إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    ميدو: استدعائي للتحقيق من قبل لجنة الانضباط بسبب الظهور الإعلامي "مصيبة".. وهذه كواليس الجلسة    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. واختيار رجل المباراة في الدوري «كارثة»    «أهل مصر» ينشر أسماء المتوفين في حادث تصادم سيارتين بقنا    إعدادية القليوبية، نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة القليوبية عبر هذا الرابط    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات ويوجه بتوفير سبل الراحة.. فيديو وصور    إعلام فلسطينى: اندلاع حريق فى معسكر لجيش الاحتلال قرب بلدة عناتا شمالى القدس    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    4 شهداء في غارة للاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    عماد أديب: نتنياهو يعيش حياة مذلة مع زوجته    كريم خان يتسبب في "خيبة أمل جديدة" بين نتنياهو وبايدن    غالانت يقترح "إنشاء حكومة بديلة لحماس" في غزة    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الإثنين 3 يونيو 2024 (تحديث)    التموين تكشف حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم    وكيل كوناتي: إذا قرر اللاعب الانتقال إلى الدوري المصري سيكون من خلال الأهلي    موقف الشناوي من عرض القادسية السعودي    ميدو: ليس هناك وقت ل«القمص» وحسام حسن سيخرج أفضل نسخة من صلاح    الكشف عن تفاصيل عرض موناكو لضم محمد عبد المنعم.. ورد حاسم من الأهلي    خسارة للبايرن ومكسب للريال.. أسطورة البافاري يعلق على انتقال كروس للملكي    السجيني: نزول الأسعار تراوح من 15 ل 20 % في الأسواق    الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في الكشف المبكر عن قصور القلب    بعد الخبز.. مقترح حكومي بزيادة السكر التمويني إلى 18 جنيها    أصعب 24 ساعة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين: «درجات الحرارة تصل ل44»    مصرع وإصابة 16 شخصا في حادث تصادم سيارتين بقنا    دفن جثة شخص طعن بسكين خلال مشاجرة في بولاق الدكرور    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    "التعليم": شرائح زيادة مصروفات المدارس الخاصة تتم سنويا قبل العام الدراسي    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    المرصد السوري: سلسلة انفجارات متتالية قوية تهز مدينة حلب (فيديو)    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    «فرصة لا تعوض».. تنسيق مدرسة الذهب والمجوهرات بعد الاعدادية (مكافأة مالية أثناء الدراسة)    النيابة الإدارية تكرم القضاة المحاضرين بدورات مركز الدراسات القضائية بالهيئة    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    محمد الباز ل«بين السطور»: «القاهرة الإخبارية» جعلتنا نعرف وزن مصر الإقليمي    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    أسامة القوصي ل"الشاهد": مصر الوحيدة نجت من مخطط "الربيع العبري"    مدير مكتب سمير صبري يكشف مفاجأة عن إعلام الوراثة وقصة نجله وبيع مقتنياته (فيديو)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    كوريا الشمالية توقف بالونات «القمامة» والجارة الجنوبية تتوعد برد قوي    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البابا بنديكت(212)
نشر في الشعب يوم 29 - 09 - 2006


بقلم: أد يحيي هاشم حسن فرغل


لم يكن اعتذارا من البابا.. وعن أي شيء يعتذر وهو إنما يخضع جبرا لطبيعة فيه و " ما بالطبع لا يتخلف " كما هي القاعدة العقلية المسلمة ، قد يتخلف "المكتسب " ، لكن الطبع يثبت نفسه دائما ، فالواحد لا يمكنه أن يكون اثنين أو ثلاثة ، ربما يمكنه أن يكون طويلا أو قصيرا أو أبيض أو أسود ، من الصفات المكتسبة ، لكن الأمور الذاتية لايمكن إلا أن تعلن عن ذاتها ، ولو تظاهر صاحبها - كذبا - بغير ما هو عليه ، فالإناء ينضح بما فيه ، ولسوف ينضح ،بما فيه ولسوف يستمر ينضح بأسوأ ما فيه ، ومن الخير أن يستمر ينضح بما فيه بغير تستر أو غطاء ...
