بالرغم من سحبها آخر 150 جندياً من قواتها المحتلة من العراق قبل بضعة أيام فان لعنة العراق ما زالت تطارد بريطانيا التي شاركت في الغزو الهمجي الذي قادته الادارة الامريكية ضد هذا البلد عام 2003 . فقد أفاق الرأي العام البريطاني بالأمس على حدثين مهمين ، الأول بدء التحقيق العام في اسباب مشاركة بريطانيا في الحرب ضد العراق ، والثاني اعدام رهينتين بريطانيين كانا قد خطفا من داخل وزارة المالية الحالية نظراً لعدم تجاوب الحكومة البريطانية مع مطالب الخاطفين باطلاق سراح عدد من المعتقلين في سجون الاحتلال الامريكي داخل العراق. واوضحت المصادر الصحفية ان بريطانيا تشهد جدلاً مثيراً سواء في اوساط الاعلام او الرأي العام حول هذين الحدثين ، فهناك من يتساءل عن مدى حكمة السياسة البريطانية في عدم التجاوب مع مطالب الخاطفين ، أسوة بالدول الاوروبية الأخرى التي تفاوضت مع الخاطفين ، وتجاوبت مع مطالبهم من اجل تأمين سلامة رعاياها. واشارت الى ان الحكومة البريطانية ترفض تقديم أية تنازلات مالية او سياسية لخاطفي رعاياها ، بحجة ان الرضوخ لمثل هذا الابتزاز سيؤدي الى تشجيع عمليات خطف اخرى ، لكن نتائج هذه السياسة تبدو مكلفة ، حيث خسرت بريطانيا اكثر من سبعة من رعاياها حيث اعدموا في العراق ، وآخر في الجزائر ، الامر الذي دفع الكثيرين لمطالبة الحكومة البريطانية بالتخلي عن هذا العناد ، ووضع ارواح الرعايا المختطفين فوق كل الاعتبارات الأخرى. وأكدت ان هذه السياسة التي هي الان موضع شك بالاضافة الى امور كثيرة اخرى ستكون من بين القضايا التي سيتناولها التحقيق العام الذي امر غوردون براون رئيس الوزراء باجرائه ، حول كيفية تورط بلاده في الحرب الدموية الكارثية في العراق .. موضحة ان التحقيق سيكون علنياً في بعض جوانبه وسرياً في جوانب أخرى ، وسيتضمن فحص وثائق واجراء لقاءات مع شخصيات سياسية وعسكرية ودبلوماسية رفيعة المستوى لعبت دوراً في هذه الحرب ، مثل توني بلير رئيس الوزراء السابق الذي مارس اكبر عملية تضليل للرأي العام البريطاني على مر العصور ، عندما انتهج سياسة الكذب واخفاء الحقائق دون ان يرف له جفن . واشارت المصادر الى ان بلير كان قد اتفق على موعد خوض الحرب مع رئيس الادارة الامريكية السابق بوش اثناء زيارة قام بها الى واشنطن ، ليعود بعدها الى لندن ويبدا بتهيئة أسباب ومبررات مشاركة بريطانيا في غزو واحتلال العراق ، من خلال تضخيم خطر ما يسمى باسلحة الدمار الشامل العراقية على بلاده ، رغم علمه المسبق بان تلك الأسلحة غير موجودة فعلاً. وقالت ان الشعب العراقي كان الضحية الأكبر لعمليات الخداع تلك ، فقد خسر اكثر من مليون من خيرة أبنائه ، قتلوا خلال هذه الحرب التي مازالت مستمرة ، دون ان تتحقق وعود الغزاة الغربيين وحلفائهم الذين جاؤا على ظهور دبابات الاحتلال ، في تحويل العراق الى نموذج في الاستقرار والرخاء ، بل ان ما حدث هو العكس تماماً ، الى حد اصبح الكثير من خصوم النظام العراقي السابق يترحمون على أيامه. وخلصت المصادر الى القول انه من المؤمل ان يتم التوصل الى امرين في هذا التحقيق، الأول هو ادانة توني بلير كمجرم حرب ضلل شعبه وتسبب بكوارث للأمن والاستقرار العالميين جراء اساليب الخداع والكذب التي مارسها، والثاني هو انصاف الشعب العراقي وتعويضه عما لحق به من أضرار مادية ونفسية بسبب هذه الحرب الظالمة وغير القانونية، والمبنية على سلسلة من الأكاذيب، وعلى بلير ان يدفع ثمن أكاذيبه وعدائه السافر للعرب والمسلمين المبني على قناعات ومعتقدات دينية صليبية صرفة ومن العار على العرب والغربيين على وجه الخصوص ان يكون بلير الملطخة يداه بدماء مئات الآلاف من الأبرياء العراقيين داعية سلام وممثل اللجنة الرباعية لما يسمى بلتسوية في الشرق الاوسط. ستبقى لعنة العراق تقض مضاجع رؤساء كل الدول التي شاركت في غزو واحتلال هذا البلد الجريح وفي مقدمتهم رئيس الادارة الامريكية السابق المجرم بوش الصغير وتابعه الذليل توني بلير، وستظل تطاردهم أنات الثكالى وبكاء الاطفال الذين فقدوا ابائهم نتيجة الجرائم الوحشية التي اقترفتها قوات الاحتلال الهمجية ضد مئات الالاف من العراقيين الابرياء.