أشتدت الأزمة الطاحنة التي تمرّ بها أسواق استراتيجية في عهد الانقلاب بسبب نقص توافر الدولار الذي يعدّ الشريان الأساسي لاستمرار عمل عدد من الصناعات القائمة على استيراد خاماتها من الخارج. وتشهد الأزمة القائمة حاليًا دخول وافدين جدد لينضموا إلى صفوف المتأثرين بأزمة العملة الأمريكية، رغم محاولات تجريها مؤسسات الدولة وعلى رأسها البنك المركزي المصري الذي ظلّ يطرح عشرات العطاءات لمواجهة السوق السوداء، وخفض قيمة الجنيه، فضلًا عن محاولة مقايضة الجنيه بالروبل الروسي، والتي حذّر منها الخبراء. فقد ضربت الأزمة صناعة الدواء والملابس والسيارات والمواد الغذائية، وتوقفت بعض المصانع عن العمل نتيجة عدم توافر الدولار أو وضع حد أقصى للإيداع بالعملة الأمريكية بحيث لا يتجاوز حجم الايداع اليومي 10 آلاف دولار للأفراد والشركات، و50 ألف دولار للإيداع الشهري. وصرح متعاملون بسوق صناعة الطوب الأحمر، أنّ 80% من مصانع الطوب العاملة بمنطقة الجيزة باتت شبه متوقفة وتعمل بأقل طاقة إنتاجية ممكنة، بشكل رسمي، عن العمل، بسبب نفص السولار والمازوت اللازم لتشغيل المصانع؛ حيث إن ما يقرب من 50% من الاحتياجات يتم استيرادها من الخارج . وأضاف إبراهيم عواد أحد أصحاب مصانع الطوب الأحمر إن مركز الصف بالجيزة يضمّ حوالي 250 مصنعًا بما يعادل 80% من صناعة الطوب الأحمر في مصر، مؤكدًا أنّ المصنع الواحد يعمل به حوالي 500 عامل وأنّ توقف تلك المصانع بسبب نقص المازوت يؤدي لكارثة حقيقية وخسائر فادحة للمصنعين والعمالة بحسب"مصر العربية". وأشارأحمد الزيني رئيس الشعبة العامة لمواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية أنّ صناعة الطوب الأحمر تواجه مشاكل منذ فترة مثلها مثل الإسمنت وغيرها من مواد البناء الأخرى . وقال إن صناعة الحديد تعاني هي الأخرى بشدة، مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق على استيراد ما يقرب من 20 ألف طن حديد خلال شهر فبراير، في ظل ارتفاع الحديد المحلي رغم انخفاض سعر البليت حوالى 500 جنيه للطن في الأسواق العالمية . إلا أنّ الاستيراد يواجه عقبة الدولار وعملية الإيداع، وهو ما يتطلب تحركًا جادًا لإنقاذ هذه الصناعات الحيوية التي يعمل بها مئات الآلاف من العمالة . وقال خالد الدجوي، العضو المنتدي لإحدى شركات الحديد، وعضو الغرفة التجارية: إن البنوك لم توفر الدولار، في ظل تلاشي السوق السوداء التي كان يتعامل معها المستوردون، لكن الآن لم تكن هناك أية معروضات من الدولار، خاصة للمصانع الصغيرة وعددها 7 مصانع. وأضاف في تصريح خاص، أن السوق شهد منذ مطلع الأسبوع الجاري، زيادة في سعر طن الحديد، بسبب نقص المعروض، خاصة من كبار المنتجين مثل "حديد عز" و"بشاي" و"صلب مصر". وكشف إلى أنه منذ قرار البنك المركزي المصري، بخفض الجنيه، وهناك نقص في المعروض من الدولار، مما أثّر سلبًا في كميات الحديد المستوردة وخامة البيليت الرئيسية في إنتاج الحديد. وهدد الدجوي، بزيادة أسعار الطن خلال الفترة المقبلة بما يتراوح بين 200 إلى 300 جنيه للطن، بسبب تباطؤ ضخّ المصنعين للحديد، ونظرًا لتكدس ميناء الإسكندرية بخامات البيليت والحديد المستورد، المطلوب الإفراج عنه، ولكن بعد سداد قيمته بالدولار.