كارثة حقيقية تهدد الاسكندرية خلال الأيام القادمة بعد أن أرسلت شركة النظافة الأجنبية إنذاراً إلي الدكتور أسامة الفولي محافظ الاسكندرية تبلغه فيه بانسحابها من العمل بالمحافظة مع بداية شهر أكتوبر القادم بالرغم من أن عقدها الأصلي ينتهي بعد خمس سنوات.. وذلك بعد أن تراكمت ديون المحافظة لدي الشركة في سداد مستحقاتها ليصل إلي ما يقرب من "120 مليون جنيه" رغم أن المحافظة كانت مديونة منذ البداية للشركة في عهد اللواء "عادل لبيب". إلا أنه كان يتمكن من السداد مع فترات متباعدة فكانت المبالغ المديونة بها المحافظة للشركة لا تتعدي العشرين مليوناً أو ثلاثين علي أقصي تقدير.. ولكن مع قيام الثورة توقفت المحافظة عن السداد بدعوي أنه لا يوجد إيراد متوفر لديها علي الإطلاق فلا توجد حضانة المرور أو تبرعات لرجال الأعمال أو حملات مرورية مكثفة ومنظمة أو مرافق وجميعها كانت تدر دخلاً علي المحافظة.. في الوقت الذي مازالت تفرض فيه المحافظة غرامات علي الشركة بصورة مستمرة فأصبحت المسألة بلا عائد مجدي علي الشركة.علي الجانب الآخر فمن المتوقع أن تلجأ الشركة الفرنسية "فيولا" إلي التحكيم الدولي لتحصل علي أموالها المستحقة من محافظة الاسكندرية وهو بالطبع ما يعد كارثة لأن العقوبة ستشملها غرامة أيضاً علي المحافظة في الوقت الذي حاول فيه محافظ الاسكندرية الحصول علي أموال لدفع جزء إلي شركة النظافة من مجلس الوزراء فكان الجواب أنه لا توجد سيولة في الدولة تسمح بدفع هذا المبلغ. ولعله بالرغم من جميع المآخذ والشكاوي علي الشركة الفرنسية إلا أنها بالتأكيد تحمل علي عاتقها عبئاً كبيراً خاصة إذا ما اتجهت المحافظة إلي جامعي القمامة واتحاد الزبالين وما يعتزمه محافظ الاسكندرية من إقامة دورة تدريبية لهم وخلافه فإن المعني الفعلي لهذه الأفعال ما هو إلا مزيد من القمامة في شوارع الاسكندرية.. ولأن "الفولي" لم يفكر أن يرجع إلي مشاريع من سبقه لمحاربة القمامة وباءت جميعها بالفشل فمن حقه أن يجرب في الشعب السكندري الذي سيتعرض لكوارث بيئية قادمة وعودة لزبال يطرق الأبواب غير معروف نيته أو ما سيقوم به لأنه قد لا يحمل إثبات شخصية أو حتي من أبناء المحافظة. ونعود للشركة الفرنسية وما اتفقت عليه مع محافظ الاسكندرية.. فالشركة من المفروض أن تحصل علي ما يقرب من 10 ملايين جنيه شهرياً من المحافظة نظير جمعها للقمامة والمخلفات الطبية وغيرها من شروط التعاقد بينما مرتباتها وتأمينات العمال تصل إلي 7 ملايين جنيه شهرياً إذا ما علمنا أنه يعمل بها 6 آلاف عامل وموظف ومهندس وبالطبع مع توقف المحافظة عن الدفع زاد العبء علي الشركة التي قالت "حقي برقبتي". وقد أبلغت الشركة الفرنسية المحافظة أنها ستقوم بتسليم أي شركة نظافة ستعمل معها "300 عربة قمامة" مختلفة الأحجام والمبني الخاص بالشركة ومدفنين للقمامة. بالإضافة إلي طقم العمالة بالكامل وأماكن جمع القمامة وصناديق القمامة الخاصة بها.. خاصة وأن هناك شركات مصرية قد تقدمت بالفعل للمحافظة لتتولي عملية جمع القمامة وتحل محل الشركة الفرنسية التي يبدو أنها الشركة الأجنبية الوحيدة التي بقيت تعمل حتي الآن علي مستوي المحافظات وسينتهي عصرها خلال أيام.. وبالطبع ستقوم "فيولا" ببيع سياراتها للشركة الجديدة الخاصة بغسل الشوارع بالمياه والصابون أو الأقلاب أو الجمع وغيرها من خلال اتفاقيات ستعرف في وقتها. ونعود للمحاولات التي قامت بها محافظة الاسكندرية من قبل لإيجاد حل لمشكلة القمامة.. فقد حاول اللواء عادل لبيب الالتقاء أكثر من مرة بجامعي القمامة ولهم رابطة ومجموعة خاصة بهم في اجتماعات مطولة باءت بالفشل.. فقام بتجربة نموذجية علي أحد الأحياء بالاستعانة بحملة المؤهلات المتوسطة لجمع القمامة وباء المشروع بالفشل للميزانية الضخمة الخاصة بالمرتبات وأيضاً قام بتجربة جمع القمامة عن طريق جامعي القمامة وفرزها وبيعها بواسطة المحافظة وهي تجربة باءت بالفشل أيضاً.. ثم قام "لبيب" بمحاولة توفير 120 موتوسيكل مزود بكاميرات تصوير لحماية سيارات نقل المخلفات الخطرة وحمايتها أثناء عملية الجمع والنقل وبالطبع لم تشهد هذه التجربة النور. كما قام أيضاً بتشكيل لجنة للتفتيش