تقرير الصندوق.. المصارحة والمصداقية    الرئيس السيسي يستعرض مع سكرتير عام الأمم المتحدة مستجدات الأوضاع بقطاع غزة    عبدالمنعم سعيد: حماس وإسرائيل يريدان استمرار الحرب مع اعتقاد كل منهما بقدرته على تحقيق النصر    لحرب غزة خصوصياتها.. هل تحمل نهاياتها مفارقات جديدة؟    ريال مدريد .. «مستر X» !    يلا كورة..بث مباشر النصر والاخدود تويتر مشاهدة حصرية دون تقطيع    تعليم القليوبية تصدر عدة قرارات بشأن امتحانات النقل    بالاسماء اصابه 4 اشخاص في حادث تصادم علي طريق جمصه المنصوره بالدقهلية    الأزهر للفتوى يوضح فضل شهر ذي القعدة    مصطفى شعبان ومحمد رجب أول الحضور في عزاء والدة كريم عبد العزيز    بوتين يدين الغرب ويصفه بأنه يحاول تشويه ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية    أوقاف شمال سيناء تعقد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات    زيارة مهمة من وفد جامعة الدفاع الوطني الباكستانية ل مشيخة الأزهر    مدير مركز مصر لريادة الأعمال تؤكد أهمية الاستثمار في التعليم والصحة    بنك التعمير والإسكان يحصد 5 جوائز عالمية في مجال قروض الشركات والتمويلات المشتركة    البيت الأبيض: سيتعين على بايدن اتخاذ قرارات بشأن شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إذا اجتاحت رفح    روبي تتصدر ترند X قبل 24 ساعة من إصدار «الليلة حلوة»    البيت الأبيض: حماس تعانى الآن خسائر بشرية ومادية أكثر من أى وقت مضى    قرار لا رجعة.. سلوفينيا تعتزم المصادقة على قرار الاعتراف بدولة فلسطين    خالد الجندي ب"لعلهم يفقهون": أركان الإسلام ليست خمس فقط    أمين الفتوى: «مطالب الزوجة الزيادة تجعل الزوج ضعيف الإيمان مرتشيًا» (فيديو)    تفاصيل مشروع تطوير عواصم المحافظات برأس البر.. وحدات سكنية كاملة التشطيب    «الهجرة» تكشف عن «صندوق طوارئ» لخدمة المصريين بالخارج في المواقف الصعبة    "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتجاوز حاجز ال 49 مليون جنيه إيرادات    مصطفى غريب يتسبب في إغلاق ميدان الإسماعيلية بسبب فيلم المستريحة    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج المائية    30 مايو الحكم على حسين الشحات في التعدي علي لاعب نادي بيراميدز    مصرع سائق في انقلاب سيارتين نقل على الصحراوي الشرقي بسوهاج    "الخارجية" تستضيف جلسة مباحثات موسعة مع وزير الهجرة واللجوء اليوناني    رئيس الوزراء يتابع جهود إنشاء مركز جوستاف روسي لعلاج الأورام فى مصر    متحور كورونا الجديد «FLiRT» يرفع شعار «الجميع في خطر».. وهذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة    وزير الصحة يشهد فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لهيئة المستشفيات التعليمية    محافظ الشرقية: الحرف اليدوية لها أهمية كبيرة في التراث المصري    فصائل عراقية: قصفنا هدفا حيويا في إيلات بواسطة طائرتين مسيرتين    مساعد وزير الصحة: تسليم 20 مستشفى نهائيا خلال العام الحالي    قوات الدفاع الشعبى تنظم ندوات ولقاءات توعية وزيارات ميدانية للمشروعات لطلبة المدارس والجامعات    بعد قرار سحبه من أسواقها| بيان مهم للحكومة المغربية بشأن لقاح أسترازينيكا    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    "الخشت" يستعرض زيادة التعاون بين جامعتي القاهرة والشارقة في المجالات البحثية والتعليمية    وزير الصحة: دور القطاع الخاص مهم للمساهمة في تقديم الخدمات الطبية    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    أحمد عيد: سأعمل على تواجد غزل المحلة بالمربع الذهبي في الدوري الممتاز    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البابا الذي لم يعتذر لنا مارس (الجهل) علينا