إن هجوم البابا على الإسلام ليس إلا حلقة صغيرة من سلسلة طويلة من تهجم المبشرين على ذاتية الإسلام لها سوابقها وتوابعها وروافدها من أسلحة الطغاة .
وليس اقتحامهم لهذه الذاتية إلا من خلال قناة العلمانية المفتوحة لكل أشكال الكيد للإسلام من تبشير وصهيونية وطائفية . بدعم تنفيذي مشهود من وزارات الثقافة والإعلام والفنون
ويكفى أن نذكر ما حدث بغطاء علماني ملخصه أن " الدين لله والوطن للغزاة " !! .
وإذا كان الدين لله فافسحوا الطريق للتبشير كما يفسح للصهيونية والطائفية !! وعملاء الاستعمار!!
وهو على كل حال تمهيد للتنوير ومقاومة " للإرهاب " في معادلته الذائعة مع " الظلامية" و" الإسلامية "
ويتجه التبشير إلى أبعد الأماكن مظنة استهداف في هذا الاقتحام
الجزيرة العربية ..
الأزهر
وهكذا ..
...لقد كان اهتمام الدول الاستعمارية بمنطقة الخليج العربي - ومايزال - مرتبطاً أشد الارتباط بالنشاط التنصيرى ، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك القرار الذى أصدره لويس الرابع عشر عام 1679 بتعيين كبير دير الكراملة بالبصرة قنصلاً فرنسياً بها وما تلا ذلك من تتابع أحد عشر قسيساً فى القيام بواجبات القنصل فى البصرة بين عامى ( 1679 1739 ) (1) .
وعندما تأسست " الإرساليات العربية الأمريكية عام 1889م أكد القس صمويل زويمر و " جيمس كانتين " كما يقولان ( أن للمسيح الحق فى استرجاع الجزيرة العربية ) !!!
وادعيا أن الدلائل التى تجمعت لديهما تؤكد أن المسيحية كانت منتشرة فى هذه البلاد فى بداية عهدها ، لهذا كما يقولان ( فإن من واجبنا أن نعيد هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية . ) هكذا (!!!)
وعندما وصل زويمر إلى البحرين حوالى عام 1310 ه ( بدأ يتصل بالناس فى الأسواق ويناقش الشباب منهم فى أمور الدين ، وكان يحادثهم باللغة العربية فقد كان يجيدها ، وبدأ يتحسس فيهم ميولهم وآمالهم ... ويقول لهم : إنه جاء إليهم فى بلادهم ضيفا عليهم ، وإذا لم يقبلوه فهو ضيف الله ... وكانوا يقولون له : أنت ضيف إبليس وبقى هذا اللقب عالقا به طوال تردده على البحرين بعد ذلك . ) (2) .
وعندما ضاقت عليه أرض البحرين ورفض الحاكم أن يثق بتعهداته استعان فى عام 1899 بالمقيم السياسى البريطانى الكولونيل " ميد " فى إلزام الحاكم بإجابة طلباته لكنه لم ينجح ، ولكنه أعاد الكرة ( عام 1901) فنجح هذه المرة فى أن يشترى ويضم أو يتسول قطعا من الأرض يضمها إلى مشروعه وما أن حل عام 1906 حتى كانت جميع المبانى الملحقة قد اكتملت مكونة المركز العام للإرسالية فى البحرين (1) وكانت هذه هى المحطة الثانية للتبشير فى المنطقة بعد محطة البصرة " .