علي أعمال النظافة والشركة الفرنسية ونشبت بينه وبينهم خلافات عديدة كانت حديث الاسكندرية.. ولم تنجح الاسكندرية في إيجاد حل لمشكلة القمامة حتي مع المشاريع التي يعاد ذكرها الآن وهي إنتاج الطاقة الكهربائية من القمامة والاستعانة بالمصانع الكبري لاستغلال القمامة في صناعة السماد وغيرها. ونعود لنذكر حقائق تعاني منها الاسكندرية وهي أن الاسكندرية تنتج يومياً "10 آلاف طن قمامة" منها أكثر من مليون متر مكعب من مخلفات الصرف الصحي المختلطة بالمخلفات الصناعية ومخلفات المستشفيات. بالإضافة إلي "3 آلاف طن قمامة متنوعة" وأكثر من مليون متر مكعب بمخلفات سائلة محملة ب 260 طن من المواد الصلبة العالقة يومياً.. ولعل من المؤسف أن نذكر أيضاً أن الاسكندرية قد شهدت صراعاً بين متعهدي جمع القمامة والشركة الفرنسية وأصبح من المعتاد أن نجد جامعي القمامة يعبثون بصناديق القمامة لفرزها قبل مواعيد جمعها.. كما أيضاً عانت الشركة من سرقة صناديق القمامة البلاستيكية في المناطق الشعبية لتحويلها إلي ثلاجات للمياه الغازية أو صناعة المخلل أو كدولاب للملابس فبدأت الشركة بالاستعانة بصناديق من الصلب وربطها بجنزير بعامود النور حتي لا يتم سرقتها.. وبالطبع عانت الاسكندرية من عدم جمع القمامة بصورة منتظمة وإلقاءها خارج الصناديق ولم تفلح جميع الندوات للجمعيات الأهلية وأسلوب التوعية المستمر بمخاطر إلقاء القمامة في الشارع من وضع حد للصراع الدائر بين متعهدي القمامة والشركة الفرنسية وسرقة سيارات الشركة وصناديق القمامة بل وسرقة القمامة نفسها. ولعل من المهم أن نعلم الفائدة التي ستعود علي جامعي القمامة إذا ما ضربنا المثل بمخلفات المستشفيات علي سبيل المثال وليس الحصر.. فالحقن البلاستيك يتم شرائها كمستعملة من عمال المستشفيات بأسعار تتراوح ما بين 5 إلي عشرة جنيه ويتم تصنيعها من جديد بطرق متنوعة حيث يتم طحنها وتسييحها وإعادة صناعتها علي هيئة ملاعق وعلب بلاستيك تباع لمحال الأطعمة.. ومنها ما يتم غسلها وتباع بالصيدليات علي أنها جديدة. والحقن المستعملة يطلق عليها اسم "الزفرة" ويتم إعادة تصنيعها بمصانع شعبية منتشرة بغرب الاسكندرية ولها ماكينات مخصوصة لتكسيرها لقطع صغيرة ويمكن تصنيعها علي شكل علب زبادي وعلب كشري. هذا بالإضافة إلي جراكن الغسيل الكلوي وأكياس الدم الفارغة.. أما الكارثة فهي في زجاجات الأدوية المستوردة الفارغة وتباع وهي فارغة ب 200 جنيه ليعاد ملأها بأي دواء آخر علي أنه الأصلي ليعاد بيعها للمرضي مرة أخري وهذه مهنة لها متخصصين في هذا المجال. وأخيراً فإنه من الغريب حقاً أن محافظة الاسكندرية تقوم بتحصيل رسوم نظافة علي فاتورة الكهرباء لسداد متطلبات الشركة الفرنسية الشهرية وبالرغم من ذلك فإن المحافظة تقاعست عن السداد في الوقت الذي لا يتمكن فيه حتي محصلي الكهرباء من تحصيل الفواتير بعد أن أصبح الكثيرون يمتنعون عن السداد بعد الثورة والسؤال الذي يطرح ذاته: هل سيقوم المواطن السكندري بسداد رسوم للنظافة بعد رحيل الشركة الفرنسية ومن سيقوم بحل مشكلة القمامة التي أصبحت تغرق حرم قطار أبوقير من باكوس لغربال والشوارع الرئيسية ويقوم البعض بإحراقها بدعوي التخلص من القمامة مما يلوث البيئة.. ولعل المحزن والمبكي في آن واحد هم المستشارين الذين تستعين بهم المحافظة كمرتبات مستمرة حتي الآن والعمالة المؤقتة علي مشروع كاميرات تصوير الميادين المتوقفة وصناديق الشواطيء التي لا يعلم أحد أين ذهبت حتي مهرجان الاسكندرية السينمائي يحصل علي "200 ألف جنيه" دون أن يستفيد منه أحد.. الاسكندرية علي وشك كارثة حقيقية للشك في قدرات الشركات المصرية في حل المشكلة في الوقت الذي أصبح من المعتاد أن تشاهد عربات الكارو من جديد تسير بالقمامة في الشوارع الرئيسية بجوار التوك توك.. ولعل من المهم أن نذكر في نهاية سردنا لابعاد مشكلة القمامة ما بين ما تنتجه الاسكندرية من القمامة ومشكلة الشركة الفرنسية التي تعد آخر شركة أجنبية تغامر بالعمل بالاسكندرية.. ولا يوجد سوي عروض من شركات مصرية تنتظر الحسم من محافظ الاسكندرية في عروضها لتبدأ مرحلة المواجهة مع إهمال المواطن السكندري وتحدي جامعي القمامة.