حكام مصر طوال آلاف السنين حملوا مسميات عدة: الفرعون والملك والوالي والأمير والسلطان والخليفة والرئيس.. لكن واحداً فقط حمل صفة "الزعيم".. في حياته. وبعد رحيله بسبعة وثلاثين عاماً. ولا أحد ينازع عبدالناصر في هذه الصفة حتي برز خليفته وامتداده وأنجب تلاميذ مدرسته. وهو عبدالفتاح السيسي لينال هذه الصفة كذلك ويعلقها الشعب علي صدره وفي عنقه: تعظيماً ومسئولية ثقيلة في الوقت نفسه. الزعيم الأب والزعيم الابن أو الخليفة كلاهما خرج من أتون واحد. وانصهر بنار الوطنية الخالصة والصراع من أجل مصر. منذ أن أقدم كل منهما علي مغامرة وطنية وكان فشلها سيؤدي بحياته.. عبدالناصر خرج برجاله ليلة 23 يوليو 1952 علي الملكية المتوارثة. والاقطاع المتحكم. والإنجليز المحتلين.. وعبدالفتاح السيسي خرج في 30 يونيه 2013 علي تنظيم عصابي دولي إجرامي دموي. وعلي "قطعان" من المتوحشين الذين اختطفوا السلطة عنوة واحتلوا مفاصل الدولة غفلة. ووراءهم كل أعداء مصر خارجها وعلي أطرافها. الزعيم الأب خريج العسكرية المصرية العظيمة. وكذا الزعيم الابن.. وكل منهما أراد استكمال مشروع محمد علي في بناء امبراطورية مصرية.. ففشل عبدالناصر بفعل فاعلين كثيرين. ولن يفشل السيسي إن شاء الله رغم وجود نفس الفاعلين المتآمرين.. لأن السيسي استأنف مسيرته من نقطة توقف عبدالناصر. وأخذ في البناء عليها والتقدم للأمام مستكملاً إياها.. ولم يسع كما سعي الرؤساء السابقون عليه لتدمير كل ما خلفه عبدالناصر من إنجازات. ومر علينا زمن لمن يتذكر كان فيه من ينادي بهدم السد العالي!! الرئيس السيسي أيقن بقيمة عبدالناصر. ومدي تغلغله في نفوس كل شرفاء الوطن. وكل العرب الأصلاء فحل وراثاً لكل هذا الحب المختزن لعبدالناصر في قلوب الناس.. والشعب المصري وامتداده العربي يدرك بحكمته من يحبه. ومن ينتمي له. ومن يعمل لأجله.. وتنجلي هذه الحقيقة في الحوادث والملمات والظروف المواتية.. ففي كل تجمع للشعب بعد 25 يناير لم ترفع صورة سوي صورة عبدالناصر. وفي كل تجمع للشعب داخل مصر وبعض أقطار العرب بعد ثورة 30 يونيه راحت صورة السيسي ترافق صورة عبدالناصر. هذه الرفقة والالتصاق للصورتين هي أعظم هدية تقدم للوطن.. هي التأكيد علي أن الأبطال لا يذهبون أبداً. هي التجسيد لمقولة "مصر ولادة".. أنجبت عبدالناصر منذ مائة عام.. وتمهلت عقوداً حتي أنجبت السيسي.