استشهد اثنين من مسلمي الايجور قتلتهم الشرطية الصينية وأصابت ثالثا في تجدد للاضطرابات في مقاطعة شنجيانج، بأقصى شمال غرب البلاد, حيث لقي 184 شخصا مصرعهم. وزعم مسؤول بالحكومة الصينية إن القتلى حاولوا الهجوم على عناصر الشرطة في أورومتشي عاصمة شنجيانج لدى تدخل قوات الأمن لفض اشتباك بين شخصين. من ناحية أخرى ذكرت وسائل إعلام محلية صينية أن جميع المظاهرات التي جرت أمام السفارات والقنصليات الصينية، بالإضافة إلى أعمال الشغب العرقية التي وقعت الأسبوع الماضي في شنجيانج "تم التخطيط لها جيدا" على حد زعمها. وقالت صحيفة "تشاينا ديلي" الحكومية الصينية إن القنصليات والسفارات الصينية في مدن مثل ميونيخ وأوسلو ولوس أنجلوس وأنقرة، تعرضت ل"هجمات شرسة" من قبل "أتباع حركة تركستان الشرقية الانفصالية" على حد زعمها وذلك بعد وقت قصير من اندلاع اضطرابات شنجيانج.
كما زعمت الصحيفة أيضا أن جميع المشاركين في الهجمات تقريبا أعلنوا عن انتمائهم إما ل"منظمة مؤتمر الإيجور العالمية" التي تترأسها سيدة الأعمال ربيعة قدير المقيمة في المنفى، أو للجماعات التابعة لها".
وذكرت جماعات الإيجور في المنفى أن الاضطرابات خلفت نحو ثمانمائة قتيل معظمهم من الإيجور, حيث قتلوا كما تقول "إما رميا بالرصاص أو بالضرب حتى الموت من قبل عناصر الشرطة".
ومن ناحية أخرى لفتت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية الانتباه إلى أن أغلب المسلمين في جميع أنحاء العالم التزموا صمتا قاتلا حيال المواجهات العنيفة بين الإيجور المسلمين وقومية الهان الصينية في مقاطعة شنجيانج, فما الذي يجعل "الظلم" الذي تعرض له المسلمون الصينيون الإيجور مختلفا عن غيره؟
وأضافت أن الصمت المطبق في الشارع الإسلامي ساد بعد أعمال الشغب التي وقعت في شنجيانج وراح ضحيتها أكثر من 184 شخصا.
ولئن كانت الحكومة الصينية قد أعلنت أن غالبية القتلى هم من قومية الهان إثر هجوم من قومية الإيجور المسلمين الذين يشكون عقودا من التهميش وسوء المعاملة والإهمال, فإن كثيرا الإيجور قتلوا كذلك, كما اعتقلت السلطات الصينية الآلاف منهم, وقد تعمد إلى إعدام كثير منهم.
وقد أقدمت بكين كذلك على إغلاق المساجد الأسبوع الماضي مما يعد خطوة تضاف إلى القيود العديدة الصارمة التي تفرضها الصين على حرية التعبير في شنجيانج.
وتضيف الصحيفة "هذه أمور من شأنها أن تثير احتجاجات عاطفية هائجة لو حدثت في بلد عربي, كما حدث عدة مرات في السابق. لكن لم تُحرق أعلام صينية في كراتشي ولا دمى للرئيس الصيني هو جنتاو في القاهرة ولم تتردد هتافات "الموت للصين" في شوارع طهران, فما الذي جعل الرد على القمع الصيني مختلفا"؟
بالنسبة للزعيمة الإيجورية ربيعة قدير فقالت إن "سبب صمت العالم الإسلامي حيال معاناة الإيجور هو أن السلطات الصينية نجحت في الدعاية التي روجت لها داخل العالم الإسلامي أن الإيجوريين "متغربون" (موالون للغرب) أكثر مما هم مسلمون حقيقيون".
وقد جاء الرد الأقوى من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي وصف ما جرى للإيجوريين بأنه "إبادة" كما نزل آلاف الأتراك إلى الشوارع للتنديد بما تعرض له إخوانهم الإيجور الذين يشاطرونهم نفس اللغة, ولذلك فإن الدعم في تركيا يتجاوز مجرد التعاطف مع إخوان مسلمين يتعرضون لظلم الكفار.
