من الأمور التي يقع فيها كثير من الناس وهي كثرة الحلف بالله أو بالطلاق علي عدم فعل اي شيء دون اكتراث لما يترتب علي ذلك من اضرار وقد تلحق بالحالف الاثم وتوقعه في الخطأ. وكل ذلك من العادات السيئة التي يجب ان يقلع عنها كل من يؤمن بالله واليوم الآخر. وان يتحري وان يدقق قبل ان ينطق بهذه الايمان. وان يبتعد عن الانفعال قدر الاستطاعة لأنها التي تقود الانسان للحلف. وقد نبه الحق تبارك وتعالي في آيات القرآن الكريم الي ذلك في قوله: "ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم. لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم" 224.225 البقرة. اي لا تجعلوا ايمانكم بالله تعالي مانعة لكم من فعل الخيرات كالبر بالناس وصلة الارحام اذا حلفتم علي تركها. وقد نبه الرسول صلي الله عليه وسلم لهذه الحقيقة "والله لأن يلج بتشديد الجيم أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من ان يعطي كفارته التي افترضها الله عليه" وقال ابن عباس: "لا تجعلن عرضة ليمينك الا تصنع الخير. ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير". كما ان الرسول حذر من الحلف فقال: "اني والله ان شاء الله لا أحلف علي يمين فأري غيرها خيراً إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها" كما انه أوصي عبدالرحمن بن سمرة: ياعبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة فإنك إن اعطيتها من غير مسألة اعنت عليها. وان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها" بكسر الكاف. واذا حلفت علي يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير منها وكفر عن يمينك". من أجل ذلك يجب علي المسلم الحد من كثرة الحلف بالله لأن ربنا حذر من تلك العادة الذميمة. "ولا تطع كل حلاف مهين" كما ان العلماء ضجوا بالشكوي من أولئك الذين يككثرون الحلف بالله وتخطوه للحلف بالطلاق ثم بعد ذلك يندمون. والاجدر ان يتريث كل مسلم يريد الحلف بالله أو الطلاق حرصاً علي عدم الوقوع في الاثم أو هدم اسرته. وقد يتهور البعض فيتناول المصحف ويقسم عليه. لكن كل ذلك من نوازع الغضب واعمال الشيطان نسأل الله ان يحمي المسلمين من شرور ذلك. ثم ان رب العالمين قال: "لا يؤاخذكم اي لا يعاقبكم ولا يلزم احداً منكم بما صدر منه من الأيمان اللاغية وهي التي لا يقصدها الحالف بل تجري علي لسانه عادة من غير تعقيد أو تأكيد بمعني ان اليمين لا تنعقد إلا ما قصد الحالف ان يفعله ثم لا يفعله. أما ما جري علي لسان الحالف من قوله في المزاح أو الهزل مثل لا والله. وبلي والله فذلك كله من اللغو ولا كفارة فيه. وقال ابن عباس رضي الله عنه: "لغو اليمين ان تحرم ما أحل الله لك فذلك ما ليس عليك فيه كفارة". ومما تجدر الاشارة اليه في هذا المقام انه لا ايمان في غضب شديد يخرج الانسان عن حالته الطبيعية. ويجب ان يدرك المرء ان الاكثار من التعلل بالغضب لا محل له وليكف هؤلاء عن تلك العادة ثم ان هذا الاسلوب لا يعفيه من الكفارة عن سعيد بن المسيب ان أخوين من الانصار كان بينهما ميرات فسأل أحدهما صاحبه القسم فقال: إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة. فقال له عمر: ان الكعبة غنية عن مالك. كفر عن يمينك وكلم أخاك. ثم قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يمن عليك ولا نذر في معصية الرب عز وجل ولا في قطيعة رحم ولا فيما لا تملك. كما انه يجب ان يبتعد المسلم عن اليمين الكاذب لأن ذلك يتنافي مع قيم الاسلام والمنهج الذي تركه رسول الله صلي الله عليه وسلم للأمة.. جعلنا الله من الذين يتحرون الصدق في اقوالهم ووقانا اليمين الغموس.