ارتفاع سعر الذهب اليوم في الأسواق    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 17 مايو 2024    الدولار يواصل السقوط ويتجه لتسجيل انخفاض أسبوعي وسط مؤشرات على تباطؤ في أمريكا    إيقاف رئيس حرم جامعي بكاليفورنيا لتضامنه مع طلاب متضامنين مع الفلسطينيين    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    شقيق ضحية عصام صاصا:"عايز حق أخويا"    غدا.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية في البحر الأحمر    استئناف الرحلات والأنشطة البحرية والغطس في الغردقة بعد تحسن الأحوال الجوية    «الأرصاد» تكشف طقس الأيام المقبلة.. موجة حارة وارتفاع درجات الحرارة    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    باسم سمرة يروج لفيلمه الجديد «اللعب مع العيال»: «انتظروني في عيد الاضحى»    دعاء تسهيل الامتحان.. «اللهم أجعل الصعب سهلا وافتح علينا فتوح العارفين»    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. نور بين الجمعتين    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    موعد مباراة ضمك والفيحاء في الدوري السعودي    عاجل - حالة الطقس اليوم.. الأرصاد تعلن تفاصيل درجات الحرارة في محافظة أسيوط والصغرى تصل ل22 درجة    «قضايا اغتصاب واعتداء».. بسمة وهبة تفضح «أوبر» بالصوت والصورة (فيديو)    بسبب زيادة حوادث الطرق.. الأبرياء يدفعون ثمن جرائم جنون السرعة    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    وقوع زلازل عنيفة بدءا من اليوم: تستمر حتى 23 مايو    الاستخبارات العسكرية الروسية: الناتو قدم لأوكرانيا 800 دبابة وأكثر من 30 ألف مسيرة    وزير الدفاع الأمريكي يؤكد ضرورة حماية المدنيين قبل أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية    سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الجمعة 17 مايو 2024    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    لبلبة: عادل إمام أحلى إنسان في حياتي (فيديو)    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    أضرار السكريات،على الأطفال    هل يشارك لاعب الزمالك في نهائي الكونفدرالية بعد وفاة والده؟    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    شبانة يهاجم اتحاد الكرة: «بيستغفلنا وعايز يدي الدوري ل بيراميدز»    الذكاء الاصطناعى.. ثورة تكنولوجية في أيدى المجرمين الجدد    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    من أجل بطاقة السوبر.. ماذا يحتاج برشلونة لضمان وصافة الدوري الإسباني؟    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنشطة التخريبية الإسرائيلية
نشر في الشعب يوم 05 - 07 - 2014

لعل أهم معطيات الواقع الأفريقي التي تم استثمارها إسرائيليا هي المعطيات المرتبطة بصورة العربي في العيون الأفريقية على مستوى النخب الحاكمة وعلى مستوى الرأي العام الأفريقي في الوقت عينه. فرغم تراجع صورة العربي تاجر العاج والرقيق في أذهان الأفريقيين نتيجة للنشاط الديبلوماسي الذي بذلته مصر بعد ثورة 23 يوليو - على صعيد القارة الأفريقية,إلا أن الإعلام الإسرائيلى يسعى دائما لتجديد الصورة السلبية للعرب لدى عموم الأفريقيين عن طريق تعميم الصورة السلبية لبعض قطاعات الأقليات العربية وخاصة اللبنانية والسورية والناتجة عن ارتباط بعض هذه القطاعات بالنخب الحاكمة الأفريقية من جهة وممارسة لسلوكيات اقتصادية انتهازية من جهة ثانية جعلتها مكروهة لدى الرأي العام الأفريقي.
ودعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية هذه الصورة السلبية للعرب بصورة سلبية أخرى هي صورة العربي مالك النفط و العوائد النفطية الكبيرة والخيالية التي لا يتم استثمارها لدعم الأفارقة, وإن استثمر بعضها في القارة الأفريقية فهو استثمار سلبي يستند إلى سلوك بطيء ومتردد ووسيلته القروض العربية المرتبطة بفوائد مرهقة نسبياً .
