اشتعل الخلاف بين وزارة البيئة من جهة والفحامين من جهة أخري وعادت أزمة المكامير للمربع "صفر" من جديد كما كانت عليه من قبل منذ سنوات بعد أن اختلفت رؤي كلا الطرفين نحو التطوير. البيئة مازالت تصر علي أن التطوير يجب أن يتم باستخدام الأفران المطورة في الوقت الذي يتمسك فيه أصحابها بنموذج الصوب الزراعية الذي يحافظ علي سلامة البيئة مع انتاج فحم مطابقا للمواصفات التصديرية العالمية. بين هذا وذاك توقفت عملية تطوير المكامير التي بدأها أصحابها علي نفقتهم الخاصة بنظام الصوب الزراعية الذي يعد أول نموذج تطرحه المراكز البحثية الرسمية لتطوير المكامير بالصوبة ينتج الفحم ويحافظ علي البيئة ويحول المخلفات الزراعية الضارة إلي مواد مفيدة كالسماد العضوي ووقود الايثانول الحيوي وبدأ كل طرف يتمسك بوجهة نظره حول كيفية أعمال التطوير مما أصاب الفحامين بالإحباط وخيبة أمل نتيجة عدم مساعدة المسئولين والأخذ بأيديهم نحو التطوير. "المساء" رصدت المشكلة والتقت أصحاب المكامير والأهالي وبعض المتخصصين للتعرف عليها ورؤيتهم نحو الحل. قال الفحامون ل"المساء" مشكلة صناعة الفحم تزداد تعقيدا كل يوم خاصة مع إصرار جهاز شئون البيئة علي فرض العمل بنظام الأفران التي لا تتناسب مع طبيعة المكان بالأرض الزراعية والمستوي المادي لاصحاب المكامير.. فبدلا من المساهمة في حل المشكلة وطرح أكثر من نموذج لتوفيق الأوضاع لاختيار أيسرها هددتنا بخطابها الوارد لجمعية رعاية عمال ومتداولي الفحم في 18 مايو بإزالة المكامير الحالية إذا لم يتم توفيق أوضاعها خلال عام مع السماح فقط للمنشآت المتوافقة بيئيا بالتصدير وكأنها غير معنية بحل المشكلة أو طرح البدائل المناسبة لها لوقف نزيف الازالات التي تتعرض له يوميا. أضاف قاسم الزهيري رئيس جمعية رعاية عمال ومتداولي الفحم النباتي بالقليوبية: نعيش في دوامة أرهقتنا ماديا ومعنويا في وقت لم تقدم فيه البيئة وهي الجهة المعنية بتقديم حلول بديلة ومتعددة لمشكلة توفيق أوضاع المكامير اللهم سوي تقديمها لنموذج واحد "الأوكراني" للأفران المطورة الذي يكلف الفحام 3/4 مليون جنيه وهو مبلغ كبير ليس في مقدور أحد. أشار ومع ذلك بدأت بنفسي وعلي مسئوليتي في تنفيذ نموذج تطوير المكمورة بالصوبة الزراعية المعدلة الذي طرحته أكاديمية البحث العلمي ومركز البحوث الزراعية لمعالجة الانبعاثات الضارة الناتجة عن احتراق الأخشاب كي نظهر حسن النية نحو التطوير لكن هذا لم يشفع لنا عند المسئولين وظهرنا علي اننا متمردون علي عملية التطوير لأهم صناعة وطنية في مصر تدر عملة صعبة للدولة تقدر ب 3 مليارات جنيه في السنة عوائد تصدير. أوضح الزهيري أن نموذج التطوير بالصوبة هو عبارة عن 2 صوبة بوحدة معالجة مشتركة تنفذه احدي الشركات بقرية أجهور بتكلفة 180 ألف جنيه وهو علي وشك الانتهاء رغم كافة المعوقات التي تواجهنا ومتوقف الآن علي تركيب عداد الكهرباء 3 فاس بعدها ننتظر قياسات البيئة للانبعاثات الضارة لمنحه شهادة الحياة وإن كنا نتوقع أن هذا النموذج سوف يلحق بنموذج رشيد بالبحيرة الذي مازالت قياساته الرسمية حبيسة الأدراج حتي الآن. قال عمرو غيث وعادل حلاوة وعبد المرضي شريف مصدرين فحم إن البيئة سبق وإن عرضت علينا عام 1996 الأفران مجانا لتطوير المكامير لكننا رفضناها لأن فحمها لا يصدر وغير مطابق للمواصفات والآن يعرض علينا بتكلفة 750 ألف جنيه للفرن الواحد مؤكدين أن الدول التي تأخذ بنظام الأفران لا تصدر الفحم بل تستخدمه محليا لعدم جودته. أما شاكر جاد الحق ومحمد عبدالعاطي عضوا جمعية رعاية عمال ومتداولي الفحم فيؤكدان أن البيئة تضع نفسها خصما وحكما في مشكلة المكامير فهي تحافظ علي سلامة البيئة وفي نفس الوقت تفرض نموذج الأفران المطورة ولا ترضي بغيره بديلا بل تجعله شرط أساسي في توفيق أوضاع المكامير. ناشد علي متولي وحسن أبو رجب المسئولين بعدم استخدام سلاح تصدير الفحم في وجه أصحاب المكامير أو التلاعب بأعصابهم خاصة بعد أن سمحت البيئة بتصديره لمدة محددة 3 شهور بدأت في 19 ابريل الماضي وانتهت أمس وذلك حفاظا علي الصناعة الوطنية التي تدر عملة صعبة للدولة. قال حمدي عويس ومحمد عبد المعبود وشاكر دريهم من الأهالي كل ما يهمنا أن يكون نموذج التطوير متوافق مع البيئة مشيرين الي انه لا دخل لهم بنوعيته سواء كان صوبة أو أفران أو غيرها المهم أن يمنع التلوث الناتج عن الأدخنة المتصاعدة من حرق الأخشاب مؤكدين أن اختلاف البيئة والفحامين شكلي وليس وقته الآن والمطلوب سرعة التطوير حماية للمواطنين. أحمد عبد القادر "عامل" غلق المكامير بقطع أرزاقنا ويشرد آلاف العاملين بها خاصة بعد أن اصبحت المهنة الوحيدة التي تفتح بيوت الشباب والسيدات وعواجيز المهنة فهي توفر فرص عمل مقابل 75 جنيها يوميا من 8 صباحا وحتي الرابعة عصرا. قال الدكتور هيثم شرقاوي بمركز البحوث الزراعية وأحد المبتكرين لفكرة مشروع الصوبة الزراعية بالاشتراك مع أكاديمية البحث العلمي إن النموذج الجديد ناجح ويواجه تحديا كبيرا لإجهاضه وعدم خروجه للنور لا سيما وأنه الأرخص سعرا والأوفر اقتصاديا لزيادة سعته من الأخشاب بنسبة تتراوح من 25 : 40 طنا في المرة الواحدة كل 25 يوما بخلاف الفرن الصاج المكلف والذي لا يسع سوي واحد طن أخشاب كل 48 ساعة إلي جانب الفرق في جودة المنتج في النموذجين. أوضح شرقاوي أن فكرة النموذج بسيطة جدا وهو مكون من صوبة زراعية معدلة وجهاز سحب للأدخنة ووحدة معالجة فضلا عن كونه غير مكلف للفحامين ويتناسب مع تطوير المكمورة علي وضعها وفي مكانها بخلاف المكمورة الخرسانية التي تمثل تعديا علي الأرض الزراعية وتبويرها.