شهد ملف تسوية مديونيات شركات قطاع الأعمال العام المستحقة للبنوك تطورات مهمة خلال الفترة الماضية حيث يجري حاليا وضع الصيغة النهائية لتسوية هذه المديونيات المتأخرة البالغة قيمتها 32 مليار جنيه من خلال اصدار سندات مدتها 10 سنوات وبسعر فائدة 10%. يأتي هذا التطور في الوقت الذي تواجه فيه شركة الحديد والصلب المصرية صاحب أكبر المديونيات المستحقة علي مستوي شركات قطاع الأعمال مشكلة في تسوية المديونيات المستحقة عليها والبالغة قيمتها نحو 5 مليارات جنيه منها نحو 3.2 مليار مستحقة لبنك الاسكندرية ومليار جنيه لبنك الاستثمار القومي وقرابة 900 مليون جنيه للبنك الأهلي اضافة إلي مديونيات أخري مستحقة للشركة القابضة وشركة فحم الكوك. ورغم الصعوبات التي تواجهها الشركة في التعامل مع هذا الملف المزمن إلا أن خطوات مهمة يجري اتخاذها حاليا بين الجهات المختصة لحل هذه المشكلة من أبرزها تشكيل لجنة من الخبراء لبحث هذه المسألة والتوصل إلي أفضل السبل لتحويل المسار المالي لشركة الحديد والصلب إحدي أكبر شركات إنتاج الصلب علي المستوي المحلي والاقليمي. وقد بدأت اللجنة بالفعل نشاطها حيث أكدت علي الحاجة الملحة في الوقت الحالي لإصلاح شركة الحديد والصلب سواء من خلال إعادة الهيكلة الفنية أو المالية مؤكدة علي أن كلا الأمرين مرتبط بالآخر بحيث لا يؤتي احدهما ثماره المرجوة دون تحقق الشق الآخر كما قدم أعضاء اللجنة عدة مقترحات لحل مشكلة مديونية الشركة المستحقة للبنوك منها دخول البنوك الدائنة كمساهم في رأس المال بنسبة 25% أو 35% أو 50% من المديونية مع جدولة باقي المديونية علي فترات مناسبة مع خفض سعر الفائدة الذي تجاوز 14% كما شملت المقترحات أيضا اصدار سندات لآجال طويلة يمكن من خلال حصيلتها سداد المديونيات، خاصة إذا تم التوصل إلي صيغة مناسبة مع البنوك في هذا الشأن ويأتي الاهتمام بمسألة الهيكلة المالية في ظل الاعباء التمويلية الضخمة والمتزايدة والتي تتحملها الشركة بعد أن تجاوزت هذه الاعباء 450 مليون جنيه سنويا وبلغ متوسط نصيب الطن من الانتاج من الاعباء التمويلية ما يقرب من 500 جنيه. وكانت الأيام الماضية قد شهدت انعقاد جلسة لمناقشة اعادة الهيكلة المالية ضمت خبراء اقتصاديين وعدداً من الاكاديميين والمصرفيين وكبار الموظفين الماليين بالشركة القابضة وشركة الحديد والصلب وبعض الشركات الأخري العاملة في نفس المجال. وأرجع الخبراء المشاركون في الجلسة أهم أسباب تعثر الشركة إلي تراكم الديون وعبء خدمتها ووجود تضخم في رصيد العملات وعلي رأسهم مديونية القطاع العام الذي يستحوذ بمفرده علي أكثر من 540 مليون جنيه من إجمالي الأرصدة المدينة والبالغة نحو 730 مليون جنيه اضافة إلي تضخم أرصدة مخزون الآلات والمعدات. وأشاروا إلي أن التغير السعري الكبير في أسعار الخامات مثل فحم الكوك الذي ارتفع من 400 جنيه للطن إلي حوالي 910 جنيهات أثر علي أداء الشركة، إلي جانب الأعباء التمويلية الكبيرة وتحميل الطن لما يقرب من 500 جنيه لخدمة هذه الأعباء وهو ما أدي إلي بيع الطن في بعض الفترات بأقل من تكلفته الحقيقية. وحذرت لجنة خبراء إعادة الهيكلة المالية من أن تتم الهيكلة باللجوء للمشكلات الحالية. وطالب المشاركون الشركة بضرورة العمل علي بحث زيادة رأس مالها ليصل إلي حوالي 3 مليارات جنيه لتحقيق التوازن المطلوب بين حجم المديونية وحقوق المساهمين وأن يصبح الهيكل التمويلي للشركة قادرا علي سداد وخدمة الديون المستحقة. وأوصت اللجنة أن تكون خطة إعادة الهيكلة لامالية للشركة لمدة زمنية تتراوح ما بين 5 - 7 سنوات وهي عمر الدورة السعرية أو الاقتصادية في صناعة الصلب علي أن تكون البداية هي العمل علي زيادة الطاقة الانتاجية الحالية والوصول إلي الطاقة التصميمة للأفران البالغة ما يقرب من 1.1 مليون طن سنويا (الطاقة التشغيلية الحالية 864 مليون طن). وناقشت اللجنة عائدات الشركة المتوقعة خلال الفترة القادمة لوضع تصور مبدئي لكيفية التعامل مع القروض والديون المستحقة علي الشركة حيث تم تحديد سعر تقديري للبيع بالنسبة للطن اعتماداً علي أسعار يناير 2005 مع اضافة 2% سنويا لمدة 3 سنوات في الوقت الذي ارتفعت أسعار بيع الطن من خلال شهر فبراير فقط بحوالي 4%. كما توقعت اللجنة بناء علي أرقام العام المالي الماضي والنصف الأول من العام الحالي أن تحقق الشركة ايرادات من المنتجات الثانوية تقترب من 120 مليون جنيه سنويا مقابل ايرادات تقدر بحوالي 107 ملايين جنيه خلال العام الماضي. وأوصي الخبراء علي ضرورة العمل علي تنشيط التسويق محليا وخارجيا لمنتجات الشركة المختلفة مع السعي بجدية في عملية تحصيل المديونيات الخارجية.