؤية شبح أبيه الملك المقتول، وقد ترجمها البعض بعبارة "أننى أرى شرا تلوح نذائره وتسرى تباشيره فى دولة الدنمرك"، فيرد عليه رفيقة "هوراشيو" (Horatio) بعبارة (فيما معناه) "إن الله سيتولاها برحمته" (Heaven will direct it). . وهذا أو ذاك فإن المعنى الحديث الذى يمكن تأوييل العبارة إليه هو "أن هناك فسادا قذرا وعفونة فى النظام الدنمركى" باعتبار الأمر يتعلق برأس السلطة (الملك) وبحادثة موت غير طبيعية (ظهرت لاحقا أنها جريمة قتل). لعل الشطر المكمل لتلك العبارة قد جاء فى موضع أخر على لسان "هاملت" نفسه وبعد أن عاد من مقابلة شبح أبيه القتيل الذى اخبره بالجريمة النكراء التى تمت، وفيها قال: "لا يوجد مجرم شرير يعيش فى الدنمرك إلا إذا كان دنئ المنبت خبيث الأصل – محتال وضيع" (There's ne'er a villain dwelling in all Denmark. But he's an arrant knave).
رأينا فى تلك العبارات إشكالية وكبيرة وخطيرة هى "هل يصنع النظام الفاسد الفاسدين ؟؟"، "أم يصنع الفاسدون النظام الفاسد ؟؟". وما حقيقة العلاقة بين النظام الفاسد والفاسدين. الإجابة ببساطة هى أنه لا توجد تلك الثنائية، بل هى رباعية (!!). هناك "مفسدون" يصنعون "نظاما فاسدا" فى ظل عدم ممانعة من "رعية"، هذا النظام الفاسد يرتع فيه "الفاسدون" ويشقى فيه الرعية – صالحين كانوا أم غير صالحين. إنها رباعية الشقاء، مفسدون ونظام فاسد ورعية منصاعة وفاسدون والكل فاسقون.
المنظومة المصرية الفاسدة (والتى تظهر فى بيروقراطيتها ونظاميتها) قد أنشاها "مفسدون" منذ بدايات القرن التاسع عشر، وتحديدا "محمد على" الذى أرسى قواعد وقوانين ولوائح صارمة جامدة تجعل الدولة تسير وحدها بسلامة وسلاسة من قبل المستويات الإدارية الصغرى والمستويات التنفيذية والتكنوقراطية طبقا للوائح منظمة حتى في غياب المستويات الإدارية العليا، وبذلك يكون له مطلق الصلاحية دون اعتماد على سواه. بعد إنتهاء المشروع الإمبراطورى "لمحمد على" أنتقل الحكم إلى الأبناء الذين أساءوا الإدارة وكانت النتيجة الحتمية هى الاحتلال البريطانى (عام 1882). من الجدير بالذكر انه لم يوجد أحد من أسرة "محمد على" جميعهم يتحدث العربية سوى الملك "فاروق". كان من الطبيعى أن يقوم المحتل البريطانى بتوليف وتأليف قوانين تتيح له التميز والسيطرة على مقاليد الأمور فى مصر. جاءت ثورة يوليو لتجد ميراثا بيروقراطيا يحكم قبضتها إلى البلاد والعباد فلم تقم بإصلاحات جذرية أو أعمال تنقيح حقيقة -= إلى درجة أن الدولة المصرية ظلت تدفع الجزية الذهبية إلى الدولة التركية حتى العام 1955 طبقا للوائح (!!). فى عصر السادات بدأت خطوات إصلاحية طبقا لدعاوى الديمقراطية التى أراد بها "السادات" تميز عصره عن سلفه، فصدر دستور 1971 (وكان معقولا نسبيا – على الأقل فى تحديد مدة الرئاسة بالمادة 77)، ولكنه ترك معظم القوانين واللوائح العثمالية كما هى. سرعان ما تراجع "السادات" عن دعاوى الإصلاح وتم اختراع مجموعة من القوانين التى تحاكى المتبع فى نظم الأعراف القبلية وقبائل الهمج المتخلفين فى مجاهل الأمازون منها كمثال قانون "العيب" (!!)، وبذا تحول رئيس الدولة إلى عمدة كفر أو شيخ قبيلة. زاد الطين بلة هو التعديل الأخير فى الدستور (تعديل عام 1981) الذى أطلق عليه "تعديل الهوانم" (نوال عامر وفايدة كامل) والذى أطلق مدة الحكم فى مصر لتكن أبد الآبدين، وهو التعديل الذى استفاد منه الرئيس الحالى (مبارك) ولم يقوم بتغيره ويرفض ذلك رغم أنه على أعتاب الثمانين. المحصلة الآن ترسانة شيطانية من القوانين والنظم الموروثة من العصر العثمانى وعصر محمد على والاحتلال البريطانى وما تفتق عنه عقول جهابذة الفساد وهى التى تحاكم على مجرد النوايا وما تكنه الصدور (!). المنظومة القانونية فى "مصر" تتيح صلاحيات لرئيس الدولة لا يتمتع بها ملوك البريون فى فرنسا (كما أوضحنا فى مقال سابق نقلا عن كتاب "الطهطاوى "تخليص الإبريز" وهو مقال "لعبة الدمقرطة في مصر (3) - تخليص الإبريز في دستور برايز، مارس "2005).
منظومة الدولة هى كيان مصنوع من قبل أفراد وتقوم على فلسفة موروثات ثقافية يتمتع بها الشعب ومؤسساته الذين يكونون الشكل البنائى لتلك المنظومة. الآفة المصرية تقبع فى حقيقة كونها "أطول مستعمرة فى التاريخ" كما جاء فى كتاب "وصف مصر" لجمال حمدان وحاول تبريرها لا نفيها. فى حوار تليفزيونى للدكتور "أحمد عكاشة" يقول ساخرا أو متحسرا "ما فيش دولة لم تحتل مصر !!". المنظومة المصرية الفاسدة صنعها مفسدون وفى عدم ممانعة من الشعب المتجذر فى العبودية (!!). فى هذا الوسط الموبوء يرتع الفاسدون والذين يكونون (فى الأغلب) ممن ينطبق عليهم قول "هاملت": (أصحاب الأصل الوضيع والمنبت الدنئ، ويتصفون بالأصل الوضيع).
إذن نحن نتحدث عن "مفسدون" يصنعون "منظومة فاسدة" دون ممانعة من رعية انصاعت لمن أستخف بها. وفى تلك المنظومة الفاسدة يرتع "الفاسدون" وتقاسى الرعية بما جنت على نفسها. أى أن الرعية فى المنظومة الفاسدة ليست ضحية (!!) بل هم شركاء فى الإثم والخطيئة. ولذا فإن صحة ما جاء فى مسرحية "هاملت" هو: "أن هناك شيئا عفنا فى الدنمرك". و"إن هناك مجرمين أشرار يعيشون فى الدنمرك، منبتهم دنئ وأصلهم خبيث" – ونزيد عليهما: "وإن هناك شعبا فاسدا أيضا ....... فى الدنمرك (!!!!)".
يلى الجزء الثانى عن "ليدى ماكبث والملك لير".
وللحديث بقية . . . . . . . . . . . .
هشام الناصر
الخميس 23 نوفمبر 2006
[email protected]
http://alnasser-hesham.maktoobblog.com/?post=140941


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.