أن يرفع العلم الإيراني علي جبل في صنعاء. فقد كان ذلك مؤشراً بالغ الدلالة علي مدي التدخل الإيراني في الجزيرة العربية. سبقه تصريح لمسئول إيراني يعبر فيه عن اعتزاز حكومته بالسيطرة علي ثلاثة أقطار في الوطن العربي. وفي أواخر عهد الشاه الراحل احتلت القوات الإيرانية ثلاث جزر تابعة لدولة الإمارات. ورفضت التخلي عنها - حتي بعد أن تبدلت هوية الحكم - بدعوي التخوف من وقوعها في قبضة الولاياتالمتحدة. منطق البلطجي الذي يفرض احتلاله علي بيتي بزعم حمايتي من بلطجي آخر. ولما طالبت دولة الإمارات - فيما بعد - بعودة الجزر إلي الوطن الأم. أعلنت إيران أن الجزر تابعة لها. ثم رفضت العرض الإماراتي أن تحتكم الدولتان إلي محكمة العدالة الدولية! لعلي كنت واحداً من الذين أرجعوا لمؤامرات الصهيونية وقوي الاستعمار الغربي. ما أقدمت عليه إيران من تدخلات ضد استقرار الوطن العربي. وضد طموحات أبنائه. وأنها قد لا تشكل عقبات حقيقية نحو التقارب العربي الإيراني. والذي تجلي في أجمل صورة حين تزوج رضا بهلوي شاه إيران السابق الأميرة المصرية فوزية. وكان ذلك - فيما أذكر - هو الموقف نفسه لعدد من المثقفين العرب الذين تمنوا موقفاً واحداً في التصدي للعدو الصهيوني داخل الأرض العربية. والأعداء خارج المنطقة. التدخلات السافرة والمستترة لإيران توالت في الشئون الداخلية لأقطار الوطن العربي. مثل المناداة بزعامة المرشد الإيراني أثناء أداء المسلمين فريضة الحج. ومساندة بعض الفصائل المسلحة في الأقطار العربية ضد حكوماتها. وإحداث القلاقل لمجرد أن تسود الفوضي. ذلك كله. وغيره. يدفعنا إلي ضرورة إعادة النظر في المنطق الإيراني. وهو منطق يذكرنا - للأسف - بقصيدة مهيار الديلمي الشهيرة التي تحدث فيها عن سؤدد الفرس ودين العرب! لا شأن للدين في الصراع الذي تريد أن تفرضه إيران علي المنطقة. لم يكن اختلاف السنة والشيعة في بعض المسائل الفقهية حائلاً دون العيش في حياة مشتركة. قوامها - دينياً - فقه الإسلام. وفرائضه. ولعلنا نذكر فرحة المصريين بوقفة حزب الله اللبناني دفاعاً عن لبنان ضد محاولة الغزو الإسرائيلي. كان الانتماء إلي العروبة. وإلي القضايا المشتركة هو الدافع لتلك الفرحة الشعبية التي بلغت حد نشر صورة الزعيم الشيعي حسن نصر الله في صفحات كاملة بالصحف. وعلي وسائل المواصلات. كما وشت تطورات الأحداث - في الفترة الأخيرة بخاصة - فقد كان المنطق الفارسي هو الذي تصدر عنه الحكومة الإيرانية. إنه هو المنطق نفسه الذي يصر علي احتلال الجزر العربية. وعلي زرع الفتن الطائفية والمذهبية. واختلاق قوي مناوئة تفرض الفوضي والدمار ضد شعوبها. وتهب الكيان الصهيوني والاستعمار الغربي إمكانية الضعف العربي. واستلاب قدراته. بواسطة دولة غاب عن رؤاها أن الخطر لن يحل بالاختيار. ولعلها ستكون أول المتضررين من النتائج السلبية لما يجري في اليمن!