هي صدفة بالتأكيد لم يرتب لها.. جاءتنا الكوارث متلاحقة.. لا نكاد نفيق من واحدة. حتي تفاجئنا الثانية.. إلي أن اجتمعت لدينا 6 كوارث في أسبوع واحد: غرق صندل الفوسفات في النيل بحمولة 500 طن.. وفاة مواطن وإصابة المئات في تسمم جماعي بالمياه الملوثة في الشرقية.. تلوث شبكة مياه الشرب بالإسكندرية.. انهيار جزء من كوبري بالدقهلية.. خروج مترو العباسية عن مساره واصطدامه بجدار النفق.. حريق في عربة قطار. هي صدفة بالتأكيد. وغير مقصودة.. لكنها مؤشر علي أن هناك "حاجة غلط" يجب تصحيحها.. وهذه "الحاجة" ليست في شبكات المياه. وليست في المترو والصندل والفوسفات والكوبري.. وإنما فينا نحن.. في الهيكل والنظام الذي يدير هذه الأجزاء بالبركة والفهلوة. وعدم الاكتراث.. بالشعارات والهتافات. والطبل والزمر حتي رأينا بأعيننا كيف تسقط الأجزاء وتنهار واحداً تلو الآخر. ونحن غير قادرين حتي علي تحديد المسئوليات ومعاقبة المخطئ. مضي أسبوع الكوارث الست. ومازالت التحقيقات مستمرة.. ومازالت التصريحات والمعلومات متضاربة ومتناقضة.. البعض يقول إن محطات المياه هي سبب التسمم الجماعي بالشرقية.. ومسئولو المحطات يؤكدون أنها سليمة. وأن التسمم ناتج عن فلاتر أهلية. وجراكن يستخدمها المواطنون.. والبعض قال إن التسمم حدث بالإيحاء.. أما المحافظ فقد أكد أن الإخوان هم السبب. وفي كارثة المترو أيضاً تضاربت البيانات والمعلومات.. فمن قائل إن السبب هو تجاوز السائق للسرعة.. ومن قائل إنه خطأ مراقب الحركة.. وفي قول ثالث إن هناك عيباً في خط السير وفرامل القطار لم تكن تعمل رغم أنه خارج للتو من الورشة. وقد طمأن وزير النقل السائق المصاب بأن التحقيقات سوف تأخذ مجراها.. ولن يكون أي السائق كبش الفداء في الكارثة. أما في واقعة الكوبري. فقد ورد بالصحف أن تحقيقات النيابة الأولية دلت علي أن الكوبري الذي انتهي العمل به منذ سنوات لم يتم تسلمه من المقاول بشكل رسمي حتي الآن بسبب عيوب فنية.. أي أن الأجهزة المعنية تعرف أن به عيوباً. ومع ذلك سمحت باستخدامه. ليس فقط لسيارات الركوب. وإنما للشاحنات وعربات النقل الثقيل.. وكأن أرواح الناس لا تعني السادة القائمين علي هذه الأجهزة. وفي واقعة تلوث المياه بالإسكندرية قيل إن السبب هو استخدام الأهالي لمياه غير خاضعة للرقابة.. بينما يقول الأهالي إن الشوارع غارقة في الصرف الصحي.. وهذا هو مصدر التلوث. والغريب أن أسبوع الكوارث مر دون أن نسمع أحداً من المسئولين يعلن تحمله المسئولية الأدبية والسياسية علي الأقل.. أو يعتذر للشعب.. والخوف أن تنتهي الضجة التي أثيرت هنا وهناك. إلي تحديد شخص بعينه يحمل وزر كل واحدة من هذه الكوارث.. ويصبح هو "كبش الفداء" الذي تنتهي المشكلة بوقوعه في يد العدالة.. وينقضي الأمر. ونعود لانتظار الكارثة القادمة. وكبش الفداء الذي يأتي دوره. المشكلة التي يجب علينا أن نواجهها بشجاعة هي أن الهيكل العام في مصر ترهل. وصار علي وشك الانهيار.. ويحتاج إلي إعادة انضباط لتحديد المسئوليات.. ومن ناحية أخري فإن البنية التحتية للخدمات العامة في أشد الحاجة إلي عملية شاملة للتجديد والتحديث.. إلي الدرجة التي تجعلنا نطالب بأن تكون عملية التجديد هذه هي مشروعنا القومي رقم واحد.