ثم اتجه زويمر بعد ذلك إلى مسقط ، وكتب زويمر عنها يقول : ( منذ بعض الوقت ومسقط تقدم فرصة مفتوحة لنشر الإنجيل ... والعرب مستعدون للقدوم إلى منزلى لمناقشة الأمور الدينية إذا دعوتهم ... والكتب المقدسة تباع فى معظم الأماكن ، وتقرأ فى السوق أو فى المقهى . ) وعلى العموم لم يواجه هذا الغزو أية مشاكل تذكر فى مسقط فى تلك الأيام بسبب وجود الحماية البريطانية ووجود قنصل أمريكى استخدم حمايته لمتابعة هذا الغزو .
وهكذا اتجهت محاولات الغزو من البصرة إلى البحرين إلى مسقط ، إلى الساحل الشمالى ، إلى قطر ، إلى الكويت ، على تفاوت فى درجات الفشل والنجاح فى هذه المناطق ، ولكنها فى جميع الأحوال كانت شديدة الارتباط بالسلطات الاستعمارية وكان إخفاقها أو نجاحها مرتبطاً بمدى ظهور أو اختفاء هذه الرابطة الاستعمارية ، ذلك لأنه كما يقول الأستاذ سعيد حارب : كان هذا الارتباط الظاهر يؤدى إلى ابتعاد سكان الخليج العربى عن نشاط هذه الإرساليات بعد الاستقلال وانتشار الروح الوطنية المستقلة عن أية تبعية ، وكان بقاء الإرسالية فى عملها يعنى بقاء صورة من الماضى الاستعمارى ، فرأت العقلية التنصيرية ( الغازية ) أن تطوى هذه الصفحة لتبدأ بعدها صفحات أخرى تكون ذات ملامح وأساليب جديدة تتفق مع المتغيرات التى حدثت بالمنطقة . )
ثم يقول سعيد حارب : ( إن واقع التنصير فى منطقة الخليج العربى يهدد المنطقة بأسرها فخطورة هذا النشاط لا تتوقف عند الخليج بل تتجاوز إلى بقية أجزاء الجزيرة العربية التى هى الهدف الرئيسى للتنصير ) (1) .
ثم يقول الأستاذ سعيد حارب بعد أن يشير إلى النشاط التبشيرى العام الموجه إلى المسلمين فى جميع بلاد آسيا وأفريقيا : ( إن الهدف الرئيسى لم يكن غائباً لحظة عن دعاة التنصير . فمكة المكرمة هى الهدف ( كذا !!! ) والجزيرة العربية هى الطريق الى ذلك ، والخليج هو البداية التى يلج فيها التنصير إلى مكة المكرمة ، كما يصفه ... زويمر . )(2) .
***
لقد جاء فى تقرير اللجنة الثالثة من لجان مؤتمر أدنبرج التبشيرى الذى عقد عام 1910 :( اتفقت آراء سفراء الدول الكبرى فى عاصمة السلطنة العثمانية على أن معاهد التعليم الثانوية التى أسسها الأوربيون كان لها تأثير على حل المسألة الشرقية يرجع إلى تأثير العمل المشترك الذى قامت به دول أوربا كلها)(3) .
ولما انتهت اللجنة السابقة من لجان المؤتمر المذكور من أعمالها قال " اللورد بلفور " رئيس الشرف : ( إن المبشرين هم ساعد لكل الحكومات فى أمور هامة ولولاهم لتعذر عليها أن تقاوم كثيراً من العقبات ، وعلى هذا فنحن فى حاجة إلى لجنة دائمة يناط بها التوسط والعمل لما فيه مصلحة المبشرين فأجيب اللورد إلى اقتراحه ) (1) .
ويقول شنكال رئيس غرفة التجارة فى همبرج تعليقاً على أهمية هذا المؤتمر : ( إن نمو ثروة الاستعمار متوقف على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى المستعمرات ، وأهم وسيلة للحصول على هذه الأمنية إدخال الدين المسيحى فى البلاد المستعمرة لأنه هو الشرط الجوهرى للحصول على الأمنية المنشودة حتى من الوجهة الاقتصادية ) (2) .
