حسم المشير عبدالفتاح السيسى أمره وقرر الترشح للرئاسة بعد تزايد المطالب الجماهيرية له بالترشح.. وقد تباينت ردود الأفعال بشأن هذا القرار فى الداخل والخارج على السواء.. فبينما اعتبرها البعض- داخل مصر - استجابة للجماهير ولضرورة المرحلة التى تمر بها مصر الآن يرى آخرون أن الترشح مخاطرة كبيرة حيث سيترك المشير حصنه الحصين فى الجيش لمواجهات جماهيرية لن تسلم من مخاطر أقلها يتمثل فى محاولات إخوانية لاقتحام أو إفساد مؤتمراته الانتخابية .. فى الخارج أيضاً تباينت ردود الأفعال فبينما تدعى أمريكا ظاهرياً الخضوع لإرادة الجماهير فى مصر التى من حقها أن تختار من تشاء بحسب تعبير البيت الأبيض نجد تقارير تتحدث عن مفاوضات أمريكية مع مرشحين آخرين لدعمهم فى مواجهة السيسى كما نجد مراكز أبحاث بارزة تصف ترشح السيسى بأنه ضربة لمخططات أمريكا فى المنطقة لدرجة أن معهد ستانفورد للدراسات بالولايات المتحدةالأمريكية، يقول تعليقًا على خبر ترشح المشير عبدالفتاح السيسى لخوض الانتخابات الرئاسية : إن الجنرال» السيسي» وجه ركلة قدم قوية للمؤخرة الرخوة لأمريكا... بينما يخشى الغرب من أن يكون «السيسي» هو انتاج ل «عبد الناصر» جديد فى المنطقة أما فى اسرائيل فإنهم يرون أن المشير يواجه خمسة ألغام ترتبط بالإرهاب ومياة النيل وطعام المصريين ..فى نفس الوقت ثمة تساؤلات مطروحة على الساحة بشأن الفريق الرئاسى الذى سيعمل مع السيسى وهل سيستعين بشخصيات من الوجوه القديمة أم بوجوه جديدة؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها فى السطور التالية.. البداية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذى أعلن يوم الاثنين موافقته على «التكليف الشعبي» لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسى بالترشح للرئاسة، وقال فى بيان رسمى له «لم يكن فى وسع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلا أن يتطلع باحترام وإجلال لرغبة الجماهير العريضة من شعب مصر العظيم فى ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية وهى تعتبره تكليفا والتزاما».. وأضاف البيان أن المجلس قرر أن للفريق أول عبد الفتاح السيسى أن يتصرف وفق ضميره الوطنى ويتحمل مسئولية الواجب الذى نودى إليه خاصة أن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب فى صناديق الاقتراع. وما أن أعلن بيان القوات المسلحة حتى بدأت حملة ترشح السيسى حيث أعلن عن فتح عدد من المقرات فى المحافظات مترافقاً مع تأييد حزبى وشعبى واسع وتزامن ذلك مع تصعيد إخوانى واضح برز صباح الثلاثاء باغتيال اللواء محمد سعيد مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية من أمام منزله بالطالبية خاصة أن هذا اليوم الذى يوافق ما يعرف بجمعة الغضب توافق مع محاكمة الرئيس المعزول وأعوانه فى قضية اقتحام السجون. ومن المتوقع تصاعد الأحداث خلال الفترة القادمة خاصة مع دخول خارطة المستقبل فى الاستحقاق الثانى والمهم والمتمثل فى إجراء الانتخابات الرئاسية بعد اجتياز الاستحقاق الأول المتمثل فى الاستفتاء على الدستور ما يعنى أن خارطة المستقبل تسير فى طريقها وهو ما لا يريده الإخوان وحلفاؤهم لأنه يقضى على أى أمل لهم فى العودة للحكم . الموقف الأمريكى أما الموقف الأمريكى من ترشح السيسى للرئاسة فإنه يتخذ مسارين أولهما معلن وهو الادعاء بالاستسلام لإرادة الجماهير لتختار من تشاء رغبة من الإدارة الأمريكية فى تقليل الغضب الشعبى المتزايد فى مصر ضدها منذ 30 يونيو وحتى الآن بعد دعمها اللامحدود للإخوان المسلمين سواء قبل وصولهم للسلطة أو بعد وصولهم وحتى بعد خروجهم منها ولكن المسار الأمريكى غير المعلن يختلف عن ذلك فبحسب موقع «وورلد نيوز» وثيق الصلة بدوائر صنع القرار فى أمريكا فإن واشنطن تجرى لقاءات سرية منذ نحو عدة أشهر مع عدد من السياسيين والشخصيات العامة فى مصر لحثها على الترشح للرئاسة بهدف حرمان السيسى من الفوز بالرئاسة حيث إن الإدارة الأمريكية لن تنسى للفريق السيسى رفضه التدخل لدى القضاء المصرى ومنع محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى وقادة جماعة الإخوان، بل وأنه بحسب الموقع الأمريكى فإن واشنطن تحمل السيسى مسئولية تصنيف الإخوان جماعة إرهابية مما يمهد إلى انتقال هذا التصنيف لمعظم الدول ما يترتب عليه محاصرة هذه الجماعة ما قد يدفعها للعمل السرى والدخول فى حالة