ومن ضمن هذه الأجواء شنت إسرائيل حرباً ضروساً ضد مصر والسودان والجاليات العربية المهاجرة إلى الدول الأفريقية منذ عشرات السنين. وأكدت وزارة الخارجية المصرية أنذاك بوجود مؤامرة إسرائيلية ضد مصر في النزاع الدائر في منطقة البحيرات العظمى وذلك لأنها تريد السيطرة على منابع النيل. وعلى هذا الصعيد تجدر الإشارة إلى تهريب السلاح الإسرائيلي لقبائل الهوتو على الرغم من الحظر الدولي عام 1994 وذلك لدعمها في حربها ضد قبائل التوتسي التي تقول إسرائيل أن مصر كانت تدعمها في زائير.
وتنطلق الاستراتيجية الاسرائيلية في هذا المجال من الاعتبارات التالية :
1. تأثير منطقة حوض النيل على الامن القومي العربي من خلال تهديد منابع نهر النيل وارتباط ذلك بالسياسات والتوجهات المصرية والسودانية.
2. الاهمية الستراتيجية لكل من أريتريا وأثيوبيا في التحكم بالمدخل الجنوبي للبحر الاحمر, حيث أن ذلك له علاقة مباشرة بالاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية الرامية الى منع تكرار محاصرتها بحريا مثلما حصل عندما أغلق العرب عليها مضيق باب المندب مما شل حركة الاسطول البحري.
3. تقوم اسرائيل بدور مخلب القط للولايات المتحدة الاميركية أو انها تؤدي دور المساعد لاميركا في التنافس الاميركي الفرنسي في القارة الافريقية بحيث تحول النفوذ الفرنسي على سبيل المثال في كل من رواندا والكونغو الديموقراطي الى نفوذ أميركي بدعم الخبرات الاسرائيلية التي تتجلى خاصة في صورة مرتزقة يعملون كخبراء عسكريين في التدريب والتسليح وما الى ذلك.
4. الاستفادة الاقتصادية من دول هذه المنطقة الجاذبة للاستثمارات الغربية لكونها منجما لا ينضب من المواد الاولية والخامات الثمينة.
وتتحرك الستراتيجية الاسرائيلية بالنسبة لدول حوض النيل على ثلاثة محاور هي كالتالي:
‌أ- ربط أنظمة هذه الدول بالخبرات العسكرية الاسرائيلية سواء على صعيد الكوادر البشرية أو على صعيد الانظمة الدفاعية والتسليحية بحيث أضحت اسرائيل تتدخل في الشؤن الداخلية لهذه الدول وتدعم بعض ميليشياتها المسلحة المتصارعة على الحكم, مثلما حصل في رواندا.
‌ب- تحريض دول منابع النيل على المطالبة بنصيب أكبر من مياهه واستخدام ذلك كأسلوب عدائي ضد مصر وخصوصا في ما يتعلق بمشروعات التنمية الزراعية واهمها مشروعا توشكي وترعة السلام. بل ومحاولة فرض أفكار تسعير المياه وبيعها وانشاء سوق دولية لها على غرار ما يحصل بالنسبة للمياه التركية ناهيك عن دعمها المستمر لاقامة اية مشروعات سدود أو التوسع في الزراعة لاية دولة نيلية باعتبار ذلك تحديا لكل من مصر والسودان.
‌ج- استخدام سياسة الوسيط التجاري لتسويق المواد الخام والمنتجات الزراعية لهذه الدول في أوروبا. و في الوقت ذاته استيراد متطلبات هذه الدول الصناعية والزراعية بأسعار مضاعفة لتحقيق المكاسب السريعة.