نشر في الشعب يوم 28 - 10 - 2006


بقلم: أد. يحيي هاشم حسن فرغل
نعم لم يعتذر لنا بعد أن مارس الجهل علينا
مع الأسف
إذ هو الجهل بالمفهوم العربي : جهل الحمق والجهالة وسوء التصرف
والمؤسف أنه ضمن الحملةالشرسة التي تشن ضد الإسلام ورسول الإسلام محمد " صلى الله عليه وسلم" ، وبعدالشريط الجديد الذي بثته قناة تلفزيونية دنماركية تضمن إساءات جديدة للرسول الكريم.. صرح السيد وزير الأوقاف المصري الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق "وبعد أن نفى كون النقاب من الإسلام : ( أنه لا جدوى منالمظاهرات التي خرجت في العالم الإسلامي للتنديد بالرسوم المسيئة للرسول محمد " صلىالله عليه وسلم".وأوضح زقزوق أن هناك بعض المسلمين الذين يعطون انطباعات سيئة عنالإسلام ويشوهون صورته، وأكد أن تخلفالمسلمين سبب تجرؤ الآخرين وهجومهم الدائم على الإسلام، رافضاً القول بوجود مؤامرةضد الإسلام وأن علي المسلمين إذا أرادوا الدفاع عن دينهم أن يعتمدوا علي المنهجالعلمي الموضوعي ويبتعدوا عن الاتكالية ) وذلك حسبما قالت صحيفة "المصري اليوم". 14=102006
المصري اليوم
&&&
إنه من السطحية والسذاجة إن لم يكن من التآمر مع العلمانية الحاقدة أن يظن البعض منا أن المسألة ترجع إلى سوء طريقة المسلمين في عرض دينهم ، فهم المسئولون ، وهم الجناة ، أما الرجل الأبيض فما أحلاه وما أشهاه .. ... وتنتهى المشكلة
كأنما البابا - وهويواصل ممارسة الجهالة الغربية - لم يطلع بعد على حقيقة الإسلام – على الأقل - فيما كتبه المنصرون من فهم صحيح للإسلام { !!؟؟ } - في كتاب مؤتمرهم عن التنصير الذي عقد عام 1978 في كولورادو على سبيل المثال مما نلخصه لاحقا
إن الأمرعلى العكس ما صرح به السيد وزير الأوقاف : ذلك ، أنهم فى الغرب يتجاوزون سوء العرض المفترض ويذهبون إلى عمق علاقتهم بالحضارة الإسلامية ؛ باعتبارها خطراً موضوعياً على حضارتهم ومؤسساتهم وتقاليدهم وسخافاتهم ونمط حياتهم .
...إنه فى كل دين ، وفى كل مذهب ، وفى كل نظرية ، وفى كل أيديولوجية هناك من يسئ العرض ، ولا أحد يتوقف - جادا - عند أولئك الذين ينبتون على هامش هذه الأديان والمذاهب ممن يسيئون العرض ؛ جهلاً أو قصداً .... ففى المسيحية هناك من يسئ العرض . وفى الديموقراطية هناك من يسئ العرض . وفى الليبرالية هناك من يسئ العرض . وفى الاشتراكية هناك من يسئ العرض . ولا تكون هناك نهاية المطاف . أما الإسلام فهو وحده الذي يبتلى بمن يسئ العرض من المبشرين والمستشرقين والجهلاء .. تماماً كما هو الحال مع غيره ، لكنه هو وحده الذى يقولون عنه : لولا سوء العرض ... يا سادة : لا تضيفوا إلى سوء العرض سوء الظن ، أو سوء التفسير...
يا سادة : إن فى الغرب رجالاً كالبابا يحققون ، ويدققون ويذهبون إلى المصادر الأصلية ، كعلماء وخبراء وفلاسفة ، وإعلاميين ......ليست القضية إذن قضية سوء فهم ، أو سوء عرض .. فما هى القضية إذن : ؟
القضية أنهم هناك يدركون الخطر الموضوعى الذى يأتيهم من انبعاث الحضارة الإسلامية مرة أخرى ، ثم يذهبون يشوشون على منطلقاتهم وأهدافهم ويستأجرون العملاء من سماسرة الثقافة والاعلام ليشيعوا مقولات ساذجة تبعدنا عن أصل المشكلة وتضللنا عن جوهر القضية .
