حين أتوفى لا تتركونى ولا تبكوا علىّ.. تعلمون أنى لا أحب الوحدة والظلام.. تحدثوا معى بالدعاء.. اجعلوا قبرى نورًا فربما رحيلى قريب.. وصية ليست مجرد رسالة). كانت تلك الكلمات آخر ما سطر شهيد تفجير مدرعة العريش محمد جمال الأكشر، الضابط بسلاح المدرعات بالجيش الثالث الميدانى، وأحد ضباط الدفعة 103، التي يطلق عليها "دفعة الشهداء"، حيث استشهد منها 11 ضابطًا في عمليات إرهابية. ووفقًا لصفحته الشخصية تحدث الشهيد، مع زملائه في آخر إجازة له عن أحوال مصر وما تمر به في حربها ضد الإرهاب الغاشم قائلًا: "ربنا إن شاء هيحمى البلد من الإرهاب.. ونموت زى أصحابنا الشهداء التي سبقونا". كما حملت صفحة الشهيد الشخصية على "فيس بوك"، عشرات الرسائل وكأنه كان يشعر بقرب لقاء ربه واستشهاده حيث كتب كلمات عن كرامات الشهيد ومنها أنه لا يجد ألم الموت إلا كقرصة بعوضة، ويغفر له عند أول قطرة من دمه ولا يفتن في قبره ويكسى تاج الوقار ويشفع في سبعين من أهل بيته، وكأنه بتلك الكلمات كان يستشعر أنه سيلحق بزملائه من شهداء الوطن الذين دفعوا أرواحهم الغالية فداءً له. ويكتمل المشهد في قرية مشتهر مسقط رأس الشهيد، التي اتشحت بالسواد، حيث خرج الجثمان من مسجد سيدى مسعود بمشتهر، يتقدمه اللواءان جمال العربى وأحمد عمر نائبا مدير أمن القليوبية، والعقيد إيهاب هاشم مأمور مركز طوخ، وصولًا إلى مثواه الأخير بمقابر العائلة بمشتهر، وسط هتافات "لا الله الا الله.. الشهيد حبيب الله"، مطالبين بالقصاص للشهيد وزملائه من الجناة. والشهيد من مواليد 1989، والتحق بالكلية الحربية عام 2006 أملًا في ارتداء زى بلده العسكري للدفاع عنها. ويقول الدكتور سمير محمد، أحد أبناء قرية مشتهر، إن الشهيد يتمتع بدماثة الخلق بين أصحابه سواء في عمله بالقوات المسلحة أو المدنيين، مؤكدًا أنه كان يعشق عمله ويسعى دائمًا، لأن يكون في مقدمة الجنود عند الخروج في الحملات الأمنية لملاحقة العناصر الإرهابية. ويعول الشهيد محمد جمال الأكشر، أسرة تتكون من زوجته وولده بلال الذي يبلغ من العمر سنة و3 أشهر، وكان دائم التواجد بجوار نجله في الفترة الأخيرة خلال الإجازات، وكأنه كان يعرف قدره الذي ينتظره دفاعًا عن وطنه ضد الإرهاب الغادر. ووالد الشهيد موجه لغة عربية بالمعاش، ووالدته ربة منزل، وهو الأكبر لأشقائه، ولديه 3 أشقاء هم: مصطفى طالب بالفرقة الرابعة بكلية طب أسنان، وعمر وعبدالله وهما طالبان بكلية الحقوق.