القلب يعتصر حزناً وألماً علي تجاهل ذكري ميلاد كبار علماء الدين والدعوة.. يوم السبت الماضي الموافق 15 أبريل حلت ذكري ميلاد عالم جليل من أنجب علماء مصر والعالم العربي والإسلامي فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي.. وما أحوجنا في هذه الأيام التي يعبث فيها المتشددون والإرهابيون والتكفيريون وتجار الدين إلي فكر إمام الدعاة والعالم المجدد الشيخ الشعراوي الذي كان مثالاً يحتذي لفكر الإسلام الوسطي الصحيح بعيداً عن التشدد والتطرف وإدخال الأمة في متاهات الخلافات والأفكار الظلامية التي هدمت بنيان المجتمع بل والأمة الإسلامية والعربية بأسرها. يظل إمام الدعاة نبراساً مضيئاً بعلمه وحكمته وفصاحة لسانه وخواطره الإيمانية وأسلوبه البسيط في توضيح معاني القرآن الكريم وشرحه للأحكام بما يراعي فقه الواقع دون تفريط أو إفراط.. ورغم رحيله عنا منذ سنوات فإن كلماته مازالت تعيش في وجداننا وتعكس حقيقة الإسلام بمنهجه الوسطي وتعاليمه السمحة. انظروا لكلمات إمام الدعاة عن مصر التي كشفت عنها القنوات الفضائية بعد ثورة 25 يناير والتي تكشف عن زيف الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تنطلق من تكفير المجتمع.. حيث قال الشعراوي: "من يقول عن مصر إنها أمة كافرة.. مصر التي صدرت علوم الإسلام إلي الدنيا كلها.. حتي للبلد الذي نزل فيه الإسلام". إننا حينما نسترجع أقوال وخواطر الشعراوي ندرك كأنه مازال يعيش بيننا.. يشعر بما نعانيه ونكابده من ويلات فتنة التكفير والفكر الضال والمنحرف لأدعياء وتجار الدين.. ومن منا لا يتذكر قولته الشهيرة بعد الثورة "الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد". ما أحوجنا اليوم إلي منهج الأزهر الوسطي الذي نهل منه الشيخ الشعراوي وغيره من علماء الأمة علي مدار التاريخ.. لقد رفض إمام الدعاة مجرد الانضمام إلي حزب سياسي أو ديني وسرعان ما كشف عن زيف جماعة الإخوان الإرهابية بعد خلطها الدين بالسياسة واستخدامها الدين للقفز علي السلطة. وفي الوقت الذي خرج علينا أحد شيوخ السلفية بتحميل الفتيات والسيدات مسئولية انتشار التحرش كان للشيخ الشعراوي رأي آخر بأن علي الرجل غض بصره وإغماض عينيه عن النظر للفتاة حتي لو كانت ترتدي ملابس مثيرة.. لم يبرر الشيخ مطلقاً نظر الرجل إلي المرأة ونصح الرجال بالامتثال للأمر الإلهي بغض أبصارهم امتثالاً لقوله تعالي: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم". لقد عاث أصحاب الفكر المتطرف فساداً وإفساداً في الأرض وقتلوا الأبرياء في ظل خطاب إعلامي يهاجم الأزهر ومنهجه ويعتبره شريكاً في نمو التطرف والإرهاب.. بينما هو في الحقيقة طوق النجاة من ويلات التطرف والتكفير والإرهاب. والأجدي بالفضائيات بدلاً من الهجوم علي الأزهر والنيل من مكانته وتاريخه تسليط الضوء علي مبادرات الأزهر في مكافحة التطرف.. بالإضافة إلي تسليط الضوء علي نهج إمام الدعاة الشيخ الشعراوي في الدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. بدلاً من البرامج التافهة التي صرفت الشباب والفتيات بل والمجتمع بأسره عن جادة الأمور وجهود القيادة في النهوض بمصرنا الغالية.