أن الوجود الإسرائيلي في أفريقيا ليس هدفاً إسرائيليا فقط بل هو تعبير عن مصالح أميركية وغربية حارسها الأمين إسرائيل وقد أحسن الحارس اختيار البوابة فكان الدخول من طريق التعاون العسكري الوطيد. وقد مارست إسرائيل سياسة اللعبة المزدوجة فأقامت لها علاقات تعاون مع الأنظمة الحاكمة وأيضاً مع حركات المعارضة لتضمن لنفسها المرونة في التعامل بما يضمن مصالحها بالدرجة الأولى. وإسرائيل التي رأت, بدخول إرتريا جامعة الدول العربية, أن البحر الأحمر قد اصبح بحيرة عربية, لم يعجبها ذلك فتحركت للهيمنة على مضيق باب المندب لتحويله إلى وسيلة ضغط مباشرة على كل من مصر والسودان والسعودية واليمن. وحققت نجاحات بعقدها اتفاقات تعاون مع إرتريا عام 1992 في المجال العسكري شملت مساعدة القوات الإرترية على احتلالها جزيرتي حنيش الكبرى والصغرى وإلى تدعيم قواتها لاستمرار هذه الجزر لتوفير الهيمنة الإسرائيلية على الملاحة عبر مضيق باب المندب الستراتيجي. كما ساهمت في تقديم تسهيلات بحرية وجوية لإرتريا. هذا إلى جانب وجود حوالي 40 جندياً إرتريا في بعثة تدريبية لدى القوات البحرية الإسرائيلية ومشاركة 350 اسرائيلياً من اليهود الفلاشا في صيانة وتأمين المنشآت العسكرية في ارتيريا. وبناء على طلب أرتريا قامت إسرائيل بإيفاد مجموعة من 200 عسكري كمستشارين عسكريين من سلاحي الجو والبحر وعناصر مخابرات لحماية الوجود العسكري الإرتري في ميناء مصوع على البحر الأحمر. وامتد النفوذ العسكري الإسرائيلي إلى كل من أثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا والى جنوب السودان حيث كانت تتعاون السلطات العسكرية الإسرائيلية مع حركة التمرد في الجنوب بقيادة جون غارانغ قبل تنفيذ مخطط الانفصال عن طريق إرسال مدربين و تدريب آخرين من الحركة في إسرائيل مع توفير الأسلحة والمعدات والذخائر والقاذفات المضادة للدروع وأجهزة الاتصال وصولاً إلى الطوافات الحربية.
وتعمل إسرائيل من وراء هذا كله للهيمنة على منابع النيل الاستوائية ولاستكمال حزام التطويق الإسرائيلي الجنوبي لمنابع النيل بما يشكل تهديداً أمنياً وستراتيجياً لكل من السودان ومصر ويمتد هذا الحزام ليشمل زائير وتشاد وليهدد المغرب العربي من الجنوب حيث تكتمل حلقة الاتصال الدائرية الممتدة من البحر الأحمر ومنابع النيل حتى الوجود العسكري في دول جنوب الصحراء التي لها حدود مع المغرب العربي. ولهذا اهتمت إسرائيل أيضاً بالاتصال العسكري مع زائير وكانت قد وقعت اتفاقاً عسكريا معها منذ عام 1983 يشمل الإمدادات والتدريبات العسكرية والأمنية على حد سواء.
أما تشاد فإنها حصلت على هبة من الأسلحة عن طريق زائير عام 1983 وتوسعت العلاقات حتى أصبح هناك خبراء إسرائيليون مع عناصر زائيرية في تشاد تقوم بتدريب الجيش التشادي وتتحمل إسرائيل التكاليف.
وبالنسبة لنيجيريا فقد برز التعاون العسكري الإسرائيلي بإنشاء ثلاث قواعد جوية. وفي منطقة البحيرات العظمى. ومنذ بداية التسعينات تمارس إسرائيل دوراً خفياً في تمويل الصراع مستغلة الصراعات الأثنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وخاصة المذابح الجماعية بين الهوتو والتوتسي.
ولا يخفى في هذا المجال وجود المصالح المتكاملة ما بين إسرائيل والولايات المتحدة حيث تسعى إسرائيل إلى محاصرة الأمن القومي العربي, وطبقاً لرأي كريستيان تورديني, فإن الخطط الإسرائيلية المتعلقة بالبحيرات العظمى ومنابع النيل, لا يقتصر الهدف من ورائها على فتح ثغرة في خطوط الأمن القومي والمائي العربيين بواسطة أثيوبيا وارتيريا, بل يتجاوز ذلك إلى جعل أبواب المنطقة مشرعة أمام المصالح الأميركية.