وجاء فى قرار المؤتمر المذكور ( إن ارتقاء الإسلام يتهدد نمو مستعمراتنا بخطر عظيم ، والمؤتمر يشير على الذين فى أيديهم زمام المستعمرات أن يقاوموا كل عمل من شأنه توسيع نطاق الإسلام وأن يزيلوا العراقيل من طريق انتشار النصرانية ، وأن ينتفعوا من أعمال إرساليات التبشير التى تبث مبادىء المدنية . ) (3) .
أما فى مؤتمر لكنو التبشيرى الذى عقد عام 1911 فقد جاء فى ختام تقرير للقس سيمون عن حركة الجامعة الإسلامية فى ماليزيا :
( إن العامل الذى جمع هذه الشعوب وربطها برابطة الجامعة الإسلامية هو الحقد الذى يضمره سكان البلاد للفاتحين الأوربيين (!!) { هكذا في بداية القرن العشرين كما في بداية القرن الحادي والعشرين } ولكن المحبة التى تبثها إرساليات التبشير النصرانية ستضعف هذه الرابطة وتوجد روابط جديدة تحت ظل الفاتح الأجنبى ) (4) .
وجاء فى ختام تقرير القس ينغ فى مؤتمر لكنو المذكور عن الانقلابات السياسية فى جزيرة العرب : ( إنه قد أزف الوقت لارتقاء العالم الإسلامى وسيدخل الإسلام فى شكل جديد من الحياة والعقيدة ، ولكن هذا الإسلام الجديد سينزوى فى النهاية ويتلاشى أمام النصرانية . ) (1) .
ومن الغريب حقا كما يقول الدكتور سعيد إسماعيل على أن تمتد يد المبشرين حتى إلى داخل الجامع الأزهر ، نعرف ذلك من رسالة أرسلها طالب طرابلسى كان يدرس فى الأزهر فى وقت غير بعيد جداً إلى مجلة الفتح العدد 64 حيث ذكر أنه بينما كان جالسا بالأزهر يراجع دروسه إذا بطائفة من المبشرين يدخلون الأزهر ، وما كادوا يصلون الصحن حتى تفرقوا فى أنحائه ، وذهب كل واحد منهم إلى ناحية كعادة موزعى الاعلانات ، فعلم أن فى الأمر شيئاً ، وقام من مجلسه لعله يعرف السبب الذى دعاهم إلى الانتشار على خلاف المعتاد ، وما هو إلا أن لقيه بعضهم فدفع إليه بكتاب من الكتب ، عنوانه " النجدين " يدور حول الكيفية التى يصير بها المسيحى مسلماً والتى يعتنق بها المسلم المسيحية ، والهدف الأخير كان هو المقصود بالطبع ، فذهب الدارس إلى بعض أولى الأمر فى الأزهر ، محتجا على ترك هؤلاء يدخلون المسجد .
كذلك كشف أحد دارسى الأزهر أن الجامعة الأمريكية وزعت مرة بجوار الأزهر منشورات تدعو فيها طلاب العلم للاعتناء بمحاضرتها ، فلبى عدد من الأزهريين ( حسنى النية ) دعوتها ، وملأوا قاعة المحاضرات حتى ازدحمت بهم وكأن الدعوة لم تصل إلا للأزهرى فيما يقول صاحب الرواية ، بالإضافة إلى عدد قليل من غيرهم وكانت المحاضرة باللغة الإنجليزية التى لا يعرفها الأزهريون (!) ، ومن هنا كانت الجامعة تستعين بمترجم ينقل معناها إلى المستمعين ، يقول صاحب الرواية : إنهم فوجئوا بالمحاضر يبشر ويوجه إلى الإسلام تهما خبيثة ، حتى تبرموا واعتذر المترجم بأنه ناقل فحسب .
