الإختفاء القسرى من النظم الجديدة التى تتبعها قوات الانقلاب ضد معارضيه، "نفسي أعرف بابا فين، نفسي أشوفه واطمن عليه".. بتلك الكلمات عبرت الطفلة "حنين" عن شوقها وقلقها على أبيها "محمود عبد الرحيم محمد عبد العزيز المرشدي"، المقيم بمنطقة فيصل بالجيزة، والذي اختطفته قوات الأمن من أمام مقر عمله بالمهندسين منذ أكثر من 20 يوما دون أن تخبر أهله بمكان اختفائه القسري حتى هذه اللحظة. "حنين" ليست وحدها القلقة على أبيها، فباقي أشقائها (نور الدين 8 سنوات.. أثير 5 سنوات.. مودة عام ونصف) لا يكف سؤالهم عن مكان "اختفاء أبيهم"، ولا تجد الزوجة التي ينفطر قلبها قلقا على زوجها سوى عبارات "بابا جاي بكرة إن شاء الله". "محمود المرشدي"- وبحسب حقوقين- ليس الحالة الأولى من نوعها التي تتعرض للاختفاء القسري على يد قوات الأمن في مصر منذ بداية الشهر الجاري، حيث أكد حقوقيون أن حالات الاختفاء القسري قاربت على ال50 في محافظات ومناطق متفرقة على مستوى الجمهورية منذ مطلع الشهر الجاري، حيث تلقت النيابة العامة ومراكز حقوقية مختلفة عشرات البلاغات عن حالات اختفاء قسري واختطاف على يد قوات أمن مجهولة لذويهم وأهليهم، دون إبداء أسباب واضحة ومعلنة. المصادر الحقوقية ذاتها ونشطاء سياسيون أكدوا وجود تزايد غير مسبوق فى حالات الاختطاف والاختفاء القسرى لمواطنين مصريين على يد الأجهزة الأمنية، منذ بداية العام الجارى، لتبلغ حالات الاختطاف أكثر من 600 فى الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وفق ناشطين. وبالرغم من أن ظاهرة الاختفاء منتشرة فى مصر، منذ انقلاب 3 يوليو على الرئيس مرسي، إلا أن حدتها التي زادت مؤخرا، خاصة منذ تولى وزير الداخلية الحالى اللواء مجدى عبد الغفار، مهام عمله، يعطى انطباعا عاما لدى الحقوقين بأن الاختفاء والاختطاف سياسة جديدة، باتت تتبعها الداخلية فى عهد الوزير الحالي، تستهدف من خلال ترويع المواطنين وخاصة معارضي السلطة الحالية في مصر. المرشدي مختطف منذ 20 يوما وبحسب مصادر مقربة من المواطن محمود المرشدي، المقيم بمنطقة فيصل بالجيزة، فإن قوات الأمن قامت باختطافه أثناء نزوله من الشركة التي يعمل بها، في27 أبريل الماضي، بميدان "سنفكس بالمهندسين"، ومن وقتها وحتى اليوم لا تعرف عنه أسرته أية معلومات. وأكدت المصادر ذاتها أنهم عرفوا باختطافه على يد قوات الأمن من خلال بعض المتواجدين بمحيط مقر الشركة، والذين أكدوا أن عناصر بزي مدني بصحبة سيارات شرطة كانت تنتظره أسفل مقر الشرطة، وقاموا بالانقضاض عليه والإمساك به فور نزوله من مقر الشركة. وعلى الفور قام أهالي المرشدي بعمل بلاغ للنائب العام بتفاصيل الواقعة بتاريخ "29 /4/2015" ويحمل رقم (8437 لسنة 2015) وقاموا بتحميله وتحميل قوات الداخلية المسئولية الكاملة عن سلامته، إلا أنه لم يتم الرد عليهم بعد. وأوضحت المصادر أنه وصلت إليهم معلومات غير مؤكدة عن تواجده داخل مقر أمن الدولة بمدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة، إلا أنهم لم يستطيعوا التأكد من ذلك. حوادث متكررة ومصير مجهول وخلال الشهر الجاري، شهدت محافظتا القاهرةوالجيزة عددا من حالات الاختفاء القسري للعديد من المواطنين، حيث تعرضت أسرة بأكملها فى الحى العاشر بمدينة نصر شرقى القاهرة، مطلع الشهر الجاري، للاختفاء القسري على يد قوات الأمن؛ حيث تم اختطاف المدرس بالأزهر (أحمد محمد الصغير) وزوجته المدرسة بالأزهر أيضا (هالة محمود صالح) وابنتيهما (جودى 2.5 سنين ، وجنى 3 شهور) من داخل شقة سكنية يستأجرونها بالحى العاشر بمدينة نصر شرق القاهرة، على يد عناصر أمنية، وتم اقتيادهم إلى مكان مجهول. وبعدها بأيام أعلنت حركة "طلاب ضد الانقلاب" عن اختطاف الناشط أحمد غنيم، المتحدث الرسمى السابق باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب"، منذ نحو 8 أيام، محملين الأجهزة الأمنية المسئولية الكاملة عن سلامته. ومنذ منتصف شهر إبريل الماضى، قامت قوات الأمن باختطاف أستاذ طب الأسنان محمد الخضرى بمدينة بورسعيد، والذى يعمل أيضا رئيسا للجمعية المصرية لطب الأسنان، من الشارع بمدينة بورسعيد، واقتادته إلى مكان مجهول. كما اختُطف المصور الصحفى إسلام جمعة، من منزله بالجيزة منذ 23 أبريل/ نيسان 2015، ولم تتمكن أسرته من معرفة مكان إخفائه حتى الآن. ويقول نشطاء: إن الاختفاء القسرى بات ظاهرة متكررة منذ انقلاب 3 يوليو 2013، مشيرين إلى أنه فى الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام فقط، تجاوز عدد هذه الحالات أكثر من 600 حالة دون إذن من النيابة العامة، ودون تهمة محددة، بخلاف أكثر من أربعين ألف معتقل. تعذيب داخل أماكن الاحتجاز. وأعرب الناشطون عن قلقهم من "المعاملة السيئة" التى يعامل بها المختطفون فى أماكن الاحتجاز داخل معسكرات الأمن المركزى أو تلك التابعة للجيش. وكانت اللجنة المعنية بحالات الإخفاء القسرى بالأمم المتحدة، رصدت نداء عاجلا طالبت فيه السلطات المصرية بالكشف عن مصير مئات من حالات الاختفاء القسرى فى البلاد. كما طالبت "رابطة الاختطاف والاختفاء القسرى الدولية" الحكومة المصرية بالتوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسرى، التى تجرم هذه الممارسة فى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.