أغاني من التراث وأخري ألحان جديدة مستلهمة منه.. بالاضافة لإبداعات وأغاني جديدة ومعاصرة هذه بعض سمات حفل فرقة نجوم الطرب الذي أقيم علي مسرح الجمهورية وأتيح لي مشاهدته.. الفرقة نجحت في أن تقدم عددا من الأصوات الواعدة للساحة الموسيقية كما أن لها طابعا خاصا بها حيث هناك علاقة مباشرة مع الجمهور أعادت لذاكرتنا فرقة القاهرة للتراث وقائدها د.عصمت عباس رحمه الله حيث أن الفرقتين تتشابهان في تقديم أصوات من الهواة مع الاعتماد علي فرقة موسيقية تضم عازفين محترفين علي درجة عالية من المهارة بالاضافة لشخصية قائد الفرقة ومؤسسها مصطفي أحمد الذي يحرص علي التواصل مع الجمهور والحديث معه أي يجعله عنصرا متفاعلا ومشاركا في العملية الفنية ساعده علي ذلك حضوره المسرحي وخفة ظله وأيضا امتلاكه لأدوات مهنته فهو من نجوم فرقة التراث الذي يقودها المايسترو البابلي. وكان من قبل من نجوم فرقة الموسيقي العربية الذين تتلمذوا علي يد الرائد الراحل عبدالحليم نويرة والآن هو من أساتذة الفرقة الذين يقومون بتدريب وتحفيظ العناصر الشابة في الفرقة أما فرقته "نجوم الطرب" أسسهامنذ عدة سنوات ومن أهدافها إعطاء الفرصة لأبنائه الطلبة الهواة الذي يدرس لهم في الجامعة الأمريكية وبعض الجامعات الخاصة ليشاركوا في إثراء الساحة الفنية بأصوات جديدة والفرقة كما شاهدناها تتكون من حوالي 20 منشدا ومنشدة "الكورال" أما الفرقة الموسيقية المصاحبة تتكون من حوالي 11 عازفا محترفا. فقرات الحفل تضمن برنامج الحفل 20 فقرة بدأت بالموسيقي والغناء الجماعي وهذه احد التقاليد التي أرسي نويرة قواعدها فكانت البداية مع موسيقي "بنت البلد" من ألحان محمد عبدالوهاب الذي أدوا من ألحانه أيضا أغنية توبة التي أدتها المجموعة أما الختام فكان مع أغنية زكريا أحمد الشهيرة "يا صلاة الزين" من أداء المجموعة.. وبين البداية والختام عاش الجمهور مع الغناء المنفرد حيث أدي محمود مبروك أغنية محمد عبدالوهاب "قولي عملك آيه قلبي" وشدت مروة مصطفي بأغنية "أما براوة" من ألحان محمد الموجي ومن إبداعات نويرة الشهيرة غني الثنائي سحر عبداللطيف وعلا عز أغنية "سلم علي" كما شدا عبدالمنعم الرفاعي بلحن محمد فوزي "مال القمرش وهذه الأصوات جميعها أحسنت الأداء ويؤكد أنهم تلقوا تدريبا جيدا ويبشرون بمستقبل واعد خاصة أنهم يمتلكون الموهبة ولكن مازال أمامهم الطريق الطويل للاحتراف. استعان مايسترو الحفل ببعض المحترفين الذين دعموا الحفل واضفوا عليه ثقلاً وثراء أرضي عشاق الموسيقي العربية منهم الشاب أحمد الوزيري الذي يعد من نجوم فرقة التراث والذي أدي لحن الموجي "الحلوة داير شباكها" وأغنية سيد درويش "الصهبجية" والفنانة القديرة عزة نصر والتي تعد من الرواد القلائل حفظة التراث وتلميذة نويرة النجيبة والتي أمتعتنا بأداء متميز للحن القصبجي "إمتي هاتعرف" وشدت أيضا بلحن فريد الأطرش "بقي عايز تنساني" ومن خلال صوت جميل أعطت بطريق غير مباشر لكل الهواة الذين يقفون خلفها في كورال الفرق درسا فللأمانة في أداء اللحن والانسجام مع الفرقة الموسيقية. تميزالحفل بأداء أغاني معاصرة