وكما يقول الدكتور سعيد إسماعيل على الذى ننقل عنه ماسلف ( كان نشاط المبشرين يتعاظم وبدأت الشكاوى وصيحات الاحتجاج ترتفع من كل مكان فكان لابد للأزهر من أن يتخذ موقفاً حازماً ، فاجتمعت لأجل ذلك هيئة كبار العلماء برئاسة شيخه فى 26/6/1936 ، وعرض فى الاجتماع ما استفاضت به الأخبار من قيام المبشرين بتنصير أبناء المسلمين فى مختلف الجهات بما يتخذون من وسائل الحيل والفنون والإغراء تارة وضروب العنف والإرهاب أخرى . وبعد البحث والمداولة قررت الهيئة انظر مجلة نور الإسلام ربيع أول 1352 ه مطالبة الحكومة بأن تسن تشريعا حازماً يجتث بذور هذا الفساد ، ويستأصل شأفة هذا المرض الوبيل القتال ، كى يطمئن المسلمون على دينهم وكى يكون أولادهم وإخوانهم وأقاربهم فى مأمن .) (1)
ولا جدال فى أن دور الاختراق الفكرى قد فاحت رائحته الكريهة فى هذه المؤتمرات وذلك النشاط كما لاشك أن ذلك يتم بالمخدر العلماني الأقوى : استبعاد الدين .واستبعاد الدين هنا مقصود به " الدين الإسلامى " بخاصة ، وإذن ، فالعلمانية موظفة لدور تآمرى ملوث .
يقول القس اكسنفلد فى مناقشة له بمؤتمر أندنبرج التبشيرى الذى أشرنا إليه سابقاً وذلك بعد أن أشار إلى ( أن الخطر الإسلامى صار أمره معروفاً عند الجميع ... ) {هكذا في بداية القرن العشرين كما في بداية القرن الحادي والعشرين} قال : إن الحكومة لابد لها من القيام بتربية الوطنيين المسلمين فى المدارس العلمانية مادام هؤلاء المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية ... ) (2) .
وهنا يكون من الواضح أن العلمانية وإن كانت تستبعد الدين إلا أنها تجد فى الدين المضاد حليفاً طبيعياً يشاركها فى العمل على تحطيم الدين الأصلى السائد .
&&&
إن العاملين فى مجال الإساءة للإسلام وفي مقدتهم البابا بنديكت هم رأس حربة لثالوث متداخل الأركان : الاستعمار والتبشير والعلمانية . ثم انظر بعدُ تحت أى حذاء من أحذية هذا الثالوث تجد البابا وتحت أي حذاء آخر تجد من يسمون أنفسهم دعاة الإسلام الجديد " !!!
وللقارئ أن يعيد قراءة هذه الوثائق ليتأكد من صحة استخلاصنا لسمات هذ الثالوث منذ نشأته حتى اليوم حيث نجد :
· النزعة الاستعمارية في صميم التبشير في إعلانهم ما يسمونه استرجاع الجزيرة العربية ( أن للمسيح الحق فى استرجاع الجزيرة العربية ) !!!
· تزييف التاريخ في قولهم : (( فإن من واجبنا أن نعيد هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية . ) هكذا (!!!)
· التحالف المباشر بين التبشير والحركة الاستعمارية في قولهم : ( إن المبشرين هم ساعد لكل الحكومات فى أمور هامة ولولاهم لتعذر عليها أن تقاوم كثيراً من العقبات )
· والرأسمالية في قولهم : (إن نمو ثروة الاستعمار متوقف على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى المستعمرات ، وأهم وسيلة للحصول على هذه الأمنية إدخال الدين المسيحى فى البلاد المستعمرة )
· التسلل النفاقي من خلال المشاعر الإنسانية.. يقولون لمن يصدهم : ( : إنه جاء إليهم فى بلادهم ضيفا عليهم ، وإذا لم يقبلوه فهو ضيف الله ...!!)