وإلا فقولوا لنا هل كان أرنست رينان متأثراً بسوء عرض الجهلاء منا للإسلام وهو يقدم فى ذورته الأكاديمية المشهورة كراهيته للإسلام : إذ يقول فى خطاب افتتاحى فى الكوليج دوفرانس حول تصنيف الشعوب السامية فى تاريخ الحضارة ... الشرط الأساسى لتمكين الحضارة الأوربية من الانتشار هو تدمير كل ماله صلة بالسامية الحقة : تدمير سلطة الإسلام الثيروقراطية ، لأن الإسلام لا يستطيع البقاء إلا كدين رسمى ، وعندما يختزل إلى وضع دين حر وفردى فإنه سينقرض . هذه الحرب الدائمة، الحرب التى لن تتوقف إلا عندما يموت آخر أولاد إسماعيل بؤسا ، أو يرغمه الارهاب ( !! ) على أن ينتبذ فى الصحراء مكاناً قصيا . الاسلام هو النفى الكامل لأوربا ، الإسلام هو التعصب ، الإسلام هو احتقار العلم ، القضاء على المجتمع المدنى ، إنه سذاجة الفكر السامى المرعبة ، يضيٌق الفكر الإنسانى ، يغلقه دون كل فكرة دقيقة دون كل عاطفة لطيفة ، دون كل بحث عقلانى ، ليضعه أمام حشو سرمدى : " الله هو الله "
المستقبل هو إذن لأوربا ولأوربا وحدها ، ستفتح أوربا العالم ، وتنشر فيه الدين الذى هو الحق، الحرية ، احترام البشر ، هذا الاعتقاد القائل بأن ثمة شيئاً ما إلهياً فى صلب الإنسانية . ) (1) .
أو فقولوا لنا لماذا يكتب " باول شمتز " مثلاً فى كتابه " الإسلام قوة الغد العالمية " قبيل الحرب العالمية الثانية ليُحذر من تواكب الحركة الإسلامية مع الحركة القومية الإسلامية " وما يمثله ذلك من خطر محدق بالغرب !!
يقول المؤلف ( إن انتفاضة العالم الإسلامى صوت نذير لأوربا ، وهتاف يجوب آفاقها يدعو إلى التجمع والتساند الأوربى لمواجهة هذا العملاق الذى بدأ يصحو ويزيل النوم عن عينيه ). هل يسمع الهتاف أحد ؟ ألا من يجيب (2) .
حتى أنه يقلل من أهمية افتقاد العالم الإسلامى للتقدم التكنولوجى فى هذه المعركة التى ينذر قومه بها ، إذ يقول ( من الممكن أن يعارض المرء هذا الرأى .. فإن الإسلام فقد سيطرته على بعض الأشياء المادية ، وخاصة ما يتصل بالحرب ، فهو لم يلحق بالتقدم التكنولوجى الحديث . ولا أستيطع أن أدرك لماذا لم يعوض الشرق الإسلامى ما فاته فى هذا الميدان ، إذ لا تحتاج العلوم الحديثة إلى طبيعة عقلية خاصة ، بل يتطلب الالمام بها والتفوق فيها الخبرة وتوجيه الخبراء ، ومن المؤكد أنه غالباً ما يحدث أن تكون حضارة ذات منزلة عالية فى التقدم التكنولوجى .. هى أقل درجة من حضارة أخرى لم تبلغ تطورها بعد فى هذا المجال ما بلغته الأولى ، إذن فهناك احتمال كبير فى أن يصبح شعب ظهر حتى الآن أن مواهبه فى الناحية التكنولوجية ضعيفة سيداً على شعب آخر استولت التكنولوجيا على حواسه ومشاعره ، فلم ينقذه أحد .. لماذا لا يتعلم العالم الإسلامى ما تعلمناه فى مجال التكنولوجيا ، وفى مقابل هذا : سوف يكون من الصعب علينا استعادة التعاليم الروحية التى فقدتها المسيحية ، بينما لم يزل الإسلام يحافظ عليها . ) (1) .
ويبنى المؤلف تحذيره على ما يلمسه من مصادر القوة التى يملكها العالم الإسلامى ؛ وهى : الموقع الجغرافى ، والخصوبة البشرية ، والثروات والمواد الخام والدين الإسلامى ( الذى له قوة سحرية على تجميع الأجناس البشرية تحت راية واحدة بعد إزالة الشعور بالتفرقة العنصرية من نفوسهم ، وله من الطاقة الروحية ما يدفع المؤمن به على الدفاع عن أرضه وثرواته ، بكل ما يملك مسترخصاً فى سبيل ذلك كل شئ حتى روحه .. يحرص على التضحية بها فداء لأوطان الإسلام . ) .