وعلى صعيد الأزمة السودانية فإن المصلحة الأميركية الإسرائيلية تسعى الى تغيير نظام الحكم القائم حيث فرضت إدارة كلينتون السابقة عقوبات اقتصادية على السودان في حين أنها في الوقت نفسه قدمت دعماً كبيراً لدول الجوار الجغرافي والثقافي المحيطة بالسودان, وتعتمد الإدارة الأميركية في تحقيق هذه السياسة على قادة كل من أثيوبيا وإرتريا وأوغندا ورواندا.
وعلى الرغم من الانشقاق الذي حصل بين جناح المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي وجناح المؤتمر الوطني بزعامة البشير وهو الأمر الذي انتهى بإطاحة الترابي نفسه ووضعه رهن الاعتقال في أعقاب توقيعه مذكرة تفاهم مع فصيل جون غارانغ, فإن الإدارة الأميركية برئاسة جورج دبليو بوش لم تعبأ بهذه التطورات الداخلية المهمة على الساحة السودانية واستمرت على نهجها المتشدد في التعامل مع السودان.
أما في ما يتعلق بالمغتربين العرب الموجودين في العديد من الدول الأفريقية وخصوصاً اللبنانيين منهم, فتجدر الإشارة إلى أن نحو ربع مليون لبناني ينتشرون حالياً في دول القارة السوداء وأبرزها السنغال وأبيدجان وسيراليون وليبريا وغينيا. وكان هؤلاء قد هاجروا منذ عشرات السنين حين كانت أفريقيا ما تزال أرض الأدغال والمخاطر. وفي الوقت الحاضر يشعر الكثير من هؤلاء أن وجودهم هناك بات مهدداً خاصة في ليبريا والغابون وسيراليون وساحل العاج, أما المأساة المؤلمة فكانت في الكونغو حيث اغتيل 11 شاباً لبنانياً في ظروف غامضة لا تبتعد عنها الأصابع الصهيونية كثيراً. وفي هذا المجال يقول رئيس الجالية اللبنانية أن الإسرائيليين يضخمون باستمرار الأخطاء إذا حصلت.
فإذا ارتكب أحد اللبنانيين المراهقين, الذي يمكن أن يكون قد ولد في الكونغو وشب فيها, خطأ ما, لكونه عاطلاً عن العمل, فإن الجالية اليهودية هناك تضخم الأمر محاولة إظهار الجالية اللبنانية بأكملها في موقع الخطأ. فإسرائيل كعادتها لا تحارب مباشرة بل عن طريق التضييق على اللبنانيين عبر منافستهم في لقمة عيشهم والتحكم بالمال والاقتصاد. فقبل مصرع كابيلا حصلت شركة idi"" الإسرائيلية التابعة لحزب شاس اليهودي المتطرف على حق احتكار استخراج الماس وبيعه دون أي شركة أخرى بما فيها الشركات اللبنانية مقابل 18 مليون دولار شهريا؛ وهذا المبلغ لا يكفي لاستخراج ثلاثة او اربعة احجار من الماس. وبذلك قضت على الدور المميز الذي كان يقوم به اللبنانيون منذ عام 1960 لاستخراج الماس مما الحق اضرارا فادحة بالكونغو وباللبنانيين على حد سواء. ومع كابيلا الابن تمت إعادة فتح السوق لكل الشركات مع إعادة تنظيمها ورغم ذلك بقي اليهود يضايقون اللبنانيين بل ويعملون على استدراج بعضهم من العاطلين عن العمل لمؤسساتهم لتوريطهم في مشاكل عملات مزورة وما شابه, ثم يشون بهم إلى السلطات الكونغولية.
لقد كانت الكونغو خلال عقدي السبعينات والثمانينات, من الدول الأفريقية المناهضة لإسرائيل في أفريقيا, ولكن بعد استئناف العلاقات مع إسرائيل بدأ رجال المخابرات الإسرائيلية (الموساد) يتسللون إلى الكونغو برازافيل للعمل هناك مستغلين توتر الأوضاع السياسية في البلاد. وقد كوّن رجال الموساد شركات لممارسة نشاطهم من خلالها سواء لصالح الحكومة أو لصالح الأحزاب المعارضة لها. وقد ألقت الحكومة الكونغولية القبض على عدد من رجال الموساد الذين كانوا يمدون أفراد الميليشيات بالأسلحة ويدربونهم عليها.
