مع قدوم موسم الشتاء، سرعان ما تشتعل وتعود أزمة اختفاء أنابيب البوتاجاز، تزامنا مع موجة البرد الشديد التي اجتاحت البلاد خلال هذه الأيام، إذ ازدادت المشادات والمشاجرات بين المواطنين أمام المستودعات بجميع محافظات الجمهورية خلال الأيام الماضية، الأمر الذي دفع تجار السوق السوداء لاستغلال تلك الأزمة ليقوموا ببيع أنبوبة البوتاجاز بالسعر الذي يحلو لهم، ووصل سعر الأنبوبة لأسعار تتراوح بين 40 جنيها إلى 70 جنيها في بعض المحافظات. لذا استطلعت « النهار» آراء عدد من الاقتصاديين والخبراء حول من المسئول عن أزمة البوتاجاز واختفاء الأنابيب؟، وما هي الأسباب الرئيسية وراء تكرار وتفاقم هذه الأزمة مع حلول موسم الشتاء؟، وما هي السبل التي لابد من اتباعها للتخلص والقضاء على هذه الأزمة نهائياً؟.. وجاءت إجابتهم خلال السطور المقبلة. في البداية أكد الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي، أن تكرار أزمة اختفاء أسطوانات البترول سنوياً في هذا التوقيت يكشف عجز الحكومة عن حل هذه الأزمة رغم قيامها منذ أشهر قلائل برفع الدعم عن الطاقة، إلا أن الغريب في الأمر أنه رغم تطبيق القرار إلا أنه لم يتم حل الأزمة، بل زادت من معاناة المواطن اليومية من أجل الحصول على أنبوبة البوتاجاز. وكشف زهران أن هناك لغزا كبيرا لا يستطيع أحد فهمه وهو أنه في ظل طرح وزارة البترول كميات أكبر من البوتاجاز للتغلب على هذه الأزمة، إلا أن أزمة اختفاء الأسطوانات مازالت مستمرة بل تتفاقم بشكل كبير، الأمر الذي يؤكد أن أزمة البنزين مفتعلة والمتسبب فيها تجار السوق السوداء بالتعاون مع أصحاب المستودعات، وذلك من أجل تحقيق هامش ربح كبير. وأوضح زهران أن غياب الرقابة على المستودعات هي السبب وراء اشتعال أزمة اختفاء أنابيب البوتاجاز، إذ إن أصحاب المستودعات يتآمرون مع تجار السوق السوداء ويقومون ببيع الأسطوانات لهم ليصبح محدود الدخل هو الضحية لهذه المؤامرة الدنيئة، لافتاً إلى أن اشتعال أزمة اختفاء الأسطوانات بمستودعات البوتاجاز قد يطيح بحكومة المهندس إبراهيم محلب بأكملها، لاسيما وأن نحو 90% من المواطنين لا يستطيعون الاستغناء عن أسطوانة البوتاجاز وبالأخص في موسم الشتاء. في حين أكد حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية، أن هناك مشاكل لوجيستية تواجهها حكومة المهندس إبراهيم محلب في نقل الغاز لمحطات التعبئة، الأمر الذي أدي لنقص المعروض من الأسطوانات بالسوق المحلي، إلا أن هذا لا يمنع أن الحكومة تسعي لحل هذه الأزمة تخوفاً من التغيير الوزاري الذي سيتم خلال الأيام المقبلة. وأضاف عرفات أن المشاكل اللوجيستية التي تواجهها الحكومة تتضمن إشكاليات النقل ووصول الشحنات لمحطات التعبئة في القطامية ومسطرد في ظل ظهور الشبورة، الأمر الذي أدي لتأخر وصول هذه الشحنات حيث انخفضت نسبة الشحن للبوتاجاز إلى النصف، وقد تزامن ظهور الأزمة مع موجة الصقيع الشديدة التي اجتاحت البلاد مؤخراً. وأوضح عرفات أن أحد الأسباب وراء ظهور أزمة أنابيب البوتاجاز وبالأخص في موسم الشتاء، هو زيادة نسبة الاستهلاك المحلي بنحو 10% سنوياً، جراء استخدام أسطوانات الغاز في سبل غير شرعية مثل استخدامها في مزارع الدواجن والمسابك ومصانع الطوب وغيرها، فضلاً عن سوء التوزيع من قبل مستودعات البوتاجاز وبيع الأسطوانات للبلطجية السريحة الذين يقومون ببيعها بعشرة أضعاف ثمنها الحقيقي. وأضاف عرفات أن الحل الرئيسي للتخلص من هذه الأزمة، هو قيام وزارة البترول بالتوسع في توصيل الغاز الطبيعي للمنازل، الأمر الذي سيجعلهم يستغنون تماماً عن استخدام الأسطوانة، وهذا الأمر تسعي الوزارة فعلياً لتحقيقه من خلال توصيل الغاز سنوياً لمئات الآلاف من المنازل. في حين أكدت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بعين شمس، أن أزمة اختفاء أنابيب البوتاجاز أزمة سنوية مرتبطة بفصل الشتاء، قائلة إن أصحاب مزارع الدواجن هم السبب الرئيسي وراء اشتعال أزمة اختفاء الأنابيب حيث يقومون بشراء الأسطوانات لإنقاذ الدواجن من النفوق. وأضافت الحماقي أن جشع تجار السوق السوداء ورغبتهم في تحقيق المزيد من الأرباح، هو السبب أيضاً وراء هذه الأزمة، وبالفعل استطاعوا تحقيق ذلك حيث يقومون ببيع الأسطوانات بنحو 70 جنيهاً علما بأن سعرها لا يتعدي خمسة جنيهات، الأمر الذي يؤكد تقصير وزارة التموين في ممارسة دورها الرقابي على المستودعات، لذا فإنه لابد على وزارة التموين أن تشن حملات رقابية مكثفة على المستودعات والقبض على المخالفين وأصحاب النفوذ الذين يسعون لبيع الأسطوانات بشكل غير قانوني. وطالبت الحماقي حكومة المهندس إبراهيم محلب بسرعة تطبيق نظام توزيع أنابيب البوتاجاز بالكوبونات أو على البطاقات التموينية، إذ إن هذا الأمر سيساهم في التخلص نهائياً من تكرار الأزمة كما أنه سيكون بداية للقضاء على ظاهر بيع الأسطوانات بالسوق السوداء، لاسيما في ظل اشتداد المشاجرات والمشادات بين المواطنين يومياً أمام المستودعات، وظهور البلطجة والعنف وأساليب استخدام الأسلحة البيضاء من أجل الحصول على أسطوانة بوتجاز.