ثم يتساءل : ( أى قوة وجدانية بعثت هذه الإرادة اليوم فى الشرق ؟ ) ثم يجيب ( قوة الوحدة الفكرية للإسلام ، ووجود الإحساس الحى للدين الإسلامى ، فهو ينتصر فى كل مكان ينزل فيه الميدان مع الأيديولوجيات الأخرى ) .
بل إنه ليستشعر الخطر من مجرد آداء المسلمين لفريضة الحج واتجاههم إلى القبلة فى صلواتهم .. إذ يقول ( إن اتجاه المسلمين نحو مكة وطن الإسلام عامل من أهم العوامل فى تقوية وحدة الإتجاه الداخلى بين المسلمين ، وأسلوب يضفى على جميع نظم الحياة فى المجتمع الإسلامى طابع الوحدة ، وصفة التمسك . ) (1) .
بل إن ناشر الكتاب الألمانى يقدم له بهذه العبارة ( باول شمتز عاش فى القاهرة عدة سنوات ويعرف جيداً الأسس التى ينبثق عنها تطلع الشعوب الإسلامية إلى الاستقلال ، الذى يعد أهم مشكلة سياسية فى الوقت الحاضر ، وهذا الكتاب يوضح الخطر المتوهج الذى يمر عليه الإنسان فى أوربا بكل بساطة ، وفى غير اكتراث ، فأصحاب الإيمان بالإسلام يقفون اليوم ( قبيل الحرب العالمية الثانية ) فى جبهة موحدة معادية للغرب ... وهذا الكتاب هو نداء وتحذير يجب أن يلقى الاحترام الجدى من أجل مصالح الغرب وحدها (2) . ) .
هكذا
فهل كتب باول شمتز ما كتب لما وجده من سوء عرض للإسلام يرتكبه بعض الجهلاء من هنا أو من هناك ؟ !!!
أو فقولوا لماذ نشر المفكر الأمريكى " صامويل هانتنجتون " الأستاذ بجامعة هارفارد كتابه المعروف باسم ( صدام الحضارات ) وفيه يبشر لصدام مستقبلى هائل بين الديانات والثقافات الحديثة ممثلة فى الثقافة الأوربية الأمريكية الغربية من ناحية ، وبين الديانات والثقافات القديمة .. لكنه خص الحضارة العربية الإسلامية بأكثر قدر من التركيز لأنها كما يعتقد ستكون أولى تلك الحضارات القديمة وأقدرها على الازدهار وتحدى الغرب قريباً ، ولذلك يقول الرجل : يجب على الغرب الاستعداد من الآن لصدام المستقبل هذا ، بل العمل على إجهاض قوة الحضارات الأخرى ، خاصة الإسلامية قبل أن تكتمل . ) .
وهناك دراسة أخرى نشرتها مجلة الايكونومست البريطانية فى 8 يناير عام 1994 ، ركزت على أن مستقبل العالم مهدد بقوتين كامنتين أمامهما فرصة البزوغ ، بل الصدام مع الآخرين : هما الصين والقوة الإسلامية المنتظرة (1) !
وها هو الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نيكسون : يدرك السمة الحضارية للإسلام ، حيث يقول ( إن الإسلام ليس ديناً فقط ، وإنما هو أساس حضارة رئيسية ، إننا نتحدث عن العالم الإسلامى بصفته كياناً واحداً ليس لأن هناك مكتباً إسلامياً يوجه سياساته ، ولكن لأن الدول منفردة تشترك فى اتجاهات سياسية وثقافية مشتركة مع الحضارة الإسلامية ككل . ) (2) .
فهل فهم نيكسون ذلك من سوء العرض للإسلام ؟
ثم يقول ريتشارد نيكسون : ( للعمل فى العالم الإسلامى فإن على صناع السياسة الأمريكية المناورة داخل وكر أفعى من سم النزاعات الأيديولوجية والصراعات الوطنية ) (3) .
والمدهش أنه يعترف بعد ذلك بأن بعض الأمريكيين ( يتغاضون عن حقيقة أن الإسلام لا يشمل مبدأ ارهاب وأن ثلاثة قرون قد مرت منذ أن انشغل المسيحيون فى حروب دينية فى أوربا . ) (4) .