ومن ناحية أخرى دفع جهاز الموساد بمجموعة أخرى من رجاله بقيادة العميد احتياط زئيف زخارين ومعاونه أوري شاحاك, ابن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق آمنون شاحاك, وقامت هذه المجموعة بتجنيد مائة إسرائيلي من المسرحين من الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي لتدريب وحدات كوماندوس في جيش الكونغو, مما أدى إلى تدهور الأوضاع إلى حافة الحرب الأهلية. مع ذلك فإن هذا لم يمنع رئيس الكونغو ليسوبا من زيارة إسرائيل عام 1995 حيث قال : “جئت إلى إسرائيل لأن في أفريقيا أزمة. وهي تواجه خطر الكارثة واليهود وحدهم هم الذين يستطيعون فهمنا".
الجدير بالذكر أن الكونغو التي تملك ثروة نفطية ومعدنية وطبيعية كبيرة تعتبر من أكثر دول العالم فقراً بسبب الفساد والقلاقل المستفحلة فيها والتي استمرت حتى وضع موبوتو يده على الحكم ثم أتى من بعده كابيلا الذي اغتيل في مطلع هذا العام وخلفه ابنه جوزيف الأول.
بالإضافة إلى الكونغو , يصل القلق لدى اللبنانيين في ساحل العاج إلى ذروته , حيث يتم تحطيم محلاتهم التجارية أو نهبها, مما أرغم العديدين منهم على العودة الى الوطن خوفاً على أرواحهم . وقد روى أحد أصحاب رءوس الاموال الكبيرة من اللبنانيين في أبيدجان أن وراء القلاقل والمخاطر التي يتعرضون لها هناك جهاز الموسادالإسرائيلي الذي يضم نحو ستين عنصرا يتوزعون على مجموعة شركات يسيطر عليها اليهود وتملك رساميل ضخمة تحاول تطويق القدرات اللبنانية وإجبارها على الإفلاس والرحيل. وقد وجدت أجهزة الموساد من تتكئ عليهم من الشباب والمراهقين السود الذين شحنت نفوسهم بالكراهية ضد اللبنانيين خاصة و العرب عامة, ممن يتهمون بالرشوة والتهريب. وقد اعتبر مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية اللبنانية فى ذلك الوقت السفير ستيتيه أن صورة اللبناني قد تشوهت في الداخل والخارج نتيجة للحروب التي دارت في لبنان منذ العام 1975 ... والخطير في الأمر أن بعض الدول الأفريقية التي تعاني من أزمات اقتصادية وصراعات داخلية تبحث عن متنفس لهذه الأوضاع فتعمل الى تحويل اللبناني الى كبش محرقة.
والأخطر هو أن العنصر الإسرائيلي العائد إلى أفريقيا يعمل على الانتقام من العرب واللبنانيين ثأراً لنجاح الموقف العربي الذي فرض على إسرائيل مقاطعة أفريقية شاملة ... فإسرائيل تحاول الآن تدمير الوجود اللبناني في أفريقيا وهو الوجودالعربي الأكثر انتشاراً هناك إذ يوجد نحو 350 ألف لبناني في أفريقيا. وهذا المخطط يرمي الى أخذ إسرائيل مكان اللبنانيين لا سيما على المستويين الاقتصادي والسياسي وهو ما تجلى أخيراً في ساحل العاج وليبيريا
الخلاصة:
شهدت القارة الأفريقية خلال العقود الأربعة الماضية أكثر من (35) نزاعاً مسلحاً ذهب ضحيتها ما يزيد عن عشرة ملايين ضحية, ونتيجة اندلاع الصراعات في ما يعرف بمنطقة البحيرات العظمى فإن كل الدلائل تشير الى وجود أصابع أجنبية وراء اشتعال هذه الحروب والعمل على استمرارها وتقديم كل ما تستلزمه من أسلحة وعتاد من أجل الإفادة منها. ومن بين هذه الأصابع تبرز الأصابع الإسرائيلية التي تسعى للتدخل في محورين: محور منابع النيل حيث تحاول إسرائيل الإمساك بخناق مصر التي هي هبة هذا النهر, ومن أجل ذلك ساعدت في إقامة سدود ضخمة على النهر وخصوصاً في أثيوبيا(سد النهضه) بدعم المسيحيه الصهيونيه بهدف التحكم بمصير ومقدرات كل من مصر والسودان. وفي هذا المجال نتذكر تهديدات الوزير الإسرائيلي ليبرمان بقصف أسوان وتدمير السد العالي.
