وهكذا.. تحققت المصالحة بين منظمتي فتح وحماس الفلسطينيتين وأصبحتا تعملان تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة أبو مازن محمود عباس وفي ظل حكومة موحدة تحكم كل الأراضي الفلسطينية من غزة ورام الله والضفة الغربية برئاسة رامي الحمد الله رئيس حكومة الوفاق. لم تكن شقة الخلافات سهلة بين منظمتي حماس وفتح الأمر الذي أدي بالمنظمة الأولي للانفراد بحكم غزة بعيداً عن السلطة الفلسطينية لمدة عشر سنوات. ورغم ما عاناه القطاع طوال هذه الفترة من العدوان الإسرائيلي المتكرر عليه والحاقه أضراراً بالغة بالشعب الغزاوي وتدني الخدمات بالقطاع إلا أن مصر رغم انخراط كتائب القسام وقيامها بدور إرهابي مع "تنظيم بيت المقدس" و"داعش" في شمال سيناء لم تتخل عن الغزاويين وأمدتهم بكل احتياجاتهم البترولية ومساعدتهم غذائياً ليعيشوا حياة طبيعية. هذه المصالحة الفلسطينية لم تكن تتم لولا تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي وحرصه علي مصالح الشعب الفلسطيني الذي مهد للقاء الفرقاء الفلسطينيين واستقبل في سبيل ذلك الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس وقرب الخلافات بينهما ثم أوكل اتمام الصلح للوزير خالد فوزي رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الذي رعي تفاصيل الصلح حتي تم توقيع الاتفاق برعاية مصرية في القاهرة. قال البيان الختامي للمصالحة إنه انطلاقاً من حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي علي تحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني في انهاء الانقسام وتعزيز الجبهة الداخلية وتحقيق الوحدة الفلسطينية من أجل انجاز المشروع الوطني واقامة الدولة الفلسطينية علي حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وعودة اللاجئين. فقد رعت القاهرة سلسلة اجتماعات بين حركتي فتح وحماس علي مدار يومي 10 و11 من شهر أكتوبر عام 2017 لبحث ملفات المصالحة الفلسطينية.. وقد اتفقت الحركتان علي اجراء تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسئولياتها الكاملة في ادارة شئون قطاع غزة كما في الضفة الغربية بحد أقصي يوم الأول من شهر ديسمبر 2017 مع العمل علي إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانفصال. أسعدت لحظات المصالحة الفلسطينية اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فأعلن فجر الأمس التوصل الي اتفاق بين حماس وفتح برعاية مصرية كريمة. وقال طاهر النونو عضو الدائرة الإعلامية في حركة حماس إننا نزف الي شعبنا وأمتنا الخبر التالي: أعلن اسماعيل هنية التوصل الي اتفاق بين حماس وفتح برعاية مصرية كريمة. تابعت إسرائيل باهتمام أنباء المصالحة الفلسطينية وقال مسئول إسرائيلي إننا سنراقب التطورات ونتصرف بناء علي ذلك.. وأن هذا الاتفاق يجب أن يلتزم بالاتفاقية الدولية. وتخوفت إسرائيل علي لسان رئيس وزرائها نتنياهو بأن هناك مؤشرات تدل علي أن حركة حماس ستسيطر علي الضفة الغربية وفي نفس الوقت تقوم بنفس السيطرة علي قطاع غزة. وأعرب عن هذا الاتجاه موشيه يعالون وزير الدفاع الإسرائيلي.. وقال ان انسحاباً إسرائيلاً من الضفة الغربية لن يجلب السلام. بل بالعكس سيجلب الإرهاب والقذائف الصاروخية مثلما حدث في قطاع غزة. بهذه التصريحات أبدت إسرائيل سوء نيتها وموقفها من الأرض الفلسطينية التي احتلتها وتصميمها علي عدم التخلي عنها إذا ما استؤنفت المحادثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. لقد تمت المصالحة الفلسطينية حتي لا تكون هناك حجة لإسرائيل وادعاؤها مع من سنتباحث؟! وتوحد الفلسطينيون وبقي ان تستأنف هذه المحادثات. السؤال هنا: هل ستلبي إسرائيل مطالب الفلسطينيين في هذه المحادثات؟ وهل يمكن لتل أبيب ان تتخلي عن الأراضي الفلسطينية التي احتلتها وتفرغ المستوطنات التي اقامتها من المحتلين الصهاينة؟! وهل سيعود اللاجئون الفلسطينيون المهاجرون الي ديارهم؟! وهل يمكن ان تتخلي إسرائيل عن القدسالشرقية لتكون عاصمة لفلسطين؟! كل هذه الأمور مفروض ان تطرح في المحادثات إذا استؤنفت!! وهل سيقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوساطة بين الجانبين؟! أم تسيطر عليه النزعة العنصرية فينحاز الي جانب اسرائيل كما هو معهود في كل رؤساء أمريكا؟! لقد أدت مصر واجبها في المصالحة برعاية الرئيس السيسي.. وعلينا أن ننتظر ما ستتمخض عنه المحادثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.. وإذا لم يتم التوصل الي اتفاق ستظل مصر علي العهد في دعم الجانب الفلسطيني الي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.