ثم يعترف بفضل الحضارة الإسلامية فيقول : ( بينما ذبلت أوربا فى العصور الوسطى تمتعت الحضارة الإسلامية بعصرها الذهبى ، وقد أسهم الإسلام بمجهودات هائلة فى مجال العلوم والطب ، والفلسفة ، وفى كتابه "عصر الإيمان " لاحظ ول ديورانت أن الإنجازات الهامة فى كل الميادين قد تحققت على يد مسلمين فى هذه الفترة ، وكان ابن سينا أعظم الكتاب فى الطب ، والرازى أعظم طبيب ، والبيرونى أعظم جغرافى ، وابن الهيثم أعظم صانع للآلات البصرية ، وجابر أعظم كيميائى .. وكان العلماء العرب فاعلين فى تطوير الفكرة العلمية .. وعندما دفع الرجال العظام من عصر النهضة الأوربية إلى الأمام حدود المعرفة .. فقد رأوا أكثر لأنهم وقفوا على أكتاف العمالقة من العالم الإسلامى . ) (1) .
ثم يقول ريتشارد نيكسون ( إن حضارتنا ليست متفوقة على حضارتهم الموروثة ، إن شعوب العالم الإسلامى كانوا أكثر مقاومة لجاذبية الشيوعية من مقاومة أولئك فى الغرب ، وإن رفضهم الواسع للمادية وثقافة الغرب الأخلاقية المسموح بها أى فى الغرب رجعت عليهم بالفضل . )
وطيلة خمسة قرون من 700 إلى 1200 م كما يقول نيكسون فإن العالم الإسلامى تقدم وتفوق على العالم المسيحى فيما يتعلق بالقوة الجيوبوليتيكية ، ومستوى المعيشة ، والمسئولية الدينية ، وتقدم القوانين ، ومستوى تعلم الفلسفة ، والعلوم والثقافة .
ثم يرجع انحسار الحضارة الإسلامية إلى انتصارها فى الحروب الصليبية ، كما يرجع تفوق الغرب إلى انهزامه إذ يقول ( إن عقوداً من الحرب قلبت الطاولات ، وكما كتب ديورانت : إن الغرب خسر الحرب الصليبية ، لكنه ربح العقائد (!! ) ، وتم طرد كل محارب مسيحى من أرض اليهودية والمسيحية المقدسة ( كذا !! ) . لكن الإسلام استنزف نتيجة انتصاره المتأخر ، ودمر وخرب على يد المغول بالمقابل فى عصر من ظلام الغموض والفقر ، بينما المهزوم مدفوعاً بالجهد ونسيان الهزيمة تعلم كثيراً من عدوه ، ورفع الكاتدرائيات فى السماء ، وعبر بحور العقل ، وحوٌل لغاته الجديدة إلى لغة دانتى وفيلون ، وتحرك بروح معنوية عالية إلى النهضة )(2).
فهل كتب نيكسون ما كتب تحت سوء عرض منا للإسلام .
وحين أصدر جان بيرك ترجمته لمعانى القرآن عام 1990 نجده يبرر اهتمامه بتقديم معانى القرآن للغرب بقوله ( لأن الكثير من المفكرين والناس الآن ينبذون الصورة المادية للحياة المعاصرة ، ويرفضون مجتمع الاستهلاك ، هذا المجتمع المادى المحض .. ويفضلون على المدنية المعاصرة مدنية الإسلام الروحية وينادون بالعودة إليها )
فهل ذهب جان بيرك إلى ذلك نتيجة سوء فهم أوسوء عرض .
أهو سوء عرض منا ذلك الذى جعل منصٌراً مثل : بروس ج. نيكولز يدرك حقيقة الإسلام بدقة يغبط عليها حين يقول :
( إن الإسلام هو أكثر من عقيدة دينية ، إنه نظام متكامل للحياة والدين. فالإسلام يدمج كل المؤسسات الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية على أسس الإيمان والاقتناع والالتزام بقبول الله رباً ، والاستسلام كلية لإرادته ، ثم يستمر قائلاً :
( إن مركز الابداع فى الإسلام هو التوحيد ، أى الشهادة بأن لا إله إلا الله ، والتوحيد يعنى أن الله هو الخالق أو السبب الجوهرى لكل الوجود والنشاط ، ويؤكد أن الإنسان هو المسئول عن تحقيق إرادة الله ) .
