السياسة.. صفقات.. وخصومات.. بل ومراهنات تدفعها الرغبات والأماني!! وقد تسربت أنباء عن صفقة يتم بمقتضاها وصول أحمد شفيق لمقعد الرئاسة في مقابل أن يكون رئيس الحكومة من حزب الحرية والعدالة!! وبغض النظر عن مدي صحة هذه التسريبات أو عدم صحتها.. فإن مثل هذا الكلام يعني ضرب قواعد الديمقراطية في مقتل!! بمعني آخر.. فإن ذلك يعني حسم نتيجة الانتخابات قبل إجرائها.. و"التدخل" فيها. بحيث تأتي نتيجة التصويت لصالح الفريق أحمد شفيق.. وإلا فكيف يتولي الرئاسة دون الفوز بنتيجة الانتخابات؟! ولا أرجح أن ذلك ممكن الحدوث.. لأن المجلس العسكري وعد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة. دون أدني تدخل!! مع ذلك. يصعب استبعاد أي احتمال في عالم السياسة!! وقد تزامن الإعلان عن هذه الصفقة مع تصريحات للدكتور محمد حبيب نائب المرشد السابق للإخوان في حواره ببرنامج "القاهرة اليوم" والتي طالب فيها جميع القوي بالاصطفاف وراء محمد مرسي "لأن هناك احتمالاً كبيراً لفوز أحمد شفيق بالانتخابات". علي حد قوله. محذراً من فوز شفيق بالرئاسة. لأنه سيبعث روح الثورة من جديد ضد النظام السابق!! ولا أدري.. إن كان كلام حبيب هذا قد جاء عفو الخاطر. للتحذير من فوز شفيق.. أم لتهيئة الرأي العام لهذا الفوز. وتقبل النتيجة ضمن الصفقة التي سبق الحديث عنها!! ومعني ما سبق كله أن الصراع علي حكم مصر قد أصبح محصوراً بين قوتين أساسيتين. لهما جذور في الماضي وهما بقايا الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين.. وهما أكبر قوتين سياسيتين علي الساحة قبل قيام الثورة!! ومعني ما سبق أيضاً أن السباق الحالي أو الصراع الحالي يدور حول اقتسام السلطة بدلاً من تداول السلطة!! وهذا السباق لا يقتصر علي شفيق ومرسي. وإنما امتد ليشمل المرشحين الخارجين من المنافسة علي مقعد الرئاسة.. حيث أعلن عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحي وخالد علي إصرارهم علي ضرورة تشكيل مجلس رئاسي مع د.محمد مرسي من أجل تولي حكم مصر بعد استبعاد أحمد شفيق وتطبيق قانون العزل السياسي عليه. وإلغاء الانتخابات الرئاسية!! وهذا المسعي من جانب هؤلاء لإلغاء الانتخابات يمثل إهداراً لدم الديمقراطية ووأداً لها. وهي الديمقراطية التي ننادي جميعاً بها والتي قامت الثورة من أجلها.. ويمثل هذا المسعي أيضاً سعياً للوصول إلي السلطة بأي ثمن!! والسؤال المنطقي: لماذا يطالبون بإلغاء نتيجة الانتخابات الآن.. ويطالبون بتطبيق قانون العزل. مع أنهم قبلوا بخوض الانتخابات في المرحلة الأولي. ودخول المنافسة مع شفيق؟! في المقابل نجد شفيق وهو رئيس الوزراء في عهد مبارك يقول: إنه لا صفة شرعية لمن تحدثوا في الميدان عن العزل أو عن تشكيل مجلس رئاسي!! وعلي أي الأحوال.. ربما نجد لكل طرف مبرراته.. لكن الشيء الوحيد الذي يجمعهم ويتفقون عليه هو سعي كل منهم للوصول إلي السلطة سواء بحق أو بغير حق.. والتحدث باسم الثورة سواء بحق أو بغير حق أيضاً!! إنه الصراع أو التوفيق بين الجوع للسلطة. والتعطش لبريقها. بعد عقود من التهميش والإقصاء والحرمان.. وبين التشبث بها. وصعوبة التفريط فيها بعد التمتع بنعيمها. ومزاياها. مع أنني لا أري أي مزايا في سلطة حالية!! ** أفكار مضغوطة: القوانين مثل خيوط العنكبوت. تمسك بالذباب الصغير. بينما تسمح للدبابير باختراقها! "جوناثان سويفت" كاتب وسياسي انجليزي أيرلندي