تعكس الصورة فى مدينة درعا حقيقة الوضع الراهن فى سوريا، حيث يصر النظام علىعقاب المدينة بصورة تجعل منها مثال لكل المدن السورية رغم ارتفاع عدد شهداءها،حيث ترابط قوات الجيش فى شوارع المدينة ، لمنع سيارات الاسعاف من الوصول إلىمواقع الجرحى لنقل المصابين او اسعافهم.ويرى محللون أن ما يحدث فى درعا يتكرر الآن فى جبله وبانياس ودوما، وأن عملياتالقمع مهما كانت قوتها لن تسكت اصوات الجماهير المطالبة بالحرية بعد ان كسرت حاجزالخوف والصمت ، فكلما زادت عمليات القمع وزاد عدد الشهداء تزداد الثورة اشتعالاويرتفع سقف مطالبها.وعلى الرغم من البرنامج البطىء المتواضع للاصلاح المتمثل فى رفع حالة الطوارىءوالغاء محاكم أمن الدولة العليا واعادة الجنسية السورية إلى الآلاف من الاكرادالذين حرموا منها ، وانشاء قانون جديد يسمح بالتظاهر شريطة موافقة وزيرالداخلية ، إلا أن هذه الاصلاحات قد تلاشت امام السماح لقوات الامن والجيش باطلاقالنار على الجماهير فى عدد من المدن السورية.ويناقش البرلمان الاوروبى غدا الاربعاء خلال جلسة عامة آخر تطورات الوضع فىسوريا فى ضوء استمرار حركة الاحتجاجات فى البلاد وطرق تعامل السلطات معها.وقد بدأت اصوات تعلو الآن فى الغرب تطالب بممارسة المزيد من الضغوط على الحكومةالسورية لوقف العنف وتطالب بعقوبات دولية وادانة من مجلس الامن حتى ينتهى الموقفبطريقة مشرفة قبل ان تغرق سوريا فى المزيد من بحور الدم.وأعلن الاتحاد الاوروبى فى بيان له امس تبنيه رسميا العقوبات ضد 13 مسؤلا فىالنظام السورى، إضافة إلى الحظر على الاسلحة والذى يدخل حيز التنفيذ اعتبارا مناليوم ، كما تبنى المجلس الاوروبى قرارا بفرض حظر على صادرات الاسلحة والمعداتالتى يمكن استخدامها لقمع السكان إلى سوريا ، إضافة إلى منع تأشيرات دخول وتجميدارصده.وتشهد سوريا منذ شهر مارس الماضى مظاهرات تطالب بالاصلاح سقط خلالها مئاتالقتلى والجرحى.ويشكك محللون فى قدرة الرئيس بشار على ان يمضى قدما فى عملية اصلاح سياسى جادفى انهاء حالة الطوارىء وتقليص سطوة الحزب القائد ؛ نظرا لوجود أزمة ثقة بينالنظام الحاكم والشارع السورى ، حيث اطلق بشار وعود فى 2000 عندما جاء للحكم وكررهذه الوعود عام 2005 اثر الازمة الصعبة التى مرت بها سوريا بعد اضطرارها الى سحبقواتها من لبنان تنفيذا لقرار قاس صدر عن مجلس الامن.ويشير المحللون الى ان النظام السورى احوج ما يكون هذه الايام للانصات الىالنصائح المخلصة التى تدعوه لتسريع وتيرة الاصلاح وتراهن على ان رصيد بشار الاسدعند السوريين لم ينفذ بعد وان قارب على ذلك.وتعد تركيا الحليف المقرب من بشار والجار اللصيق لها وهى صاحبة مصلحة مباشرة فىاستقرار سوريا ليس بسبب الجوار الجغرافى او التحالف القوى ولكن لانها تضم اكبرتواجد للعلويين فى العالم حيث يتجاوز عدد العلويين الاتراك نحو 15 مليون نسمةواذا اشتعل صراع طائفى بين السنة والعلويين فى سوريا فان تركيا ذات الغالبيةالسنية لن تكون بمنأى عنه.ويؤكد المحللون أن الشعب السورى خسر رهانه على النوايا الاصلاحية لبشار ، حيثأن شقيقه ماهر الأسد الذى يحكم قبضته على الجيش والامن والمليشيات اصبح المسيطرعلى المشهد بل ان هناك تسريبات تشير الى ان بشار يمسك بملف العلاقات الخارجية فىحين يدير ماهر الملف الداخلى.ولم يؤد القمع الآمنى فى سوريا إلى توقف الاحتجاجات بل منح مزيدا من القوةوالاتساع، حيث زادت أعداد المتظاهرين ، مما جعل استيعاب القائمين على الامن بأنحاجز الخوف قد سقط وان القمع يأتى بأثر عكسى.ومع استمرار القمع لم يتوافق معه أى حل سياسى، مما جعل المحللون يضعواسيناريوهات مقلقة لان الافراط فى القمع يهدد بحدوث انقسام فى صفوف الجيش ، حيث انالضباط العلويين يسيطرون على المناصب العليا فى الجيش السورى ، ويشكلون السوادالاعظم من الوحدات القتالية الاكثر كفاءة وتسليحا ، إضافة الى اجهزة المخابراتوالامن السياسى وعلى الجانب الآخر فهناك السنة الذين يشكلون نحو 90 % من السكانيشكلون السواد الاعظم من الجنود والضباط ذوى الرتب الصغيرة والمتوسطة.كما أن الانشقاق فى صفوف حزب البعث الحاكم وتقديم 200 من اعضائه استقالاتهمتظهر الوضع الذى يتفاقم فى سوريا.ويرى المراقبون أيضا أن الشعب السورى لم يعد يقبل بنظام البعث السورى العلوىالذى يتحكم فى الاغلبية ، حيث إن ركيزة النظام السورى تعتمد على العلويين الذينيشكلون الاقلية ولذلك لا يتورعون عن العنف الدموى للبقاء فى السلطة على مدى 48عاما.وقد انتقدت منظمة هيومان رايتس ووتش قرار بشار الاسد بالغاء حالة الطوارىءدون رفع الحصانة الواسعة التى يمنحها القانون السورى لاعضاء الاجهزة الامنية وذلكحسب قانون 1969 الذى يدعو إلى أنه لا يجوز اتخاذ اى اجراء قانونى ضد موظفىالمخابرات العامة عن الاعمال التى ارتكبت اثناء تأديتهم واجباتهم المحددة الابأمر صادر عن المدير.