· الاختباء بين أعطاف ما يسمونه " ارتقاء الإسلام " في قولهم ( إنه قد أزف الوقت لارتقاء العالم الإسلامى ) !!
· طرح ما يسمونه " الإسلام الجديد " في قولهم ( وسيدخل الإسلام فى شكل جديد من الحياة والعقيدة ، ولكن هذا الإسلام الجديد سينزوى فى النهاية ويتلاشى أمام النصرانية . )"
· التحالف مع " العلمانية " في قولهم : ( إن الحكومة لابد لها من القيام بتربية الوطنيين المسلمين فى المدارس العلمانية مادام هؤلاء المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية ... ) (2) .
· الاختباء في أروقة المؤسسات التعليمية من المدارس الثانوية و" الجامعة الأمريكية " في قولهم : ( اتفقت آراء سفراء الدول الكبرى فى عاصمة السلطنة العثمانية على أن معاهد التعليم الثانوية التى أسسها الأوربيون كان لها تأثير على حل المسألة الشرقية يرجع إلى تأثير العمل المشترك الذى قامت به دول أوربا كلها )
· محاولة التسوية بين المقاومة و ما يسمونه " الحقد " " الإرهاب " ضد أوربا " الفاتحة في قولهم : " ( إن العامل الذى جمع هذه الشعوب وربطها برابطة الجامعة الإسلامية هو الحقد الذى يضمره سكان البلاد للفاتحين الأوربيين (!!)
· إشاعة الخوف من الإسلام " فوبيا الإسلام " في قولهم : ( أن الخطر الإسلامى صار أمره معروفاً عند الجميع ... ) {هكذا في بداية القرن العشرين كما في بداية القرن الحادي والعشرين}
· وقاحة اقتحام المؤسسات الإسلامية الأصيلة " الأزهر حيث ( كشف أحد دارسى الأزهر أن الجامعة الأمريكية وزعت مرة بجوار الأزهر منشورات تدعو فيها طلاب العلم للاعتناء بمحاضرتها ، فلبى عدد من الأزهريين دعوتها ، وملأوا قاعة المحاضرات حتى ازدحمت بهم ) إلخ القصة في بداية القرن العشرين
· الهدف مكة المكرمة (الخليج هو البداية التى يلج فيها التنصير إلى مكة المكرمة .. . )(2)

{هكذا في بداية القرن العشرين كما في بداية القرن الحادي والعشرين
· فهل هناك جديد تحت شمس البابا بنديكيت ؟!!
والمطلوب إذن أن نفهم ، لكن لا على هوى " البنديكيت " المبشر الكاثوليكي الجامح .

(1 أنظر سعيد حارب فى كتابه ( الخليج العربى أمام التحدى العقدى . ) ص 47 نقلاً عن دليل الخليج لوريمر ج، 6 ، ص 342.)
(2) المصدر السابق نقلاً عن المؤرخ البحرينى مبارك الخاطر فى كتابه ( القاضى الرئيسى الشيخ قاسم بن مهزع ) .
(1) المصدر السابق 59 61 .
(1) المصدر السابق من ص 70 إلى ص 75 .
(2) المصدر السابق ص 74 .
(3) كتاب الغارة على العالم الإسلامى تأليف أ.د شاتليه ترجمة مساعد اليافى ومحب الدين الخطيب ، القاهرة ، المطبعة السلفية / عام 1350 ه ، ص 72 .
(1) الغارة على العالم الإسلامى السابق ص 78 .
(2) المصدر السابق ص 80 .
(3) المصدر السابق ص 82
(4) المصدر السابق ص 105 .
(1) المصدر السابق ص 112 .
(1) انظر كتاب دور الأزهر فى السياسة المصرية ص 309 310 .
(2) كتاب الغارة على العالم الإسلامى ص 82 .
(2) كتاب الغارة على العالم الإسلامى ص 82 .
(2) المصدر السابق ص 74 .

yehia_hashem@ hotmail .com
www.maktoob.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.