كان الخديو إسماعيل يكرر دائماً قول والده إبراهيم باشا عندما كان يتحدث عن جده محمد علي باشا.. وإنه قد أخطأ حينما أهدر جهود وأموال مصر في سوريا بينما لديه السودان فالتطور الحقيقي لمصر مجاله في السودان..معروف أن حروب محمد علي امتدت في سوريا فقد كان يري ان ضمها لمصر كان ضرورياً تأميناً لمصر حيث يري أن غزوات الفرس لمصر في عهد قمبيز وغزو الإسكندر والفتح الإسلامي وغزوتي الأيوبيين والأتراك.. كل هذه الغزوات كانت تتم عن طريق سوريا وعلي ذلك أنه لا يمكن الإبقاء علي استقلال مصر إلا بتأمين الحدود السورية.. وعلي ذلك فإن الحملة المصرية علي سوريا كانت مؤلفة من 30 ألف مقاتل بقيادة إبراهيم باشا..المهم أن هذه الحملة كبدت الميزانية المصرية أموالاً طائلة كما قال عبدالرحمن الرافعي.. واندلع قتال مع قوات الحلفاء واضطر المصريون إلي الانسحاب واحتلت قوات الحلفاء الموانئ السورية..ويقول نوبار باشا أول رئيس لوزراء مصر في مذكراته أن إسماعيل باشا أصبح طامعاً لإقامة سلطنة عظمي تمتد من البحر المتوسط إلي خط الاستواء.. وأرسل قوات فتحت مديرية فاشودة وضمت محافظتي مصوع وسواكن نهائياً إلي مصر وفتحت اقليم خط الاستواء وإقليم بحر الغزال ثم سلطنة دارفور واتسعت أملاك مصر بين الحبشة والبحر الأحمر.. وحتي يصبح النيل كله مصرياً فقد توجه الجنود المصريون إلي الحبشة واستقروا في مصوع وغيرها..ولكن الذي حدث أن زادت الحروب قسوة علي الحبشة وانتهت بأن كلفت الخزانة المصرية نحو مليونين من الجنيهات في ذلك الزمان..المهم أن محمد علي باشا الكبير أولي السودان اهتماماً آخر وفتح الكثير من الديار السودانية وأكمل صغيره إسماعيل باشا ما بدأه جده إيماناً بأهمية السودان والحبشة لمصر..وهذا ما فعلته الحكومة المصرية حيث ذهب رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف إلي السودان وإلي الحبشة وإلي دول حوض النيل.. وايضا ذهب وفد شعبي يمثلون الأطياف المصرية إلي السودان والحبشة وأوغندا.. بإيمان مطلق بأن افريقيا ممتدة من الشمال إلي الجنوب والمصالح واحدة.. ونهر النيل مجراه واحد لا يتغير.. هكذا اعتبره محمد علي باشا وأحفاده ايضا.