ثم يستمر قائلاً ( ففى المؤتمر الإسلامى الدولى الذى عقد فى لندن فى نيسان (أبريل) 1976م حول " الإسلام وتحديات العصر " ، تم تقديم الإسلام كنظام متكامل من القيم ومصدر إلهام لكل منجزات العلم والدراسات الإنسانية والمصدر الوحيد الراسخ للإيمان والسلوك . ) (1) .
كيف يمكن القول إذن بأنهم يحاربون الإسلام لأنهم لم يفهموه ؟!.
انظروا مثلاً إلى الفهم الصحيح للإسلام الذى يقدمه المنصر كينيث أ . كراج عن الإسلام ، حيث يقول :
( دعونا نواصل الحديث عن الجسور ، إن للقرآن والإنجيل أرضية مشتركة من الإيمان بالخلق : " هو (الله) الذى يقول كن فيكون " ، إن الخلق المبدع هو لله والأرض الطيبة كذلك ، والتى ينظر إليها على أنها مسكن الإنسان ومجال نشاطه و"الأمانة" التى حملها ، والإنسان هو " خليفة " الرب فى "حكم" النظام الطبيعى ، وهو فى ذلك مسير بإرادة إلهية ، وتفهم الغاية الإلهية بالنسبة للعالم من خلال تسخيره للإنسان الفلاح والزارع والتقنى والفنان والعالم الذى يمتلك ويستكشف ، ويستغل العالم بتفويض إلهى ، كما أنه يكون مسؤولاً عن أعماله هذه أمام الرب ، فالإنسان مخلوق أدنى من الرب ، وهو عبد للسلطة الإلهية ، وخليفة ومندوب فى مواجهة الطبيعة .
من هذا المنطلق توجد جوانب عديدة من الفهم المشترك تساعدنا على القيام باتخاذ الموقف الصحيح فى وجه كل ما من شأنه أن يتعدى على الكرامة الإنسانية والمجال الإلهى ، وليس فقط فيما يتعلق بالقضايا المعاصرة كالسلطة والبيئة ، والمسؤولية عن الموارد والعدل الاجتماعى والتراحم ، بل بأكثر من هذا ، والقرآن ( سورة 2 : 33 وما بعدها ) يرى أن الشيطان هو رأس الاتهام، فبعد أن اعترض على خلافة الإنسان ، ثم تمرد على الرب لنفس السبب ، فإن هدفه التاريخى هو إغواء البشر وتشتيت وإفساد العمل البشرى والثقافة حتى يستطيع أن يثبت للرب خطأ ما قام به بتكريمه للدور الإنسانى ، وهذه الموضوعات مثيرة جداً ، وإذا كان من الواجب " أن ندع الرب يكون رباً " يجب علينا كذلك " أن نجعل الإنسان يكون إنساناً " . ومن هنا بالطبع كانت ضرورة الهدى كما يطلق عليه الإسلام ، والذى يسترشد به الإنسان فى أزمة مصيره عبر التاريخ ، ومن هنا أيضاً جاء تعاقب الأنبياء المرسلين لتحذير وتوجيه الاستجابة البشرية ، إذن فالنظرة القرآنية إلى الأنبياء فى التاريخ لا تختلف كثيراً عن مرامى أمثلة المسيح عن الكرم والكرامين والرسل ، فخصوصية مهمة اليهود غير واردة ، ولكن مسؤولية الإنسان أمام الرب فى تسخير الطبيعة عبر التاريخ حقيقة هامة فى المفهوم الإسلامى للخلق، وفى مكانة النبوءة المتميزة فى التاريخ .
هنا تبرز بالطبع بعض العقبات ، ولكن قبل أن نتطرق إليها هنالك بعض السمات القرآنية الأخرى لمخلوقية الإنسان الأساسية ، والتى تساعدنا فى مهمتنا ، فالطبيعة تحت وصاية الإنسان هى بالنسبة للقرآن دنيا من الآيات، وهذا اللفظ موجود فى كل صفحة من صفحات القرآن تقريباً ، إن الآيات تشد الانتباه ، وهذا هو أساس العلم كله فالإنسان يلاحظ ويراقب ويصنف ، ثم يسخر الظواهر الطبيعية ، والإسلام هنا يشعر بالفخر والاعتزاز فى تشجيعه السيادة الإنسانية من خلال اليقظة الماهرة والقيام بالجهد اللازم وبكل دقة ، ونحن ننحنى لننتصر ، فالطبيعة لم تعط العلوم من خلال طرح بيانات معينة ، بل حقق ذلك الإنسان من خلال التساؤلات التى طرحها على الطبيعة "والتى" قامت بالرد عليها .