والمحور الثاني هو محور البحر الأحمر المنفذ الحيوي إلى المحيط الهندي والبحر المتوسط والمحيط الأطلسي. وقد حدد بن غوريون غاية إسرائيل من التحكم بمنافذ البحر الأحمر بثلاثة أهداف:
‌أ- جعل البحر الأحمر منفذاً إسرائيليا إلى القارة الأفريقية والشرق آسيوية.
‌ب- استخدامه كشريان إسرائيلي والإفادة منه عوضاً عن قناة السويس.
‌ج- تفكيك الروابط القومية للعالم العربي .
ولهذا سعت إسرائيل إلى إشعال نيران الحروب في أفريقيا لاستغلالها في زيادة نفوذها وحضورها هناك كما حصل في الحروب بين قبائل التوتسي والهوتو في رواندا وبوروندي. وكذلك تدخلت لدعم المعارضة في الكونغو برازافيل وساندت نظام ألباجندا في أوغندا ونظام الأمهرة في أثيوبيا. وتدخلت في منطقة باب المندب بتغلغلها في إرتريا حيث يوجد ما بين 600*800 مستشار إسرائيلي مهمتهم تدريب الجيش الإرتري, ومن ناحية ثانية استغل هؤلاء العلاقات القوية التي تربطهم برئيس الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا سابقاً ورئيس إرتريا الحالي اسياس أفورقي الذي زار إسرائيل عدة مرات واشترى منها طائرات كفير ودبابات ميركافا ورشاشات عوزي لجيشه. وقد وصل الأمر الى حد قيام جماعات تبشيرية يهودية من بينها شهود يهوه التي استطاعت أن تؤثر في فئات مسيحية ومسلمة لاعتناق ما تدعو إليه عن طريق الاغراءات وتقديم المساعدات, وتمكنت إسرائيل من تحريض إريتريا ضد الدول العربية المجاورة التي كانت ساعدت أفورقي في ثورته التحريرية ضد أثيوبيا, وخصوصاً السودان واليمن مثلما شجعت موريتانيا على إدارة ظهرها للعرب بينما تقوم الحكومات الصهيونيه المتعاقبه بذبح الشعب الفلسطيني وابتلاع أرضه وسحق انتفاضته.
وبالرغم مما تقدم فإن أثيوبيا تبقى الدولة الأفريقية الأهم في عهد الإمبراطور هيلاسيلاسي الذي كان يدعي انحداره من سلالة الملك سليمان ولذلك اختار نجمة داوود شعاراً لحرسه. وقد ساعدت إسرائيل نظام منغيستو هيلامريام في أثيوبيا, قبل استقلال إريتريا, وهو الذي سمح ليهود الفلاشا الأثيوبيين بالهجرة إليها. وفي عهد بنيامين نتنياهو ساعدت إسرائيل أثيوبيا في صراعها على ميناء عصب على البحر الأحمر مع إرتريا. وبذلك تلاعبت بالدولتين لإبقاء نيران الحرب مشتعلة بينهما ومدتهما بالسلاح كي يترسخ نفوذها هناك .
وإسرائيل هي التي ساعدت جورج غارانغ من أجل سلخ جنوب السودان عن شماله, لما يتمتع به هذا الجنوب من ثروات نفطية, وذلك ضمن مخطط يرمي إلى إقامة حلف يضم كل من إسرائيل وإرتريا وجنوب السودان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.