فاستمتعنا بغناء ابن النوبة عبدالله صالح للحن أحمد منيب "عروسة النيل" والذي أصر الجمهور علي إعادتها حيث تجلي فيها امتزاج الموسيقي النوبية بإيقاعاتها الخماسية الافريقية التي عبرت عنها الدفوف مع الطرب الشرقي المتمثل في آلات التخت الشرقي التقليدية وعامة اختيار الأغنية جاء موفقا حيث إنها من أغاني محمد منير التي تذاع نادرا.. أيضا وفي إطار الأغاني المعاصرة قدم الصوت الواعد عمر حمدي أغنية "مصر يا أمة يا بهية" من ألحان الشيخ إمام الشهيرة وهاتان الفقرتان يمثلان تجديدا في حفلات فرق الموسيقي العربية وتعد من ميزات هذه الفرقة. ألحان جديدة أهم فقرات هذا الحفل تقديم إبداعات جديدة متكاملة حيث حققت ما سبق أن نادينا به من ضرورة الاستفادة من التراث ولكن بالخروج من عجلته بأعمال جديدة متطورة فقدم لنا مصطفي أحمد أغنية من ألحانه وكلمات د.طارق كمال وعنوانها "من أجل عيونك يا هنادي" واللحن من مقام نهاوند وينتمي للمدرسة التقليدية وأداه مصطفي بصوته الرخيم ومحتضنا آلة العود ولاقت الأغنية استحسانا كبيرا من الجمهور وبالرغم من أن مصطفي أحمد قائد الفرقة إلا أنه لم يفرض نفسه علي المشاهدين بل لم يشارك إلا بثلاث فقرات كانوا درة هذا الحفل حيث غني أغنية "سواح" من ألحان بليغ حمدي وأغنية "ياللي سامعني" ألحان كمال الطويل والأخيرة كانت فرصته في بيان براعته في أداء فن الموال ومقدرته علي التنقل السلسل بين المقامات. التجربة الثانية كانت للفنان الشاب أحمد مصطفي الذي قدم أغنية جديدة من تأليفه وألحانه بعنوان "لو مش عشانك" وقد صاغها علي آلة البيانو وبتوزيع موسيقي علي الموسيقي العربية "2 تشيللو و4 كمان وكلارينت" وقد استطاع أن يطوع آلة البيانو والكلارينت بأسلوب شرقي جميل تقبله هذا الجمهور المتخصص الذي صفق بحرارة وذلك لأن العمل لم يأت مسخا من الأغاني الغربية وإنما قدم لنا أغنية مصرية في شكل حديث أكد موهبة هذا الشاب. أما تفاعل الجمهور مع فقرات الحفل فتجلي في فقرتين الأولي كانت فقرة شعرية للشاعر أحمد المصري أما الثانية أدتها إحدي المتفرجات حيث غنت 2 كوبليه من أغنية صباح "الحلو ليه تقلان قوي" واتضح أنها الفنانة شهيرة من كورال فرقة أصالة بساقية الصاوي. الفرقة الموسيقية المصاحبة والتي تكونت من عدد من العازفين المحترفين المعروفين بالمهارة ساعد علي أن تقدم فقرات الحفل بإخراج موسيقي متميز كما أنها كانت فرصة لتقديم فقرات من العزف المنفرد سواء المتضمن في اللحن الأصلي أو من خلال تكرار جمل لحنية غنائية بآلات مختلفة كماحدث في أغنية عادل مأمون "ياللي سامعني". ملحوظات رغم أن الفرقة من الهواة إلا أنها حفلت بالإيجابيات منها أن هناك اهتماماً بالزي الموحد وبآداب الوقوف علي المسرح وبالإلتزام بعصا القائد كما يحسب للمايسترو مصطفي أحمد انه في اختياراته اهتم بأن يقدم أغاني للكورال فيها دور كبير كما كان هناك اهتمام بمخارج الألفاظ.. وأخيرا هذه الفرقة من علامات ازدهار الموسيقي العربية حيث إنها واحدة من الفرق الصغيرة التي انبثقت من الفرق الكبري الرسمية والتي نتمني أن يكون هناك المزيد منها في المستقبل القريب.