غير أن اليقظة التى تتطلبها هذه الآيات هى أكثر بكثير من كونها عقلانية . ) .
ثم يقول : ( إن النفور الموروث لا يزول بسهولة ، وكثيراً ما يؤكد القرآن على أنه قدم بطريقة تسهل على الناس فهمه ، فالقرآن ليس طلمساً قصد به إخفاء الحقيقة من خلال التعبير والأخبار ، كما تدعى ذلك فئة من الأحبار ، ونحن لن نندم إذا درسنا وتتبعنا جدية القرآن ، ومن ثم اكتشفنا الوجهة التى يقودنا إليها ، وبتسخير كل ما لدينا من صدق ودهاء من أجل المسيح علينا أن نتنبه إلى جدية القرآن ، وهذا شئ كان من المفروض أن نقوم به منذ زمن طويل جداً . ) .
ثم يقول : ( وهذه أمور بالطبع تتعلق بفهم الإنسان وفهم المسيح ، وهما مفهومان يكملان بعضهما بعضاً ، لقد رأينا كيف يشرع الإسلام فيما يخص الله ، والإنسان ، وإضافة إلى ذلك يرى القرآن أن هذا التشريع يلائم الطاعة فى وجود شروط معينة تمثلها بصورة عامة الدولة الإسلامية التى أُنيط بها النظام السياسى منذ الهجرة ، ويأتى بعد ذلك نمط الحياة اليومى (الصلوات اليومية الخمس والصوم والحج والزكاة ) ونظام التكافل الاجتماعى فى الأمة الإسلامية ، وعلى ضوء هذا وبالإضافة إلى فحوى التقاليد التى تدعمها وتعززها فقد نظر الإسلام إلى الإنسان على أنه يمكن أن يتحسن حتى يبلغ درجة الكمال ، فالإسلام واثق بأن التشريع فى القرآن والرحمة فى المجتمع والسنة التى يمكن أن تحتذى والانضباط فى الأنماط الاجتماعية والرعاية التى يمكن أن يوفرها نظام الحكم الإسلامى ستكون كافية لتحقيق واجب الإنسان والدعوة الموجهة إليه لعبودية الله ....
إن الكتاب المقدس يركز بشكل كبير على مسألة الرحمة والغفران الكافية لأن نولد من جديد المسيح المصلوب ، وهنا فإن الكتاب المقدس الذى يدعو إلى أن عيسى هو المخلص يلزمه أن يواجه الحيرة الأساسية والكراهية الراسخة فى الإسلام لهذا المفهوم ، ولكن حتى هنا وبسبب صعوبة المهام التى نواجهها هنالك بعض الأمور اللاهوتية العقيدية التى ينبغى توضيحها .
انطلاقاً من مقطع هام فى القرآن (4 : 157 وما يليها ) ونتيجة لاعتبارات أخرى فى اللاهوت الإسلامى ، فإن الإسلام يرى :
أ - أن المسيح لم يصلب .
ب - أن الصلب ما كان من الواجب أن يحدث .
ج - أن الصلب لا حاجة له أن يحدث .
فالإسلام ينكر حدوث الواقعة تاريخياً ويرفض احتمال حدوثها على أساس أخلاقى كما يرفض الضرورة لها على أساس عقائدى . ) .
ثم يقول : ( فالمسلمون يعتقدون أن يسوع ما كان ينبغى أن يتعذب بهذا المعنى الذى يتضمن عجز الرب فى الدفاع عن خادمه ( بل وأكثر من هذا إن قلنا ابنه ! ) . ومن هذا المنطلق فإن الرب " يودع قدرته " فى حقيقة أن المسيح لم يمت علاوة على ذلك فإن تحمل عقاب الإثم نيابة عن الآخرين ليس من الأخلاق فى شئ . فالقرآن يقول { ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى } ( سورة 6 : الأنعام ) . إذ ليس من العدل معاقبة (أ) لذنب ارتكبه ، (ب) ، ولهذا فالمسلمون يشعرون بأن فكرة البديل النصرانية هى فكرة غير أخلاقية إلى حد بعيد . ) .
