حين سألت مني الشاذلي وزير الخارجية نبيل العربي عن العلاقات الحالية بين مصر وإيران. اجاب بأن إيران دولة في المنطقة. وطبيعي ان تكون العلاقات بين البلدين طيبة. وهذا كلام لم نكن نسمعه من مسئولين مصريين في فترة ما قبل الثورة طرحت تبريرات كثيرة. لكنها ظلت غير مقنعة. التقارب أو التلاحم العربي من ناحية. والإيراني من ناحية ثانية. ضرورة تكتيكية واستراتيجية لتقويض المخططات التي تستهدف المنطقة. وبعيداً عن الاتهامات التي تتشدق بها أفواه بعض المتصدين للعمل السياسي العربي. أو إيثار السلامة من البعض الآخر. فإني أجد في إعادة إيران للجزر العربية الثلاث. خطوة أولي. مهمة. لتأكيد حرص إيران علي إقامة صحيحة وحقيقية. بينها وبين أقطار الوطن العربي. لقد احتلت إيران في الثلاثين من نوفمبر 1971 جزر طنب الكبري. وطنب الصغري. عسكرياً. وأقدمت القوات الإيرانية علي تهجير سكان الجزيرتين بالقوة. وفي اغسطس 1992 احتلت القوات البحرية الإيرانية جزيرة أبو موسي. وطردت سكانها العرب منها. وأهملت مذكرة التفاهم بينها وبين دولة الامارات حول حقوق الامارات في الجزيرة. من غير المتصور ان اتوقع حسن الجوار والصداقة. وربما تلاحم الأهداف. بين قطر. عربي. تناصره بالضرورة بقية الاقطار وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من غير المتصور ان اتوقع ذلك في ظل الاصرار الإيراني علي ابقاء احتلال طهران للجزر العربية الثلاث. اذكر حواراً جري بين أبوالحسن بني صدر أول رئيس جمهورية لإيران بعد قيام الجمهورية الإسلامية وبين الصحفي الراحل جلال كشك.. سأل كشك عن موقف الحكم الإيراني الجديد آنذاك من قضية الجزر العربية وهل ستظل في حوزة الدولة الإيرانية أم تعيدها لدولة الإمارات؟ لم يتحدث الرئيس الإيراني عن ملكية بلاده للجزر الثلاث أو العكس لكن اجابته حملت المعني في قوله إنه يريد من محدثه جلال كشك ان يتصور حال الجزر الثلاث ان اعادتها إيران إلي دول الخليج الرجعية التي تدين بالولاء للامبريالية الغربية.. اضاف ان احتفاظ إيران بالجزر يعني عدم وقوعها في اطار السيطرة الغربية؟ المنطق كما تري يفرض استيلاء الأقوي علي ما يجد ان الاضعف قد لا يحسن التصرف فيه ويفرض من ناحية ثانية وصاية لا تقل خطورة عن الوصاية التي تحاول الدولة الاستعمارية فرضها علي المنطقة العربية من خلال اتهامات التخلف والرجعية وانعدام حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية وغيرها من الدعاوي. كان شعبنا العربي يعاني بالفعل من كل تلك الممارسات. لكن الثورات المتلاحقة في الاقطار العربية. تفرض المراجعة علي القيادة الإيرانية. دأبت طهران في أعقاب صدور توصيات القمم الخليجية علي التحذير من ان الاشارة إلي الجزر الثلاث يسيء إلي العلاقات الإيرانية العربية متناسية ان السكوت عن الحق المغتصب إساءة يعمقها الاصرار علي احتلال الأرض وتجاوز ذلك إلي طلب المناصرة في الوقفة ضد الاعداء القائمين والمحتملين! اضاف إلي غرابة الموقف الإيراني رفض إيران اعتزام دولة الامارات رفع المشكلة إلي محكمة العدل الدولية ذلك لأنها تدرك جيداً من هو الطرف الذي ستقضي بأحقيته في الجزر الثلاث. المواقف المتماثلة شعار يسهل إعلانه لكنه يكتسب بالممارسة جدواه وقيمته الحقيقية.