عداء مع أمريكا والغرب بعد توافق سابق ليس له مثيل فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى. الموقف الإسرائيلى أما الموقف الإسرائيلى فإنه وبحسب تقرير لموقع «ديبكا» الإسرائيلى الأمنى القريب من دوائر المخابرات الصهيونية ، يشير إلى وجود خمسة ألغام رئيسية أمام الفريق عبد الفتاح السيسى تتتعلق بالإرهاب ومياه النيل وإطعام المصريين فى حين يرى التقرير أن المنافسين لا يمثلون عقبة أمام السيسى نظراً للشعبية الجارفة التى يحظى بها مصر. وبحسب التقرير الإسرائيلى فإن الألغام الخمسة تتمثل فيما يلى: * إطعام الشعب المصرى بعدد سكانه الكبير الذى يتجاوز 80 مليون مواطن. * مواجهة الإخوان الراغبين فى العودة للسلطة عبر العنف. * الموقف فى شبه جزيرة سيناء التى تحولت لمرتع للإرهاب والسلفية الجهادية التى تمثل تهديداً كبيراً للسلطة فى مصر. * الموقف من حماس فى غزة التى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإخوان والتى ثبت تورط بعض عناصرها فى اعتداءات على قوات وأهداف مصرية. * أخيراً النزاع مع أثيوبيا حول مياه النيل الذى يمثل ضرورة حتمية لحياة المصريين، ويأمل السيسى حل النزاع حول سد النهضة الإثيوبى ، وإذا لم يتحقق هذا سلمياً فليس بعيداً أن يتم بالحرب.. و قد نوه التقرير إلى أن مصر الآن تعيش فى مرحلة حساسة للغاية تتراجع فيها قوة المؤسسات السياسية لصالح تصاعد قوة المؤسسات العسكرية.. ووصول المشير السيسى لكرسى الحكم سيحدث توافقاً كبيراً بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة على خلاف عهد الرئيس المعزول محمد مرسى الذى كان يسعى لهيمنة جماعته على كل المؤسسات فى مصر. لا عودة للوجوه القديمة ثمة أسئلة أخرى مطروحة بالتزامن مع ترشح السيسى للرئاسة تتمثل فى الفريق الذى سيعمل معه.. وهل سيستعين بالوجوه القديمة سواء فى الحكومة أو مؤسسة الرئاسة إذا ما فاز فى الانتخابات الرئاسية القادمة ؟ المعلومات المؤكدة أنه لا مجال لعودة الوجوه القديمة التى كانت فى السلطة قبل 25 يناير 2011 وقد سبق وأن أكد المشير السيسى هذا الأمر فى اجتماع لمجلس الوزراء، سبق ترشحه للرئاسة قائلاً : إنه يرفض تمامًا عودة «الوجوه القديمة» إلى الساحة السياسية، وأن مصر لن تعود إلى ما قبل «ثورة 25 يناير»، ومن يعتقدون أن مصر ستعود إلى الوراء مخطئون» بحسب قوله.. ومن المتوقع عودة شخصيات مصرية بارزة من خارج مصر للمشاركة فى المرحلة المقبلة ..على غرار عودة الخبير الاقتصادى الكبير الدكتور محمد العريان الذى ترك منصبه كرئيس تنفيذى فى شركة بيمكو، أكبر شركة فى العالم لإدارة صناديق السندات، ليعود إلى مصر ويشارك فى المرحلة الجديدة فى مصر وتتمثل أهمية شخصيات بارزة كالعريان فى أنه شخصية لا تنحاز لأى طرف أو شخص داخل البلاد، خاصة فى ظل أجواء التوتر والاستقطاب السياسى فى مصر، بل سيركز فقط فى عمله للنهوض بالاقتصاد خاصة مع استقالة زياد بهاء الدين من منصبه كمسئول عن الملف الاقتصادى فى حكومة الببلاوى وهى الحكومة التى ستشهد تغيراً خلال أيام بما لا يضر بسير خارطة المستقبل فى طريقها ، لكن مع وصول السيسى لكرسى الحكم ستشهد مصر حكومة جديدة لم تستبعد المصادر أن تكون برئاسة محمد العريان فى الوقت الذى يتحدث فيه آخرون عن حكومة برئاسة إبراهيم محلب. عبد الناصر والسيسى يبقى أن نشير إلى أن الربط الشعبى وكذا الغربى بين شخصية المشير عبدالفتاح السيسى وشخصية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لم يحدث من فراغ فرغم أنه جاء عفوياً من مواطنين رفع صورة تجمع بين عبدالناصر والسيسى إلا أن السيسى نفسه اعترف فى التسجيلات المسربة أنه يحب شخصية عبدالناصر وكان يتمنى أن يكون مثله وقد زار ضريح عبدالناصر فى ذكرى وفاته فى لفتة لها دلالتها.. ورغم هذا فإن شخصية مثل حسب الله الكفراوى يرى أن السيسى يجمع بين ذكاء عبدالناصر ودهاء السادات فى حين يرى عبدالحكيم عبدالناصر ابن الرئيس الراحل أنه يرى فى المشير السيسى امتداداً لوالده، وأنه -أى الفريق السيسى- من قام بكسر طوق التبعية لأمريكا التى طوقت جماعة الإخوان به مصر. كما يربط الغرب بين الشخصيتين من حيث القدرة على جذب الجماهير والتأثير فيها وإن كان ثمة فروق واضحة فى ظروف تولى كل منهما إلا أن عداءهما للإخوان مشترك وكذا ثقافتهما فالذين يعرفون الفريق السيسى يعرفون أنه واسع الإطلاع والمتابعة.. وهكذا كان عبدالناصر.