أين يقضى فادى سليم من عالم الأدب ؟ - بدأت حياتى مثل معظم أبناء جيلى - جيل الثمانينيات - اقرأ واتابع القصص المصورة المسلسلة، لكن بمرور الوقت لم اجدها تشبع كل نهمى المتنامى للقراءة، فانطلقت منها لقراءة الألغاز والآدب البوليسي، وبعدها لقراءة مغامرات الخيال العلمى والجاسوسية، ثم منها إلى عالم الروايات الاجتماعية المصرية والأجنبية، وشيئا فشيئا بدأت أشعر بميل شديد للإسهام الشخصى فى هذه المجالات التى أقرأ فيها، بدأ هذا تقريبا وانا بالصف الثانى الإعدادى ولم ينتهى بعد، ما زلت أذكر للآن «الأجندات» التى كنت أكتب فيها قصصى الصغيرة والتى كنت اجعل من أصدقائى وزملائى ابطالها، وكنت أعيرها لزملائى كى يقرؤها ويقولون لى رأيهم فيها فيما بعد، وكانت تعجبهم جدا، وكان لتشجيع زملائى وأصدقائى ومعلمين آنذاك بالمدرسة أبرز الآسر على فى قرارى باحتراف الكتابة الإبداعية فيما بعد. وماذا تعنى الكتابة بالنسبة لك؟ - الكتابة تشبه كثيرا فكرة «الخلق»، فأنت تخلق عالمك وشخوصك وتتحكم بمصائرهم واقدارهم ومشاعرهم، وجميع أنواع الكتابة الإبداعية هى عملية «خلق» خالصة، بما فيها حتى كتابة الشعر، والذى يشبه فكرة ان تصنع حلما من أحلام لا وعيك ولكن فى قالب نصى، وموضوع الخلق هو أطيب وأمتع شيء فى العالم للكاتب، خاصة لو طاب ما تخلقه هذا للمخلوقات الحية حولك والتى تقرأ ما تكتبه أو ما تخلقه. الكتابة تشعرك كأنك ملك وسوبرمان، وتعطيك الكثير من الأشياء التى تعبر منها عن مكنون نفسك مهما كان مجنونا او شاذا. حدثنا عن «جيجالو». - «جيجالو» لفظة انجليزية لا ترجمة لها وأقرب ترجمة عربية لها هى «فتى الليل» أو «بائع الهوى» وتنطق فى العامية المصرية «جيجولو» وهى تستعرض أزمة الطموح عند شاب مصرى وصراعه مع المعتقدات الدينية فى مصر خاصة تلك التى تتحدث عن «تقديم المشيئة الإلهية»، وهى أول رواية قصيرة لى تنشر، هى بالواقع روايتى الوحيدة حتى الآن او درتى الوحيدة كما يقولون، وهى تمثل لى أول محاولة لاقتحام عالم الآدب المنشور، استغرقت فى كتابتها حوالى 6 أو 7 شهور متقطعين، وانتهيت من كتابتها فى 2010 وظهرت للنور فى يناير 2012 بمعرض القاهرة الدولى للكتابة، وهى أول محاولة لى لمخاطبة القراء الغرباء أى من هم خارج محيط معارفى الشخصيين، وعندما عرضتها على الناشر فى 2011 تحمس لها، ولم تستغرق وقتا طويلا بعدها حتى رأت النور. وما هو جديدك. بعد «جيجالو» و»دنيا»؟ - انتهيت من كتابة نص أول فيلم روائى طويل لى وأسعى لتسويقه بشتى السبل، كما أعكف حاليا على كتابة نص ثان ليكون جاهزا فى حالة بيع النص الأول، كما كتبت حوالى 10% من أول رواية طويلة لى ووضعت لها عنوان مؤقت هو «الهبة»، كما أنى أيضا عاكف على وضع بعض اللمسات الأخيرة على ديوانى الثانى «إجازة بالأوامر العسكرية» ولكننى انتظر حتى أسوق أول فيلمين لى أولا ثم استكملها بعد ذلك. برأيك هل تطغى فنون الرواية اليوم على الفنون الأدبية الأخرى؟ - بالتأكيد. وأنا مقتنع جدا بفرضية أننا فى زمن الرواية. وليست أى رواية فحسب. بل الرواية السياسية او ذات الأبعاد السياسية بالتحديد، السياسة هيمنت على كل شيء. الطعام والشراب والفن والأدب. بل ربما حتى العلم والتعليم! للآسف بالرغم من عظمة لون أدبى مثل الشعر مثلا وكان يوما ما هو اللون المفضل والأكثر شعبية عند العرب إلا أنه بعصرنا الحديث تراجع كثيرا أمام طغيان الأدب والفن المرئى كالسينما والتلفزيون. لأنهما الألوان الأكثر استساغة من الشباب والذين يشكلون الآن أكثر من 60% من مجتمعاتنا. هل الترجمة الأدبية للأعمال العربية هل أخذت حقها؟ - للأسف وربما أكثر من حقها، حاليا صرت أسمع عن ترجمات للكثير من الكتب التافهة مضمونا لكتاب مغمورين لا لشيء إلا مثلا لاشتراكهم فى مؤسسات أدبية خاصة - كدور النشر مثلا - بالتمويل، حاليا يغمر السوق المصرى فيضا من الأدب الشبابى الرث المستوى ولكنه كبير الحجم وفخم الطباعة والتجليد مما يشجع كثيرا من القراء على شرائه رغم خوائه، وبعد ان يحقق مبيعات لا بأس بها، يبدأ بعض المترجمين فى السعى لترجمته وتقديمه للعالم على أنه أدب مصرى مترجم، أو أدب عربى مترجم، وغالبا ما يكون أشبه بأدب الرحلات. إلا أنه يكون من وجهة نظرى متواضع المستوى إلا أن له عنوانا رنانا وغلافا أنيقا. لكنه للآسف رنانا «على الفاضي». ما هى رؤيتك للثقافة الجديدة الأن؟ - الثقافة الجديدة الآن تتشكل وفقا لحرية التعبير الكبيرة المكتسبة من بعد 25 يناير، ووفقا للعشرات من الكتاب الشباب الجدد المغمورين الذين أصدروا مئات الكتب وكتبوا الآف المقالات فى كل مكان، بعدما انفتحت أمامهم فجأة المطابع والجرائد والمواقع بل وربما أيضا الإذاعات الإليكترونية، أصبحت مواقع مثل «يوتيوب» و»فيسبوك» و»تويتر» تشكل وعى كثير من الناس، أصبحت كثير من الناس يتنقلون بين مئات القنوات المصرية بعدما كانت بالعشرات فقط، اصبح شبابا فى العشرينيات محط أنظار الآف من الشباب والمراهقين ومن هم فى أواخر الثلاثينيات أيضا، كما لعبت مواقع التحميل دورا كبيرا فى توصيل الكتب الممسوحة ضوئيا (scanned) لكثير من الناس، حتى لو هم محرومون من وجودها المطبوع فى بلادهم، الثقافة الجديدة تتمثل فى هذا الكم الكبير من الكتابات الشبابية المتمردة فى كل مكان وسيطرتها على وصداراتها لأرفق المكتبات وحوامل الجرائد (الاستاندات) ناهيك عن المدونات الحرة المتاحة للجميع.