ولم يندد رجال الدين الإيرانيين المناصرين للحكومة بما جرى في الصين بينما طالب رجل الدين الموالي للحركة الإصلاحية بإيران آية الله ناصر مكارم شيرازي حكومة بلاده بشجب ما وصفه "دعم الحكومة الصينية الفظيع للعنصريين من قومية الهان".
كانت الصين قد نددت بالمظاهرات الاحتجاجية أمام سفاراتها بالخارج احتجاجا على قمع مسلمي الإيجور في مقاطعة شنجيانج، وقالت إن هذه الاحتجاجات منظمة وواصلت تشديد الإجراءات الأمنية في المقاطعة حيث يسود الهدوء الحذر.
وزعمت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية أول امس إن المظاهرات ضد القنصليات الصينية في أوروبا والولايات المتحدة تظهر أن أحداث الشغب العرقية في أورومشي منسقة.
وذكرت الوكالة أن متظاهرين ألقوا البيض والقنابل الحارقة والحجارة على عدة سفارات وقنصليات صينية في تركيا والنرويج وألمانيا وهولندا.
وزعمت أيضا "إن أنصار انفصاليي تركستان الشرقية بدؤوا هجمات منسقة بشكل جيد وأحيانا عنيفة على السفارات والقنصليات الصينية في عدة دول بعد قليل من أحداث الشغب التي وقعت يوم الأحد الماضي".
من ناحية أخرى توعد جناح تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي باستهداف العمال الصينيين في أفريقيا انتقاما لمقتل عدد من الإيجور المسلمين في مقاطعة شنجيانج بأقصى شمال غرب الصين.
وقالت صحيفة تلغراف نقلا عن مؤسسة سترلنع أساينت البريطانية المتخصصة في الشؤون الاستخبارية إن القاعدة قالت إنها سوف تستهدف 50 ألف صيني يعملون في الجزائر وتشن هجمات على المشاريع الصينية الأخرى في شمال أفريقيا.
ووصفت المؤسسة البريطانية هذه التهديدات بأنها خطيرة، مشيرة إلى أنه قبل ثلاثة أسابيع نصبت القاعدة كمينا لقافلة لقوات أمن جزائرية كانت تحمي مهندسين صينيين، مما أدى إلى مقتل 24 جزائريا، وتوقعت أن يقوم التنظيم بهجمات مماثلة مستقبلا.
وكانت الصين قد اتهمت حركة تركستان الشرقية الانفصالية بالارتباط بالقاعدة، لكنها المرة الأولى التي يوجه فيها هذا التنظيم تهديدا مباشرا للصين أو مشاريع تابعة لها.
وقالت المؤسسة البريطانية إنها رصدت حوارات على الإنترنت بين الجهاديين يتحدثون فيها عن الحاجة للانتقام مما حدث في مقاطعة شنجيانج، مشيرة إلى أن بعض هؤلاء الجهاديين تحدثوا عن وجود أهداف صينية يمكن ضربها في شمال أفريقيا والسودان وباكستان واليمن.
وذكرت المؤسسة أنها رصدت موقعين على الإنترنت لهما صلة بالقاعدة يدعوان إلى قتل العاملين الصينيين في السعودية ومناطق أخرى من الشرق الأوسط لتوجيه رسالة إلى بكين وغيرها بأن الوقت الذي يستعبد فيه المسلمون قد ولى.
وأشارت المؤسسة إلى أن المؤشرات التي لديها تنفي وجود صلة بين الإيجور وتنظيم القاعدة، واستبعدت أن يفكر قادة التنظيم في شن هجمات داخل الصين.
تأهب صيني ونتيجة لهذه التهديدات علنت الصين حالة التأهب القصوى وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بلاده "سوف تتخذ جميع الإجراءات اللازمة، وستبقي عينها يقظة لحماية مصالحها في أنحاء العالم".
كما أصدرت السفارة الصينية في الجزائر بيانا دعت فيه المؤسسات الممولة من الصين والعمال الصينيين إلى رفع درجة اليقظة وتعزيز إجراءاتهم الأمنية بسبب الأوضاع في مدينة أورومشي عاصمة مقاطعة شنجيانج، وطلبت من رعاياها الإبلاغ فورا عن أي حدث طارئ يقع في الجزائر.