كل الشعارات والتصرفات تضع إيران في موقف العداء لممارسات الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. ولدور القيادة الأمريكية التي جعلت للمخططات الصهيونية أولوية تفوق. والأمثلة بلا حصر.. مصالح الولاياتالمتحدة نفسها! سياسة إيران المعلنة تضعها في الخندق نفسه مع كل الدول التي ترفض الاحتلال الصهيوني. ومحاولات الهيمنة الأمريكية. وتحويل مجلس الأمن إلي أداة لفرض العقوبات التي تبلغ حد التدخل العسكري. وحتي لا يتوه بنا الاستطراد. فإني أجد في التقارب لا أقول التلاحم العربي من ناحية. والإيراني من ناحية ثانية. ضرورة تكتيكية واستراتيجية لتقويض المخططات الصهيونية. مرحلة أولي. يتبعها بالطبع مراحل تالية. وبعيداً عن الاتهامات التي يضعها البيت الأبيض في أفواه بعض المتصدين للعمل السياسي العربي. أو إيثار السلامة من البعض الآخر. فإني أجد في إعادة إيران للجزر العربية الثلاث: أبوموسي. طنب الكبري. طنب الصغري. خطوة أولي. مهمة. لتأكيد حرص إيران علي إقامة صحيحة وحقيقية. بينها وبين أقطار الوطن العربي. لقد احتلت إيران في الثلاثين من نوفمبر 1971 جزر طنب الكبري. وطنب الصغري. عسكرياً. وأقدمت القوات الإيرانية علي تهجير سكان الجزيرتين بالقوة. وفي أغسطس 1992 احتلت القوات البحرية الإيرانية جزيرة أبوموسي. وطردت سكانها العرب منها. وأهملت مذكرة التفاهم بينها وبين دولة الإمارات حول حقوق الإمارات في الجزيرة. من غير المتصور أن أتوقع حسن الجوار والصداقة. وربما تلاحم الأهداف. بين قطر عربي. تناصره بالضرورة بقية الأقطار. وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية. من غير المتصور أن أتوقع ذلك. في ظل الإصرار الإيراني علي إبقاء احتلال طهران للجزر العربية الثلاث. أذكر حواراً جري بين أبوالحسن بني صدر. أول رئيس جمهورية لإيران بعد قيام الجمهورية الإسلامية. وبين الصحفي الراحل جلال كشك. سأل كشك عن موقف الحكم الإيراني الجديد آنذاك من قضية الجزر العربية. وهل ستظل في حوزة الدولة الإيرانية. أم تعيدها لدولة الإمارات؟ لم يتحدث الرئيس الإيراني عن ملكية بلاده للجزر الثلاث. أو العكس. لكن إجابته حملت المعني في قوله إنه يريد من محدثه. جلال كشك. أن يتصور حال الجزر الثلاث. إن أعادتها إيران إلي دول الخليج الرجعية التي تدين بالولاء للإمبريالية الغربية. أضاف أن احتفاظ إيران بالجزر يعني عدم وقوعها في إطار السيطرة الغربية! المنطق. كما تري. لا يقل سخفاً عن منطق الولاياتالمتحدة في محاولات الهيمنة. إنه يفرض استيلاء الأقوي علي ما يجد أن الأضعف قد لا يحسن التصرف فيه. ويفرض من ناحية ثانية وصاية لا تقل خطورة عن الوصاية التي تحاول الولاياتالمتحدة. ودول الغرب بعامة. فرضها علي المنطقة العربية. المنطق الإيراني يبين عن تهافته وسخفه وجنوحه إلي السيطرة والإملاء. في تعدد القمم الخليجية التي وضعت انسحاب إيران من الجزر الثلاث شرطاً لتماسك العلاقات الخليجية الإيرانية. فضلاً عن طرد المخاوف مما تعده إيران للمنطقة. وفي مقدمتها السعي لتخصيب اليورانيوم. وهو ما وجدت فيه بعض حكومات الخليج خطراً متوقعاً. يماثل الخطر النووي الإسرائيلي علي المنطقة العربية. لكن طهران دأبت في أعقاب صدور توصيات القمم الخليجية علي التحذير من أن الإشارة إلي الجزر الثلاث يسيء إلي العلاقات الإيرانية العربية. متناسية أن السكوت عن الحق المغتصب إساءة يعمقها الإصرار علي احتلال الأرض.