ثم يقول : ( ولكن هل هذه المعاناة التى تفتدى الإنسان ضرورية للقدرة الكلية الإلهية ، فالإسلام يقول أن رحمة الله تسع جميع مخلوقاته والقرآن يؤكد : { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون } . ( 82 يس) . وهذا يعنى أن المغفرة الإلهية عمل مهيب يحدث دون جهد ، ولهذا فإن فكرة " المخلص " الذى " مكن " الرب من أن يغفر لنا توحى بالعجز الربانى ، فهل يحتاج الرب أبداً " للمساعدة " من أجل تحقيق إرادته ؟ وهذا يوضح أننا نحتاج لأن نكون فطنين وحذرين جداً فيما نقوله أثناء الدعوة خشية الوقوع فى مفاهيم خاطئة ، ما هى الطريقة التى يمكن أن نوضح بها " "ضرروة " الصليب باعتباره شكل ومضمون القدرة الربانية فى المغفرة ؟ هل يمكن لمغفرتنا إذا جاز التعبير أن تكون مشكلة الرب ؟ . ) (1) .
إذن فالأمر فى دائرة البابا لا يرجع إلى سوء الفهم ، أو سوء العرض ، ولكنه يرجع إلى ما يقول جورج بيترز فى بحثه بعنوان " نظرة شاملة عن إرساليات التنصير العاملة وسط المسلمين " :
( إننى أميل إلى الاتفاق مع فاندر وزويمر وفريتك وآخرين فيما ذهبوا إليه من أن الإسلام حركة دينية معادية للنصرانية ، مخططة تخطيطاً يفوق البشر لمقاومة إنجيل ربنا يسوع المسيح ، إن الإسلام هو الدين الوحيد الذى تناقض مصادره الأصلية أسس النصرانية ، وترفض بكل وضوح موثوقية وصحة الإنجيل وأبوة الرب ، وأن المسيح ابنه ، وضرورة موته وكفايته لمفهوم الخلاص ، وتبرير بعثه . إنه الخلاف الأكبر فى النصرانية وفى الكتاب المقدس أملنا فى الخلاص .
ولكن محرك هذا الخلاف هو الإسلام وليس النصرانية وفى ذات الوقت فالنظام الإسلامى هو أكثر النظم الدينية المتناسقة اجتماعياً وسياسياً ، ويفوق فى ذلك النظام الشيوعى (!!) ، ولكن هذه الحقيقة يجب ألا تحبط عزم المنصرين ... ) ثم يقول : ( إن الإله الموجود فينا !! أعظم من الإله الموجود فى العالم ، وأعظم حتى من الإله الذى يتحدث عنه الدين الإسلامى . ) (1) .
حتى الإله يعرض عندهم في المزاد !!
يتبع
يحيى هاشم حسن فرغل
yehia_hashem@ hotmail .com
[email protected]


------------------------------------------------------------------------
(1) كتاب " الإسلام اليوم لمارسيل بوازار " بحث الحبيب الشطى الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى ووزير خارجية تونس الأسبق ص 34 35 طبعة 1986 اليونسكو .
(2) " الإسلام قوة الغد " ترجمة د. محمد عبد الغنى شامة ص 356 .
(1) المصدر السابق ص 356 .
(1) المصدر السابق ص 92 .
(2) المصدر السابق ص 11 .
(1) مقال صلاح حافظ الخليج 25/2/1994 .
(2) انتهزوا الفرصة ترجمة حاتم غانم ، طبعة فبراير 1992 ص 40 .
(3) انتهزوا الفرصة ص 45 .
(4) انتهزوا الفرصة ص 43 .
(1) ص 43 .
(2) انتهزوا الفرصة ص 76 .
(1) أنظر كتاب " التنصير : خطة لغزو العالم الإسلامى " وهى تضم مجموعة أعمال المؤتمر الذى عقد عام 1978 بكولورادوا بالولايات المتحدة الأمريكية ، ونشرته دار MARK ، ونشر بالعربية ............ ص 214
(1) أنظرالمصدر السابق .
من ص 274 إلى ص 281 .
(1) المصدر السابق : التنصير خطة لغزو العالم الإسلامى من ص 549 إلى ص 568 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.