منذ سنوات ونحن نكتب عن جوائز الدولة التي أنهكتها المجاملات حتي أصبحت سبة لمن يحصل عليها وربما إهانة للبعض منهم ممن نعرف قدرهم وقيمتهم ونعرف أيضا انهم بلا شلة أو محسوبية أو ممن يدفعون كرامتهم لنيل جائزة بالتهديد بالانتحار أو بأن ظروفهم الصحية والاجتماعية سيئة وبأنهم بحاجة لقيمة الجائزة.. فكانت الجائزة تضع المبدع الحقيقي تحت مجهر الفحص وكيفية مروره من تلك الحسبة الأكيدة لمن ينالون تلك الجوائز. ومنذ فترة كان ينفلت بين الحين والآخر اسم له قيمته يستحقها بالفعل وخاصة في الجوائز التشجيعية.. فكنا نقول انها الصدفة وربما ذراً للملح في العيون.. وهذا العام ورغم انها أغفلت أسماء كبيرة كانت تستحق النيل أو التقديرية ومنهم د. حسن فتح الباب ذلك الرائد المبدع والفارس الذي وهب عمره للإبداع وقضاياه.. إلا انها أسفرت عن عديد الأسماء التي نحترمها وحتي لا ننسي اسما منهم وحتي لا يقال اننا ننحاز لاسم.. دعوني أنحاز لفكرة.. تل الفكرة هي جدارة المبدع وعودة حق المبدعات للمبدعات حقاً وليس المتسلقات علي أكتاف الغير وهن للأسف أصبحن كثراً!! إن حصول الكاتبة المبدعة انتصار عبدالمنعم علي جائزة الدولة التشجيعية في السير والتراجم عن كتابها "حكايتي مع الإخوان" لهو نصر للإبداع والمبدعة التي تجلس في مدينتها غير متصلة بمن يملكون قرار المنح والمنع.. هي ترسل الإبداع لفضائه ولا تنتظر.. وقد كتبت في هذا المكان منذ أكثر من عام عن هذا الكتاب وقلت أين هذا من الاحتفاء به بما يليق بمن كتبته؟ وكان عنوان المقال "حكايتي مع الإخوان" وسعدت جداً بهذا الجهد الإبداعي في هذا الكتاب والذي يؤكد إبداع صاحبته التي لم تصرخ ذات يوم بأنها مهمشة منفية في الإسكندرية وأنها.. وأنها.. بل عبرت كتاباتها الحدود وترجمت روايتها "لم تذكرها نشرة الأخبار" للأسبانية وها هي ذي تحصل علي الجائزة دون واسطة غير رونق حرفها.. لذا نقول للقائمين علي الجائزة شكراً لكم انكم بدأتم في مسح عدسات ضمائركم لتبدأوا الرؤية بجلاء ووضوح. المبادرة الثانية هو حصول المبدعة الكبيرة والعظيمة فوزية مهران.. سيدة الماء التي تعشق البحر وتلونه بنقاء إبداعاتها.. السيدة التي أعطت ولم تنتظر ثم جلست في هدوء تبدع وفقط.. لا تنافس ولا تزاحم بل ولا تشكو أيضا.. فتذهب إليها التقديرية بسعادة من يهرول لأنه تأخر كثيراً.. ويكون تعليقها عندما زفت الخبر إليها الأديبة والصحفية نفيسة عبدالفتاح ابنتها الروحية قائلة لفوزية مهران: مبروك يا ماما وإن كانت متأخرة.. ردت الفائزة العظيمة قائلة: بل هي في موعدها تماماً.. انها سماحة المبدع الذي ينتظر جائزته من الله ثم من محبة القارئ.. ولهذا نشكر اللجنة أيضا لمنحها الجائزة لتلك القيمة الجميلة التي لم تتسول الجائزة ولم تتصيد من خلال معارفها فرصة لتعبر لما لا تستحقه.. لذا نقول: وأخيراً بدأ الوعي يدب في المجلس الأعلي للثقافة وبدأت الحقوق تعود لأصحابها ومن يستحقون من الفائزين هذا العام الكثيرين.. مبروك لكم الجائزة وشرف للجائزة أسماؤكم.. تهنئة ليست متأخرة ولكنها بعد هدوء العاصفة.