في نصها المسرحي "الأكياس الممتلئة" تعرض الكاتبة مروة فاروق لمشكلة من أهم المشكلات التي تعترض حياتنا اليوم. وهي "التعصب أو التطرف الديني" وإلي أي مدي يمكن أن يأخذ أيامنا في ناصيته؟ وإلي أي مصير يمكن أن ينتهي به إليه؟ وهل من علاج له؟ وكيف يكون التعامل مع من مسه هذا "الداء اللعين"؟. تتناول الكاتبه هذا الموضوع في نصها الرشيق. والذي رغم بساطته وانسيابته فإنه يتمتع ببعض السمات الفنيه التي تجعله يصيب في خانة النصوص الهامة المؤثرة. ومن هذه السمات "التنوع الطريف" في تصوير الشخصيات الرئيسية رغم أن ذلك النص من المفترض مثل غيره من النصوص أن يدور فوق خشبة المسرح. ففيه شخصيتان رئيسيتان يمضي من خلالهما إلي مستقره وغايته وهما "الزوج" و"الزوجة".. والبنات الصغيرات مع أنهن لا يظهرن أبدا خلال النص وبالاضافة إليهم توجد "الأم" وهي شخصية اعتبارية فقد ماتت منذ زمن تاركة ابنتها "الزوجة" في صراع كبير بين رغباتها الشخصية ومواهبها وأحلامها الدفينة من ناحية. وتسلط الزوج وتطرفه الديني الذي استولي عليه وتمكن منه بعد انضمامه إلي الجماعات المتطرفة والذي منعها من تحقيق احلامها وتنفيذ رغباتها وخنق نفسها وذاتها بعيداً عن تصرفاتها الحياتية المعتادة من ناحية اخري والأم هنا رغم أنها تتحرك علي خشبة المسرح إلا أنها من المفترض ألا وجود لها حسب ما يقول النص سوي في ذاكرة ابنتها أو وعيها الباطن. وتنجح الكاتبة بالفعل في تحريك الشخصية وادارة دفة الحوار أحياناً من خلالها لخدمة النص المصرحي وفكرته. يوجد ايضا شخصية اعتبارية اخري. وهي شخصية الجار أو الرجل الوسيم المتحضر الذي يسعي للجمال والحسن والانطلاق والحرية. وتحرير النفس من قيودها وأطرها المادية المنغلقة حتي يستفيد المجتمع كله منها ومن ابداعها وانطلاقها. هذا الجار الذي ربما لا وجود له من الأساس بدليل أن الزوجة تخفيه وقتما تشاء. وتظهره وقتما تشاء. لكنه يتحرك ايضا علي المسرح منكراً الزوجة بماضيها السعيد مع زوجها الذي كان قبل تطرفه وانقلاب حياته وافكاره بهذا الشكل.. ومن أهم السمات الفنية التي يتميز بها نص "مروة" ايضا: استخدام اللغة الفصحي في الحوار علي الرغم من استخدام العامية الآن بشكل واسع عند غيرها من الكاتبات أو الكتاب. وعلي الرغم من ذلك لم يأت النص ثقيلاً أو مملاً بل علي العكس جاء طريفاً سلسًا واضح العبارة خفيف الوقع علي قارئه ومتلقيه.. وكذلك استخدامها للرمز بطريقة بسيطة وسهلة وان كانت موحيه ودالة. فقد أطلقت علي الزوجة لفظ "هي". وعلي الزوج ماضيا لفظ "هو". وحالياً لفظ "الزوج" ربما لتعمم القضية وتوسع من مجال الرؤية والتأمل بحيث توصي للمتعامل مع نصها أن تلك مشكلة عامة تهم كل انسان يعيش في هذا الوطن. أصيب بهذا الداء "التطرف الديني" أم لم يصب...